كتب- محرر الشؤون المحلية: أجمع كتّاب في مقالات نشرتها صحف خليجية أن الخطوة التصعيدية التي أقدم عليها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بزيارة الجزر الإماراتية المحتلة جاءت في إطار سياسة الابتزاز التي قررت إيران انتهاجها كورقة ضغط في مفاوضاتها مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية حول ملفها النووي، مشيرين إلى أن الزيارة جاءت بعد تصاعد عزلتها الدولية وتزايد ضغط مشكلاتها الداخلية، واعتبروا أن تلك الخطوة الاستفزازية، تثبت بشكل قاطع النوايا العدوانية الإيرانية تجاه دولة الإمارات ودول الخليج عموماً. وحذروا من إمكانية حدوث صفقة أمريكية إيرانية تكون ضحيتها دول الخليج، خصوصاً أن واشنطن قضت على أعداء إيران في العراق وأفغانستان وقدمت بغداد لطهران على طبق من ذهب، داعين الدول العربية إلى تبني مواقف ومبادرات قوية للتصدي للتهديدات الإيرانية ولإفشال أية صفقات قد تحاك بين القوى الإقليمية والدولية على حساب دول الخليج العربية. ورأى الكاتب عبدالوهاب بدرخان في مقاله المنشور في (الاتحاد) الإماراتية أن إيران أثارت قضية الجزر رداً على مساهمة دول الخليج في العقوبات الدولية المفروضة عليها، معتبراً أن ملف الجزر الإماراتية من عناصر الابتزاز التي تحاول إيران اللجوء إليها كورقة ضغط في مفاوضاتها النووية مع الغرب. وقال “إن المجتمع الدولي سرعان ما سيكتشف أن “الإيجابية” و«المرونة” الإيرانيتين ليستا سوى مناورة جديدة، وخدعة أخرى، قد تعمد إلى إطالتها وعينها على التقدم الذي يحرزه برنامجها النووي، فهي لن تتراجع عنه وإنما ستحاول ابتزاز العالم به”. وأوضح الكاتب في مستهل مقاله أن إيران كشفت وجهها الحقيقي، وأن أي دولة يصعب الوثوق بها في خلاف مع أخرى جارتها يفترض أن تتعايش معها في الجغرافيا نفسها، كما أنه لا يمكن الوثوق بها في أي أمر آخر، مشيرا إلى أنه في حال إيران، يتضح الآن لماذا لا يصدق العالم مزاعمها عن سلمية برنامجها النووي. وبالطبع لا يمكن التسليم بادعائها النفوذ الإقليمي طالما أنها باتت تهديداً للمنطقة وأهلها. ورجح بدرخان أن تكون خطوة نجاد رمت إلى إطلاق فقاعة في سماء الخليج في عشية المفاوضات مع الدول 5+1 بشأن برنامجها النووي، مؤكداً أنها تنوي هذه المرة أن تتوصل إلى اتفاق، مع هذه الدول، لأن الظروف تلح عليها. وقال إن :« للمرة الأولى تجد أن العقوبات ضيقت الخناق عليها في تسويق جزء من نفطها وفي تعاملاتها المصرفية، ثم إن الحليف السوري غرق في مأزق وجودي لا يمكنه الخروج منه إلا بعد تقديم تنازلات جوهرية أو يدفع بسوريا إلى أتون حرب أهلية”. وفي المقابل، أوضح الكاتب وجود دوافع أخرى للتطلع إلى مثل هذا الاتفاق، من أبرزها أن إيران باتت الآن متعجلة للحصول على نتائج وثمار استثمارها في ما تعتبره نفوذها الإقليمي، وبالتالي تريد اعترافاً وتعاملاً دوليين مع هذا النفوذ على قاعدة رزمة تشمل أدوار إيران في العراق وأفغانستان وسوريا ولبنان فضلاً عن منطقة الخليج. ولعلها وضعت في هذه الرزمة إغراء مجموعة الـ5+1 بـ«إيجابيتها” في الملف النووي مقابل تجاهل قضية الجزر الإماراتية ونسيانها. وتساءل الكاتب: هل باتت إيران مستعدة لاستجابة مطالب الدول الغربية بوقف تخصيب اليورانيوم، وقبول مبادلة مخزونها منه ؟