وكالات

المفوّض العام للأونروا: الحظر "يُمثّل سابقة خطرة" ويشكّل أحدث حلقة في "حملة مستمرّة لتشويه سمعة" الوكالة وهذا الإجراء "سيزيد معاناة الفلسطينيين"

حظر البرلمان الإسرائيلي، الاثنين، رسميا أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل، رغم معارضة الولايات المتحدة والأمم المتحدة، في خطوة تُشكّل سابقة تاريخيّة بعد أشهر من تصاعد التوتّر بين الوكالة وإسرائيل.

وقدّمت الأونروا على مدار أكثر من سبعة عقود مساعدات أساسية للفلسطينيين، وقد ندّدت بهذا الإجراء "الفاضح" في حقّها.

وقال فيليب لازاريني، المفوّض العام للأونروا، إنّ الحظر "يُمثّل سابقة خطرة" ويشكّل أحدث حلقة في "حملة مستمرّة لتشويه سمعة" الوكالة، معتبرا أنّ هذا الإجراء "سيزيد معاناة الفلسطينيين".

ودانت حركة حماس الاثنين إقرار البرلمان الإسرائيلي هذا التشريع، معتبرة أنّ ذلك يشكّل "جزءا من حرب الصهاينة وعدوانهم على شعبنا".

بدورها ندّدت حركة الجهاد، حليفة حماس، بـ"الإمعان في حرب الإبادة" ضد الفلسطينيين.

كما رفضت الرئاسة الفلسطينية التشريع الذي تبنّاه البرلمان الإسرائيلي. وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة "نرفض وندين التشريع الإسرائيلي بخصوص الأونروا".

وأقرّ النواب المشروع بغالبيّة 92 صوتا مقابل 10 أصوات معارضة، بعد سنوات من الانتقادات الإسرائيلية الحادة للأونروا والتي زادت منذ بدء الحرب في غزة.

كما أن ثمّة نصا ثانيا تمّ تبنّيه أيضا بغالبية كبيرة (89 مقابل 7) يحظّر على المسؤولين الإسرائيليين العمل مع الأونروا وموظفيها، ما من شأنه عرقلة أنشطتها إلى حد كبير. وسيدخل القانونان حيز التنفيذ بعد 90 يوما من إقرارهما، وفق الكنيست.

كارثةوقالت جولييت توما، المتحدثة باسم الأونروا، لوكالة فرانس برس إنه في حال تطبيق هذا الحظر "فسيكون الأمر كارثة، خصوصا بسبب تأثيره المحتمل على العمليات الإنسانية في غزة وفي مناطق عدة من الضفة الغربية".

وأضافت "الأونروا أكبر منظمة إنسانية في غزة وهي المسؤولة الأولى عن الاستجابة الإنسانية، ولا سيما ما يتعلق بالمأوى والغذاء والرعاية الصحية الأساسية".

إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إنّ إسرائيل التي تفرض رقابة صارمة على دخول شحنات الإعانات الدولية "مستعدّة" لإيصال مساعدات إنسانية للقطاع. وكتب على منصة إكس "نحن مستعدون للعمل مع شركائنا الدوليين لضمان استمرار إسرائيل في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بطريقة لا تهدد أمن إسرائيل".

وعبّرت الولايات المتحدة الاثنين عن "قلق عميق" بشأن التشريع. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر "أوضحنا لحكومة إسرائيل أننا نشعر بقلق عميق إزاء هذا التشريع"، مشددا على الدور "الحاسم" الذي تضطلع به الوكالة في توزيع المساعدات في غزة.

وأضاف "نواصل حض الحكومة الإسرائيلية على تعليق تنفيذ هذا التشريع، ونطلب منهم عدم تمريره إطلاقا، وسننظر في الخطوات التالية بناءً على ما سيحدث".

من جهته قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاثنين إن المملكة المتحدة "قلقة جدا" إزاء إقرار البرلمان الإسرائيلي هذا التشريع.

