لم يعد خافياً على كل متابع للشأن الاقتصادي ما نراه اليوم من تحول نوعي على مستوى تركيز الحكومات والمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة تجاه المحاور المتصلة بالمستهلك ليس على الصعيد المحلي فحسب بل يتعداه إلى الصعيدين العربي والعالمي، فأصبحت كافة القضايا التي تؤثر في المستهلك وتؤثر عليه من أهم أولويات الدول وذلك لحماية اقتصادياتها ولتكريس الشفافية والعدالة باعتبارها من المؤشرات الهامة التي تجتذب كل متابع للشأن الاقتصادي وكذلك لحماية المستهلكين من الممارسات التجارية غير النزيهة وتحقيق أعلى مستويات الجودة في مختلف الخدمات المقدمة له ضمن مظلة الحقوق والواجبات التي كفلها القانون لكل من المزودين والمستهلكين على حدٍ سواء.

ولقد جاء اختيار الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لشعار "خليجنا واحد ومستهلكنا واحد" لهذا العام متزامناً مع مناسبة ذات أهمية بالغة تتمثل في اعتماد أصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون للقانون الخليجي الموحد لحماية المستهلك ليكون مظلة قانونية موحدة لجميع المواطنين والمقيمين في دول مجلس التعاون ضمن استراتيجية تحقيق سوق خليجية مشتركة واحدة والذي يهدف إلى تكريس ثقافة الحقوق والواجبات وخلق وعي إستهلاكي رشيد ومفاهيم جديدة وثقافة استهلاكية متزنة نسعى لإشاعتها ونشرها في المجتمعات الخليجية لتتناسب وحجم التحديات التي تواجهها المنطقة إضافة إلى توفير مستلزمات المستهلك الخليجي في سوق تنافسية شريفة تتصدى لصور الغش التجاري والاحتكار والتواطؤ وتعمل على توفير السلع والخدمات بجودة عالية وبأسعار تنافسية مناسبة تراعي المستهلكين وتوفر له ما يحتاجه من سلع ومن بدائل مناسبة له، وتحقق للتاجر الربح المعقول والعائد المجزي لاستثماراته بما يضمن استدامتها وتطورها خدمة للاقتصاد الكلي ، وذلك صونًا لحقوق كافة أطراف العملية الإنتاجية من منتجين وموزودين ومستهلكين وموزعين ومستوردين ومصدّرين وعموم البيئة الاقتصادية.

إن تبني دول الخليج لشعار يعني بتعزيز وعي المستهلك الخليجي وتكريس حقوقه لهو إشارة من ضمن إشارات عدة بدأت تأتي ثمارها مؤخراً لتؤكد العمل الخليجي المشترك الجاد لتطوير مستوى التشريع الخليجي الموحد للقوانين المتصلة بحماية المستهلك والاستفادة من التجارب الإقليمية والعالمية ووفقاً لمواثيق الأمم المتحدة لعام 1985بشأن حقوق المستهلك الثمانية، لذا فإنه من المؤمل أن يعالج القانون الموحّد المشاكل التي تبرز في الأسواق الخليجية بحيث يكفل لكل من المستهلكين والقطاع التجاري على حدٍ سواء حقوقهم المشروعة ضمن مواد وبنود واضحة تضمن وجود علاقة شفافة وعادلة ومتوازنة تراعي حقوق ومصالح الجميع.

ولقد سعينا في وزارة الصناعة والتجارة بمملكة البحرين إلى تأصيل حقوق حماية المستهلك وتعريفه بواجباته خلال العام الماضي من خلال تبني عدد من المبادرات والسبل لتوعية المستهلك وتثقيفه بالحقوق والواجبات إلى جانب رقابة الأسواق بكفاءة أعلى والتأكد من خلوها من الممارسات التجارية غير النزيهة، والتنسيق مع الأشقاء في دول مجلس التعاون لإقرار حزم تشريعية أخرى مهمة مساندة كقانون الغش التجاري وقانون المنافسة وغيرها والتي ستشكل قواعد ثابتة لتنظيم العلاقة ما بين القطاع التجاري وقطاع المستهلكين.

وعلى المستوى المحلي، وخلال العام الماضي استطاعت إدارة حماية المستهلك أن تسهم في حل 96% من الشكاوى الواردة إليها بالطرق الودية حيث بلغ إجمالي عدد الشكاوى الواردة لإدارة حماية المستهلك 675 شكوى خلال عام 2015، و ساهمت إدارة حماية المستهلك في تحصيل مبلغ مالي بلغ قدره 26309.5 دينار بحريني لصالح المستهلكين من أصحاب الشكاوى نظير استرداد ثمن السلع، في حين تُقدر إجمالي قيمة السلع المستبدلة بـ 61818.290 دينار بحريني، علماً بان 80.6 % من الشكاوى المستلمة قد تم الانتهاء منها في فترة لا تتجاوز 15 يوم. إلى جانب ذلك، قامت إدارة حماية المستهلك خلال العام الماضي بإصدار 2592 ترخيص لإقامة تخفيضات تجارية و إصدار 1252 ترخيص لإقامة حملات ترويجية وقامت الإدارة بالإشراف على عدد 614 سحب لجوائز تلك الحملات الترويجية والتأكد من استلام أصحابها لها.

