أكد وزير الطاقة الدكتور عبد الحسين بن علي ميرزا أن إنشاء وتطوير المشروعات الاستراتيجية في مجال الطاقة يحظى بدعم القيادة الرشيدة ومساندة، ويمضي بخطى متسارعة لتأمين احتياجات البحرين الحالية والمستقبلية من مصادر الطاقة المختلفة، مشيرا إلى الخبرة المتراكمة والواسعة التي باتت تملكها المملكة للتعاطي مع تقلبات السوق العالمية للنفط.
وقال في حوار خاص لوكالة أنباء البحرين «بنا» إن البحرين تعمل بجد من أجل تنويع مصادر الطاقة لديها، بحيث لا تعتمد فقط على النفط ومشتقاته، وهناك مشروعات جديدة تستهدف إيجاد مصادر طاقة بديلة ونظيفة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، إضافة بالطبع لمشروعات التطوير الخاصة بقطاع النفط ذاته، والتي تستهدف بالتأكيد زيادة قيمته المضاعفة وجعله أكثر تنافسية بما يواكب التطورات الحاصلة في هذا القطاع على المستويين المحلي والعالمي،
وفيما يلي نص الحوار:
ـ كيف تنظرون لمستقبل الطاقة في البحرين؟
تحرص مملكة البحرين أن تحرز تقدما واضحا في مجال إنشاء وتطوير المشاريع الاستراتيجية والبنى التحتية وذلك لمقابلة النمو المطرد للطلب على الطاقة، حيث تقوم حاليا بتنفيذ مجموعة متنوعة من المشاريع بغية تعزيز وتنويع مصادر الطاقة وهذه المشاريع مضمونة في مبلغ الاستثمارات التي أعلن عنها مجلس التنمية الاقتصادية والذي تم تقديرها بمبلغ 32 مليار دولار مثل: مشروع تحديث مصفاة التكرير الذي سيزيد الطاقة التكريرية للمصفاة من 260 ألف برميل في اليوم إلى 360 ألف برميل، ومشروع خط أنابيب النفط الجديدة بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية والذي يبلغ طوله 115 كيلومترا، وكذلك مشروع إنشاء مرفأ البحرين للغاز الطبيعي المسال والذي تقدر القدرة الأولية له بحولي 400 مليون قدم مكعب والقابلة للوصول إلى 800 مليون قدم مكعب ويتوقع العمل به بحلول العام 2018.
وستتكامل هذه المشاريع الاستراتيجية ومشاريع محورية أخرى ينفذها القطاع النفطي، مع المشروعات التي تنفذها هيئة الكهرباء والماء من تطوير للبنى التحتية وتطوير شبكات الكهرباء لنقل 400 كيلو فولت، إضافة إلى تدشين مجموعة من المحطات الفرعية، وتأمين عملية الربط الكهربائي، والتي ستساهم جميعها وبشكل كبير في تأمين احتياجات المملكة من الطاقة.
وتؤكد هذه المشاريع وغيرها بوضوح أن المملكة في الاتجاه الصحيح لتأمين وتلبية احتياجاتها الحالية والمستقبلية من مصادر الطاقة آخذه في الاعتبار كل ما يحيط بها من عوامل ومؤثرات داخلية وخارجية.
ـ ما مدى استفادة المملكة من طاقة الرياح؟
شهدت صناعة الطاقة المتجددة خلال السنوات الأخيرة اهتماما ملحوظا، انعكس وبشكل جلي على المستوى الإقليمي والمحلي، لاسيما في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وفي البحرين التي تحظى بوفرة من الطاقة الشمسية تفوق 2000 kwh/m2/year والتي تصل فيها سرعة الرياح إلى 1300h/h، تعمل وحدة الطاقة المستدامة التابعة لوزارة الطاقة التي تم إنشاؤها بموافقة مجلس الوزراء الموقر وبالقرار الوزاري رقم 4/2238 في 22 ديسمبر 2013 مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على إعداد خطة وطنية للاستفادة من الطاقة المتجددة(National Renewable Energy Action Plan «NREAP») بالتزامن مع إعداد دراسة حول تطبيق التعرفة للتغذية (وهي التعرفة التي ستدفعها الحكومة لشراء الطاقة الشمسية من القطاع الخاص (Feed in Tariff «FiT») وذلك بهدف تعزيز استفادة المملكة من الطاقة المتجددة ومن ضمنها طاقة الرياح.
