لنعترف جميعاً أن دول الخليج العربي حتى عقد من الزمن، لم تشغل بالها جدياً بتحديات الملف النووي الإيراني، وانعكاساتها المستقبلية على أمنها العام، كما أن اعتماد معظم هذه الدول على اتفاقات الحماية الأجنبية، جعلها بعيدة عن الإمساك بزمام أمور أمنها بيدها، لذلك فإن استجاباتها إلى تلك التحديات، جاءت متأخرة، وغير مرسومة بدقة لاحتواء أخطارها، ومع ذلك يمكن القول: إن استشعارات دول الخليج العربي، أمسكت برأس الخيط الصحيح للتعامل مع هذه التحديات، وإنها بدأت تشكل استجاباتها بتعجيل منطقي: سياسياً وعملياً وعلمياً وزمنياً، ويمكن احتساب خطوات الإمارات العربية في هذا المضمار خطوات رائدة، نحن على يقين أن بقية دول الخليج العربي ستلحق بها، بالتساوق مع دعوات الكونفدرالية الخليجية، لكنه من الجدير القول بعدم إغفال الهوة الزمنية التي تفصل بين الاستجابات الخليجية، والتحدي الإيراني المتقدم، ومن قراءتنا لوقائع مؤتمري الدوحة وسيول العالميين، يمكننا رسم مؤشرات الهاجس الخليجي والعالمي ليس باتجاه التحدي النووي الإيراني وحسب، وإنما العالمي أيضاً. وعلى هذا المسار كانت قطر على موعد يوم 21 مارس الماضي مع بدء أعمال مؤتمر “منع انتشار الأسلحة النووية في الخليج” لمناقشة ملف السلاح النووي بوصفه أحد أهم التحديات التي تواجه المنطقة راهناً. وأهم ما يمكننا لفت الأنظار إليه في هذا المؤتمر كلمة الرئيس السابق للجنة التفتيش بالأمم المتحدة هانز بليكس الذي أكد أنه ما من منطقة في العالم تشهد جدلاً ساخناً حول موضوع منع الانتشار النووي أكثر من هذه المنطقة Nإرادة الشعوب ومن المؤكد أن بليكس يشير إلى تداعيات الملف النووي الإيراني وتحدياته، وإصرار إيران على التقاطع مع إرادة شعوب المنطقة والمجتمع الدولي، وبالتالي جرّ دول الخليج وهي الدول الأكثر تعرضاً لتحديات هذا الملف بحكم الجغرافيا، إلى ماراثون نووي بدأنا نرى طلائعه في مشاريع دولة الإمارات، التي تترسم خططاً طموحة في التوجه نحو بناء مفاعلات نووية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر. ويتوجب هنا إيراد إشارة بليكس إلى واقعة مفاعل فوكوشيما الياباني وتداعياتها العالمية بعامة، وفي منطقة الخليج العربي بخاصة، مع أن العالم لم ينس بعد كارثة تشيرنوبل، ودول الخليج على مرمى حجر من المفاعلات النووية الإيرانية، وبخاصة أن الكويت والبحرين في مواجهة مفاعل بوشهر على الحدود العراقية الإيرانية، إذ قال: “لعل حادث فوكوشيما أثار الكثير من المخاوف في مختلف المناطق، إلا أن رد الفعل الأكثر إلحاحاً في الخليج، لم يكن التساؤل عن المضي بالدخول إلى عصر الطاقة النووية، بقدر ما كان اختباراً للمعايير التي يجب توافرها مع دخول هذا العصر لتفادي أية حوادث خطرة محتملة. والقصد الحقيقي لبليكس هنا هو مخاوف دول الخليج من احتمالات تكرار حوادث مثل حادثة تشيرنوبل وفوكوشيما، على الضفة الشرقية للخليج، إذ ستكون المتضرر الأول والأكبر منها وبخاصة أنها لا تملك لردها حيلة. وفي أقل ما يمكن توصيف مؤتمر الدوحة به أنه كان خطوة إقليمية، نحو بوابة مؤتمر سيول العالمية، ومن المفارقات التي يمكن تأشيرها على مؤتمرات كهذه أنها تعكس رعباً أسطورياً من إمكانية وقوع جرامات معدودة من اليورانيوم في أيدٍ إرهابية، ولا تعير اهتماما للآلاف المؤلفة من الأطنان التي تحتويها مخازن دول مثل أمريكا وروسيا وأوروبا وحتى الصين !! القمة النووية الثانية وفي سيول بدأت يوم 26 مارس المنصرم أيضاً في مركز المؤتمرات الدولية “كويكس” بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول أعمال مؤتمر قمة الأمن النووي للعام 2012، وهي القمة النووية العالمية الثانية بعد قمة واشنطن 2010. شارك في القمة التي استمرت يومين قادة 53 دولة، بمن فيهم الرئيس الكوري لي ميونغ باك والأمريكي باراك أوباما والصيني هو جينتاو، بالإضافة إلى رؤساء أربع منظمات دولية كبرى، من بينهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. في اليوم الأول لقمة سيول تطرق أوباما إلى السعي لخفض الترسانة النووية الأمريكية بالاتفاق مع روسيا. وحول البرنامج النووي الكوري الشمالي قال موجهاً كلامه إلى بيونغ يانغ: “ليكن من الواضح من الآن وصاعداً أن استفزازاتكم ومواصلة برنامجكم النووي لن تضمن لكم الأمن الذي تطلبونه”، مضيفاً : “ لن تكون هناك مكافأة للاستفزازات. ذلك العهد انتهى”. كذلك حذر الرئيس الأمريكي طهران، وقال : “ لا يزال هناك وقت للحلول الدبلوماسية، ولا أزال أفضل حل هذه المسائل بطريقة دبلوماسية”، لكن “الوقت يضيق”، مضيفاً أن على إيران أن تتصرف بجدية”. وأكد أن العقوبات القاسية المفروضة على إيران أبطأت تقدمها النووي، لكنها لم تنه مصادر القلق كلها، مضيفاً: أن ملف طهران سيخضع للمزيد من البحث خلال اجتماعات ينوي عقدها مع قادة روسيا والصين. ويبدو الرئيس الأمريكي أوباما، هنا، كذلك الرجل الذي لم يتعظ من لدغة الأفعى، ليمد يده في جحرها ثانية، فإيران معروفة أنها بلا مصداقية، وأنها تسعى إلى كسب الوقت بجر العالم إلى طاولة مفاوضات لا يعرف إلا الله مداها الزمني، في حين تجري هي إلى مبتغاها من دون عراقيل، فضلاً على ممارساتها العدوانية الابتزازية تحت خيمتها النووية في منطقة الخليج العربي التي نرى بوضوح مؤشراتها في تأزيم الأوضاع في البحرين من جديد. من جهتهم بدا الإسرائيليون واثقين من أن إيران لديها سلاح نووي “من دون أدنى شك،” على حد تعبير نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي داني ميريدور الذي أكد أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تخصب اليورانيوم يومياً، ولديها الآن “أكثر من خمسة أطنان منه”. وهذا ما أكدته المخابرات الأمريكية في آخر تقرير لها جاء فيه على وفق ما نقلته صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية، بقولها: إنه “عرض على الكونغرس الأمريكي أن طهران واصلت تطوير البنية التحتية لبرنامجها النووي ووسعت من أنشطة تخصيب اليورانيوم وتطوير قدراتها الصاروخية”. وقالت: إن التقرير ذكر أن طهران أنتجت 4 آلاف و900 كيلوجرام من اليورانيوم منخفض التخصيب، وأضاف أنه في نوفمبر الماضي شمل مخزون المواد النووية الإيرانية 4 آلاف و150 كيلوجراماً من اليورانيوم منخفض التخصيب ونحو 80 كيلوجراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%. وأشار التقرير إلى أن منشأة فوردو الإيرانية الواقعة تحت الأرض بالقرب من مدينة قم، والتي وصفها بأنها منشأة نووية كبرى، بدأت بإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة تقترب من 20%. وأوضح أن إيران واصلت تطوير قدراتها الصاروخية، وقال: إن طهران ستواصل العمل لإنتاج المزيد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى وتطوير منصات الإطلاق، محذراً من أن الترسانة الصاروخية الإيرانية من أكبر الترسانات في الشرق الأوسط وهو ما يشكل تهديداً متنامياً، مشيراً