مع بدء العد التنازلي لموعد انتخابات رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا"، حيث ستحدد صناديق الاقتراع هوية من سيتبوأ سدة قيادته حاملا آمال وطموحات قاعدتها العريضة في مجمل أرجاء العالم، يبرز اسم ابن البحرين الغالي معالي الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة كأحد المرشحين للفوز بهذا المنصب متسلحًا بأسباب الفوز، وهي: الخبرة والكفاءة والإنجازات الهائلة والنزاهة والبرنامج الانتخابي القوي والطموح، فضلا بالطبع عن دعم القيادة الرشيدة له، وتأييد الحقل الرياضي المحلي والخليجي والعربي والدولي.
ويتسلح الشيخ سلمان بحضور متميز على ساحة كرة القدم العالمية استناداً إلى سنوات عديدة من العمل الدؤوب في مختلف المؤسسات الكروية نجح خلالها في فرض احترامه على أوساط اللعبة عطفاً على الخبرات المتراكمة والقيادة الواثقة، فالخبرة تتمثل في سنوات عمله في الاتحاد البحريني لكرة القدم منذ عام 1996 وقيادته للاتحاد البحريني عام 2002 ولمدة أحد عشر عامًا وقيادته للجنة التنظيمية الخليجية لكرة القدم لمدة أربعة أعوام وللاتحاد الآسيوي منذ العام 2013 وحتى الآن بعد تجديد الأسرة الآسيوية ثقتها به رئيساً للاتحاد القاري ونائباً لرئيس الاتحاد الدولي في كونغرس الاتحاد الآسيوي الذي استضافته مملكة البحرين في الثلاثين من إبريل عام 2015.
كفاءته وخبرته الإدارية..
أما كفاءته فقد تجلت في خبرته الإدارية المتراكمة، وجهوده على المستوى المحلي والأسيوي والدولي خير شاهد على ذلك، فمحليًا شهدت الكرة البحرينية تطوراً كبيرا منذ تبوأه رئاسة الاتحاد بفضل سياساته التطويرية، وقدرته على بناء شبكة علاقات خارجية قوية وراسخة مع الهيئات والمنظمات الدولية والقارية لكرة القدم وذات العلاقة والاختصاص من خلال مد جسور التواصل والتعاون والتنسيق معها.
وآسيويًا، تولى معالي الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة مسؤولية رئاسة الاتحاد الآسيوي خلال فترة حرجة مرت على بيت اللعبة الأول بالقارة، شكلت هزات عنيفة، كادت تطيح كثيرا من المكتسبات لولا تصدره المشهد، ليعيد إحياء الاتحاد الآسيوي من جديد، ويعيد معه صياغة منظومة المفاهيم التي كانت تحكم عمله، ليصنع اتحاداً عملاقاً قوي الأركان، قادراً على إحداث التطور والنقلة الحقيقية في مجال اللعبة، وهي نفس الظروف المشابهة، للظروف التي تمر بها "الفيفا" حالياً.
ويجسد الشيخ سلمان على أرض الواقع سياسة الحكمة وبعد النظر في إدارة دفة الاتحاد القاري، حيث وضعه على بداية الطريق، ليصبح من الاتحادات القارية صاحبة الريادة في العديد من الملفات الفنية والإدارية، لاسيما الأفكار التي تم طرحها وتطبيقها وتهدف لزيادة نشر اللعبة بالقارة الصفراء، وفتح الباب أمام إشعال المنافسة بين المنتخبات والأندية في كل المسابقات، بما يحقق التطور المنتظر للكرة الآسيوية، وهي تحديات تمكن رئيس الاتحاد القاري من التغلب عليها بروح المبادرة التي يتميز بها، وبشراكة جميع الأطراف وبخاصة أصحاب الخبرات المشهود لهم بالكفاءة.
وكان من أبرز نجاحات الشيخ سلمان الإدارية مبادرته التي أتاح بموجبها لكافة أركان منظومة كرة القدم الآسيوية للمشاركة في إعداد الرؤية المستقبلية للاتحاد القاري للمرحلة المقبلة في إطار النهج المتواصل بإشراك كافة الأطراف المعنية في رسم معالم الاستراتيجيات الرامية للنهوض بالكرة الآسيوية ووضع الخطط والبرامج الكفيلة بتطوير مختلف مكونات اللعبة على كافة الأصعدة، وتم تدشين الرؤية والمهمة تحت شعار ( آسيا واحدة .. هدف واحد) حيث ارتكزت الرؤية على أهمية بلوغ دور قيادي بين الاتحادات القارية على المستوى العالمي، وتهيئة السبل الكفيلة لتعزيز حضور الفرق الآسيوية في البطولات الدولية الرئيسية، والعمل على زيادة شعبية اللعبة لضمان أن تصبح كرة القدم الرياضة الأولى في كافة أرجاء القارة الآسيوية. وهذه المبادرة المهمة والطموحة تضمن مستقبل أكثر إشراقاً للكرة الآسيوية.
