كتبت - هدى عبدالحميد: أثارت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة ردود فعل عربية ودولية غاضبة عبرت عن استنكارها واستهجانها لسلوك الرئيس الإيراني غير العقلاني، ورصدت معظم الصحف العربية تداعيات تلك الزيارة الاستفزازية حيث أجمعت أغلب الآراء على أن زيارة نجاد للجزيرة الإماراتية المحتلة ولهجة خطابه المتصلب تجاه جيرانه العرب لن يغيرا شيئاً في موقف دولة الإمارات العربية المتحدة المتمسكة بحقوقها التاريخية في الجزر الثلاث التي تحتلها طهران، متسائلين عن أسباب إقدام الرئيس الإيراني على هذه الخطوة المستفزة والتصرف الذي يدل على المراهقة السياسية؟! فقد أبرزت صحيفة “الخليج” الإماراتية عنواناً على صفحتها الرئيسة يقول: “فرنسا تعتبر زيارة نجاد استفزازية.. وإيطاليا قلقة وتثمن موقف الإمارات”، وذكرت الصحيفة: “أعربت فرنسا عن أسفها إزاء المبادرات التي تتخذها إيران بشأن جزيرة أبو موسى الإماراتية، التي احتلتها بالقوة العام “1971، وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو، إنه “في ضوء أهمية الاستقرار والأمن في المنطقة، فإننا نأسف لجميع المبادرات التي من شأنها خلق توترات، كما كان الحال خلال زيارة قام بها مؤخراً الرئيس الإيراني إلى أبو موسى”. كما نقلت وكالة الأنباء الكويتية “كونا” عن فاليرو قوله : “ لا بد من تجنب الأعمال الأحادية الجانب التي تفاقم الوضع”.. وشدد على أن “إيران لا تنتهج موقفاً سليماً، لاسيما بعدم قبولها عرضاً طرحته دولة الإمارات بشأن تسوية النزاع عبر المحادثات الثنائية، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية”. وفي خطوة تصعيدية لإيران عقب هذه الزيارة، نقلت صحيفة “الرياض” السعودية، عن مصادر إيرانية قولها : “إن شركة إيرانية خاصة للاستثمارات، قررت تنظيم رحلات سياحية للجزر الثلاث المحتلة المتنازع عليها في الخليج مع دولة الإمارات العربية (أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى)، وأكدت الشركة أنها بصدد تنظيم رحلات بحرية منتظمة لهذه الجزر، وأنها قامت مؤخراً بشراء سفن سياحية من طراز (كروز) لنقل السائحين لتلك الجزر، وأنها استلمت حتى الآن سفينتين، ومن المقرر أن تستلم سفينة سياحية ثالثة قريبا. وقوبلت الزيارة بردود فعل واسعة رصدتها الصحف الإماراتية خاصة والخليجية بشكل عام، وذكر الأستاذ في جامعة الإمارات الدكتور محمد عبد الله الركن “إن زيارة نجاد تحاول إيصال رسالة داخلية وخارجية. داخلياً هو يحاول المزايدة على الشعور القومي الإيراني من خلال القول بأن بلاده تتمسك بكل شبر من جزيرة أبو موسى حتى لو كانت متنازعاً عليها. وهو في ذلك يكسب في صدامه مع المحافظين”. أما رسالته الخارجية -حسب الركن- فيقصد من خلالها “تذكير العالم بأن في يده بطاقات يمكن أن يعكر فيها صفو الأمن في الإقليم، وأنه قد لا يلتزم بتعهدات سبق أن وقعت عليها الدولة الإيرانية فهنالك سيادة مشتركة على أبو موسى، لكن نجاد يقول من خلال الزيارة إنه لا يقيم لها أي اعتبار”. ومن جهتها، تبنت المجموعة العربية لدى الأمم المتحدة موقف دولة الإمارات العربية المتحدة المدين والمستنكر للزيارة التي قام بها نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة من قبل إيران منذ عام 1971. وأعرب بيان صحافي رسمي أصدرته المجموعة العربية عن استنكار وإدانة المجموعة لهذا الإجراء المؤسف وغير المبرر من قبل الرئيس الإيراني لما يمثله من انتهاك صارخ لسيادة ووحدة أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بل واستخفاف واضح من قبل طهران بجهود أبوظبي ومساعيها المبذولة لحل هذه القضية بالطرق السلمية. كما أكد البيان أيضاً وقوف المجموعة العربية الكامل إلى جانب مطالبة دولة الإمارات العربية المتحدة باستعادة السيادة الكاملة على جزيرة أبو موسى وجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى المحتلة منذ عام 1971 باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من سيادتها، واعتبر البيان كذلك احتلال إيران لهذه الجزر أو اتخاذها لأي إجراء أحادي الجانب حيالها لاغياً وباطلاً ويزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي الوقت ذاته، انتقدت الصحف السعودية زيارة الرئيس الإيراني لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة ووصفتها بأنها عدوانية وتشكّل انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على أراضيها ونقضاً لكل الجهود والمحاولات التي تبذل لإيجاد تسوية سلمية لإنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث. وأكدت الصحف السعودية أن هذه الزيارة “استفزاز غير مسؤول وخطوة لا تتماشى مع