في خطابه السامي للمواطنين في هذه الذكرى العطرة من تاريخ الوطن المجيد، أكد جلالة الملك المفدى تمسك البحرين بطريقها الثابت نحو التنمية والرخاء، كما أكد على العديد من المعاني والرؤى الهامة، فقد اراد جلالته أن يُحيي أبناء الوطن الكرام في أعيادهم، والتأكيد على أن هذه المناسبة الوطنية الجليلة بما تحمله من أهمية في تاريخ الوطن هي فرصة لاستذكار التاريخ المجيد للمملكة، وما قام به الآباء والأجداد من جهود في سبيل بناء المملكة حتى وصلت إلى الجيل الحالي الذي يتحمل مسؤولية الحفاظ على الوطن وحمايته من أجل الأجيال القادمة وهذه مسؤولية تاريخية على الجميع وأمانة في أعناقهم.

وقد شدّد جلالة الملك مؤكدا في خطابه أيضًا على الانجازات الكبيرة التي تحققت في المملكة خلال المرحلة الماضية، والتي كان جلالته قائدًا لها حتى وصلت المملكة إلى هذا المستوى الكبير من التنمية والتطور. إن جلالة الملك يود أن يوجه رسالة لأبناء الوطن بعزمه الأكيد الذي لا يلين على مواصلة ما تحقق من تقدم في المملكة والذي جاء بجهود جبارة ساهم فيها أبناء المملكة المخلصين، وتأتي أهمية هذا التوجيه الملكي خصوصًا في الوقت الذي تمر به المنطقة بتطورات هائلة، إذ تتواصل جهود القيادة الرشيدة لمواكبة ما يستجد على الساحة من تغيرات متسارعة، وتعمل الأجهزة الحكومية وفق خطط مرسومة واضحة من أجل تحقيق المصلحة العليا لأبناء هذا الوطن رغم التحديات والعقبات.
وتمثلت رغبة جلالة الملك المفدى الصادقة وحرصه التام على الالتزام بدعم ما شرع فيه منذ سنوات من خطى لتعزيز عملية الإصلاح والتطوير، في الإصرار على استكمال متطلبات التطوير الشامل رغم ما تتعرض له المنطقة وخوض غمار التحديات المختلفة التي تفرضها المرحلة الحالية بكافة تداعياتها. فعلى رغم قصر المدة الزمنية، فان عهد جلالته وبإقرار الجميع كان حافلا بالإنجازات اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً لشعب البحرين الوفي لقيادته الحكيمة والذي يلهج بالثناء الدائم والاخلاص الذي لا حدود له، لما بات يرفل به من اثواب التقدم والتطور على كل صعيد، من الصحة إلى التعليم، والاسكان ، الضمان الاجتماعي، الاتصالات، المواصلات، السياحة، التجارة، الصناعة، إلى آخر هذه السلسلة من عطاءات الخير التي طالت كل مواطن.
إن الدينامية التي أطلقها عاهل البلاد المفدى والمتمثلة بمشروع جلالته الإصلاحي لم تكن حركة موسمية محدودة في الزمان والمكان، بل هو حركة مستمرة واسعة الطموح وتتطلع إلى المستقبل باستمرار، وقد حققت المملكة في عهد جلالته العديد من الإنجازات أهمها الأمن والاستقرار والمكانة مميزة في محيطها الخليجي وعمقها العربي، وما اكتسبته من احترام وتقدير لدى المجتمع الدولي . انه حصاد نهضة شاملة في كل ميادين الحياة قادها جلالته بدأب وصبر وطول أناة وحكمة وبعد نظر على مدى سنوات بعيدة.
إن ما تحقق من إنجازات ومكتسبات يتطلب أيضًا التوحد والتكاتف الوطني لحمايتها، كما أكد جلالة الملك في خطابه، فالتطور الذي تحقق لم يكن سهل التحقيق، وبالتالي فإن الجميع مطالب بأن يحافظ عليه حتى تواصل المملكة طريقها الذي اختطه المشروع الإصلاحي نحو التقدم والتطور، وهذا نداء ملكي للمواطنين، بالانتباه في هذه المرحلة لضرورة بذل الجهد لحماية مكتسبات الوطن في ظل ظروف اقتصادية وأمنية استثنائية فرضتها متغيرات خارجية.

ولأن الوفاء من شيم الكرام..تضمن الخطاب الملكي السامي الترّحم على أرواح شهدائنا البررة والذين استشهدوا في ميدان العزة والكرامة، مدافعين عن وطنهم وأمتهم العربية والإسلامية، وهي مسؤولية قومية لم يكن للمملكة أن تتنحى عنها، فبادرت إلى المشاركة في حماية حدود المملكة العربية السعودية الشقيقة وإعادة الشرعية إلى اليمن الشقيق وكانت من اولى الدول التي استجابت لنداء خادم الحرمين الشريفين لحماية أمن دول مجلس التعاون الخليجي وضحى أبناءها بدمائهم العزيزة لأجل هذا الهدف السامي فالمملكة تعتبر الاعتداء على أي دولة من دول المجلس اعتداءً عليها ولا يمكن القبول به، وقد خصص جلالة الملك المفدى يومًا للشهيد يتزامن مع الاحتفال بيوم جلوس جلالته على العرش وفي هذا قمة التكريم لأبناء الوطن والوفاء لهم والاعتزاز بتضحياتهم وما قدموه من بذل وتضحية في سبيل إعلاء كلمته.
إن جلالة الملك قد جعل من عيد الجلوس العظيم مناسبة لتكريم الأبطال من بني وطنه الذي اعتاد ان يرفع اسمى آيات الإجلال والتكريم لمليكه، هذه الالتفاتة الملكية الكريمة والنبيلة جاءت مع كلمة مفعمة بالمحبة لأبناء شعبه لتسطر تاريخا من المجد يبقى على مر الأزمان والعصور.

إن ما تحقق من منجزات وطنية على يد جلالة الملك هي نتاج رؤية وارادة وعمل شاق وخلاق ومستمر، وفيض من المحبة والعطاء والتضحية للوطن والشعب والامة، والايمان بقدراتها الكامنة وتحويله إلى فعل دينامي قادر على صنع التاريخ وتغيير مجراه واقداره، هذا هو النموذج المميز والاستثنائي الذي قدمه جلالة الملك المفدى في مسيرة القيادة وهو النموذج الذي يحق لمملكة البحرين أن تعتز وتفخر به فقد استطاع ربان السفينة أن يحميها من الأنواء ويسير بها وسط العواصف آمنة مستقرة والحمد لله ..فهنيئا لكل أبناء الوطن في عيدهم هذه الأمجاد الخالدة.