قال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية خالد الرميحي، إن البحرين تركز على نقاط القوة الأساسية التي ساعدت على دفع عملية التنويع الاقتصادي إلى الأمام على مدى العقود القليلة الماضية، فالبحرين تمتلك قوى عاملة تمتلك الدافعية والتعليم الجيد وعلاقات تواصل قوية مع بقية دول المنطقة وبيئة أعمال تساعد القطاع الخاص على الازدهار.
وأضاف في لقاء مع مؤتمرات يوروموني: «بإمكاننا رؤية فوائد وانعكاس هذه الميزات على قطاع الخدمات المالية، حيث نعد الرواد في عدة مجالات مثل التمويل الإسلامي ناهيك عن الفرص القوية التي توفرها البلاد على المستوى الإقليمي في القطاعات المالية الفرعية التي تستفيد من مستوى التكاليف المنخفض لدينا. وفيما يلي نص اللقاء:
يوروموني: كيف تصف استراتيجية البحرين تجاه قطاع الخدمات المالية، لا سيما في ضوء التحديات الاقتصادية التي تواجه المنطقة؟
الرميحي: من الواضح أن هذه الفترة تشهد العديد من التحديات كما يدلل على ذلك قيام وكالات التصنيف بخفض التصنيفات على مستوى المنطقة، إذ يرتبط ذلك بانخفاض أسعار النفط، إلا أن حكومات دول المنطقة تعمل جاهدة على اتخاذ خطوات معقولة للمساعدة في معالجة التحديات الأكبر ومن ضمنها السعي نحو تسريع جهود التنويع الاقتصادي والاستمرار في الاستثمار في البنية التحتية الأساسية وتنظيم الإنفاق الحكومي وإعادة توجيهه.
وتعمل الحكومة في البحرين على تنفيذ برنامج شامل للإصلاحات الاقتصادية والمالية الهيكلية لتعزيز التنمية طويلة الأمد في البلاد وتحقيق ميزانية متوازنة خلال ثلاث دورات للميزانية. وفي هذا الخصوص، أشارت مؤسسة ستاندرد آند بورز الشهر الماضي إلى «أن الحكومة تحقق تقدماً في خطة تعزيز الاقتصاد ورفع أسعار المحروقات وتسريع الزيادات على الرسوم المفروضة على التبغ والكحول وخفض التكاليف على مستوى الوزارات».
ومن وجهة نظر الاستثمار الاقتصادي فإننا نواصل التركيز على نقاط القوة الأساسية لدينا والتي ساعدت على دفع عملية التنويع الاقتصادي إلى الأمام على مدى العقود القليلة الماضية، فلدينا قوى عاملة تمتلك الدافعية والتعليم الجيد وعلاقات تواصل قوية مع بقية دول المنطقة وبيئة أعمال تساعد القطاع الخاص على الازدهار.
كما إن بإمكاننا رؤية فوائد وانعكاس هذه الميزات على قطاع الخدمات المالية، حيث نعد الرواد في عدة مجالات مثل التمويل الإسلامي ناهيك عن الفرص القوية التي توفرها البلاد على المستوى الإقليمي في القطاعات المالية الفرعية التي تستفيد من مستوى التكاليف المنخفض لدينا، كما يبرهن على ذلك تأكيد مؤسسة «كي بي أم جي» أن البحرين تتميز بأن تكلفة الاستثمار في قطاع الخدمات المالية فيها هي الأقل في المنطقة، تمتلك البحرين مواهب محلية كبيرة في مجالات عدة مثل قطاع الخدمات المكملة وإدارة الثروات.
يوروموني: ما هو موقع قطاع الخدمات المالية في الرؤية الاستراتيجية الشاملة لمجلس التنمية الاقتصادية على مدى السنوات الخمس المقبلة؟ وهل لديكم الفريق والموارد اللازمة لتحقيق هذه الرؤية؟
الرميحي: ينصب تركيز مجلس التنمية الاقتصادية على خمسة قطاعات رئيسة حيث تمتلك المملكة مزايا تنافسية معينة توفر إمكانات قوية للنمو في هذه القطاعات وهي الخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والسياحة والتصنيع والنقل والخدمات اللوجستية.
إن الرابط بين جميع هذه القطاعات هو إمكانياتها التنافسية العالية من خلال ما ستقدمه لأصحاب المشاريع والأعمال وهنالك طلب حقيقي للاستثمار في السنوات المقبلة، كما تمتلك هذه القطاعات قدرة كبيرة على خلق فرص عمل محلية ذات جودة عالية وهو أمر مهم بالنسبة للمملكة. وفي ذات السياق، يشكل وجود أيدي عاملة محلية ذات مستوى عالي أمراً مهماً للشركات العالمية ويعد نقطة الجذب الرئيسة لهذه الشركات إلى البحرين.