في الوقت نفسه، استمرت فيه أعمال الرقابة على الأسواق للتأكد من خلوها من أية ممارسات ضارة تؤثر على ظروف السوق وتنافسيته حيث قامت الإدارة بعمل 10 مسوحات ميدانية خلال العام 2015 وبلغ عدد الزيارات التفتيشية التي تمت 1780 زيارة تفتيشية وبلغ عدد المخالفات التي تم رصدها 211 مخالفة تم اتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة بشأنها. وشملت المسوحات الميدانية عدداً من المواضيع كالتحقق من البيع بالأسعار المعلنة ومطابقة السعر على الرف للسعر في نقطة البيع "الكاشير" إلى جانب التحقق من جدية التخفيضات والحملات الترويجية التي يتم الترخيص لها وكذلك الرقابة على السلع المدعومة والتحقق من أوزان وأطوال ومقاييس السلع كما وردت في البطاقة الإعلامية للمنتج .

وقد واجهت الوزارة خلال العام 2015 عدداً من التحديات التي شكلت عبئاً على المستهلكين وانتهاكاً لحقوقهم فقامت الوزارة باتخاذ ما يستوجبه الدور المنوط بها من حماية للمستهلكين ومن ضرورة لإعادة التوازن في السوق، ومثال ذلك ما قامت به الوزارة من مباشرتها لإصدار القرار الوزاري رقم "2" لسنة 2015 بحظر الإعلان عن المنتجات بأسلوب التسويق الشبكي أو الهرمي وكذلك حين قامت بعض المطاعم باستغلال قرار إعادة توجيه الدعم للحوم بصرف تعويض نقدي للمواطنين برفع أسعار الوجبات فكانت للوزارة وقفات صارمة حيالها.

وفي جانب برامج التوعية الموجهة للمستهلكين، فلقد حرصت الوزارة على تفعيل تواصلها مع الجمهور من خلال كافة وسائل الإعلام من تلفزيون وإذاعة وصحافة، ، وعلى مستوى وسائل التواصل الاجتماعي فقد كان العام 2015 هو نقطة جديدة لتفعيل تواصل الوزارة بمختلف إداراتها مع الجمهور وذلك لإيماننا بأن وسائل التواصل الاجتماعي اليوم أصبحت من أبرز الأدوات التي تساهم في بلورة الوعي بثقافة الحقوق والواجبات ولذلك اعتمدتها الوزارة ضمن وسائل تواصلها الأساسية مع الجمهور من خلال منصاتها الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي @Moic_bahrain في أبرز تلك المواقع كالانستغرام وتويتر والفيسبوك. حيث أثبت واقع التجربة أن منصات الوزارة في تلك المواقع وما يمكن تقديمه من إرشادات توعوية تشمل جميع المجالات المتصلة بالمستهلك من شؤون قانونية ومفاهيم وسلوكيات استهلاكية تتضمن تفاعلاً جيداً، وفرصة للتواصل مع المستهلكين بحوارات مباشرة، وتوفر من المساحة لفهم سلوكيات المستهلكين وآرائهم حول مواضيع معينة تخص المستهلك من خلال استطلاع آرائهم بشأنها بالإضافة إلى تقديم الاستشارات القانونية العامة والخاصة، فضلاً عن قيام الوزارة خلال العام الماضي بتدشين مركز اتصال حماية المستهلك والذي يعمل على مدار الساعة على هاتف رقم 17007003 بشراكة مع شركة صلة الخليج والحكومة الإلكترونية.

ختاماً، فإن وزارة الصناعة والتجارة وبرغم كل التحديات التي تواجهها لا زالت على حرصها في تكريس مبادئ الاقتصاد الحر وحرية الأسواق والمنافسة فيها خدمةً للاقتصاد بكافة عناصره من مزودين ومقدمي خدمة ومنتجين ومستهلكين، من خلال توفير مستلزمات المستهلك في سوق تنافسية شريفة تتصدى لصور الغش التجاري والاحتكار والتواطؤ وتعمل على توفير السلع والخدمات بجودة عالية وبأسعار تنافسية مناسبة تراعي المستهلكين وتوفر له ما يحتاجه من سلع ومن بدائل مناسبة لها، وتحقق للتاجر أيضاً الربح المعقول والعائد المجزي لاستثماراته بما يضمن استدامتها وتطورها خدمة للاقتصاد الكلي ، وذلك صونًا لحقوق كافة أطراف العملية الإنتاجية من منتجين ومزودين ومستهلكين وموزعين ومستوردين ومصدّرين وعموم البيئة الاقتصادية.