، وكذلك بفتح منشآتها كافة للمفتشين الدوليين وجعلها تحت رقابة دائمة من جانب وكالة الطاقة الذرية؟ ومضى قائلاً ما الذي دفعها إلى تعريض البلد وأهله للعقوبات القاسية والاقتصاد للتدهور والعملة للانهيار، لو لم يكن الهدف تزويد إيران بالسلاح النووي؟. ووافقه الرأي مروان البلوشي في مقال له نشرته البيان الإماراتية قال فيه، إن:« مباحثات بغداد التي ستعقد في الثالث والعشرين من شهر مايو المقبل وستتناول الملف النووي الإيراني، والتي بدأ دبلوماسيون غربيون بالحديث عنها بلغة متفائلة تختلف عن مصطلحات التشاؤم والتشكيك المعتادة، قد تقرر أمورا عدة من خلف الكواليس ليس أقلها إمكانية عقد صفقة أمريكية - إيرانية محتملة تتضمن توافقاً مشتركاً فيما يتعلق بالأزمة السورية ومكانة دول الخليج مستقبلاً في ظل أي توكيل أمريكي لطهران للقيام مجدداً بلعب دور شرطي المنطقة. وحذر البلوشي دول الخليج من “سيناريو مرعب” نتيجة لعبة مشتركة بين إيران والغرب ممثلاً في الولايات المتحدة، مؤكداً وجود دفع قديم ومستمر من العديد من الدوائر الدبلوماسية والاستخباراتية الأمريكية على ضرورة التعاون مع إيران وتسليم مقاليد الأمور في المنطقة لها. وأوضح الكاتب أن ذلك قد حصل فعلاً في العراق، وترى هذه الدوائر الآن أنه وتماشياً مع إعلان إدارة أوباما في نوفمبر من العام الماضي عن نيتها بنقل محور السياسة الخارجية الأمريكية في السنوات المقبلة من الشرق الأوسط إلى حوض المحيط الهادي وغرب آسيا للتعامل أساساً مع الصين، فإنه من الطبيعي أن تبحث أمريكا عن شريك منضبط، قوي، قادر على المناورة بدهاء في جميع ساحات الصراع في منطقتنا، أي إيران. وذهب الكاتب إلى أن على دول الخليج الانتباه والتصرف في الوقت الحالي بمزيج من الحذر، وكذلك التصعيد المحسوب، وأيضاً المشاركة الفاعلة في الحراك الدبلوماسي الدائر أمامنا حتى لا نفقد المبادرة.. هذا الجهد الخليجي الموحد هو الضامن الأفضل لأمننا ومستقبلنا الذي يجب أن لا يوضع في عهدة قوة خارجية سواء كبرى أو إقليمية بعيداً عنا. من جهته، أكد صالح القلاب في (الرأي) الأردنية أن نجاد مصاب بجنون العظمة، وأن ذهابه إلى الجزر الإماراتية - والذي وصفه بالاستفزازي- يثبت أنه وريث أباطرة الفرس القدماء، وأن تلك الزيارة جاءت من أجل تعزيز مكانته في صراعه المتصاعد مع مرشد الثورة خامنئي ومن أجل إشعار الإيرانيين المصاب بعضهم بمرض الحنين إلى الماضي الإمبراطوري الفارسي البعيد، الذي لن يعود، بأنه هو الذي سيأخذهم إلى ذلك الماضي الذي وصل فيه أجدادهم إلى شواطئ المتوسط الغربية. وأعاد الكاتب التذكير بخيبة الأمل التي شعر بها العرب والخليجيون، خصوصاً من النظام الإيراني الذي أعقب الثورة التي أطاحت بشاه إيران الذي كان يحلم بالإمبراطورية الفارسية التي تصل إلى مصر التي لم يجد لرفاته بعد أن مات سوى ثراها ليدفن فيه. وقال القلاب إن العرب أدركوا أن حالهم مع هذا النظام الإيراني المعمم كحال المستجير من الرمضاء بالنار وأن التطلعات الإمبراطورية الشاهنشاهية تجاه المنطقة العربية وفي مقدمتها منطقة الخليج قد جرى فرد العمامة الخمينية فوقها وأنه جرى تحويل المذهب الشيعي إلى غطاء للأطماع الفارسية القديمة في هذه المنطقة وتحويل الشيعة العرب إلى جاليات إيرانية باقتلاعها من بلدانها وربطها بـ«قم” بدل النجف وإلحاقها بطهران وبالولي الفقيه بدل دولها وأنظمتها. وفي مقال له بصحيفة (الوطن) الكويتية اعتبر عبدالله الهدلق زيارة “نجاد” للجزيرة الإماراتية تمثل سابقة خطيرة وانتهاكا لسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة وخرقاً واضحاً لاتفاق الدولتين حول انتهاج آلية تقوم على حل النزاع من خلال المفاوضات الثنائية أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وأكد أن زيارة نجاد لن تغير الحقائق التاريخية والقانونية التي تؤكد سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وان احتلال “بلاد فارس” لتلك الجزر يجب أن يعرض على مجلس الأمن الدولي لدعم موقف الإمارات وتأييده. ورأى الكاتب أنه ربما هدف “الرئيس الفارسي نجاد” من خلال زيارته المفاجئة لجزيرة “أبو موسى” الإماراتية إلى تحسين صورته الداخلية بسبب الصعوبات التي يتعرض لها على الساحة الداخلية الإيرانية وسعي بعض قوى” الفاشية الدينية الفارسية الزرادشتية” لعزله عن طريق سحب مجلس الشورى الثقة به، وما يسود ذلك من توتر على خلفية بدء المقايضات والمساومات للإعداد للانتخابات الرئاسية المقبلة. وإدراك “نجاد” وفريقه في السلطة حقيقة أن فرص استمرارهم في السلطة باتت غامضة وغير مؤكدة. وأشار إلى خطورة التحالف بين كل من نجاد والمالكي في العراق وبشار في سوريا على الدول العربية والمنطقة، مشيراً إلى أن مملكة البحرين تواجه محور سوريا - إيران- بالتنسيق مع جماعات عراقية و«حزب الله!” الفارسي في لبنان لتشكيل غرفة عمليات عسكرية لدعم وتسليح الجماعات الإرهابية المسلحة داخل البحرين التي تهاجم قوات الأمن الحكومية البحرينية ودورياتها بقذائف المولوتوف، مضيفاً: أن محور الشر والإرهاب السوري - الإيراني - العراقي المتعاون مع “حزب الله!” الفارسي يخطط أيضاً لمهاجمة معسكرات وثكنات قوات درع الجزيرة الخليجية المشتركة المتمركزة في البحرين لحماية منشآتها الحيوية من هجمات “ برامكة البحرين” المتحالفين مع محور الشر والإرهاب. من جانبها، نقلت وكالة أنباء الإمارات تأكيد مجلس الوزراء السعودي تضامنه مع دولة الإمارات في قضية جزرها الثلاث “ طنب الكبري وطنب الصغرى وأبو موسى التي تحتلها إيران منذ العام 1971م. وشدد المجلس خلال اجتماعه برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الرياض على المضامين التي اشتمل عليها البيان الختامي للدورة الاستثنائية التاسعة والثلاثين للمجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وما أكد عليه من تضامن مع دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن. وأوضح وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة في تصريح عقب الاجتماع أن المجلس شدد على أن الاعتداء على السيادة والتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة من دول المجلس يعد تدخلاً واعتداء على دول المجلس كافة، وأن تعزيز العلاقات بين دول المنطقة يجب أن يرتكز على الاحترام المتبادل لسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وعلى الخطاب المتزن والتناول الصادق والجاد للقضايا المشتركة.