وجعلت كل تلك النجاحات الشيخ سلمان بن إبراهيم الخيار الأول للاتحادات القارية التي ارتضته قائداً لها لأربع سنوات جديدة (2015-2019) في كونجرس الاتحاد الآسيوي الذي عقد في مملكة البحرين العام الماضي 2015.
أما على المستوى الدولي، فقد شغل الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة عضوية العديد من لجان الاتحاد الدولي لكرة القدم وفي فترات زمنية متعددة وهي: لجنة الانضباط، واللجنة المالية، ولجنة التطوير، واللجنة المنظمة لكأس العالم في البرازيل، واللجنة المنظمة لكأس العالم للأندية في اليابان، واللجنة المنظمة لكأس العالم للسيدات، كما ترأس لجنة الانضباط في الاتحاد الآسيوي سنوات عدة.
إنجازات تتحدث عن نفسها..
وتتعدد الإنجازات التي حققها الشيخ سلمان على صعيد الكرة المحلية والآسيوية والعالمية، ومن بينها إنجازاته خلال قيادته للاتحاد البحريني، حيث حقق المنتخب البحريني الأول لكرة القدم نتائج متميزة لأول مرة في تاريخه في التصفيات المؤهلة لكأس العالم في مونديال 2006 بألمانيا و2010 بجنوب أفريقيا عندما بلغ الملحق الأخير من التصفيات وكان قاب قوسين أو أدنى من التأهل، كما حقق المنتخب البحريني المركز الرابع في بطولة كأس آسيا بالصين 2004 وحصد المنتخب أفضل تصنيف في تاريخه بحلوله في المركز 44، ونال المنتخب البحريني جائزة أفضل فريق متطور بذات العام، وفاز المنتخب الأولمبي بذهبية دورة الألعاب العربية بقطر 2011، وذهبية دورة الألعاب الخليجية بالبحرين 2011، كما أدى تطور الكرة البحرينية في عهده إلى احتراف أعداد كبيرة من اللاعبين المحليين في الدوريات الخليجية والعربية.
أما إنجازاته خلال قيادته للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فتتمثل في: تطوير المسابقات الآسيوية لاستقطاب أكبر قدر ممكن من الدول الآسيوية وزيادة شعبية اللعبة في "القارة الصفراء"، ورفع عدد المنتخبات المشاركة في كأس آسيا من 16 إلى 24 منتخبًا ابتداءً من النسخة التي ستقام عام 2019. ودمج التصفيات الأولية المؤهلة إلى كأس آسيا مع التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم المقرّرة في روسيا العام 2018، لإتاحة المجال أمام المنتخبات الآسيوية للاستفادة القصوى من خوض المباريات في الأيام المعتمدة من الاتحاد الدولي (فيفا).
وعلى صعيد الأندية، فتح الشيخ سلمان بن إبراهيم المجال لدخول أندية (الهواة) للمشاركة في الدور التمهيدي لدوري أبطال آسيا لأول مرة، وهي خطوة ستشجع تلك الدول على الارتقاء بمستوياتها والعمل على مواكبة عالم الاحتراف، وستسهم في زيادة شعبية اللعبة على امتداد القارة. وتطوير قطاع التحكيم الآسيوي، وتقديم مختلف أشكال الدعم لتطوير قدرات الحكام، وتكللت تلك الجهود بزيادة عدد الأطقم الآسيوية في مونديال البرازيل 2014 إلى أربعة للمرة الأولى في تاريخ كأس العالم.
يضاف إلى ذلك: مضاعفة قيمة الجوائز المالية المقدمة للأندية التي تبلغ نهائي دوري أبطال آسيا وكأس الاتحاد الآسيوي، وذلك اعتبارا من عام 2016 وزيادة المخصصات المالية للأندية التي تبلغ الأدوار الإقصائية من البطولتين. وزيادة الدعم المالي المقدم للدول المضيفة لبطولات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وذلك من أجل تشجيع الاتحادات الوطنية بأكبر قدر ممكن على التقدم لاستضافة هذه البطولة.
وعلى صعيد إنجازاته الدولية، فيمكن الإشارة إلى: نجاحه في إدارة أحد أهم الملفات الساخنة التي فرضت نفسها على ساحة كرة القدم العالمية مؤخراً وذلك بتعيينه رئيساً لمجموعة العمل الخاصة بتحديد مواعيد أجندة المباريات الدولية خلال الفترة (2018-2022) بتكليف من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وتحديد موعد إقامة نهائيات كأس العالم المقررة في دولة قطر عام 2022.
فضلا عن نجاحه في رئاسة لجنة الطوارئ الخاصة بتصفيات كأس العالم في روسيا 2018، حيث أخذت اللجنة على عاتقها مناقشة العديد من القضايا المستعجلة على صعيد التصفيات المونديالية، واتخذت بشأنها القرارات اللازمة، الأمر الذي كان له تأثيرات إيجابية على انسيابية إقامة التصفيات بكل سلاسة ومن دون معوقات. وكذلك نجاحه في وضع خطط الارتقاء بكرة القدم الفلسطينية خلال عضويته في لجنة المهام الخاصة في الاتحاد الدولي لكرة القدم من أجل تحسين أوضاع كرة القدم الفلسطينية.
