حذر مشاركون في المؤتمر الخليجي الاستراتيجي الثاني من تزايد الإرهاب في أوروبا حال عدم المواجهة الدولية لتمدد «داعش» ، متخوفين من تصاعد العمليات الإرهابية بعد إخفاق الدول القوية في السيطرة على تمدد التنظيمات الإرهابية .
ودعوا في جلسة المؤتمر الثالثة أمس بملء الفراغ في الدول لقطع الطريق على التظيمات الإرهابية، فيما طالبت دعوات بفرض عقوبات عسكرية على إيران من خلال التحالف الإسلامي العربي كما عُزي تزايد العنف إلى محاولات القوى الكبرى جمع كل المتطرفين في ملعب واحد بسوريا دون النظر لأثر هذه الخطوة.
وقالت المدير التنفيذي للمؤسسة الأوروبية للديمقراطية في بلجيكا روبيرتا بونازي:» إن «هناك من يرى أن المسلمين سبب الإرهاب والتطرف والأصولية، وهذا ما يؤدي إلى العنف، وهؤلاء لا يدركون أن المسلمين هم أول ضحايا هذه الأيديولوجيات، وللعلم فإن معظم المقاتلين أجانب وليسوا سوريين، ومن ارتكبوا الهجمات الأخيرة هم كذلك أوروبيون”.ورأت أن الكثير من السياسات الأوروبية أخفقت في دعم المواطنين المسلمين ذوي الخلفيات الإسلامية.
وقالت: «إن أحد أسباب التطرف يرجع لأخطاء الحكومات الأوروبية التي أساءت تقدير الكثير من علامات التحول للراديكالية» .
الخلط بين الإرهاب
إلى ذلك، قال مدير مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية سامي الفرج:» إن الحديث الدائر في الإعلام، يخلط ما بين الإرهاب والحرب اللامتماثلة، والإصلاحات ويعطي انطباعاً أن البدء في الإصلاحات أو منعها يفتح الباب لدخول داعش.
وأضاف:» إن الإرهاب الذي يعتبر مشكلة هو الإرهاب العابر للحدود، وهو ما يقوم به حزب الله أو داعش أو “الفاطميون”، وغيرهم من قوات الحشد الشعبي، التي بدأت تتشكل بعشرات الآلاف من المقاتلين».
وقال “يجب أن نبحث فرض عقوبات عسكرية على إيران من خلال التحالف الإسلامي العربي، وأبعاد هذه العقوبات علينا».
وبين أن إيران ليست لديها كتائب في المناطق المحيطة بالكويت، وإنما لديها قوتان من حزب الله العراقي، وما يعرف بـ”عصائب أهل الحق”، وهما على أهبة الاستعداد لتنفيذ أي عمل إرهابي أو عدائي.
وتابع “رأينا العديد من المجموعات العراقية تتقاتل في البصرة، وتقاد من غرفة عمليات في الحرس الثوري الإيراني، وهو ما يحدث في بغداد من قوات شيعية تمارس تلك الاستراتيجيات في العاصمة”.
وقال :» إن هذا الأسلوب يجمع بين “إيران” و”داعش”، فكلاهما يتحرك في بيئة محددة ذات ثلاث صفات، الأولى أن يكون الوضع غير طبيعي، والثانية عدم الاستقرار والانقسام السياسي والطائفي لافتاً إلى ما تعانيه القوات المسلحة في تلك البيئة من أمراض اجتماعية وسياسية.
وبين :» أما الصفة الثالثة فهي أن الوضع الأمني غير مناسب تماماً.» موضحاً» إن استراتيجية داعش تقوم على أن سوريا أهم من العراق، كونها لم تستطع التغلغل في المجتمع العراقي حتى الآن.
و قال :» إن إيران وضعت مبدأ خلق منظمات رديفة تكون تحت سلطة ولاية الفقيه، ووزعت تجنيدها في جميع الأماكن، من بينها أوروبا، حيث تستخدم المواطنين الأوربيين من أصول عربية، في مؤسسات حزب الله، كما تستخدم بعض المواطنين في دول الخليج، مشدداً على الحاجة لإعداد قوات لمواجهة الحرب اللامتماثلة.
داعش
إلى ذلك، قال رئيس مركز الدراسات العربية والإسلامية بمعهد الدراسات الشرقية في موسكو د. فاسيلي كزنيتسوف:» إن الخطر الأكبر من وجود تنظيمات إرهابية كداعش، هو وجود أشخاص داعمين لها معتقدين بأنها أفضل السبل الموجودة لتحقيق بعض الأهداف».
وأضاف:» إن الموقف الإقليمي اليوم جيد، رغم وجود ثلاث صراعات جديدة في العراق وسوريا واليمن، إضافة إلى صراعين قديمين في الصحراء الغربية وفلسطين».مطالباً بوضع أثر الصراعات في الحسبان .