إلى أن إيران تقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاج الصواريخ ولكنها لا تزال تعتمد على الإمدادات الخارجية من الصين وروسيا وكوريا الشمالية، في الحصول على بعض المواد الضرورية.. وأضاف ميريدير في مقابلة مع شبكة CNN: إن الإيرانيين يقولون: إن اليورانيوم المخصب للاستخدامات السلمية، ولكن وكالة الطاقة التابعة الأمم المتحدة خرجت بتقرير مفصل جداً عن ذلك. وعندما سُئِل عن احتمال وقوع هجوم إسرائيلي على إيران، أجاب ميريدور “إن العالم يريد أن يعرف ذلك، ولكن أعتقد أنه من الخطأ، التحدث عنه”.. وذكر الفيلم الأمريكي الذي يقول : “إن كنت تريد أن تطلق النار فأطلقها.. ولا تثرثر كثيراً”. واستدرك المسؤول الإسرائيلي قائلاً: “نحن في خضم جهد دولي، ومهمة لم يسبق لها مثيل، من قبل أمريكا وأوروبا وبلدان أخرى، والعالم العربي، لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي.. هذا يحتاج إلى تحقيق النجاح”. في السياق نفسه، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو إنه لا يمكنه الجزم ما إذا كانت المنشآت النووية الإيرانية وأنشطتها المتعلقة بذلك مخصصة للأغراض السلمية فقط. إيران تخفي شيئاً وأضاف أمانو في مقابلة مع شبكة CNN أن “إيران لا تخبرنا بكل شيء، وهذا هو انطباعي.. نحن نطالب إيران بالتشارك معنا بنحو استباقي.. وهي مطالبة ببعض الأجوبة”. وأشار المسؤول الدولي إلى أن “هناك منشآت نووية غير معلن عنها،” مضيفاً “بالنسبة لهذه المرافق والأنشطة، لا أستطيع أن أقول إنها للأغراض السلمية.. قد يكون هناك غيرها من المرافق التي لم يعلن عنها، ونحن لدينا دليل أو معلومات أن إيران تشارك في الأنشطة ذات الصلة في تطوير الأجهزة المتفجرة النووية. وكشفت مسؤولة السياسية الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون عن أن المجموعة المعروفة باسم (5+1)، والتي تضم كلاً من الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، بالإضافة إلى ألمانيا، عرضت استئناف المباحثات النووية مع طهران، رداً على رسالة سابقة بعثت بها إيران في فبراير الماضي ومع أن موعد المفاوضات تم تحديده بيوم 14 أبريل الحالي إلا أنه لم يجر تحديد المكان، واقترحت إيران مؤخراً بغداد مكاناً، مع أن الجميع كان يرشح تركيا؛ إذ أعلنت وزارة الخارجية العراقية أن إيران قدمت طلباً إلى العراق لاستضافة الاجتماع الدولي للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا بشأن ملفها النووي، الذي كان من المقرر عقده في مدينة أسطنبول التركية في الرابع عشر من أبريل الحالي. وذكرت أن “وزير الخارجية هوشيار زيباري استقبل، الثلاثاء، وفداً من مجلس الأمن القومي الإيراني برئاسة وكيل الشؤون السياسية والدولية في المجلس علي باقري ومدير عام المجلس للشؤون العربية رضا أميري”، مبينة أن “الوفد عرض رغبة طهران بأن تستضيف بغداد اجتماع مجموعة (خمسة زائد واحد) بشأن الملف النووي الإيراني في الرابع عشر من شهر أبريل الحالي”. وأضاف البيان أن الوزير “زيباري رحب بالمقترح الإيراني وأبدى استعداد العراق لاستضافة اللقاء”، ويبدو أن للخلافات التركية الإيرانية بشأن الملف السوري انعكاساتها على الموقف الإيراني الجديد. وحسب جوزيف سيرنسيوني الذي يترأس صندوق (بلاوشيرز)، وهي مؤسسة عامة لتقديم الهبات وتركز اهتمامها على سياسة الأسلحة النووية وحل النزاعات، فإن العالم يواجه اليوم أربعة أشكال من التهديدات