حاوره - حذيفة إبراهيم
لم تعد تقنية العلاج بالصفائح الدموية الغنية بالبلازما حكراً على مجالات معينة، إذ دخلت مجالات عدة في الدول الغربية، بينها علاجات الفم والأسنان، إلا أنها ليست منتشرة في دول الخليج العربية.
الطبيب عوني العاني، كان أول بحريني خليجي يعتمد رسمياً كمتحدث عالمي في الأكاديمية العالمية لعوامل النمو والخلايا الجذعية لطب الأسنان، كما أنه الأصغر عالمياً في تلك الأكاديمية بسبب بحوثه القيمة، وهو يسعى لأن يتم استخدام تقنية العلاج بالبلازما في مجالات طب الأسنان في البحرين بعد التعريف للأطباء والمرضى، كونها تقنية آمنة تماماً.
«الوطن»، حاورت العاني، حيث أكد أن العديد من الحالات يمكن علاجها باستخدام تلك التقنيات وهي معتمدة عالمياً، مشيراً إلى أن عدم استخدامها في مجالات طب الأسنان في البحرين بسبب عدم وجود المعلومة الكافية عنها.
وفيما يلي نص الحوار:
- كيف انضممت إلى الأكاديمية العالمية لعوامل النمو والخلايا الجذعية لطب الأسنان؟
بدأت القصة عندما التقيت رئيس الأكاديمية العالمية لعوامل النمو والخلايا الجذعية لطب الأسنان البروفيسور لونيس جورجكوبلويوس، ومدير الدراسات العليا في جامعة BPP في بريطانيا البروفيسور ماهر المصري، والذي كان له دور كبير في مساعدتي في هذا المجال، خلال أدائي الدراسات العليا في بريطانيا بتخصص جراحة الفم، حيث كنت أبحث عن أحدث علوم ومستقبل جراحة الأسنان.
وأبدوا الاثنان ترحيبهما بأفكاري حول طب الخلايا الجذعية، وسألاني عن ما يمكنني تقديمه في هذا المجال، وتقديمه لهم في الأكاديمية لمعرفة ما إذا كان يستحق الموافقة على المناقشة أم لا.
وخلال عملي في مجال طب الأسنان، لاحظت أن المرضى يعانون من الآلام ومضاعفات بعد قلع الأسنان والعمليات الجراحية الخاصة بالفم والأسنان.
ووجدت أن الدول الأوروبية مستفيدة من الصفائح الدموية الغنية بالبلازما، وهو العلم الذي يتم استخدامه في دول الخليج والبحرين في مجالات التجميل، وغيرها من المجالات البسيطة، وكنت متابعاً لذلك العلم من خلال الدراسات السابقة والأبحاث التي أجريت في هذا المجال، ولكنها ليست شائعة الاستخدام في مجال طب الأسنان في المنطقة.
كما لاحظت أيضاً أن هناك قصوراً بالاهتمام في حالات المرضى الذين يتناولون أدوية هشاشة العظام والذين قد يعانون لاحقاً من «انكشاف العظام» بسبب عدم التركيز على التاريخ الطبي للمريض، وهو ما كان موضوع بحثي الذي قدمته للأكاديمية.
كما سعيت لأن أكون محاضراً في هذه الأكاديمية العالمية الرائدة من نوعها، وقدمت ما لدي حول الدراسات التي أجريها في هذا الموضوع المتعلق بالتهابات الفك بعد العمليات الجراحية للمرضى الذين يتناولون أدوية هشاشة العظام ورحبوا بهذه المحاضرة والملخص الذي تم تقديمه لهم.
على ضوء الملخص الذي قدمته، تمت دعوتي من قبل الجمعية لإلقاء محاضرة في المؤتمر الدولي العالمي الأول للأكاديمية العالمية لعوامل النمو والخلايا الجذعية لطب الأسنان والذي جرى في اليونان مؤخراً.
-تحدثت عن العلاج بالبلازما الغنية بالصفائح الدومية ماهو هذا العلاج؟
تقنية العلاج بالصفائح الدموية الغنية بالبلازما، هي تقنية حديثة تستخدم في علاج العديد من الحالات المرضية، وتقوم على فصل عينة من دم المريض ثم تثقيل هذه العينة للحصول على بلازما دموية غنية بالصفائح الدموية، ويتم حقنها بالأماكن التي تحتاج معالجة، حيث تحتوي على عدة عوامل من عوامل النمو والسيتوكينات الأخرى التي تحفز التئام الأنسجة والعظام.
