يركز كثير من المحللين والمهتمين بأسعار النفط على إنتاج "أوبك" والأثر الناجم عن ضعف الاقتصاد العالمي والنشاط الصناعي في الصين، إضافة إلى قيمة الدولار وغيرها من العوامل الجيوسياسية. لكن، عاملاً آخر يساهم أيضاً في الضغط على أسعار الذهب الأسود وإيرادات الدول المنتجة ألا وهو التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة.
هذا الأمر، أكده تقرير صادر عن "المركز العالمي للدراسات التنموية" ومقره العاصمة البريطانية لندن، حيث أوضح أن ازدياد ظاهرة "النينو" وارتفاع درجة حرارة المحيط الهادئ سوف يجعل من شتاء هذا العام في الولايات المتحدة أقل برودة، ما ينعكس على استهلاكها لزيت التدفئة.
وبحسب التقرير فإن استهلاك زيت التدفئة في الولايات المتحدة على سبيل المثال سيقل بنسبة 12.5% هذا الشتاء، عما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي. أما الصين فيتوقع أن يزداد استهلاكها من الوقود السائل في العام القادم 2016 بـنسبة أقل مما كانت عليه هذا العام بـ100 ألف برميل يومياً.
وكذلك هو الأمر بالنسبة للدول الصناعية في أوروبا، حيث إن استهلاكها من الوقود السائل سينمو أيضاً بنسبة أقل بـ 200 ألف برميل يومياً مما هو عليه هذا العام، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وفرة في المعروض وزخم في التخزين
يشير تقرير "المركز العالمي للدراسات التنموية" إلى أن وفرة المعروض النفطي في السوق العالمية ووفرة المشتقات النفطية يقلص من قدرات التخزين، ما سيجبر المصافي على بيع تلك المشتقات بأسعار أقل بكثير مما عليه اليوم.
وترتفع مخزونات دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية من النفط وغيره من أنواع الوقود السائل، إلى قرابة 3 مليارات برميل نهاية هذا العام، أي بمقدار 30 مليون برميل أخرى نهاية العام القادم 2016.
أما العقود الآجلة لزيت التدفئة فقد انخفضت بحوالي 5% في شهر ديسمبر 2015، لتصل إلى 1.28 دولار للغالون الواحد، بعد أن كانت 1.60 دولار للغالون الواحد في نوفمبر الماضي.
وتنعكس درجات الحرارة المرتفعة أيضاً على أسعار الغاز الطبيعي التي انخفضت إلى قرابة 2.09 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، في حين ارتفعت مخزونات الغاز الطبيعي في معظم الدول المستوردة خاصة في الولايات المتحدة التي بلغ فيها المخزون اليومي أكثر من 4 تريليونات قدم مكعبة، خاصة في مناطق تعتبر من أكثر المناطق طلباً عليه.
وبحسب التقرير فإن انخفاض أسعار النفط والغاز سينعكس سلباً على شركات النفط العملاقة ومشاريعها المستقبلية، تحديداً في مناطق كبحر الشمال والعراق، ما قد يساهم في قلة المعروض النفطي في السنوات الخمس القادمة ويساهم في رفع الأسعار مجدداً.
إلا أن أسعار النفط خلال العام القادم 2016، ستبقى عرضة لتزايد الانتاج وقلة الطلب، ما سيزيد من العجز في موازنات الدول المنتجة ويضطرها إلى تقليل الانفاق وإيقاف أو تأجيل العديد من المشاريع التنموية.