أناب حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، الممثل الشخصي لجلالته سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة، لحضور توزيع جوائز المؤسسة العالمية لتجمع حماية البيئة والحياة الفطرية في العاصمة الأمريكية واشنطن. وتحدث سموه عن أهمية حفظ المحيطات من أجل مكاسب الإنسان ورفاهيته، وقال إن نحو 65% من ناقلات النفط تبحر بمياه الخليج الإقليمية، تمثل أكثر من 50% من كميات الطاقة في العالم، مشيراً إلى أنه تم رصد ما بين 2000 و2009 قرابة 178 ألف طن من التسرب النفطي سنوياً. ونصّت كلمته «أنشأنا تحركاً عالمياً من أجل تعزيز جهودنا لحماية البيئة وهي جهود غير مسبوقة، ولكن للأسف فإن هذا التحرك يصاحبه تدهور سريع في النظم البيئية ساهم في تدهورها. تتكون بلادنا من أرخبيل من الجزر تقع قرب مساحات واسعة من المسطحات المائية والمحيطات والبحار، تمتد ولا تكاد تعرف حدوداً وتتشعب جميعها نحو الخارج، سواءً كان ذلك إيجاباً أو سلباً، فإن القليل من البلدان تتمتع بموقع فريد ونحن نعرف هذه الحقيقة في البحرين التي ظل شعبها يعول في حياته على البحار منذ ما يربو عن 5 آلاف عام. ولكي نبسط هذه الحقائق في صورة واضحة، فإن الخليج العربي الواسع الذي نعتبره وطننا الكبير يخدم غرضاً مهماً للغاية، باعتباره يمثل وجهة للحركة التجارية الرائجة بين شرق العالم وغربه، علماً أن أكثر من 65% من السفن التي تنقل النفط تبحر في مياهنا الإقليمية، وتمثل أكثر من 50% من كميات الطاقة العالمية ممثلة بالنفط والغاز وتجتاز مياهنا الإقليمية، ومن بين هذه الكميات رصدنا خلال الفترة من 2000-2009 نحو 178 ألف طن من التسريب النفطي سنوياً. ويضاهي مساحة رقعتنا الجغرافية المتواضعة كون هذا البحر تتقاسمه 8 دول، وكلها تستفيد منه بشكل كبير ومستمر في تنمية اقتصاداتها المستدامة وبالتالي مقابلة الزيادة السكانية المضطردة فيها. ونتج عن هذا التقاسم وضعاً معقداً وتأثيرات حادة أثرت على بيئتنا الحساسة أصلاً بشكل كبير، علماً أن منطقتنا تمثل موطناً لبقر البحر والسلاحف وأشجار القرم والشعب المرجانية والعديد من أنواع الأحياء البحرية الأخرى. والتحدي الأكبر الماثل أمامناً والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيفية تلبية متطلبات النمو السكاني لدينا، وفي نفس الوقت الحفاظ على نظام بيئي بحري سليم، ونحن نؤمن بأنه يمكن تحقيق أفضل إنجاز من خلال وضع سياسات للحفاظ على البيئة تتواكب بصورة مباشرة مع أهدافنا التنموية على المدى البعيد، وبالصورة اللائقة مع توجهاتنا للمشاركة الشمولية وبناء تفاهم جوهري حول الأسباب الأساسية التي ساهمت في خلق الأوضاع البيئية الراهنة. ولنبين صورة لبعض مجهوداتنا الداخلية حيث إننا أفردنا ضمن رؤيتنا الاقتصادية الوطنية الاستراتيجية للفترة المقبلة حتى عام 2030 فصولاً بأكملها مراعاة للاعتبارات الخاصة بالحياة البحرية، بوضع سياسة تنفذ على الصعيد الوطني في هذا الشأن. وخصصت الحكومة 5 مناطق كمحميات بحرية، ونسعى بشكل فعال مع جيراننا لتخصيص مناطق كمحميات للأحياء العابرة للحدود، وكجزء من مجهوداتنا المتواصلة لتهيئة البيئة المناسبة للثروة السمكية التجارية المتضررة، حظرنا صيد الأسماك بكميات ضخمة ونشرنا الشعب المرجانية الاصطناعية وننشر بشكل منتظم أعداداً كبيرة من الأسماك الصغيرة. ويضاف لتلك الجهود أننا عرضنا المساعدة والدعم للعديد من الجهود العالمية، وتشمل العمل مع شركائنا في المنطقة تحت مظلة معاهدة الكويت الإقليمية للتعاون بشأن حماية البيئة البحرية من التلوث. هناك الكثير من العمل الذي يمكننا القيام به، والمعدل الحالي للتدهور في نظام البيئة البحرية ينذر بالخطر، ويكاد يشكل تهديداً قائماً وجسيماً للبشرية جمعاء، ويمكن تلافيه عبر مزيد من الجهود المتواصلة على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي، ولهذا السبب فإنه لمن دواعي الشرف بالنسبة لي أن أشارك معكم هنا في هذا اليوم. إن ملتقانا هذه السنة يكتسب أهمية خاصة حيث إننا نؤرخ لانطلاقة منظمة «الدول المطلة على المحيطات»، وننتهز الفرصة السانحة لنتقدم بالتهنئة للمؤتمر البرلماني الدولي لحماية البيئة على هذا الإنجاز. نقدر عالياً الجهود الثمينة المبذولة من أجل تعزيز الحفاظ على النظم البيئية البحرية على الصعيد الدولي، وتعتز البحرين كونها عضواً في المجلس الأممي لحفظ البيئة ونتطلع قدماً لتعزيز شراكتنا مع الملتقى البرلماني الدولي لحماية البيئة مع البلدان الأخرى لمصلحة كوكبنا ككل».