نزاهته وبرنامجه الانتخابي
ويشار هنا إلى أن أهم عوامل نجاح الشيخ سلمان في عمله هو اتباعه نهجًا صارمًا لتحقيق النزاهة ومكافحة الفساد، فقد استحدث الاتحاد الآسيوي في عهده دائرة النزاهة ولجنة القيم، وذلك ضمن المساعي الحثيثة لاستئصال الفساد والممارسات الخاطئة داخل الملاعب وخارجها في القارة الآسيوية. وأطلق حرباً لا هوادة فيها ضد التلاعب بنتائج المباريات من خلال تنفيذ جملة مبادرات تركز على تحديث الأنظمة والتشريعات للتعاطي مع تلك القضية، وتأسيس فريق مهام خاصة، وخلق نظام مراقبة المباريات في البطولات القارية بالتعاون مع شركة (سبورت رادار) وهي أحد بيوت الخبرة العالمية المتخصصة في هذا المجال. وتم مؤخراً تمديد الاتفاقية مع (سبورت رادار) لتشمل مراقبة أكثر من 4500 مباراة في مختلف البطولات القارة والمحلية الآسيوية.
ويتسم البرنامج الانتخابي للشيخ سلمان لرئاسة الفيفا بالقوة والطموح والشامل الذي يأتي تحت شعار "كرة القدم العالمية... إعادة تعريف... إعادة هيكلة... وإعادة تنشيط"، وهو برنامج متكامل، يتضمن رؤية شاملة لمسيرة تحقق النقلة النوعية المطلوبة لبيت الكرة العالمية، عبر محاور متفرعة، تلتقي جميعا في هدف واحد، وهو التطوير الشامل للعبة، والنهوض بمختلف جوانبها، وإعادة الهيبة إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم، فضلا عن إعادة رسم صورة مغايرة لدور الفيفا، بما يسهم في استعادة السمعة الطيبة لهذا الكيان، عبر تعزيز مفهوم العمل "المؤسسي"، المبني على أفكار خلاقة، وإبداعية، ستجعل من كرة القدم، لعبة تمثل الشغف الحقيقي، كما هو حال عشاق الساحرة المستديرة في العالم أجمع.
وبحسب البرنامج، بات واضحا أن "تطوير رياضة كرة القدم سيكون أهم أولوياته كرئيس للفيفا، وذلك بالعمل على إدارة الفيفا كمنظمة مهنية تركز على تطوير رياضة كرة القدم والارتقاء بالاتحادات الوطنية، التي سيتم زيادة الاهتمام بها إلى حد أعمق".
وتبرز نقطة هامة ومحورية في تكامل البرنامج الانتخابي للشيخ سلمان بن إبراهيم، وتجسد مدى ما يتمتع به من شمولية، إذ يؤكد على "ضرورة العمل على تغيير البيئة السائدة في الفيفا من خلال ترسيخ قواعد الشفافية الأصيلة، واستنباط أفكار نوعية، واستقطاب دماء جديدة إلى الفيفا، وتعزيز الانفتاح على المقترحات الهادفة للتطوير، ولتحقيق ذلك سيتم العمل على إنشاء (مجلس المستشارين) الذي يختص بمناقشة جميع القرارات الهامة في الفيفا، إلى جانب الاستئناس بآراء مجتمع كرة القدم العالمية، وفتح المزيد من قنوات التواصل مع عشاق اللعبة من أجل مستقبل أفضل للمنظمة العالمية".
ومن برنامجه أيضًا الفصل بين الأنشطة الرياضية والتجارية، من خلال إنشاء قسم (الفيفا لكرة القدم) الذي يعمل على إدارة رياضة كرة القدم من وجهة النظر المهنية، وقسم (الفيفا لإدارة الأعمال) الذي يعنى بإدارة القضايا المالية والتجارية والتمويل. وذلك بما يعزز مبدأ الحوكمة في الفيفا والقضايا المالية التابعة لها".
إن معالي الشيخ سلمان بن إبراهيم هو قامة بحرينية تفتخر به المملكة ابنًا من أبنائها الأفذاذ الذين استطاعوا أن يسجلوا أسماءهم بأحرف من نور في قائمة المجد والفخر على المستوى العالمي. وإن ترشحه لمنصب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم هو من باب التكليف لا التشريف، حيث لم يقدم على هذه الخطوة، إلا بعد إلحاح لافت من جانب القيادات الرياضية العالمية، التي رأت فيه الشخص الأكثر أهلية للنهوض بالاتحاد الدولي لكرة القدم، حيث تنتظره مهمة إنقاذ اللعبة الشعبية الأولى في العالم وهو قادر على أدائها بكفاءة واقتدار تشهد بذلك نجاحاته السابقة وقدراته ومهاراته الإدارية وحكمته ودبلوماسيته ودماثة أخلاقه.