إيهاب أحمد
تراجعت لجنة الخدمات النيابية عن رأيها بالموافقة على 3 مشاريع قانون لزيادة المعاشات لتتوافق مع رأي الشورى الرافض للمشاريع.
وأوصت اللجنة برفض مشروع قانون زيادة أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم الخاضعين لأحكام القانون رقم (13) لسنة 1975 بشأن تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة ومشروع قانون زيادة أصحاب المعاشات والمستحقين عنهم الخاضعين لأحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976 ومشروع قانون زيادة لأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم الخاضعين لأحكام قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لضباط وأفراد قوة دفاع البحرين والأمن العام الصادر بالمرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1976(المعدة في ضوء الاقتراحات بقانون المقدمة من مجلس النواب) وتتألف مشاريع القانون التي أقرت من النواب قبل إحالته إلى الشورى من أربع مواد، تنص أولاها على زيادة المعاشات المستحقة طبقاً لقانون التأمين الاجتماعي رقم (24) لسنة 1976 بنسبة (7%) من المعاش الشهري، وتقضي الثانية منهم على عدم سريان هذه الزيادة على معاش العجز الإصابي الذي لم يؤدِّ إلى إنهاء الخدمة، وتتضمّن المادة الثالثة ألا يترتب على هذه الزيادة أي مساس بأية زيادة سنوية أخرى، أما المادة الرابعة فهي مادة تنفيذية.
من جانبها طالبت الحكومة من السلطة التشريعية إعادة النظر في المشروع وأبدت الملاحظات الآتية:
أ- إن الحكومة تسير وفق سياسة تشريعية انتهجها المشرّع البحريني بالنسبة لزيادة معاشات المتقاعدين في القطاع الحكومي تضمنتها المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 1975 وتعديلاته الواردة في المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1981 والمرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1982، مؤداها أنه أجاز لمجلس الوزراء - بناءً على اقتراح وزير المالية - زيادة المعاشات المستحقة والتي تستحق، ورفع الحد الأدنى والأقصى لهذه المعاشات على ضوء الأرقام القياسية لنفقات المعيشة بالنسبة التي يحددها، وهذه المنهج يتسم بالمرونة ومواكبة الظروف والأحوال المعيشية للمتقاعدين.
ب- إن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي تضيف زيادة سنوية مقدارها (3%) على المعاشات التقاعدية منذ عام 1996، وهذه الزيادة وفقاً للسياسة التشريعية تحقق الغاية التي يسعى مشروع القانون إلى تحقيقها.
ج- إن المشروع بقانون يشوبه الغموض، إذ إنه لايوضح ما إذا كانت هذه الزيادة تقتصر على المتقاعدين المدنيين الحاليين أم ستشمل أصحاب المعاشات التقاعدية المستقبلية، كما أنه لم يحدد بشكل واضح ودقيق طبيعة هذه الزيادة فيما إذا كانت ثابتة أو لمرة واحدة فقط.
د- أثبتت الدراسة من الناحية المالية بما يعني صعوبة تطبيق هذا المشروع بقانون؛ وذلك لتأثيره البالغ على المركز المالي للهيئة، ليس في الوقت الحالي فقط بل على مدى السنوات القادمة؛ للأسباب التالية:
1.إن الزيادة السنوية (3%) سوف تحتسب بعد الزيادة المقترحة (7%) وسوف تظل الزيادة السنوية مستمرة ومحسوبة على إجمالي المعاشات بعد الزيادة المقترحة، الأمر الذي سوف يؤدي إلى استمرار تأثير هذا المقترح لسنوات عديدة على المركز المالي للهيئة.
2.إن نسبة التمويل الحالية للمتقاعد الواحد وفقاً للدراسات المالية بالهيئة تصل إلى 1:3، أي أن كل ثلاثة مشتركين يمولون معاش متقاعد واحد، وإذا ما تم تطبيق هذا المقترح فإن هذه النسبة سترتفع إلى 1:4 في السنة الأولى للتطبيق فقط، مما سيزيد من العجز الاكتواري للصندوق.
3.إن تكلفة المقترح تصل في المتوسط إلى 5 ملايين دينار سنوياً، علماً بأن هذه التكلفة تزيد بمعدل ثابت 4% سنوياً الأمر الذي لا تقبل به الهيئة على الإطلاق.
4.ترى الهيئة أن تطبيق هذا المقترح سيؤدي إلى تسارع وتيرة المصروفات التقاعدية بشكل كبير جداً، وستتضاعف الفجوة بين المصروفات التقاعدية وإيرادات الاشتراكات من 5% إلى 7% خلال خمس سنوات فقط.
5.حذر الخبير الاكتواري خلال الدراسات الاكتوارية التي أجرتها الهيئة منذ خمس السنوات الماضية من خطورة الزيادة السنوية الحالية (3%) في المعاشات التقاعدية، وقد أوصى بإيقافها أو إعادة صرفها بطريقة لا تؤثر على المركز المالي للهيئة بالقدر الكبير الذي تؤثر به حالياً، وبالتالي فإن الأحكام التي جاءت في مشروع القانون تتناقض مع ما جاء في توصيات الدراسات الاكتوارية للهيئة.
