كتب – أحمد عبدالله: أقر مجلس الشورى مشروع تعديلات دستور مملكة البحرين ومذكرته التفسيرية المرافقين للمرسوم الملكي رقم 12 لسنة 2012م في جلسة خاصة أمس، بتوافق تام مع التعديلات التي أقرها مجلس النواب، وأحال مشروع التعديلات إلى الحكومة لترفعه إلى جلالة الملك المفدى. وتركزت المناقشات حول عدد من مواد المشروع من بينها استبدال نصوص جديدة بنصوص المادة “42” البند “ج” الخاص بحلِّ مجلس النواب. وأبدى العضو علي العصفور تحفظه على البند “ج” من المادة المتعلق بأخذ رأي رئيس المحكمة الدستورية؛ والوارد في هذه المادة، ورأى أنه يجب أن يبقى رئيس المحكمة الدستورية بمنأى عن السياسة، وأن يكون الفيصل عند وجود خلاف. كما اعترض على المادة “42” العضو عبدالجليل العويناتي متقدماً باقتراح في الجلسة قبل أن يسحبه لاحقاً. وأوضح وزير العدل والشؤون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة، أن “منطق الحل عبارة عن عرض الأمر مرة أخرى على الناخبين ودعوتهم في الظروف الاستثنائية، ولا يمكن دعوتهم مرة أخرى لذات الأسباب”. وفيما يتعلق باستشارة رئيس المحكمة الدستورية في إقالة المجلس، بيّن وزير العدل أن “هناك استثناءات في مسألة الاستشارة حددها الدستور”. من جانبها، قالت دلال الزايد إن “المذكرة التفسيرية توضح أن المادة جاءت استناداً إلى مبدأ الشورى المعمول به في الشريعة الإسلامية”. وبحث المجلس المادة “52” الخاصة بتأليف مجلس الشورى، إضافة إلى المادة “53 “ الخاصة بشروط العضوية بمجلس الشورى. واعترض علي العصفور على المادة “53 “؛ إذ رأى “ضرورة اشتراط أن يكون عضو مجلس الشورى بحرينيـًا بالولادة، ومن أب بحريني بالولادة”. وهو ما أكد عليه العضو محمد المسلم، مقترحاً “اشتراط أن يكون المرشح لمجلس النواب “بحرينياً وأبوه مولوداً في البحرين” مشيراً إلى أنه لا “يعقل أن يقوم شخص حصل الجنسية عن طريق مكرمة ملكية فيبدأ يحاسب الحكومة”! واستدل على اقتراحه بدساتير كل من الكويت وقطر وعمان والسعودية، موضحاً أنها “كلها تنص على أن يكون المرشح لعضوية البرلمان مواطناً أصلياً”. وعبّر عن تخوفه “ممن يأتون بمبالغ هائلة وبعد 10 سنوات يرشحونهم أنفسهم ربما لصالح دولهم الأصلية”. من جانبها، أوضحت رئيسة اللجنة التشريعية بالشورى أن “نص المادة ليس له ارتباط وثيق بما نص عليه قانون الجنسية، مولود من أب وأم بحرينيين”، مبينة أن “قانون الجنسية ينص على أن البحرينيين من بينهم من هو مولود من أب أو من أم بحرينية”. وقالت : إن “التعديل يصب في توثيق الروابط بين دول مجلس التعاون الخليجية”، لافتة إلى أن “الإرادة في النهاية هي للناخب، ولو رشح له بحريني يحمل جنسية دولة خليجية أخرى فالمواطن هو من سيحكم في النهاية”. وأشارت إلى أن “أعضاء الشورى تقبلوا تعديل مجلس النواب تقديراً لصوت أعضائه المنتخبين شعبياً، وتجسيداً للإرادة الشعبية”. أما العضو رباب العريض، فذكرت أن “النص الجديد أكثر قيودا من النص القديم الذي يعطي حق الترشح لكل من اكتسب الجنسية البحرينية”. وأوضح ممثل وزارة العدل أن “الدستور يضع الأسس ولا يتطرق للتفاصيل التي يفصلها القانون، والتعديل يمنع ترشح مزوج الجنسية ولكنه استثنى من ذلك حالة وحيدة خاصة”. كما ناقش المجلس البندان “أ “ ، “ج” من المادة “57” المتعلقان بشروط العضوية بمجلس النواب، قبل أن يصادق على مجموع المادة. وتحفظ علي العصفور على المادة؛ ورأى “ضرورة اشتراط أن يكون عضو مجلس