وسعت المملكة إلى رفع الوعي بضرورة الاستفادة من هذه المصادر المتجددة، حيث نفذت شركة نفط البحرين «بابكو» مشاريع مزدوجة لهذه المصادر مثل استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في منتزه الأميرة سبيكة، وكذلك في استراحة الدار. كما يتميز مركز البحرين التجاري العالمي بتصميم فريد من نوعه على مستوى العالم، حيث تم الربط بين برجي المركز بمراوح توليد الطاقة، حيث يتم توليد ما نسبته 13% من إجمالي الطاقة المستخدمة من طاقة الرياح، ومؤخرا تم التوقيع مع شركة ألمانية لإنتاج 3 ميغاوات من الطاقة الشمسية و2 ميغاوات من طاقة الرياح، وذلك من موقع قريب من محطة الدور.
ـ ما مدى التعاون بين قطاع الطاقة والمجلس الأعلى للبيئة؟
وفي مملكة البحرين تعد العلاقة بين الهيئة الوطنية للنفط والغاز والشركات التابعة لها والمجلس الأعلى للبيئة مميزة ومتطورة، حيث يشارك ممثلو الهيئات المعنية برسم سياسات المملكة المتعلقة بقضايا تغير المناخ (قضايا الخفض والتكيف) وذلك ضمن اللجنة الوطنية المشتركة لتغير المناخ، كما يساهمون في إعداد التقرير الوطني للمساهمات المحددة وطنيا (INDCs)، ويشاركون بفعالية في مؤتمر الأطراف المختلفة، وآخرها مؤتمر باريس الذي عقد خلال الفترة 30 نوفمبر – 12 ديسمبر 2015 والذي خرج ولأول مرة باتفاق عالمي إلزامي لجميع الدول سمي بـ «اتفاق باريس». كما يساهم ممثلو الهيئة الوطنية للنفط والغاز والشركات التابعة لها وهيئة الكهرباء والماء في مشروع تحديث المواصفات والمقاييس البيئية للمملكة الخاص بالمجلس الأعلى للبيئة.
وبالإضافة إلى التعاون والمشاركة المتبادلة في الفعاليات والأنشطة التي ينظمها الطرفان في مجال إدارة الطاقة وتغير المناخ والتكنولوجيا الخضراء، فإن قطاع الطاقة يحرص على حصول جميع مشاريعه ومن ضمنها مشاريع الطاقة على الموافقات البيئية المطلوبة.
وحرصت وحدة الطاقة المستدامة «SEU» على أن يكون للمجلس الأعلى للبيئة ممثل لها في لجنة إنشاء الوحدة بهدف الاستئناس برأي المجلس وإشراكه في كافة مشاريع الوحدة وسياسات الطاقة المستقبلية وخصوصا الخطة الوطنية لتحسين كفاءة الطاقة والخطة الوطنية للطاقة المتجددة ومشروع إعداد ملصقات كفاءة الطاقة.
ـ هل هناك تنسيق مع شركات أجنبية لعمل مسوحات واستكشافات جديدة للنفط والغاز؟
أبدت العديد من الشركات النفطية رغبتها في المشاركة في أعمال التنقيب عن النفط والغاز خلال العامين السابقين، وقامت الهيئة الوطنية للنفط والغاز بالتنسيق مع شركة «بابكو» بتقييم المناطق المغمورة بعد انتهاء عمل الشركات العالمية وهناك تنسيق مع شركات أجنبية جديدة لعمل مسوحات استعداداً لطرح القواطع مرة أخرى للاستكشاف.
وتقوم حالياً شركة «بابكو» بدعوة الشركات الأجنبية لزيارة غرفة المعلومات للاطلاع على هذه الفرص ومن ثم للمشاركة في المزايدة التي تنوي الهيئة طرحها في المستقبل، وذلك بالتنسيق الكامل مع مجلس المناقصات والمزايدات.
ـ كانت هناك أفكار عملية للبدء في الاستفادة من الطاقة الشمسية إلى أين وصلت؟
جميع الدول الآن متجهة لاستخدام الطاقة الشمسية، وأجمعت الدول في مؤتمر باريس حول تغير المناخ والذي حضرة أكثر من 195 رئيس دولة على استخدام الطاقة النظيفة التي لا تؤثر على البيئة وتقليل انبعاثات الطاقة الأحفورية والتي تترتب عن عمليات التنقيب، لأن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تقوم بتجديد نفسها تلقائياً، وهذه طاقات نظيفة لا تؤثر على البيئة، وفي المستقبل سوف يتم التركيز على الطاقة المتجددة. ونحن في البحرين أنشأنا وحدة للطاقة المتجددة والمحافظة عليها وتمت تسميتها بوحدة استدامة الطاقة وتتبع وزارة الطاقة، وهي وحدة وافق على تأسيسها مجلس الوزراء، ونحن نعمل الآن مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP والذي يمتلك خبراء في هذا المجال لإعداد خطة شاملة للمملكة حول كيفية ترشيد استهلاك الطاقة، والطاقة المتجددة، ووضع خطة شاملة لكيفية تشجيع الاستثمار بالنسبة للطاقة المتجددة والاستفادة من التقنية الحديثة.
