أشار الدكتور عبدالعزيز صويلح المتخصص في علم التاريخ وآثار منطقة الخليج العربي القديم إلى "أن حضارة دلمون كان لها دورا كبيرا في عملية التفاعل والتواصل مع حضارات المنطقة كحضارة بلاد الرافدين وحضارة وادي السند لما قامت به من دور فاعل في الحركة التجارية ، حيث امتدت حضارة دلمون والتي تم اكتشافها من خلال التنقيبات الأثرية من شمال دولة الكويت إلى حدود دولة الإمارات العربية المتحدة ، وان جزيرة البحرين مثلت المركز الرئيسي لهذه الحضارة".
وقال الدكتور عبدالعزيز صويلح خلال المحاضرة التي نظمها مركز عبدالرحمن كانو الثقافي حول "دلمون التجارة والتجار". أن البحرين كانت من أبرز الجزر التي برزت على سطح التاريخ وأسهمت في التواصل الحضاري انطلاقا من كونها جزءا لا يتجزأ من حضارة دلمون ، إضافة إلى جزيرة تاروت التي تقع على الساحل الشرقي من شبة الجزيرة العربية وجزيرة فيلكا في الكويت.
وفي بداية المحاضرة التي قدمتها الدكتورة سهير المهندي أوضح الدكتور صويلح "ان حضارة دلمون ومن خلال موقعها الاستراتيجي في الخليج العربي فقد حظيت بأهمية كبيرة في الفترة ما بين الأف الثالث قبل الميلاد إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد، فكانت جزيرة البحرين محطة تجارية رئيسية للسفن التجارية القادمة من الجنوب، حيث مراكز حضارة وادي السند وحضارة مغان في سلطة عمان، ومن الشمال مراكز حضارة بلاد الرافدين وحضارة عيلام بالطرف الشمالي الغربي من فارس، فكانت السفن تصل الى البحرين وبمختلف البضائع.
وأضاف أن الآثار التي اكتشفت تشير إلى وجود تجار من تلك المراكز أقاموا في جزيرة البحرين لرعاية تجارتهم ، حيث تم اكتشاف أختام تعود إلى هؤلاء التجار في العديد من مواقع التنقيب بمملكة البحرين، موضحا "ان الدلمونيون كانت لهم صلات تجارية مع مراكز عدة في بلاد الرافدين، حيث كان ملوك بلاد الرافدين يسعون للمحافظة على الاتصال مع حضارة دلمون وبفضل هذا الاتصال والتواصل كانت الكثير من السلع والبضائع ترد الى مدن بلاد الرافدين من حضارة وادي السند ونستدل على هذه التبادلات من خلال العديد من النصوص المسمارية التي اكتشفت في مدن بلاد ما بين الرافدين، ومن ابرز هذه النصوص المسمارية نص مؤرخ بحوالي 2500 قبل الميلاد ينسب الى احد ملوك ويتحدث فيها عن السفن الدلمونية التي كانت تنقل الأخشاب من وادي السند إلى بلاد الرافدين التي كانت تفتقر للخشب آنذاك وهي إشارة ان دلمون هي مركز تجاري ومورد لمختلف أنواع السلع".
وذكر أنه منذ بداية الألف الثالث إلى الألف الثاني قبل الميلاد قد بدأت الحركة التجارية في منطقة الخليج العربي تتمركز في جزيرة البحرين فقد كانت حضارة دلمون تتحكم في التجارة البحرية الماره بالخليج العربي ، حيث كانت السفن التجارية القادمة من مغان وملوخا وهو اسم حضارة وادي السند تضع حمولتها في البحرين ويقوم بعدها التجار الدلمونيين بالمتاجرة بهذه البضائعة ، مضيفا ان المواد التجارية المتبادلة ما بين دلمود وبلاد الرافدين والتي تم العثور عليها موثقة في الكتابات المسمارية في حوالي 2400 قبل الميلاد تحدثت عن رحلات قامت بها السفن الدلمونية لنقل بضائع تتضمن الزيوت والأصماغ والصوف والملابس ومصنعات فضية من مدن بلاد الرافدين الى مدن دلمون ، وذلك مقابل استيراد كميات كبيرة من النحاس الخام من دلمون واللؤلؤة والقصدير والخشاب والأحجار وملابس القطن الدلمونية ، ومن الواضح ان دلمون نجحت في هذا التاريخ المبكر في ان تكون الحركة التجارية بيد تجارها الذين اطلقت عليهم الكتابات المسمارية بآلك دلمون اي ملاحي دلمون وبمعنى اخر التجار الدلمونيين ، كما احتلت دلمون مركز الوسيط التجاري في الخيلج العربي فيما يتعلق بتجارة النحاس.