النواب بحرينيـًا بالولادة، ومن أب بحريني بالولادة. كما تحفظ على المادة “59” الخاصة بخلو محل أحد أعضاء مجلس النواب ورأى سلامة النص الوارد من الحكومة”. وتضمنت المشروع إضافة ضمانات جديدة لتحقيق مشاركة مجلس النواب مجتمعـًا عند مناقشة الاستجوابات التي توجه إلى الوزراء وعلنية الجلسة في المجلس، أقرها المجلس في المادة “65”. ودافعت العضو دلال الزايد عن التعديل الذي أجراه مجلس النواب على المادة “65” المتعلق بعلنية الاستجواب، مشيرة إلى أنه “يحق لمجلس النواب أن يقرر بأغلبية 21 صوتاً سرية الاستجواب في حالة إثارة موضوع حساس كالمواضيع ذات الصبغة الأمنية”. وقالت العضو لولوة العوضي إن “الأصل أن يكون الاستجواب علنياً، والاستثناء هو أن يكون الاستجواب سرياً”، لافتة إلى أن “اجتماعات اللجان وإن كانت ليست علنية إلا أنها أيضاً ليست سرية”. وامتدت نقاشات المجلس إلى البنود “ب” ، “ج” ، “د” من المادة “67” المتعلقة بعدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، والمادة “68” الخاصة بإبداء مجلس النواب رغبات مكتوبة للحكومة، والمادة “83” التي تعالج إحالة مشروعات القوانين إلى الحكومة. وبخصوص اختلاف المجلسين حول مشروع أي قانون مرتين والإحالة إلى المجلس الوطني وترؤس اجتماع المجلس الوطني ناقش المجلس المادة “85” ، كما ناقش المادة “86” الخاصة بإحالة مشروعات القوانين بعد الموافقة عليها إلى الحكومة. وكان للمادة “87” المتعلقة بمشروعات القوانين التي تنظم موضوعات اقتصادية أو مالية، وتطلب الحكومة نظرها بصفة عاجلة وخاصة بتقديم كل وزارة فور تشكيلها لبرنامجها إلى المجلس الوطني، حظها من المناقشة والتعديل. وأقر الشورى ما توصل إليه مجلس النواب من حذف المادة “87” من مشروع تعديلات الدستور، والتي تنص على أن “كل مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية أو مالية، وتطلب الحكومة نظره بصفة عاجلة، يتم عرضه على مجلس النواب أولاً ليبت فيه خلال خمسة وعشرين يومـًا، فإذا مضت هذه المدة عرض على مجلس الشورى مع رأي مجلس النواب أن وجد، ليقرر ما يراه بشأنه خلال خمسة وعشرين يومـًا أخرى، وفي حالة اختلاف المجلسين بشأن مشروع القانون المعروض، يعرض الأمر على المجلس الوطني للتصويت عليه خلال خمسة وعشرين يومـًا، وإذا لم يبت المجلس الوطني فيه خلال تلك المدة جاز للملك إصداره بمرسوم له قوة القانون”. وصادق المجلس على نص المادة “87” كما في الدستور النافذ وهو “كل مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية أو مالية، وتطلب الحكومة نظره بصفة عاجلة، يتم عرضه على مجلس النواب أولاً ليبت فيه خلال خمسة عشر يومـًا، فإذا مضت هذه المدة عرض على مجلس الشورى مع رأي مجلس النواب إن وجد، ليقرر ما يراه بشأنه خلال خمسة عشر يومـًا أخرى، وفي حالة اختلاف المجلسين بشأن مشروع القانون المعروض، يعرض الأمر على المجلس الوطني للتصويت عليه خلال خمسة عشر يومـًا، وإذا لم يبت المجلس الوطني فيه خلال تلك المدة جاز للملك إصداره بمرسوم له قوة القانون”. وأقر المجلس المادة “91” وتركز النقاش حول الفقرة الأولى الخاصة بتوجيه الأسئلة إلى الوزراء، إذ أصبح من اختصاص النواب وحدهم دون أعضاء الشورى، وأبدى على العصفور تأييده لعدم سحب اختصاص توجيه الأسئلة للوزراء من الشوريين “ من أجل الحصول على المعلومات من الوزراء مباشرة”. وشاطرته العضو رباب العريض الرأي نفسه على اعتبار أن السؤال