وحذّر ستارمر من أن هذا التشريع "قد يجعل مستحيلا عمل الأونروا الأساسي بالنسبة للفلسطينيين، ما يعرض للخطر الاستجابة الإنسانية الدولية بكاملها في غزة".

كما انتقدت الحكومة الألمانية "بشدّة" التشريع الذي أقرّه البرلمان الإسرائيلي.

من جانبها دانت كل من إيرلندا والنروج وسلوفينيا وإسبانيا في بيان مشترك الاثنين تصويت البرلمان الإسرائيلي.

وكتبت حكومات الدول الأوروبية الأربع التي اعترفت بدولة فلسطين "إن عمل الوكالة ضروري ولا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة لملايين الفلسطينيين، بخاصة في الوضع الحالي في غزة". واعتبرت هذه الدول أن التشريع الذي أقره البرلمان الإسرائيلي "يشكل سابقة خطرة جدا لعمل الأمم المتحدة".

وقال النائب يولي إدلشتاين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، بعد التصويت في الكنيست "من حق إسرائيل وواجبها، بوصفها دولة ذات سيادة ملتزمة ببقائها، أن تحارب ضد التهديدات".

وتصاعدت حدة الانتقادات الإسرائيلية للوكالة الأممية بشكل كبير منذ بدء الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حماس على إسرائيل.

في كانون الثاني/يناير، وجهت إسرائيل اتهامات لعشرات من موظفي الأونروا في قطاع غزة بضلوعهم في الهجوم.

ووجدت سلسلة من التحقيقات أن تسعة من موظفي الوكالة الأممية "ربما كانوا متورطين" في الهجوم، لكن دون العثور على أي دليل يؤكد المزاعم الإسرائيلية.

وسيستهدف التشريع عمليات الوكالات في القدس الشرقية ومن بينها التنظيف والتعليم والرعاية الصحية في أحياء بعينها.

وسيحرم التشريع أيضا العاملين في الوكالة من بعض المزايا الممنوحة للموظفين الدبلوماسيين بما في ذلك الإعفاءات الضريبية.

وقال النائب في الكنيست الإسرائيلي بوعز بيسموث الذي كان داعما لأحد التشريعات لوكالة فرانس برس "هناك فجوة كبيرة بين نظرة البعض في المجتمع الدولي إلى الأونروا ونظرة الناس في إسرائيل للوكالة".

ولطالما انتقدت إسرائيل الوكالة وعملها حتى قبل الهجوم.

خسائر فادحةواتهمت الأونروا وغيرها من المنظمات الإنسانية السلطات الإسرائيلية بتقييد تدفق المساعدات إلى قطاع غزة.

وتكبدت الأونروا خسائر فادحة حيث قتل ما لا يقل عن 223 من موظفيها وتضرر أو تم تدمير ثلثي مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.

تسبب هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بمقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، حسب إحصاء لفرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل رهائن ماتوا أو قتِلوا في الأسر في غزة.

ومن أصل 251 شخصا خطفوا خلال الهجوم، ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.

وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وعمليات برّية في قطاع غزة، تسببت بمقتل ما لا يقل عن 43020 فلسطينيا، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة التابعة لحماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة ذات صدقيّة.

في وقت سابق من العام الجاري، شهد تمويل الوكالة تراجعا بعد الاتهام الإسرائيلي الذي طال 13 ألف موظّف في قطاع غزة.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، انتقد بيان لوزراء خارجية دول غربيّة عدّة التشريع الإسرائيلي الذي يستهدف وكالة الأمم المتحدة.

وجاء في البيان "نحن وزراء خارجية كندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا واليابان وجمهورية كوريا والمملكة المتحدة، نعرب عن قلقنا البالغ إزاء التشريع الذي ينظر فيه الكنيست الإسرائيلي ويهدف إلى إلغاء امتيازات (الأونروا) وحصاناتها".

وتأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عام 1949 لدعم اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط.