تصدرت البحرين المرتبة الأولى في العالم كأفضل بلد يحبذ الأجانب العيش فيها، حسب المسح الذي قام به بنك هونج كونغ وشنغهاي HSBC.
وصوت 66% من الأجانب الذين شملهم المسح أنهم سعداء للغاية بالعيش في البحرين، وأرجعوا ذلك لعدة أسباب رئيسية، أبرزها أن المملكة بلد منفتح، وأن الشعب البحريني متواضع، وأنه يسهل التعامل في أوساطهم وتكوين الصداقات معهم. وتمثل البحرين، أكثر دول العالم جذباً للجنسيات الأخرى للسكن والعيش فيها، ولعل من بين الأسباب التي تفسر ذلك، ومثلما يوضح المسح المذكور آنفاً، إضافة لما ورد سلفاً، بيئتها الجاذبة للأعمال، وحب المجتمع للغير، وتعايش الناس في أجواء من الأمن والتسامح والثقة والطمأنينة التي تجعل من المملكة حاضنة للكافة وبوتقة ينصهر فيها الجميع الذين يعتبرون موضع ترحيب من أهلها الكرام. بيد أن انفتاح المجتمع البحريني على الثقافات والقيم الأخرى، جعل من كل صاحب رأي وتوجه وثقافة مختلفة ترك وطنه وبلاد أخرى مفضلاً العيش بالبحرين، وهو أحد أهم أسباب تفضيل الأجانب أن يقطنوا في المملكة، وربما ذلك يفسر الرغبة العارمة لكثير من المقيمين في المملكة وذويهم الانتقال للعيش في البحرين لما تتمتع به من انفتاح وتقبل كبير لقيم التسامح والتعايش بين أصحاب الديانات والثقافات والأعراق والآراء والأفكار والمواقف المختلفة. وقيمة الانفتاح في البحرين قيمة أصيلة من قيم أهل البحرين الكرام، وتعد سمة رئيسة فيهم، وترسخت عبر السنين والقرون، حيث تعد قيمة أخلاقية وإنسانية قديمة وذات جذور تاريخية عميقة، وتمتد لآلاف السنين من عمر البحرينيين الذين عاشوا في المملكة منذ القدم، وهو ما تشهد به مراحل التطور التي مرت بها البحرين منذ ما قبل الاستقلال وحتى اللحظة التي يجسد فيها المجتمع حقيقة التلاحم بين أبناء الإنسانية كافة. وتدعمت قيمة الانفتاح هذه مع التوجهات السديدة لقادة المملكة بالتحول لقلب المنطقة النابض والرغبة في أن تكون مركزاً إقليمياً في كافة قطاعات المال والأعمال والمجالات الاقتصادية منها والتجارية والسياحية، والذي استدعى وتطلب التعامل وبقلب كبير مع الغير، وفتح أبواب المملكة على مصراعيها لاستقبال الوفادات القادمة من هنا وهناك. وربما ذلك يوضح عدة حقائق مهمة، الأولى: الأمن الذي تنعم به المملكة والثقة في الأجواء المستقرة التي تنتشر في ربوعها، ثانيها: حجم زوار المملكة والذي يتجاوز العشرة ملايين سنوياً، والثالثة: حجم العمالة الأجنبية والمقيمين بها من ذوي أسر العاملين والذين يمكن أن تراهم جنباً بجنب المواطنين البحرينيين في كل مكان، ويتجاوز عددهم النصف مليون نسمة، والذين لا يشعرون بأي تمييز تجاههم سواء في السكن أو العمل أو التسوق أو العيش أو تلقي الخدمات الصحية والتعليمية والحياة عموماً. ويعني ذلك في الحقيقة أن البحرين تتمتع بكونها أكثر ثقافة مجتمعية في المنطقة والعالم استقطاباً للناس من مختلف الاتجاهات والمشارب، والدليل على ذلك أن المنتمين للأديان والثقافات المختلفة الذين يعيشون بكنف البحرينيين لم يبدوا أية شكوى من جراء تعامل المواطنين معهم، مثلما تظهر نزعات التمييز والعنصرية في دول أخرى تجاه ثقافات أو شعوب بعينها.
وهو الأمر ذاته بالنسبة للبيئة الاقتصادية المستقرة ومجتمع الأعمال البحريني المحفز والمشجع، والذي يتيح لأصحاب المشروعات ورواد المال والأعمال بالعمل فرادى أو بالتعاون مع نظرائهم من البحرينيين للاستثمار والتنقل والعمل ونقل الأرباح والتحرك بسهولة داخل المملكة، وهو ما يعكس الشعور الكبير بالرضا ويجعلهم مطمئنين للعيش بالمملكة والانتقال إليها.
كذلك الحال بالنسبة لعامل التواضع الذي يتمتع به شعب البحرين، باعتباره من أسباب تفضيل الأجنبي للعيش في المملكة حسب المسح المذكور، وهو عامل لا يقيس فحسب البنية الثقافية المنفتحة للمجتمع، ولا حتى بيئة المصالح المشتركة لرؤوس المال والعمال الذين يجدون لهم متنفساً بين أبناء هذا الوطن الكريم، والثقة في بنيتها القانونية والاقتصادية والتنظيمية، مثلما أشير سلفاً، وإنما يقيس أيضاً حقيقة وجوهر وقيمة الإنسان البحريني الذي استطاع على مر الزمان أن يوجد ويعزز من روابط الأخوة الإنسانية بينه وبين غيره من أصحاب الثقافات الوافدة إلى المملكة. يذكر أن البحرين كانت قد تصدرت في تقرير سابق صدر سبتمبر 2015، وأجري على 21950 مقيماً أجنبياً، الدول الخليجية والعربية في مؤشرين يعكسان طبيعة التواضع لأهل هذا الشعب الكريم، وهما أفضل نمط حياة وأفضل بيئة عائلية، وهما المؤشران اللذان يؤكدان طبيعة المجتمع البحريني السهل، وإمكانية الانخراط فيه بيسر دون أية عقبات أو عراقيل، فضلاً بالطبع عن التعايش وسط أهله المتسامحين، والتحرك على سلم الارتقاء الاجتماعي ومن ثم تحسين مستوى حياتهم بالمقارنة بالدول التي وفدوا منها. ويجيء العامل الثالث الذي يفسر رغبة المقيمين الأجانب تفضيل العيش في البحرين، وهو عامل تكوين الصداقات ليفسر كثيراً من نتائج المسوح والاستطلاعات التي تجرى على عينات من المقيمين في المملكة، والذين يتفاوتون في أعدادهم وانتماءاتهم لأديان وجنسيات وأعراق مختلفة، ويؤكدون جميعاً أنهم وأطفالهم يستطيعون تكوين صداقات، فضلاً عن العيش والتنقل والتعامل مع أقرانهم من البحرينيين وغيرهم دون أية مشكلات، بل ويفضلون البحرين عن أوطانهم في هذا العامل تحديداً. وتكوين الصداقات أمر مهم ورئيس للمجتمعات الوافدة خصوصاً، إذ يشعرهم ذلك بأنهم في وطنهم الثاني، وأنه لا يوجد فرق كبير بين بلادهم التي وفدوا منها والبحرين التي انتقلوا إليها ويعيشون فيها، وأنهم يستطيعون ممارسة حياتهم الطبيعية من زيارات ومجاملات ومسامرة الآخرين والحكي معهم، ليس فقط في أماكن التجمع المعروفة من مجمعات تجارية ومطاعم ومقاه وما إلى ذلك، وإنما حتى من خلال التجاور في السكن وأماكن العمل ووسائل الانتقال وغير ذلك الكثير.