6.إن الهيئة ترى أنه لا يوجد سبب أو مبرر لمثل هذه الزيادة العمومية على معاشات أصحاب التقاعد المدنيّين في ظل وجود الزيادة السنوية (3%) على المعاشات التقاعدية، كما أن مشروع القانون لم يحدد مصدر تمويل هذه الزيادة.
من جانبها تحفظت الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي على مشاريع القوانين؛ وذلك للأسباب التالية:
أ- أهمية تحديد مصدر التمويل اللازم لتغطية التكاليف المتوقعة للزيادة المقترحة في المعاشات المصروفة وفقاً لأحكام القانون رقم (13) لسنة 1975، حيث إن المشروع بقانون يخلو من ذلك.
ب- إن أهداف المشروع بقانون متحققة على أرض الواقع عن طريق التوافق مسبقاً بين السلطة التشريعية والحكومة الموقرة بإقرار التشريعات التي أسهمت في رفع مستوى المعاشات التقاعدية منذ تقديم المشروع بقانون في سنة 2007 لغاية اليوم وذلك على النحو التالي:
- تقرير مكافأة نقدية لأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم بواقع (500) دينار لمرة واحدة بموجب القرار رقم (4) لسنة 2010.
- صرف مكافأة بواقع (360) ديناراً لكل متقاعد أو مستحق يقل معاشه عن (700) دينار في سنة 2015.
- صدور القانون رقم (25) لسنة 2011 بشأن رفع الحد الأدنى لمعاشات الخاضعين لأحكام القانون رقم (13) لسنة 1975 بشأن تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة، وقد تضمن القانون حكماً يفيد بتحمل الموازنة العامة للدولة التكاليف المالية المترتبة على تنفيذه.
- يتم صرف علاوة تحسين المعيشة للمتقاعدين ويحسب مقدار العلاوة حسب فئات المعاشات كالتالي:
• (150) ديناراً لمن يستحق معاشاً تقاعدياً قدره (700) دينار أو أقل.
• (125) ديناراً لمن تزيد معاشاتهم التقاعدية عن (700) دينار.
• (75) ديناراً لمن تزيد معاشاتهم التقاعدية عن (1500) دينار.
بما مؤداه بأن هذه العلاوة تشكل زيادة في معاشات المتقاعدين تفوق الزيادة المقترحة في المشروع بقانون محل الدراسة، فضلاً عن أن هذه العلاوة كلفت الميزانية العامة للدولة في سنة 2015 ما يقارب (80) مليون دينار.
من جنبه أبدى الخبير في شؤون التقاعد جعفر عبدالحسين سبت في دراسته الملاحظات التالية:
أ . إن منهج الحكومة المتسم بالمرونة في ضوء تطبيق المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 1975م وتعديلاتها، يقضي بأن يكون مرناً هذه المرة أيضاً لينتج عن مرسوم آخر يضيف زيادة رقمية إلى المعاشات التقاعدية لأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم تمشياً مع الوضع المعيشي لهذه الفئات، خصوصاً وأن الفئة العظمى منهم لم يستفيدوا من الزيادات المتعاقبة للحدّ الأدنى للمعاش التقاعديّ.
ب- إن إضافة زيادة سنوية نسبتها (3%) على المعاشات التقاعدية منذ عام 1996م لا يتعدى كونه واجباً وروتيناً لا يفي بأدنى احتياجات المتقاعد أو صاحب المعاش أو المستحقين عنه إزاء ارتفاع الأسعار الجنوني، وهذا ما تؤيده حقائق متعددة.
ج. القول بأن الوضع المالي للهيئة لا يسمح بمنح هذه الزيادة أو تحسين أوضاع المتقاعدين أو أصحاب المعاشات هو قولٌ مردودٌ عليه من الناحية العملية وكذلك النظرية، للأسباب التالية:
- إن حجم الاشتراكات بالهيئة ازداد بصورة ملحوظة من 78.2 مليون دينار سنوياً إلى 84.6 مليون دينار في عامي 2005 و 2006 على التوالي، كما أن صافي فائض عام 2006 المحوّل إلى حقوق المشتركين قد زاد بنسبة 39.5% تقريباً؛ وذلك بفعل زيادة الاشتراكات، وإضافة العلاوة الاجتماعية إلى وعاء الاشتراك، والزيادات العامة المتتالية، وإضافة درجات إلى الكوادر التنفيذية والمتخصصة، وبفعل الترقيات ومنح الحوافز.
- استقرار حجم المصروفات خلال السنوات الأخيرة، بانقطاع التقاعد المبكر المتمثل في الخصخصة وإلغاء الوظائف والفصل بغير الطريق التأديبي، والفصل بالطريق التأديبي لمن خدم 15 سنة، في مقابل زيادة حجم الاشتراكات خاصة خلال العامين 2006 و 2007م.
- تفعيل وتنشيط عمليات استثمار احتياطيات الهيئة بالصورة التي يجب ألا يقل فيها متوسط العائد عن 15-18%.
د. بخصوص القول بأن مشروع قانون زيادة معاشات أصحاب المعاشات يشوبه الغموض، فإننا نرى عكس ذلك لكونه واضحاً وصريحاً.
ه. إن المركز المالي للهيئة سوف لن يتأثر بنتائج هذا المشروع في الوقت الحالي ولا حتى في المستقبل نظراً لتنامي حجم الاشتراكات التقاعدية سنوياً بفعل الزيادة السنوية وبفعل الزيادات العمومية والترقيات والحوافز، وقد آن الأوان لاستصدار الأداء التشريعية اللازمة لزيادة المعاشات التقاعدية.
و. بخصوص ما ورد من احتمال ارتفاع نسبة التمويل الحالية من 3:1 إلى 4:1، فإن ذلك يحتاج إلى إثبات رقمي؛ لأن الدراسات التي يشير إليها تقرير الحكومة كانت مبنية على رواتب سبقت الزيادات العمومية لمختلف الكوادر الوظيفية، كما سبقت استحداث العديد من الدرجات التنفيذية وغيرها على الكادر الوظيفي.
ز.بخصوص التكلفة المترتبة على هذا المشروع والتي تقدّر بـ( 5 ) ملايين دينار سنوياً، فإن هذا يعتبر من البديهيات عند وضع الخطط أو تصميم الاستراتيجيات للقائمين على إدارة الهيئة؛ ويمكن للإداريين في الهيئة تبنّي طرق متعددة للتعويض، من أهمها العمل على تفعيل وتنشيط جهاز الاستثمار بالطرق التي تؤدي به إلى إنتاج عائد يتجاوز حجم الاشتراكات خاصة وأن وجود ما يزيد على 1.5 مليار دينار تستثمر في محافظ الهيئة الاستثمارية هو من العوامل التي تجعل الهيئة تنظر إلى تكلفة الزيادة المطلوبة بالأمر المسلم به.
ج- فيما يخصّ الدراسات التي أعدها الخبير الاكتواري، فإننا ومن منطلق العمل جنباً إلى جنب مع عدد من الخبراء الاكتواريين، قدا اكتشفنا أن هذه الدراسات تأتي في مجملها تشاؤمية، وقد تنحرف عن الحقيقة أحياناً. ومن جانب آخر فقد أشارت هذه الدراسات إلى مخاطر أخرى بخلاف حجم المصروفات التأمينية والزيادة السنوية، كما أوصت بأمور من ضمنها تنشيط عملية استثمار احتياطات الصندوق من خلال البحث عن القنوات الاستثمارية المربحة، واستحداث وتصميم المحافظ بغرض تنويع العوائد، وبتنمية كوادر بشرية متعددة المعارف والمهارات في سوق العمل، فلماذا التركيز على ما جاء من توصيات تتعلق بتقليص المزايا بدلاً من توسيعها في ظل جنون الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة؟
ط. الحكومة ممثلة في إدارة الهيئة هي المسؤول الأول عن إيجاد مصادر التمويل لكافة المصاريف التأمينية، وبيدها في أي وقت تشاء أن تزيد المعاشات التقاعدية بقرار يصدر عن سمو رئيس مجلس الوزراء .
ي. يجب أن تضع الحكومة ممثلة أيضاً في إدارة الهيئة في الحسبان ضرورة ربط الزيادات العمومية لفئات موظفيها بزيادة أخرى للمتقاعدين لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة وحجم التضخم الذي يشمل جميع فئات المجتمع، وعلى الهيئة قياس مستوى التضخم والمبادرة برفع تقارير بذلك إلى الحكومة الموقرة مشتملة على ما تراه مناسباً من مصادر تمويل.
ك. مما يثير العجب والدهشة هو ما جاء في تقرير الحكومة من أن الهيئة ترى أنه لا يوجد سبب أو مبرر لمشروع الزيادة المقترحة، وتطالب النواب بإيجاد مصدر تمويل (انظر قائمة بارتفاع أسعار أهم السلع والخدمات في السوق المحلية).
وأوصى سبت في ختام رأيه بالتوصيات التالية:
أ. السعي باتجاه رفع معاشات المتقاعدين وأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم، لغرض امتصاص الزيادة الجنونية في الأسعار، والتي نتج عنها تقلص القوة الشرائية للمعاش التقاعدي.
ب. أن تكون هناك دراسة دورية من قبل الحكومة ممثلة في إدارة الهيئة لمستويات التضخم تبعاً لزيادة الأسعار وارتفاع مستوى التضخم.
ج. أن تُربط زيادات المعاشات التقاعدية بالزيادات العامة التي تمنحها الحكومة لموظفيها.
د. أن تتوقع الحكومة ممثلة في إدارة الهيئة مطالبة النواب بمثل هذه الزيادات بين الحين والآخر، وأن تعمل جاهدة على تدبير التمويل المالي اللازم.