حذيفة إبراهيم
وافق مجلس النواب على فصل المنبر الديني عن العمل السياسي بإقراره أمس مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم «26» لسنة 2005م بشأن الجمعيات السياسية وإحالته للشورى بصفة الاستعجال.
وقال وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة: «إن مشروع القانون لا يكفر من يعمل في السياسية، ولايحزب من يعمل في المجال الديني»، لافتاً إلى أن المراد بـ»رجل الدين» يختلف عن المعنى السائد في «النظام الكنسي».
وقال الوزير في جلسة النواب أمس: «إذا أراد رجل الدين أن يدخل البرلمان فليتم تأهيليه (..) العديد منهم ممن يتملكون الشهادة الثانوية».
وأضاف : «نعمل على رد رجال الدين للمنبر رداً جميلاً، ونعرف جيداً أن بعض رجال الدين المنضوين تحت مظلة الجمعيات السياسية استخدموا المنبر في الانتخابات».
وبين: «هناك أشخاص دخلوا المجلس النيابي بفتوى وآخرين خرجوا بفتوى، وأرى أن تعديلات مشروع القانون في مكانها الصحيح، ولا يجوز إلباس الجمعيات السياسية لباساً دينياً فالجمعيات تمنع المناقشات الديموقراطية داخل الجمعية».
وقال رداً على منع الصحافيين من المشاركة في الجمعيات السياسية أسوة برجال الدين: «إن العاملين في المجال الصحافي هم منبر للآراء، ويقارعون الرأي بالرأي الآخر، إلا أن المشكلة مع الجمعيات في مقارعة إيمان شخص بإيمان شخص آخر، بسبب المصالح السياسية، ما يؤدي للتحزب الديني».
وبين الوزير أن القانون منع القضاة والعسكرين من الدخول في الجمعيات السياسية للمصلحة إذ يجب أن يفصل القاضي بين عمله وانتمائه لجمعية سياسية، ومتى ترك القضاء حق له العمل في السياسة، فهو مخير بين السياسة والقضاء نحن نضع الخيارات ولسنا ضد أي أحد لكن المسألة تختص بتنظيم الاختصاصات، كون الدمج يؤدي للكثير من المشاكل». مؤكداً: «نحن لا نفرق بين الأشخاص وفق أشكالهم بأنهم رجال دين أم لا، وإنما من خلال وظائفهم.
وقال: «إن مملكة البحرين عربية إسلامية ولا يمكن فصل الدين عن السياسة فيها فهذه الدولة مدنية يوجد بها مؤسسات سياسية ودينية لا يجب الخلط بين هذه المؤسسات، ويجب على رجل الدين أو من يشتغل في الوعظ والإرشاد، أن يختار بين أمرين، فإما أن يعتلي المنبر أو يشتغل بالسياسة، والكل يعلم نتيجة وآثار الخلط بين الأمرين».
وفي رده على منع الجمعيات السياسية من اتخاذ مرجعية دينية لها، قال: «إن المادة المعدلة معنية بتشكيل الجمعية فقط، أما استشارات المشتغلين بالدين، فالناس بصفة عامة يلجؤون لهم لتبيان الحلال والحرام، ولا يمكن إيقافها».
وعاد ليبين «إذا تبين أن جمعية ما تستخدم رجال الدين مرجعية لها في عمل سياسي فإن هذا الأمر مرجعه تعديلات قانون الجمعيات السياسية الصادرة في 2014، وما نخشاه تحزيب المنابر، أما العودة لسؤال رجال الدين عن رأيه فهو أمر طبيعي».
من جهته اعتبر النائب أحمد قراطة أن مصطلح رجال الدين الوارد في التعديلات مبهم، وتساءل النائب محسن البكري، عما إذا كانت معرفة رجال الدين وتميزهم عن غيرهم وفقاً للمظهر أم وفق التخصص والدراسة. وتخوف النائب علي بوفرسن من قيادة الجمعيات السياسية من قبل رجال الدين من خارج الجمعية. وعن سبب عدم أخذ اللجنة التشريعية رأي الجمعيات السياسية بين رئيس اللجنة علي العطيش أن السبب يرجع إلى ورود المشروع من الحكومة بصفة الاستعجال.
ورفض النائب جمال داوود استخدام عبارة رجال الدين، كون الإسلام نفى الرهبانية في الدين، فيما اعتبر النائب ماجد الماجد أن القضية في وجود رقابة ذاتية لدى رجل الدين.
وتساءل النائب أحمد قراطة عما إذا أخذت الجمعيات آراء رجال الدين هل القانون يمنعها قائلاً « نعلم بأن هناك خبايا تحدث لتبقى الحماية لرجال الدين والجمعيات السياسية». ورد عليه خالد الشاعر قائلاً إن «المادة 34 لسنة 2014 أكدت أنه لا يحق لأي جمعية سياسية أن يكون لها مرجعية دينية».
وقال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب علي العرادي: «إن عدد أعضاء الجمعيات السياسية الذين يعتلون المنابر عدد محدود جداً، ولهم دور محوري وقيادي مؤثر في المجتمع».