سياسة حسن الجوار التي تنتهجها دول المجلس في التعامل مع إيران”. وتحت عنوان “إيران.. وهم الدولة العظمى”، قالت صحيفة “الرياض” في افتتاحيتها: “إن إيران لا تزال تتطلع أن تكون اللاعب الإقليمي العسكري في المنطقة العربية وآسيا الوسطى”.. وأضافت إن مملكة البحرين كانت ضمن الهدف الأهم في خلق فوضى داخلها ويستمر الأمر مع السعودية والكويت وها هو نجاد في جزر الإمارات المحتلة يتفقد قواعده العسكرية بها، وهذه التصرفات سوف تدفع الدول الخليجية وغيرها إلى سباق تسلح طويل قد يصل إلى امتلاك كل الأطراف أسلحة نووية. وتحت عنوان “الخروج عن النص.. الإفلاس الإيراني” قال الدكتور مطلق سعود المطيري في مقال بصحيفة “الرياض” أيضاً.. لعل زيارة نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية تكشف زيف الادعاءات الإيرانية حول الرغبة في إقامة علاقات جيدة مع الإمارات ودول الجوار؛ بل وتشكّل انتهاكاً صارخاً لسيادة الإمارات العربية المتحدة على أراضيها ونقضاً لكل الجهود والمحاولات التي تبذل لإيجاد تسوية سلمية لإنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث التي سيطرت عليها إيران غداة انسحاب البريطانيين منها في عام 1971 وتؤكد الإمارات سيادتها عليها. وأكد المطيري أن إيران باتت أكثر ابتزازاً في الأوطان الخليجية والمياه الإقليمية بعد أن تراجع المجتمع الدولي عن ردعها بفعل الفيتو الروسي والصيني لكنها آجلاً أو عاجلاً سوف تدفع ثمن استفزازاتها. أما صحيفة “الشرق” التي تصدر في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية فوصفت تحت عنوان “شبيحة إيران”، زيارة أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة بأنها عدوانية وكسر لتفاهمات إماراتية خليجية وعربية مع إيران هدفت إلى تبريد الملف لمحاولة حله وتسويته. وقالت الصحيفة: “إن الطرف العربي التزم بالتبريد إلى أبعد الحدود فقد توقفت التصريحات الإماراتية بخصوص هذا الموضوع منذ التزامها بهذه التفاهمات”. وأشارت إلى أنه جرت العادة أن يتضمن كل بيان ختامي لاجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي إشارات واضحة تؤكد حقوق الإمارات في الجزر الثلاث المسيطرة على مضيق هرمز وقد توقف ذلك، كما خلت بيانات القمم العربية الأخيرة من أي إشارة إلى الموضوع، غير أنه في المقابل فإن تصريحات إيران لم تتوقف لا بخصوص الجزر ولا بخصوص الخليج العربي. وتساءلت الصحيفة في ختام افتتاحيتها قائلة “ألم يحن الوقت كي نسمي الأشياء بأسمائها في وسائلنا الإعلامية وحياتنا اليومية السياسية والاجتماعية والإنسانية.. ألم يحن الوقت لكي نكتشف أن كل محاولات احتواء إيران فشلت وأنهم يجرون شعبهم والمنطقة إلى الحروب والويلات”. وبدورها نقلت وكالة الأنباء الوطنية اللبنانية تحت عنوان “رئيس الوزراء اللبناني: مواقف نجاد من جزيرة أبو موسى تأجيج للصراع بالمنطقة”، إذ أكد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي أن المواقف التي أطلقها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد خلال زيارته إلى جزيرة أبو موسى تمثل تأجيجاً للصراع الدائر في المنطقة، في وقت نحتاج فيه إلى حسن دراية لتعزيز الهدوء والاستقرار الذي ينعكس إيجاباً على كل دول المنطقة، ويساهم في زيادة نموها وتطورها. ونقلت الوكالة اللبنانية عن ميقاتي استغرابه خلال اجتماعه مع السفير الإيراني في بيروت ما قاله الرئيس الإيراني “أنه لم تكن هناك أي ثقافة وحضارة باستثناء الحضارة الإيرانية”، وذلك لأن الحضارة العربية نشرت ثقافتها في كل دول العالم منذ وقت طويل. ويشار إلى أن الإعلام الإيراني وصف هذه الزيارة بأنها أتت “ضمن جولة للرئيس في ساحل إيران المطل على الخليج”. وزاد حسين أمير عبد اللهيان -مساعد وزير الخارجية- لاحقاً برفض الاحتجاجات الإماراتية على الزيارة ووصفها بأنها “شأن داخلي إيراني”. وكان من الطبيعي لهذه الخطوة غير المسبوقة أن تثير حفيظة الإمارات. فأدانتها واعتبرها وزير خارجيتها عبدالله بن زايد آل نهيان انتهاكاً صارخاً لسيادة بلاده على أراضيها. وألحقت الإمارات التصريح باحتجاج دبلوماسي تمثل باستدعاء الإمارات سفيرها في طهران للتشاور. وآزر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني الموقف الإماراتي معتبراً أن الزيارة “استفزازية” وتمثل انتهاكا لسيادة الإمارات. وكان مجلس التعاون لدول الخليج العربية شبَّه الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث “بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية”، وذلك بعد قيام طهران بفتح مكتبين لها في الجزر، وأن زيارة الرئيس الإيراني لجزيرة أبو موسى يعتبر تعدياً على سيادة أراضيها.