بعد أربعين يوما على رحيلها، نظم مركز الشيخ ابراهيم للثقافة والبحوث تأبين عالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي التي ربطتها بالبحرين وبالمركز علاقة حميمة، بعنوان أمسية محبة، وذلك اليوم السبت الموافق 9 يناير ضمن الموسم الثقافي (الحالمون لا يمكن ترويضهم أبداً) الساعة الثامنة مساء في قاعة المركز في المحرق حضرها عدد من رجال الفكر والأدب وأصدقاء المركز.
قدّم خلال الأمسية نخبة من المثقفين والأدباء شهاداتهم وقراءاتهم حول أشتغالات الراحلة المرنيسي، وامتدادها للأصوات النسائية وتأثيرها النقدي على الوعي الإبداعي المنادي لقضايا المرأة، من جهة وترجمت معظم أعمالها الأكاديمية إلى اللغات العالمية من جهة أخرى، مستخدمة أدواتها التنظيرية والسوسيولوجية، إلى جانب محاورتها للتراث العربي الإسلامي والثقافة العربية والغربية في آن واحد، والحراك النسائي، كما سرد جانب من حياتها وأهم المؤلفات التي تناولتها بشكل مغاير وتحليلي عن المشهد الثقافي، وعلى هامش الأمسية دشن كتاب (شهرزاد المغربية-شهادات ودراسات عن فاطمة المرنيسي)، وهو من إصدار مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث، وإعداد وتحرير ياسين عدنان صدر لهذه المناسبة.
في بداية الأمسية رحّبت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة مجلس أمناء المركز بالحضور. مؤكدت أن الكلمات لا توفي حق فاطمة المرنيسي التي تركت بصمتها في المركز والبحرين والعالم العربي عبر أفكارها وشخصيتها وما قدّمته للعالم العربي والذي سيبقيها حية.
أثناء المداخلات، تحدثت الناشطة المغربية جميلة حسون عن علاقتها بالمرنيسي التي تعود لعشرين عاما خلت متوقفة عند فاطمة الإنسانة والصديقة والمرشدة التي عملت حتى آخر لحظة في حياتها، كما أظهرت مدى احترامها للعلاقات الإنسانية وعيشها للهمّ الإنساني والثقافي في العالم العربي.
بدورها تحدثت البروفيسورة الايطالية اليزابيت بارتولي عن علاقتها المهنية والشخصية بالراحلة المرنيسي وهي التي ترجمت عددا من كتاباتها وتأثرت بما للمرنيسي من رؤية وتميّز لكتاباتها.
من جهته توقّف السيد توماس ارتمان عند التبادل الثقافي الذي آمنت به فاطمة المرنيسي والذي اعتبره جسرا عايشه بين المانيا والعالم العربي اذ كانت تحضر العديد من المنتديات والمؤتمرات التي نظمها في المانيا منذ لقائهما عام 1984، كما تحدث عن اهمية اخياراتها الاستراتيجية واهتمامها بالإعلام ودوره في نقل الصورة الأفضل لمجتمعاتنا، ونعت المرنيسي بالاكاديمية الاستثنائية التي ارادت تحسين وتغيير الواقع للأفضل على طريقتها.
أما الأستاذ ياسين عدنان فتحدث عن خبرته في إعداد وتحرير كتاب شهرذار المغربية (شهادات ودراسات عن فاطمة المرنيسي) الذي صدر بفترة قياسية مشددا على أهمية كتابات فاطمة المرنيسي على المستوى العالمي. كما وصفها بالمرأة عصيّة عن التصنيف اذ يتداخل فكرهابالأدب والبحث الأكاديمي بالتخيّل. واختتم بشكر كل من تجاوب وأثرى الكتاب الذي يحتوي على شهادات كثيرة ودراسات وتلويحات وداع من عدد من المثقفين في العالم العربي.
كما عُرض فيلمٌ أعد خصيصا بالمناسبة عن مداخلات فاطمة المرنيسي وحضورها إلى مركز الشيخ إبراهيم منذ عشر سنوات.
رحلت المرينسي في 30 نوفمبر 2015 وسط عائلة وطبقة اجتماعية بورجوازية محافظة, وكانت المرنيسي من القليلات اللاتي حظين بحق التعليم في عهد الاحتلال الفرنسي، وذلك بفضل المدارس الحرة -الخارجة على نمط التعليم الفرنسي- التابعة للحركة الوطنية، عملت المرنيسي باحثة بالمعهد القومي للبحث العلمي بالرباط، وبكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة محمد الخامس بالرباط)، وعضوا في مجلس جامعة الأمم المتحدة. أسست مبادرة جمعوية من أجل حقوق المرأة تحت اسم (قوافل مدنية)، كما ساهمت في إطلاق تجمع (نساء، أسر، أطفا).

وللمرينسي العديد من المؤلفات باللغة الفرنسية -ترجمت إلى لغات عديدة من بينها العربية والإنجليزية- من أهمها: (الحريم السياسي)، (أنتم محصنون ضد الحريم)، (الجنس والأيديولوجيا والإسلام).
إضافة إلى (ما وراء الحجاب، الإسلام والديمقراطية، شهرزاد ترحل الى الغرب، أحلام الحريم). كما كتبت شبه سيرة ذاتية تحت عنوان (نساء على أجنحة الحلم).
نالت جائزة أمير أستورياس للأدب (أرفع الجوائز الأدبية بإسبانيا) مناصفة مع سوزان سونتاغ، كما حازت على جائزة (إراسموس) الهولندية إلى جانب المفكر السوري صادق جلال العظم والإيراني عبد الكريم سوروش، وكان محور الجائزة (الدين والحداثة)، واختيرت عضوا في لجنة الحكماء لحوار الحضارات التي شكلتها اللجنة الأوروبية برئاسة رومانو برودي.