النووية: الأول احتمال حصول مجموعة إرهابية على سلاح نووي وتفجيره في مدينة كبرى، والثاني خطر الاستعمال العرضي، أو غير المرخص به، أو المقصود لإحدى القذائف النووية البالغ عددها 23 ألفاً التي تحتفظ بها تسع دول في العالم اليوم، والثالث بروز دول جديدة مسلحة نووياً: كوريا الشمالية اليوم، وربما إيران في الغد، ودول أخرى سوف تتبعهما. أما الخطر الأخير فهو احتمال انهيار الشبكة المترابطة من المعاهدات ووسائل المراقبة التي حجّمت، إن لم تكن منعت كلياً، انتشار الأسلحة النووية، وفي رأيي، فإن الاحتمالات الأربعة التي أوردها جوزيف سيرنسيوني، لم تعد واردة التحقق في التدقيق النهائي، فاحتمال حصول جماعات إرهابية على قنابل نووية يمكن استبعاده بالإجراءات الأمنية المشددة على المنشآت النووية التي باتت تحرس تكنولوجياً، بحيث يصعب اختراقها، كما إن من الصعب القول بوجود قدرة اختراق أمني وخبرة علمية وتكنولوجية عالية بين الإرهابيين تمكنهم من التعامل مع تحديات تفجير قنبلة نووية في مدينة، هذا ليس وارداً إلا في الأفلام الأمريكية، كذلك فان الاستخدام العرضي ليس وارداً؛ إذ لم يحدث طيلة ما يزيد على سبعين عاماً من امتلاك عدد من الدول مخازن مليئة بالسلاح النووي وقواعد إطلاق جاهزة، على بدائية (كونترولها التكنولوجي) فكيف الأمر وتكنولوجيا السيطرة والنظم عالمياً، قطعت مشاوير لم تترك فرصة لأية حالة عرضية أو غلط أو خلل فني من دون تلافيه؟؟ والخطر الثالث في حقيقته لا يمثل خطراً؛ إذ هضم العالم دخول الهند وباكستان النادي النووي، وإسرائيل وعدد من دول أمريكا اللاتينية، ثم كوريا الشمالية، بل وحتى إيران، ولم يحدث حدث، بل على العكس بدأ العالم بالتفكير في ما يسمى بتوازن الرعب، أو التوازن النووي. أما التهديد الرابع وهو احتمال انهيار شبكة الاتفاقات والمعاهدات ووسائل المراقبة التي حجمت، إن لم تكن منعت كلياً، انتشار الأسلحة النووية، فهذا وارد لكن خطره لا يمكن وضعه بمصاف استخدام السلاح النووي. الماراثون النووي الخليجي ما يمكن الحديث عنه هنا، هو الابتزاز النووي كما هو الحال مع إيران ودول الخليج العربي. وتبرز القضية الأهم في الأمن النووي، وهي هنا عدم قصر نطاق الأمن النووي على منع الإرهاب النووي، أو مجرد منع الإرهابيين من الحصول على المواد الخطرة، وإنما يرتبط مفهوم الأمن النووي بحماية المادة النووية وحماية المنشأة من أي اختراق يؤدى إلى الحيازة غير المشروعة للمواد المشعة، وهو ما لا يرتبط فقط بالإرهاب وإنما بأية جهة غير مشروعة تسعى للحصول على هذه المواد سواء لأغراض إجرامية أم مالية متصلة بأعمال غير مشروعة. ويمنع القانون الدولي انتشار السلاح النووي لكنه لا يمنع بصفة قطعية امتلاك الأسلحة النووية، والفرق واضح، ولا توجد اتفاقية تحظر السلاح النووي ولكن توجد اتفاقية لمنع انتشاره، وهي اتفاقية تقر حق امتلاك هذا السلاح وتطويره، من هنا يحق للمملكة العربية السعودية أو مصر أو الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، شراء أسلحة نووية وامتلاكها طالما أنها تشعر بالتهديد النووي في محيطها الإقليمي، خاصة بعد الاكتشاف الذي توصلت إليه الهيئة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر 2011 أن إيران تعمل حقاً لإنتاج سلاح نووي، وأنها تقترب بنحو خطر من اجتياز “الخط الأحمر”، النقطة التي يصبح من غير الممكن بعدها وقف تقدمها. وفي خضم فعاليات مؤتمر سيول أعلن الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، تبرع الإمارات بمليون دولار لوكالة الطاقة الذرية، لتوسيع مختبرات الكشف عن المنشآت النووية غير القانونية وترقيتها. كما أعلن استضافة الدولة مؤتمراً دولياً نيابة عن الوكالة، خلال 27 - 31 أكتوبر2013 حول تقنيات المراقبة المستمرة للمواد المشعة، وفي السياق نفسه، وما أشرت إليه ابتداءً، على أنه ربما أمكن تفسيره، بأنه بدء الماراثون النووي الخليجي، قالت شركة الطاقة الكهربائية الكورية (كيبكو) إنها ستبدأ العام المقبل محادثات مع الإمارات بشأن اتفاق جديد لإقامة أربع محطات نووية. وعلى خلفية القمة العالمية في سيول أيضاً، عادت نغمة التهديدات الإسرائيلية لإيران، التي لا أرى إلا أنها توفر لها مساحة أكبر في حجم انتفاخها النووي الذي تستغله لإرهاب جوارها، وفرض إرادة تلوي الإرادة الحرة لشعوب الإقليم وحكوماته، إذ ذكر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن العام 2012 الحالي هو عام مواجهة البرنامج النووي الإيراني، واستبعد نجاعة العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية ضد إيران، ونقلت صحيفة (معاريف) الخميس الماضي، عن باراك قوله خلال لقاء مع مراسلين عسكريين إسرائيليين إن “2012 هو عام النضال ضد النووي الإيراني”. وأضاف أنه “على الرغم من أن العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية تؤثر على النظام الإيراني، لكن ثمة شك في ما إذا كانت ستؤدي إلى تأثير حقيقي يكبح برنامجه النووي”. وتابع أن “إسرائيل بانتظار نتائج المفاوضات (التي ستجريها الدول العظمى وألمانيا) مع إيران قبل أن تتخذ قراراً بالعمل، فهذه ليست مسألة أسابيع ولكنها ليست مسألة سنين أيضاً”. وقال باراك إنه “لا يمكننا إيداع القرارات المهمة بالنسبة لأمن دولة إسرائيل ومستقبلها بأيدي الآخرين ولا حتى بأيدي أصدقاء مثل الأمريكيين”. وعبّر باراك عن رضاه عن أن “إسرائيل نجحت خلال العام الأخير بإقناع العالم بأن إيران نووية ليست مشكلة بالنسبة لإسرائيل فقط وإنما للعالم كله”. ما يقوله الإسرائيليون وما يقوله الإسرائيليون، الآن، هو ذاته ما قالوه قبل عامين حين أكدوا أن المسافة بين إيران وامتلاك السلاح النووي أقل من عام، وأنهم لن يسمحوا بذلك ورأينا تحركات إسرائيل وحشدها ومناوراتها التي كانت توحي بأن الحرب ستقع غداً، إن لم تقع اليوم، ولم يحدث شيء، ولا أتوقع حدوث شيء في ظل النفع الأمريكي الإسرائيلي، من نفخ البعبع الإيراني في الشرق الأوسط وأفكار إعادة إنتاجه الأمريكية – الإسرائيلية، ويمكنني إيراد تسريبات ذات أهمية خاصة شاعت بعد زيارة أردوغان لطهران ولقائه خامنئي، إذ أكدت أن خامنئي كشف لأردوغان عن مفاوضات سرية تجري بين الأمريكان والسوريين، ستسحب البساط من تحت أقدام جميع الذين توقعوا أن تسعى واشنطن لإسقاط النظام السوري، وأحسب أن تغيير مكان المفاوضات الإيرانية مع مجموعة 5+1 من أسطنبول إلى بغداد، تم إثر زيارة أردوغان تلك وعلى الأسس التي ثبتها المالكي في قمة بغداد العربية، التي شددت على عدم إسقاط النظام السوري وعدم تسليح المعارضة، وهي الخطوط التي تكررت في أحاديث ومقالات كثيرة أن إيران وإسرائيل وأمريكا تلتقي عندها، وعلى ذلك يمكننا القول إن تهويشات وزير الدفاع الإسرائيلي الجديدة القديمة، لا تستهدف إيران، بل تنفخ في منفاخ تنينها النووي المطاطي الفارغ.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90