وحذر من إمكانية تطور الصراعات إلى أسوأ مما هي عليه مشدداً على ضرورة الحوار لحل الكثير من المشكلات.
وبين :» إن تنظيم داعش ليس التنظيم الوحيد الذي يتصرف كدولة، وإنما سبقه في ذلك تنظيم حزب الله منذ 2006 الذي يتصرف كدولة بالمفهوم الإسلامي القديم.» وقال:» إن سبب اندلاع حركات العنف يرجع لظهور المشاكل الحالية وانهيار الدول والمجتمعات، والمشكلة الأكبر من وجود داعش، وجود من يعتقد بأنها أفضل الموجود»
فتح الممرات
وأكد رئيس مركز المغرب للدراسات الأمنية وتحليل السياسيات الدكتور عبدالرحيم اسليمي أن القوى الكبرى حاولت جمع كل المتطرفين في ملعب واحد بسوريا، بعد فتح الممرات لكل من يحمل الفكر المطرف، دون أن يعوا بأن الأمر سيؤثر على العالم خلال العشر سنوات المقبلة.
وبيّن:» إن غالبية الدراسات والابحاث التي تناولت الجماعات الإرهابية ركزت على مسار الجماعات وطبيعة القيادات لها ولم تركز على تأثير هذه التنظيمات على النظام الدولي في الثلاث سنوات الأخيرة.
وتطرق إلى أن الجماعات الإرهابية تغير جغرافيا الأرض ، مشدداً على ضرورة الربط بين الجماعات الإرهابية وبين مشاريع التقسيم وإعادة رسم الحدود.
وقال إن هناك تباعداً بين تنظيمي القاعدة وداعش في الأراضي السورية، إلا أن تحالفاً قائماً بينها في دول أخرى.
واعتبر اسليمي أن الإرهاب يجمع عدة أزمات مثل الهوية الجماعية وتأثيرات النظام الدولي على الأفراد، إلا أنه رأى أن أسباب التمرد والإرهاب لا تزال غير واضحة ومجهولة.
وتساءل عن سبب عدم انضمام الجيل المسلم الذي هاجر إلى اوروبا في خمسينات وستينات القرن إلى تلك التنظيمات الإرهابية.
وذكر أسليمي أن الفرق بين داعش وغيره من التنظيمات هو أن «داعش يحاول إنشاء “دولة أمة” وهو ما لم ينجح به حتى الآن”.
وحذر أسليمي من انتقال الطائفية والعنصرية إلى أوربا قائلا:» إن الطائفية والعنصرية لن تبقى تلك الحرب في العالم العربي، وإنما ستذهب إلى أوربا بكل تأكيد خلال الخمس سنوات القادمة، وستؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار، في النظام الدولي، إذ لم تواجه « داعش».
العابرة للحدود
من جانبه، قال الأستاذ المساعد في السياسة النظرية بجامعة الملك سعود في المملكة العربي السعودية، د. سعود التمامي :» إن العديد يتهمون الدول الهشة أنها منبع للجماعات ، ولكن ظهور تلك الجماعات في دول كبرى أيضاً ينفي تلك النظرية. وأضاف أن العالم شهد تصاعداً للجماعات الإرهابية، ووجدت الدول القوية نفسها فقدت السيطرة على تلك الجماعات واخترقت نظامها الأمني.
وأشار إلى أن الجماعات الإرهابية تتكيف بسرعة مع التغيرات الإقليمية ممثلاً بتنظيم داعش الذي غير اسمه أكثر من مرة في مناطق عدة من العراق إلى سوريا وقال :» اليوم مع شعور التنظيم بأن الضغط يزداد عليه فإنه يهيء نفسه للرحيل من العراق وسوريا والتوجه إلى مناطق أخرى».
وأشار إلى أن حزب الله الذي كان يدعي تواجده لمناهضة الوجود الأجنبي والاحتلال الإسرائيلي بدأ يغير من سياسته على مرور الزمن وبدأ الحزب في التدخل في الحرب بسوريا وهو ما يدل على أن هذه الجماعات تغير وظيفتها باستمرار وليس لها مهمة معينة. ولفت إلى وجود منافسة بين داعش والقاعدة في سوريا وفي أماكن أخرى بسبب محاولة السيطرة من كل جماعة على الأخرى، ورأى أن هذا التنافس سيجعل التنظيمين أكثر خطورة مما سبق من خلال تنفيذ عمليات إرهابية أخطر في جميع أنحاء العالم للفوز بأنصار وتمويلات أكثر.
وقال ظهرت تنظيمات “ذات وجهين” ذات حضور سياسي، ولديها جهاز عسكري وهي جماعات موازية للدولة مثل جماعة حزب الله ، معتبراً أنها من أخطر الجماعات.
وشدد على ضرورة ملء الفراغ الأمني والسياسي في الدول الهشة وإعادة بناء الشرعية السياسية، وإنهاء حالة الاغتراب التي يشعر بها الأفراد في أوطانهم.