كشف تقرير إعلامي أن المتابع للكلمات السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في أحاديثه ولقاءاته بالصحافيين خلال العقد الفائت يمكن أن يخلص لثلاث رسائل ومعان مهمة يحرص جلالته على تأكيدها دوماً، لأنها تعبر عن نهجه السياسي الثابت، ورؤيته الواعية لدور السلطة الرابعة في الارتقاء بالمجتمع والنهوض بثقافته وقيمه، والتي تمثل في ذاتها نبراساً تهتدي بها الأجهزة كافة في تعاملها مع الصحافة الوطنية الجادة والمسؤولة، وبدت ملامح هذه المعاني الأساسية في كلمة جلالة العاهل المفدى بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة والذي يصادف 3مايو2016 حيث عبر جلالته صراحة وبشكل مباشر عن مؤازرته الدائمة والمتواصلة و»تقديره واحترامه» للجماعة الصحافية البحرينية في التعبير الحر عن الرأي كمبدأ راسخ منذ انطلاق المشروع الإصلاحي قبل نحو عقد من الزمان، مجدداً دعمه الدائم لحرية الصحافة والإعلام باعتبارها «حقاً أساسياً من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية المصونة، ومن أهم ركائز تجربتنا الديمقراطية الحيوية ومسيرتنا المتواصلة على نهج الإصلاح والتنمية المستدامة».
المجتمع الدولي
وذكر التقرير، الذي نشرته «بنا»، أن الرسالة السامية الأولى تتمثل في أن البحرين وكالعهد بها دوماً تشارك المجتمع الدولي في يوم عزيز كيوم حرية الصحافة العالمي، ولا يمكن أن تتخلف عنه، وهي رسالة تعبر في مضمونها وفحواها عن الكثير، منها أن المملكة وتجربتها في مجال حريات الرأي والتعبير، خاصة عبر صحافتها الوطنية الرصينة، تجربة ذات شأن، وتحظى بتقدير محلي وإقليمي وعالمي واسع، لأنها تنبع من خصوصيتها الحضارية، وتلتزم بأطرها الدينية والثقافية والاجتماعية دون غيرها، والتي تعزز من بناء المجتمع البحريني وتدعم تماسكه ووحدته ونهضته، وأبرز جلالة العاهل المفدى هذه المعاني الواضحات في ثنايا كلماته بمناسبة هذه اليوم الجليل، حيث يمكن الإشارة إلى أبرز مقولاته في هذا الشأن، ومنها ما كان أمس عندما استذكر «التاريخ العريق للصحافة الوطنية وإسهامات الرواد الأوائل في تطوير الحركة الإعلامية والثقافية والفكرية»، وهي التجربة التي بلا شك كان لها إسهامها الواضح في تحقيق ما تصبو إليه البحرين من تقدم ونهوض شمل جميع المجالات، خاصة أن المملكة يتوافر بها «الإطار التشريعي الضامن لحرية إصدار الصحف والمطبوعات وتداولها، وأمن وسلامة الصحافيين، وحظر إهانتهم أو التعدي عليهم»، كما عبرت بجلاء كلمة جلالة العاهل المفدى الأخيرة، وهناك غيض من فيض من مثل هذه الرسائل السامية، ففي كلمته بمناسبة اليوم نفسه عام 2007، أشار جلالته إلى أن «الصحافة البحرينية سجلت نقلة نوعية بشهادة الجميع لتتبوأ مكانها الطبيعي كمعيار لطبيعة ومستوى التحولات الديمقراطية والإنجازات التنموية التي تشهدها المملكة وكحصن منيع للدفاع عن قيم العدل والحرية والمساواة التي تمثل مرتكزات أساسية في مشروعنا التحديثي الشامل»، وأبرز حقيقة «الأجواء المتميزة التي تعيشها الصحافة الوطنية من حريات تزداد رسوخاً يوما بعد يوم»، وفي 2011، وصف جلالته تطور «حرية الصحافة والإعلام بأنها كانت ولا زالت القلب النابض للمشروع الإصلاحي»، كما اعتبر جلالته في كلمته عام 2012 تقدم حرية الصحافة وازدهارها باعتبارها «مؤشراً على حيوية مشروعنا الإصلاحي واستدامة إنجازاته التنموية والحضارية»، وفي عام 2013 وصف جلالته مسيرة الإعلام البحريني بأنها «ذات خصوصية متميزة في ظل إنجازات رائدة تشكل تتويجاً لتاريخ عريق، وتطورات متلاحقة، ومستقبل مشرق في الإعلام الجديد وعصر السماوات المفتوحة»، وفي عام 2014 أكد جلالته أن للبحرين الحق في أن تفخر بتجربتها، وذلك «بتوفيرها للمناخ الآمن تشريعاً وممارسة أمام الصحفيين والإعلاميين للتعبير عن آرائهم بحرية واستقلالية ودون أي تقييد أو ترهيب»، وتأكد هذا المعنى أيضاً عام 2015 عندما أوضح كيف أن المسيرة الإعلامية البحرينية يحق لها أن تفخر بما حققته وقدمته أمام العالم أجمع وفقاً لتطور تجربتها التنموية وبما يتوافق مع مكتسباتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واصفاً جلالته ذلك بأن «مسيرتنا الإعلامية شهدت تقدماً ملحوظاً على قواعد متكاملة ومتطورة».
