سلسبيل وليد


وضعت البحرين والسعودية حداً فاصلاً ونهائياً لهمجية إيران إثر تعنتها الدبلوماسي وإصرارها على التدخل في سياسة البحرين وشؤونها الداخلية، بطردهما للسفيرين الإيرانيين بعد حرق السفارة السعودية في إيران رداً على قرار السعودية بإعدام 47 إرهابياً بينهم نمر النمر.
ولم يكن حرق السفارة السعودية بداية توتر العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون فقد تأججت العلاقات بين البلدين بعد مطامع تاريخية إيرانية في المنطقة والتي على إثرها تم تشكيل دول مجلس التعاون الخليجي في عام 1981 بعد أن طرحت فكرته في عام 1976 لنزع الأوهام والتهيؤات الإيرانية وإبعاد أنظارها عن الخليج وتوحيد كلمتهم وموقفهم لردع الخطر عن المنطقة.
وبلا شك فإن العلاقات البحرينية الإيرانية مرت بكثير من التوترات فقد قامت إيران وعلى مدى 37 عاماً هي عمر نظام الملالي الحاكم بالتدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية تصدير الإرهاب إلى البحرين منذ تولي نظام الخميني السلطة عام 1979، حيث تبنى النظام الإيراني شعارات طائفية مقيتة ومنها شعار «تصدير الثورة» وهو يعني في الحقيقة تصدير الطائفية والإرهاب وإشاعة الفوضى والاستقرار، في محاولة منها للهيمنة على المنطقة وبذر بذور الطائفية فيها، فقامت بذرع خلايا في العديد من الدول العربية لا سيما الخليجية واستنفرت العامل الطائفي لتجنيد وتحشيد أتباع لها يقتادون لأمرها باسم الدين.
ليس القرار الجريء الأول
ليست المرة الأولى التي تتخذ البحرين قراراً جريئاً بطرد السفير الإيراني أو تخفيض مستوى العلاقات فيما بينها خصوصاً بعد تعمدها في تصدير الثورة في المنطقة ونشر فكر وأيدولوجية الولي الفقيه، ففي عام 1996 اتخذت البحرين قرار يقضي بتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران إلى درجة قائم بأعمال بعد ما تم رفع المستوى إلى سفير عام 1991، وفي 2011 طردت السفير الدبلوماسي في المملكة، و في أكتوبر الماضي استدعت البحرين القائم بأعمال السفارة الإيرانية لدى المنامة، وسلمته مذكرة دبلوماسية بشأن قرار السلطات في مملكة باعتباره «شخصاً غير مرغوب فيه،» وذلك نظراً لارتباطه بخلية التجسس في دولة الكويت.
وبعد أن عادت المياه إلى مجاريها في عام 1999 قام جلالة الملك بأول زيارة إلى إيران بعام 2002 وبادله الرئيس الإيراني محمد خاتمي في زيارة للبحرين عام 2003 ، ولكنها عادت مرة أخرى لتزداد تعقيداً بين البلدين ففي عام 2007 توترت العلاقات بينهما بعد نشر صحيفة إيرانية مقالاً مفاده أن البحرين جزء من إيران.
واستمرت الحرب بين الطرفين، بعد محاولات خفية إيرانية لدعم أذنابها في البحرين، خصوصاً بعد تعمد إيران لإشعال الفتنة الداخلية في المملكة والعمل على التحريض على الحرب بعام 2011 ، كما انتقدت إيران تدخل السعودية وإرسال قواتها العسكرية في البحرين للمساعدة في حفظ الأمن بعد حركة احتجاجات شيعية واسعة النطاق. البحرين تسحب سفيرها من إيران، والبلدان يتبادلان طرد الدبلوماسيين.
ولا يخفى على الجميع أن إيران تسعى لخلق الفوضى وإشاعة الخراب والدمار في المنطقة خصوصاً بعد ضبط لتهريب عدد من الأسلحة والمتفجرات المرسلة من إيران إلى دول الخليج واعترف المتهمون بتقديم حكومة طهران الدعم المادي واللوجستي لهم، في فبراير 2013 تم ضبط خلية إرهابية تم تأسيسها كنواة لما يسمى «جيش الإمام» لممارسة نشاط إرهابي كتنظيم عسكري مسلح، وكانت تستهدف مواقع حساسة مدنية وعسكرية وشخصيات عامة، كما تمكن قوات الأمن العام البحرينية خلال يومي «28 و29 ديسمبر2013»، من ضبط وإحباط 4 عمليات نوعية الأولى تمثلت في إبطال مفعول سيارة مفخخة، والثانية إحباط محاولة تهريب عدد من المطلوبين إلى خارج البحرين، والثالثة إحباط محاولة إدخال متفجرات وأسلحة وذخائر إلى البحرين، والرابعة ضبط مستودع متفجرات وذخائر في منطقة القرية، وثبت تورط إيران في هذه العمليات الإرهابية.