واقترح النائب عبدالرحمن بومجيد حذف عبارة «رجال الدين» واستبدالها بعبارة «من يعتلي المنبر» ليكون النص بعد التعديل (6/6) « طريقة وإجراءات تكوين الجمعية واختيار قياداتها على ألا يكونوا من معتلي المنبر الديني والمشتغلين بالوعظ والإرشاد والخطابة ولو بدون أجر».
واعتبر النائب مجيد العصفور القانون «محرج جداً» متسائلاً عن سبب منع رجال الدين تحديداً وعن وظيفة رجل الدين بعد منعه من المنبر.
واقترح النائب جمال داوود، تعديل المادة الثانية بالمشروع وهو ما أرجعه إلى وجود من يعمل دون الانتماء لجمعيات سياسية. مقترحاً إضافة عبارة «وفي جميع الأحوال لا يجوز الجمع بين المنبر الديني والعمل السياسي».
وتوافق وزير العدل مع تعديل داوود، قائلاً: «إنه تعديل محكم يحدد المنع بالعمل السياسي وليس الرأي السياسي فقط والنص يحافظ على خصوصية العمل السياسي والمنبر».
وتخوف النائب ماجد الماجد من عودة العمل السري مجدداً بعد أن نقل المشروع الإصلاحي العمل السياسي من السرية للعلنية.
وعقب الوزير إن المشروع الإصلاحي نقل العمل السياسي للعلن ورفع قيم التسامح والتعايش بين الناس، ونص على أن تنشأ الجمعيات السياسية على أسس ديموقراطية، وأن لا يكون الاختلاف بينهم اختلاف عقدي تختلف فيه الناس عادة، كما ومنع طأفنة العمل السياسي».
وبين: «من يريد أن يمارس العمل السياسي بسرية فليعمل وسنمسك به فما يبنى فوق الأرض يكون ظاهراً ويجب أن يكون سليماً وخالصاً من العيوب أما الادعاء أن هذا التعديل ضد المشروع السياسي فهو أمر خاطئ ومن يريد العمل السياسية فلا يطأفنه، ومن يريد أن يعمل في الدين فلا يسيسه».
وعاود عبدالرحمن بومجيد ليبين «أن المشروع الإصلاحي نقل العمل السياسي من السرية للعلانية وتعديل بعض الثغرات أمر لاشيء فيه، ولكن للأسف فالبعض استغل
الصلاحيات التي قدمها المشروع الإصلاحي للجمعيات السياسية والسلطة التشريعية والمنابر استغلال سيء أوصلنا إلى هذه التعديلات».
وأضاف: «رأينا رؤساء جمعيات سياسية تقود مسيرات تهدد الأمن والسلم، وأعضاء بعض الجمعيات السياسية يعتلون المنبر ويجوبون العالم ويشوهون سمعة البحرين، لذا فهذه التعديلات تحفظ المشروع الإصلاحي».
وتخوف د.مجيد العصفور من خسارة قيادات نشطة بمنع المشتغلين في الشأن الديني من السياسية.
وبين علي العرادي أن «التنظيم السياسي يهدف في بعض الأحيان لضرب استقرار المجتمع ومصالحه من أجل فئة أو مجتمع أو جمعية، ولا يوجد تعديل ما يمنع رجل الدين من حقه السياسي، ولكن يجب أن نمايز بين العمل المؤسسي والحزبي والعمل الديني، ونحن في مجتمع يؤثر فيه رجل الدين بفتواه ولسنا مع أن تكون هذه الفتاوى ذات صبغة سياسية، كما أن العمل السياسي يتطلب أن يكون هناك تنازلات وتفاوض وتقديم شيء مقابل شيء آخر، وهو بطبيعته لا يتناسب مع العمل الديني الذي يبنى على ثوابت، ونريد أن ننزه رجل الدين عن ذلك السجال». وطالب النائب محمد ميلاد بمنح رجال الدين فرصة لتوفيق أوضاعهم داخل الجمعيات السياسية وعلق وزير العدل «المسألة لا تحتاج إجراءات تشترط مدة لتصحيح الأوضاع، وكل ما في الأمر وجود عدة جمعيات بها أعضاء يجب أن يختاروا بين عملهم في السياسة أو الدين، ولا مشكلة فيها، فمن يريد أن يستمر هنا فليستمر».
وتنص المادة الأولى من المشروع بقانون بعد التعديل على «طريقة وإجراءات تكوين أجهزة الجمعية واختيار قياداتها على ألا يكونوا من معتلي المنبر الديني أو المشتغلين بالوعظ والإرشاد والخطابة ولو بدون أجر، ومباشرتها لنشاطها وتنظيم علاقاتها بأعضائها على أساس ديمقراطي، وتحديد الاختصاصات السياسية والمالية والإدارية لأي من الأجهزة والقيادات، مع كفالة أوسع مدى للمناقشة الديموقراطية داخل هذه الأجهزة».
وتنص المادة الثانية على أن تضاف عبارة «ألا يجمع العضو بين الانتماء للجمعية واعتلاء المنبر الدني أو الاشتغال بالوعظ والإرشاد ولو بدون أجر، وفي جميع الأحوال لا يجوز الجمع بين المنبر الديني والعمل السياسي».