مقومات راسخة
وأشار التقرير إلى أن الرسالة السامية الثانية، والتي يمكن استخلاصها من كلمات جلالة عاهل البلاد المفدى بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، تتمثل في مداومة المملكة بأجهزتها وأبنائها العمل مع كل جهد وطني مخلص يبني ولا يهدم من أجل إعلاء شأن حريات الرأي والتعبير في البلاد، وذلك في إشارة صريحة ومباشرة للمقومات الرئيسية التي انبنت عليها تجربة البحرين الصحفية، والركائز الراسخة التي تستند إليها، وأعمدتها الركينة التي تنطلق من فوقها وتقوم عليها.
ولعل من بين هذه الأركان الأساسية التي جاهدت البحرين في إرسائها وحماية دعائمها، خاصة منذ انطلاق المشروع الإصلاحي، ما أشار إليه العاهل المفدى في مضمون كلمة جلالة الملك المفدى يوم أمس، حيث أكد حرصه منذ تدشين ميثاق العمل الوطني وإجراء التعديلات الدستورية على «ترسيخ مبادئ الشفافية وتهيئة الأجواء التشريعية أمام ممارسة الصحافة الحرة بتعددية وبأمان واستقلالية ونزاهة وصدق وموضوعية وبلا أية حدود سوى مراعاة المصلحة العليا للوطن والمواطنين، وثوابته الدينية والحضارية، وآداب المهنة وأخلاقياتها، وهنا لا يمكن أن نغفل المعاني الجليلة ذاتها التي رسخت في يقين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى ومدركاته منذ سنوات وشدد عليها مراراً وتكراراً، وعبر عن ذلك في كلمته عام 2007، حيث أشار إلى «الدستور والقانون وبما يتماشى مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» باعتبارها مقومات وركائز التجربة الصحفية البحرينية، والسبل الرئيسية للنهوض بالصحافة الوطنية وتسهيل مهمة الصحفيين ذوي النزاهة، وتجدد ذلك عام 2011، حيث أعرب جلالته آنذاك عن «تطلعه إلى إقرار السلطة التشريعية لقوانين متطورة تكفل حرية الصحافة والإعلام المرئي والمسموع وتقنين الصحافة الإلكترونية»، ووجه عام 2012 السلطتين التشريعية والتنفيذية لمتابعة تنفيذ عدة مشروعات ومبادرات تطويرية، ومنها: «التنسيق في إقرار قانون شامل ومتطور للإعلام البحريني المقروء والمرئي والمسموع والإلكتروني، مشتملاً على إنشاء المجلس الأعلى للإعلام، وتطوير البرامج الإذاعية والتلفزيونية، والتوجه نحو إنشاء مدينة متطورة للإنتاج الإعلامي، وتشجيع الاستثمار في الحقل الإعلامي»، وغير ذلك من مبادرات أسهمت وتسهم في تحقيق مزيد من الازدهار في الحريات الإعلامية وكفالة حقوق المجتمع في الأمن والاستقرار وقطف ثمار التنمية، وفي عام 2013 أكد جلالته أن «حرصنا جلي منذ بزوغ فجر الإصلاح والتحديث على تكريس الحريات الصحفية والإعلامية على قواعد راسخة وفقاً للدستور وميثاق العمل الوطني، وقانون الصحافة والطباعة والنشر، داعياً جلالته في كلمته عام 2014 كافة الجهات والمؤسسات إلى «دعم ومساندة صحافتنا الوطنية والتعامل معها باعتبارها أداة تنوير وجهاز للثقافة ونشر الوعي»، وفي عام 2015 أعاد جلالته التأكيد على «أننا ماضون في تطوير المنظومة الإعلامية هيكلياً وإدارياً وتشريعياً، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من مسيرتنا المتواصلة في الإصلاح والتطور الاقتصادي والديمقراطي وتعزيز الحضور البحرينـي على الساحة الإقليمية والدولية.