تورط إيراني بعمليات إرهابية
وفي يونيو من العام الماضي تمكنت أجهزة الأمن البحرينية من القبض على عناصر من تنظيم إرهابي يدعى سرايا الأشتر مسؤول عن تنفيذ سلسلة من الأعمال الإجرامية الخطيرة، وهذا التنظيم تقيم قياداته في إيران، وتخطط لأعمالها الإرهابية من هناك، فيما أحبطت وزارة الداخلية في يوليو من نفس السنة عملية تهريب عن طريق البحر لكمية من المواد المتفجرة شديدة الخطورة، بجانب عدد من الأسلحة الأوتوماتيكية والذخائر، تمت بواسطة قاربين حاولا دخول المياه الإقليمية للبحرين من الجهة الشمالية، وقاما باستلام أربع حقائب في عرض البحر، بهما مضبوطات غاية في الخطورة تمثلت في 43,8 كيلوجرام من مادة الـC4 المتفجرة، 8 أسلحة أوتوماتيكية من نوع كلاشينكوف، 32 مخزناً لطلقات الرشاش كلاشينكوف، كمية من الطلقات والصواعق.
ولم تزل إيران تعمل على تأجيج الفتن وإشعال الحروب وتهديد أمن المملكة ففي يوليو الماضي تورطت إيران بتفجير إرهابي أسفر عن استشهاد اثنين من رجال الأمن وإصابة 6 آخرين وتوصل المختبر الجنائي إلى أن المادة المستخدمة في عملية التفجير، هي ذات المادة شديدة الخطورة التي كانت قادمة من إيران.
وفي أغسطس من العام نفسه استشهد اثنان من رجال الأمن إثر تفجير عن بعد لقنبلتين محليتي الصنع في قرية كرانة وتبين من التحقيقات أن المواد المستخدمة في التفجير مشابهة للمواد التي تم ضبطها في عرض البحر خلال عملية إحباط تهريب مواد متفجرة شديدة الخطورة وأسلحة لها علاقة بإيران في 15 يوليو 2015، بالإضافة إلى ضلوع إيران وحزب الله في دعم خلية العبدلي تسليحاً وتدريباً في الكويت والتي تم كشفها في سبتمبر 2015، حيث جند وسلح ومول ودرب جهاز الاستخبارات الإيراني أعضاء خلية العبدلي اعتباراً من عام 1988 حتى عام 2015 في انتظار ساعة الصفر، ومولهم بكميات كبيرة من المواد المتفجرة عن طريق البحر.
وفي 30 سبتمبر الماضي، تم اكتشاف مخبأ للمتفجرات في مملكة البحرين يضم 1.5 طن من المواد شديدة الانفجار، وكانت برعاية إيرانية وإمداد لوجستي وتدريب صريح من قبلها، وفي أغسطس، تم اكتشاف محاولة تهريب أكثر من 43 كيلو غراماً من مادة الـ c4 شدية الانفجار، قادمة من إيران، وفي الـ 6 يونيو أيضاً ضبطت الأجهزة الأمنية كمية كبيرة من مواد شديدة الانفجار، وتم إثبات وجود دعم إيراني.
إن جميع ما سبق دفع مملكة البحرين لاتخاذ إجراءات صارمة منها تخفيض التمثيل الدبلوماسي معها والتقدم بشكاوى ضدها في المنظمات الدولية والإقليمية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية تبين فيها تجاوزاتها المستمرة في حق مملكة البحرين، ولكن عندما يتم الاعتداء بشكل آثم وجبان على سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، إزاء ذلك لم يكن أمام مملكة البحرين إلا قطع العلاقات الكامل مع إيران فمثل هذه السلوكيات الهمجية تشكل انتهاكاً صارخاً لكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
ولم تكف إيران عن أساليبها في محاولات لإدخال متفجرات إلى البحرين ففي 1986 حاولت إدخال مواد متفجرة إلى السعودية، وفي العام التالي أثار الإيرانيون الشغب مكة المكرمة، و في 1988 وعلى إثر اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، قام الحجاج الإيرانيون بمظاهرة سياسية عنيفة ضد الموقف السعودي الداعم للعراق أثناء الحرب العراقية الإيرانية، وذلك أثناء الحج في مكة المكرمة في عام 1987. وبعد الشغب مباشرة، طالب الخميني الشيعة بمن سماه الثأر لقتلى الحجاج الإيرانيين، وذلك بالإطاحة للحكومة السعودية.