من أهم الأدوات الرقابية وتجربة الشورى شاهدة بأهميته. وأشارت إلى أن “المادة رغم أنها سحب صلاحية الأسئلة من الشورى إلا أنها لا تزال محور الأحكام المشتركة بين المجلسين”. أما رئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح، فقال: إن “مجلس الشورى ليس له علاقة بالجانب الرقابي ونشارك النواب في المجال التشريعي”، مؤكداً أن “كل أداة رقابية لدى الشورى يجب أن ترفع إلى النواب”. وأشار إلى أن “التحول في سياسات المجلسين واختصاصات كل منهما جاء تلبية لمرئيات حوار التوافق الوطني”. وصادق المجلس على المادة “92” التي تناقش اقتراح أعضاء المجلسين تعديل الدستور، والمادة “102” الخاصة برئاسة اجتماع المجلس الوطني. وأقر المجلس المادة “103” الخاصة بقانونية جلسات المجلس الوطني من كبير مناقشة، والمادة “109” المتعلقة بمناقشة مشروع قانون الميزانية، من دون مداخلات تذكر، إضافة إلى المادة “115” الخاصة بتقديم الحكومة بياناً عن الحالة المالية والاقتصادية للدولة، برفقة مشروع الميزانية السنوية، والمادة “120” الخاصة بالأغلبية المطلوبة للموافقة على التعديلات الدستورية. وتمت مصادقة مجلس الشورى على مواد مشروع التعديلات الدستورية، كما أقرها مجلس النواب بإجماع الحاضرين البالغ عددهم 34 عضواً واعتذار 4 أعضاء. إلى ذلك دعا وزير العدل والشؤون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن “التعديلات الدستورية تفسح مجالاً كبيراً لممارسة ديمقراطية حقيقية”، داعياً إلى “مزيد من اللحمة الوطنية، والالتفاف خلف الملك والشعب والوطن”. وذكر الوزير، في كلمة مقتضبة عقب المصادقة على التعديلات الدستورية، أن “التعديلات الدستورية وصلت إلى ختام رحلتها المسك”، لافتاً إلى “مراحل بداياتها الأُولى في نقاشات حوار التوافق الوطني وما توج به من صياغة المرئيات في مشروع لتعديل دستور البحرين”. وأشار الوزير إلى أنه “كان يصعب عليه تخيل مثل هذا اليوم الذي يتم فيه إنجاز التعديلات لما تتطلبه من عمل دؤوب وعمل متواصل”، مضيفاً “التعديلات الدستورية تفسح مجالاً كبيراً لممارسة ديمقراطية حقيقية، وما ينقصنا هو فقط ديمقراطيون يمارسون”. وأكد أعضاء مجلس الشورى أن “يوم إنجاز التعديلات الدستورية يوم تاريخي، ومحطة جديد من المشروع الإصلاحي لجلالة الملك”، ودعوا إلى “عدم تفويت الفرصة التاريخية، وإخراج البلد من التجاذبات الغريبة عليه”. من جانبه، اعتبر وزير شؤون المجلسين عبدالعزيز الفاضل أن “يوم إنجاز التعديلات الدستورية يوم تاريخي، وأن التعديلات خطوة مهمة في تطوير البحرين والمضي بها خطوات للأمام، كما أشاد بروح المسؤولية التي طبعت مجلس الشورى وحضور كافة الأعضاء الـ34 طيلة انعقاد الجلسة”. من جهته، أشاد رئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح بعمل لجنة الشورى التي نذرت نفسها لدراسة التعديلات حتى أنجزتها في وقت وجيز، لافتاً إلى “تفهم أعضاء اللجنة لحساسية المرحلة المفصلية التي يمر بها البلد”. إلى ذلك، اعتبرت عضو الشورى لولوة العوضي أن “التعديلات الدستورية مفصلية وهامة جداً”، ولاسيما ما يتعلق منها ببرنامج الحكومة. وقالت إنها “تشكل تطوراً ديمقراطيا كبيراً وستضع الحكومة مستقبلاً تحت المجهر”. وأشارت إلى أن “معظم الدساتير في الدول النامية تخلو من إعطاء البرلمان المنتخب حق إقالة الحكومة أو حجب الثقة عنها”، مشيدة بتخويل جلالة الملك هذه السلطة للنواب. ومن ناحية أخرى، شددت