الجماعة الصحافية
ولفت التقرير إلى أن الرسالة الملكية الثالثة تبدو واضحة بالنظر إلى الدور الذي ينتظر من الجماعة الصحافية القيام به خلال الفترة القادمة للمساهمة في إنهاض البلاد ورفعتها انطلاقاً من المكانة التي تحظى بها لدى العاهل المفدى، حيث يعوّل عليها من أجل خوض غمار المرحلة القادمة بكل همة واقتدار، والمضي قدماً فيما خطته المملكة لنفسها بعيداً عن المهاترات أو السجالات التي لا طائل من ورائها، وفي هذا الصدد أكد جلالته في حديثه أمس «ثقته في متابعة إعلامنا الوطني بجميع قنواته لمسيرته التطويرية من حيث الانتشار والتنوع وقوة التأثير في الرأي العام، وحرية استقاء الأفكار والأنباء وتلقيها وبثها بمسؤولية، وبنية تحتية حديثة»، داعياً «وسائل الإعلام والاتصال الإقليمية والدولية، وفي ظل التحديات الأمنية الراهنة، إلى الاجتماع على كلمة سواء، ووحدة الصف الإنساني والتقيد بالمبادئ الأخلاقية والمهنية في تحري المصداقية والأمانة والموضوعية، ونشر قيم السلام والتسامح والوسطية، ونبذ روح التعصب والتطرف والغلو والعداوة، والامتناع عن نشر الشائعات أو التحريض على الفرقة أو الكراهية الدينية أو الطائفية أو العنصرية، ومثلت هذه القيم رؤية جلالة العاهل المفدى لدور كبير ومسؤول لصحافة عالمية رصينة، وليست محلية فحسب، إذ جدد عاهل البلاد المفدى في كلمته عام 2007 «دعوته للصحافة بما لديها من تراكم خبرات واتساع حريات للاستمرار والمحافظة على نهجها الوطني دون تضارب أو تعارض مع قواعد وأخلاقيات المهنة، وأن تنهض برسالتها التنموية والتربوية للأجيال الناشئة، وتعبر عن ضمير الوطن وهويته بكافة فئاته وأطيافه، وتعكس إرادته وتطلعاته، وهو ما شدد عليه جلالته أيضاً عام 2011 بالقول إن «الصحافة الحرة النزيهة والمستقلة هي دعامة التطور الديمقراطي وحق أساسي من حقوق الإنسان، وشريك فاعل في صيانة أمن الوطن واستقراره، والحفاظ على منجزاته الحضارية ومكتسباته الإصلاحية، ودفع عجلة البناء والتنمية الاقتصادية، كما إنها تتحمل مسؤولية مهنية وأخلاقية متزايدة في تعزيز الترابط المجتمعي وإشاعة روح الألفة والمحبة بين أبناء الوطن الواحد، وليس بغريب أن يتوافق ذلك مع ما أكد عليه عام 2012، حيث شدد على: «أهمية التزام كافة أعضاء الأسرة الصحافية والإعلامية بمبادئ ميثاق الشرف الصحافي، الذي دشنته جمعية الصحفيين البحرينية، والمشاركة الفاعلة في انتخاباتها»، وفي عام 2013، حيث وجه «بتشجيع الشراكة بين المؤسسات الصحافية والإعلامية، والانفتاح على وسائل الإعلام والمنظمات العربية والدولية نحو استدامة النهوض الإعلامي وتعزيز التنافسية، وكذلك في كلمة جلالته عندما وجه المسؤولين في مختلف المواقع إلى احترام الصحافة والتعاون التام والكامل مع رجال الصحافة والفكر والقلم بما يمكنهم من أداء مهامهم بيسر وسهولة»، وذلك انطلاقاً من الدور المهم الذي تقوم به الجماعة الصحفية من أجل الصالح العام وصد الحملات الإعلامية الكاذبة على مملكة البحرين، وهو ما أوضحه جلالة الملك المفدى في كلمته عام 2015 عندما وضع الجماعة الصحافية برمتها من أفراد ومؤسسات وجمعيات أمام «مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية لتدعيم السلم الأهلي والاجتماعي، ونبذ دعوات الفرقة والكراهية، وتوعية الرأي العام بالحقائق والمعلومات، وعدم التعدي على حقوق وحريات الآخرين، والتزام مبادئ الحرية المسؤولة في تحري الدقة والموضوعية والأمانة ووضع المصلحة العليا للوطن فوق أي اعتبارات دينية أو طائفية أو حزبية ضيقة لا تراعي مصالح الجميع».