ـ ما هي توقعاتكم لوضع الأسعار العالمية للنفط؟
مجريات التاريخ أثبتت بأن التكهن بأسعار النفط صعب جداً، هناك فقط تخمينات، وتغير أسعار النفط يعتمد على العرض والطلب، واليوم العرض أكثر من الطلب بحوالي مليوني برميل في اليوم، وهذا يؤدي إلى انخفاض الأسعار والسبب في ذلك أن الثورة التي حصلت في تقنية استخراج النفط الصخري في الولايات المتحدة أدت إلى زيادة إنتاج نوع جديد من الخام الذي لم يكن بالإمكان استخراجه في السابق، وهذا يعني أن هناك زيادة في العرض، بالإضافة إلى بعض الدول التي تزيد من إنتاجها داخل ((أوبك)) مثل العرق وإيران وخارج أوبك مثل روسيا، كل هذا يعني أن العرض أكثر من الطلب. وكذلك الانخفاض في الاستهلاك بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي في البلدان المستهلكة مثل الصين وغيرها.
والمعروف أن النفط الصخري الكثير منه غير مجدٍ، لأن كلفته أكثر من 60 دولاراً للبرميل، وبما أن سعر النفط التقليدي الآن أقل من 40 دولارا، لذلك نرى أن عدد الحفارات للنفط الصخري في تناقص، وإذا بقي الوضع على هذا الحال، سيقل المعروض وسيؤدي هذا إلى تعديل في الأسعار، أو اذا تم الاتفاق بين دول «أوبك» والدول المنتجة خارج أوبك لتخفيض الإنتاج.
ـ ما هي نسبة البحرنة في الشركات النفطية؟
تحظى البحرنة في الشركات النفطية باهتمام كبير حيث وصلت نسبتها في بعض الشركات التابعة للهيئة الوطنية للنفط والغاز 99%، كما هو حاصل في شركة البحرين لتزويد وقود الطائرات (بافكو). وبصورة عامة فإن نسبة البحرنة في الشركات النفطية تصل في المتوسط إلى 80% من إجمالي القوى العاملة، ففي شركة نفط البحرين (بابكو) تصل النسبة إلى 79%، وفي شركة الخليج لصناعة البتروكيماويات (جيبك) تصل النسبة إلى 83.4%، وفي شركة غاز البحرين الوطنية (بناغاز) تصل إلى 90%، وفي شركة تطوير للبترول تصل النسبة إلى 73%. وتعتبر نسبة المواطنين العاملين في الشركات النفطية في مملكة البحرين الأعلى مقارنةً مع نسبة المواطنين العاملين في الشركات النفطية الوطنية بدول مجلس التعــاون الخليجي.
ـ لأي مدى أثرت الأوضاع المالية في أسعار النفط على مستوى الاستثمارات النفطية؟
دون شك تؤثر الأسعار سلباً على الوضع العام ووضع السوق النفطية العالمية. أما فيما يخص الاستثمارات النفطية في مملكة البحرين، فإننا في الهيئة الوطنية للنفط والغاز وبتوجيه من القيادة الرشيدة وضمن خططها واستراتيجياتها، فإنها تسير حسب الخطة الموضوعة. وتم التوقيع على البدء في تنفيذ عدة مشاريع خلال العام المنصرم 2015 ومن ضمن هذه المشاريع: مشروع مرفأ البحرين للغاز الطبيعي المسال ومشروع تنفيذ خط أنابيب النفط الجديد بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية كما تم أيضاً إرسال خطابات الدعوة إلى الشركات العالمية للمشاركة في التنقيب عن الغاز العميق وتم التوقيع على مشروع توسعة الطاقة الاستيعابية لشركة بناغاز.
كما تم التوقيع على اتفاقية تزويد الغاز بين شركة نفط البحرين (بابكو) وشركة ألمنيوم البحرين (ألبا) حيث تعتبر هذه الاتفاقية الانطلاقة التاريخية للمشروعات التطويرية في شركة ألبا بإضافة خط إنتاجي سادس بالشركة، فضلاً عن مشاريع عديدة أخرى.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}