العوضي على أن “البحرين لا يمكن أن ترتهن لفئة معينة”، داعية الجميع إلى أن “يكونوا على قدر المسؤولية وتقديم مصلحة البلد على كل اعتبار”. وأضافت “لو أرادت المعارضة أن تصلح البلد فعليها أن تضع يدها في يد جلالة الملك، وأن تدرك أن التعديلات هي لمصلحة كل شعب البحرين”. ولفتت العوضي إلى أنها “سمعت أمس صراخ من تعرضوا للتفجير وهم يرقدون في المستشفى العسكري، قائلة “هذا يهتز له عرش الرحمن”. وأشادت بدور وزير العدل والشؤون الإسلامية وحضوره جميع اجتماعات اللجان التي يدعى لها قائلة إنه أجاب على 49 سؤالاً تتعلق بالتعديلات الدستورية خلال أحد الاجتماعات. كما إنه اعتذر مرة عن اجتماع مجلس الوزراء. لأجل مناقشة مشروع التعديلات الدستورية. أما العضو ندى حفاظ، فدعت جميع الأطراف إلى “عدم تفويت هذه الفرصة التاريخية” قائلة “كفانا ما عشناه فالبحرين تستحق أن نخرجها من هذه الأزمة الغريبة عليها”. وأكدت رئيسة لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس الشورى دلال جاسم الزايد أن “التعديلات الدستورية التي تم إقرارها خلال الجلسة الخاصة التي عقدها المجلس أمس ستشكل نقلة نوعية لتطوير العملية السياسية في البحرين”، معتبرة تمريرها “إنجازاً تاريخياً جديداً يحسب للسلطة التشريعية من خلال تبنيها توصيات حوار التوافق الوطني الذي دعا إليه جلالة الملك المفدى تأكيداً لمواصلة مسيرة التنمية والإصلاح التي بدأها جلالته منذ توليه سدة الحكم”. وبينت أن “اللجنة عقدت بعد تسلمها مشروع التعديلات الدستورية سلسلة من الاجتماعات المتواصلة حرصت من خلالها على استطلاع مناقشة رأي الحكومة ومجلس النواب في المواد التي تضمنها المشروع، إضافة إلى تطابقها مع توصيات الحوار الوطني والتي تمثل مرئيات كافة الشرائح المجتمعية التي شاركت فيه، بما يتوافق مع ميثاق العمل الوطني”. وأشارت الزايد إلى أن “اللجنة التشريعية أعطت الأمر اعتباراً كبيراً في كافة مناقشاتها، لكون التعديلات جاءت من إرادة شعبية”. وأضافت أن “التعديلات الدستورية جاءت لإعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وتحقيق المزيد من التوازن بينهما وتعزيز مظاهر النظام البرلماني في نظام الحكم، إضافة لتنظيم كل من مجلسي الشورى والنواب بما يعطي دوراً أكبر لمجلس النواب، ويحقق الاختيار الأمثل لأعضائهما، كما نصت على ذلك الأهداف التي قامت عليها التعديلات الدستورية”. وقال عضو الشورى إبراهيم بشمي إن “البحرين على أعتاب فصل مهم من مفاصل تاريخ الحياة السياسية المعاصرة”، معتبراً أن “يوم إقرار الدستور تاريخي لأنه من أيام التحولات السياسية وتراكمات التجربة الديمقراطية التي يخطوها الوطن لبناء ديمقراطية تدريجية”. وأشاد “بالمبادرات الشجاعة التي أجراها جلالة الملك بدءاً بتشكيل لجنة تقصي الحقائق وعقد حوار التوافق الوطني، إضافة إلى اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ توصيات تقصي الحقائق وغيرها من الخطوات الحكيمة التي تخدم استتباب الأمن والاستقرار في البلد. وأضاف أن “الجلسة التاريخية للشورى نتيجة لما أسفر عنه حوار التوافق الوطني من مرئيات تشكل خطوة ديمقراطية في مسيرة الإصلاح الدستوري والتي شكلت أولوية متقدمة في المرئيات، كما إن التعديلات تكرس ضوابط العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل أجدى تطبيق للتجربة الديمقراطية”.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90