كما ويركز مجلس التنمية الاقتصادية على تشجيع الاستثمارات الناجحة وذلك لمصلحة البحرين ولمصلحة الشركات المستثمرة أيضاً على المدى الطويل، إذا لا نسعى فقط لتأسيس هذه الشركات في البحرين بل نريد لها أن تزدهر.
لقد عرفت البحرين منذ زمن طويل بنشاط قطاع الخدمات المالية فيها، كما ظهرت العديد من المراكز الناشئة لهذا القطاع في المنطقة خلال العقد الماضي. ومع ذلك، فإننا نعتقد أنه من الخطأ النظر للقطاع المالي على أنه منافسة يربحها طرف وتخسرها بقية الأطراف، بل نؤمن بأن هناك مجالات واسعة للنمو المتكامل وهذا ما نراه بالفعل حالياً. إن النمو في جزء واحد من المنطقة لا يعني بالضرورة أن الأجزاء الأخرى في المنطقة ستعاني.
وفي الوقت الذي سنحتفظ فيه بموقعنا كمركز متكامل للخدمات المالية، تبرز هناك قطاعات مثل التمويل الإسلامي والخدمات المكملة وإدارة الأصول باعتبارها من نقاط القوة في البحرين - على سبيل المثال، من حيث القدرة على الوصول إلى أسواق دول مجلس التعاون الخليجي والخبرات التي تتمتع بها القوى العاملة المحلية – حيث من شأن هذه القطاعات تحقيق المزيد من النمو السريع.
وعلاوة على ذلك، يمتلك مجلس التنمية الاقتصادية الفريق المناسب لتحقيق تلك الغاية ولديه استراتيجية واضحة المعالم من شأنها أن تساعد على جذب الاستثمارات وخلق فرص العمل والمساهمة في النمو المستمر وتطوير اقتصاد المملكة.
يوروموني: لماذا يعد قطاع الخدمات المكملة أحد المجالات التي تركز عليها البحرين؟ هل سيكون التنافس في هذا القطاع مع اللاعبين الإقليميين فقط أم مع الدوليين كذلك؟
الرميحي: إن قطاع الخدمات المكملة واحد من المجالات التي نتوقع أن تحقق المزيد من النمو السريع، وتدفع الأهمية المتزايدة لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي الشركات إلى زيادة التركيز على إنشاء مكاتب الإدارة الخلفية ومكاتب الدعم في المنطقة، كما ساهمت الاضطرابات التي شهدتها بعض الأسواق التقليدية لهذا النوع من الخدمات في خلق العديد من الفرص للبحرين التي تتوفر فيها الخبرات المحلية وتحقق القيمة للشركات الدولية، فعلى سبيل المثال، قام كل من مجموعة سيتي وبنك ستاندرد تشارترد على نقل عمليات مراكز الاتصال الإقليمية الخاصة بهم إلى البحرين.
يوروموني: كيف تنظرون إلى نمو قطاع الخدمات المالية العالمي والإقليمي في ضوء التغيرات الحاصلة في مجالات الرقابة التنظيمية والاختلالات التكنولوجية؟
الرميحي: يتعين أن تستمر عملية التنظيم في النمو والتطور، تماشياً مع الاتجاهات والتحديات العالمية والوضع الإقليمي وتطور القطاع، وهذا أحد المجالات التي أظهر فيها مصرف البحرين المركزي قدرة واضحة على القيادة على مدى الأربعين سنة الماضية. كما يوفر قطاع التكنولوجيا المالية فرصاً مميزة في المنطقة ونأمل أن تحقق البحرين تقدماً حقيقياً في هذا المجال.
وتتميز منطقة الخليج بارتفاع نسبة الشباب من السكان والقدرة الشرائية العالية والاهتمام الكبير بالتكنولوجيا، وهو الأمر الذي يعمل على خلق منصة قوية للاستثمار في قطاع التكنولوجيا المالية. وبالإضافة إلى امتلاكها لسجل حافل في قطاع الخدمات المالية فإن البحرين تمتلك بنية تحتية متقدمة لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإطار وسياسات تنظيمية، ناهيك عن كونها واحدة من أعلى الدول في العالم من ناحية معدل انتشار الهواتف النقالة وشبكات الإنترنت واسعة النطاق، إذ توفر المملكة منصة مثالية لتجربة التقنيات والأفكار جديدة.
ووجدت دراسة حديثة أعدتها إيرنست آند يونغ بأن 70 % من الشباب البحريني يرغبون في إطلاق مشاريع خاصة بهم وهذه النسبة أكبر بمرتين من أي مكان آخر في منطقة الخليج، وتشكل المساعدة في دعم وتشجيع مثل هذا التوجه أحد مجالات الاهتمام بالنسبة لمجلس التنمية الاقتصادية.