أعوام مرت.. يا الله كم هو غريب كيف أن الأيام تطير من بعد أن ظننتها أنها لن تسير، 4 أعوام حملت الكثير من خيبات الأمل والقليل من فسحات الضوء، غريب كيف أن الحياة أصبحت لا تضعنا إلا بمأزق العجز والرحيل، رحلت لتحمل معنا تاريخك الذي نحبه معك، جميع الأمكنة التي كانت يوماً صنع يدك وبعرق جبينك وبقوة عضلاتك وحنان قلبك الطيب ومجد عزك فما أقسى فراقك يا “يبه”. هل حقاً كبرنا كثيراً وأصبحنا أجداداً لحد أن تموت وترحل عنا مبكراً، لقد رحلت عنا وأنت في عز مجدك وقوتك، ولكنه القدر المحتوم والمكتوب كنا نظن أن القادم أجمل وإذ به انتظار للرحيل لا كما كنا قد ظنناه يوماً بالشيء الجميل لقد كبرنا يا “يبه” وأصبحنا أجداداً ولكن فراقك مازال يوجعنا أبداً ولم ولن نستطيع القيام بما كنت تعمله وحدك وبسواعدك الفتية وبجهدك الشخصي ولكن يبدو أننا كبرنا يا “يبه” ليحين وقت فراقك وترحل تاركاً لنا سنوات وذكريات لن ولم تكن بالشيء القليل. أستميحكم أيها القراء الأعزاء أن أعرض عليكم سيرة رجل فارق الدنيا في مثل هذا اليوم قبل 4 سنوات.. ودعناه وبلغ الحزن منا مبلغاً.. وبكيناه جميعاً، وما هذه الدموع التي سكبناها على قبره إلا ألسنة ناطقة بحبه، وما هذه الدموع التي أرسلناها وراء نعشه إلا اعتراف بفضله وثناء على عمله. أعداد غفيرة توافدت على المسجد للصلاة عليه وتبعت جنازته إلى المقبرة وشاركت في دفنه، وخلق كثير توافدوا للتعزية والدعاء له بالمغفرة.. مواساة لنا وطمعاً في الأجر الجزيل. وهي كلمات قليلة في حق رجل حياته حافلة بالكثير من الأحداث، وهي ليست سيرة ذاتية بقدر ما هي خواطر ابن تجاه والده، يفتخر به وبسيرته العطرة ليلاً ونهاراً. رحم الله علي حسن بوجيري الذي فارق الدنيا عن عمر يناهز الخامسة والسبعين عاماً، مخلفاً وراءه قرابة الثمانية والثلاثين ابناً وحفيداً.هو مدرسة في العصامية ومدرسة في الصبر والجدية، جاد في حياته وعمله ذو همة ونشاط، لا يعرف الكلل والملل. إنه ذلك الأب الذي علّمنا كيف تكون الحياة. ذلك الأب الذي ربانا كيف تكون معنى الرجولة الحقة. ذلك الأب الذي غرس فينا كيف يكون الاعتماد على النفس. ذلك الأب الذي رحل وقد ترك في نفوس محبيه ومن عايشوه معاني جليلة كانت لهم نبراساً في الحياة. ذلك الأب الذي أحبه الأجنبي قبل الأقربين. ذلك الأب الذي ضرب أروع الأمثلة في حسن الخلق والطيبة والتواضع الجم. ذلك الأب الذي منحته ملكة بريطانيا “إليزابيث الثانية” وسام الإمبراطورية البريطانية بدرجة فارس تقديراً له ولشجاعته الفائقة في إنقاذ أرواح ثلاثة من البشر إبان عمله مع القوات الجوية البريطانية المتمركزة بالمحرق قبل استقلال المملكة تقديراً له وللدور البطولي الذي قام به. أيامه الأخيرة كانت صدمة للجميع، فكم كان يؤلمنا أن نشاهده وهو يصارع المرض، وهو يحاول القيام والمشي كما كان في السابق.. كم هو مؤلم أن يسقط فارس من فرسه.. ولكنها سنة الله (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئاً)، وفي الأخير ودع هذه الدنيا بعد أن ابتلاه الله وأسأل الله أن يجعل ما أصابه تكفيراً له ورفعة لدرجاته عند الله. إنك لم ترحل يا أبا الرجال ففي القلب مسكنك وفي الروح صدى روحك.. مثلك لا يطويه غياب ولا نسيان.. فكيف لمثلك أن يغيب وأنت الحاضر في كل زوايا البيت فكنت لماماً للشمل وجامعاً للقلوب، فنم قريراً فنحن ماضون على عهدك وعلى خطواتك وعلى خط نهجك الذي رسمته لنا فالوالدة أطال الله في عمرها قد أخذت على عاتقها مواصلة مشوارك ولكن مازال ينقصنا وجودك بيننا اللهم أجبر خاطرنا واجمع كسرنا وخفف عنا وكن معنا ولا تأخذنا بذنبنا بل اقبلنا بعفوك وكرمك وارحمنا يا رب واسأل الله يا “يبه” أن يغفر لك وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة. ابنك عبدالرحمن بوجيري