وتقوم هذه التقنية على تحفيز إنقسام الخلايا الجذعية التي هي خلايا بدائية لها القدرة على الإنقسام والتكاثر لتعطي أنواعاً مختلفة من الخلايا المتخصصة كخلايا الجلد والخلايا الغضروفية وغيرها.
هذه الخلايا الجذعية مسؤولة عن تجديد الخلايا التالفة وانتاج خلايا جديدة بشكل ذاتي للجسم، وتجديد الأنسجة وتعزيز نمو الأوعية الدومية الجديدة، وتحفيز عملية التئام الجروح، وهي تقنية آمنة تماماً وبدون أي آثار جانبية على الإطلاق على المدى الطويل لأنها تعتمد على حقن مواد ذاتية من نفس المريض، وبالتالي لا يوجد أي مخاوف من رفض الجسم للمادة المحقونة أو من انتقال أي عدوى جرثومية أو حصول أي تفاعل سلبي مع هذه المادة.
كما إن هذه التقنية تقلل آلام العمليات الجراحية، وتسرع التئام الجروح والعظام في العمليات المختصة بأمراض العظم، ويمكننا أن نستخدمه لمن لديهم مشاكل في الفك.
فتركيز خلايا الصفائح الدومية المأخوذة من الدم تحفز عوامل النمو وتساعد في الشفاء من الإصابات المزمنة. وعوامل النمو هي المواد الكيميائية التي تشير لبدء استجابة الجسم للشفاء بعد حقن البلازما في مناطق الإصابة. وأشعر من وجهة نظري أننا لم نستخدمه في الدول العربية، وفي دول الخليج بالشكل المطلوب رغم أهميته.
سرعة الشفاء باستخدام هذه التقنية يمكن تمثيلها بشخصين سيذهبان من البحرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أحدهما يسافر بالطائرة، ويحتاج لساعات ليصل إلى هناك، فيما الآخر يغادر باستخدام البحر ويحتاج إلى أشهر للوصول إلى هناك.
وبعد العمليات الجراحية الصعبة، يعاني المرضى من انتفاخ وآلام، ولكن باستخدام الصفائح الدموية الغنية بالبلازما، تقل هذه المشاكل بنسبة كبيرة جداً تصل إلى 94% بناء على بعض الدراسات التطبيقية العملية التي أجريت.
فهذه التقنية بإمكانها أيضاً أن ترفع من نسبة نجاح زراعة الأسنان، ونسبة التئام العظم واللثة بعد زراعة الأسنان للعديد من المرضى، وتزيد من كثافة العظم، وتقلل من الالتهابات المحتملة بعد العمليات الجراحية، وتحسن بنسبة كبيرة من تجدد العظام والأنسجة الناعمة.
ويمكن خلط هذه البلازما مع المواد العظمية لإعادة بناء عظم الفكين، وتسريع من فعاليتها وتحفيز التئام العظم. وأثبتت الدراسات الأمريكية أنه يوجد في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، تزايد وانتشار استخدام منتجات «الدم الذاتي» لتسهيل الشفاء في عدة أمراض كونها تقنية آمنة وسريعة وطبيعية.
وتم استخدامها في مجالات جراحة العظام والطب الرياضي وطب الأسنان والأنف والحنجرة وجراحة الأعصاب وطب العيون والمسالك البولية والتئام الجروح، ومستحضرات التجميل، والقلب، وتمت تلك الدراسات في الولايات المتحدة لمدة 20 عاماً ولكنها في العالم العربي حديثة. كما يمكن للمرضى الذين يعانون من مشاكل في الفك أن يتم استخدام تلك التقنيات لديهم وحل المشاكل التي يعانون منها.
- تحدثت عن عدم استخدام تلك التقنية في مجال طب الأسنان البحرين ما الأسباب؟
دخول تقنية العلاج بالبلازما الغنية بالصفائح الدومية هو علم دخل حديثاً إلى مجال طب الأسنان، ولأنه لا يوجد تفسير واضح سواء للأطباء أو المرضى عن فوائدها وتأثيرها على الأسنان لا يتم استخدامها في تلك المجالات.
اعتقد أنه يجب أن تدخل تلك التقنية إلى غالبية العيادات والمستشفيات، كونها تختصر الوقت والجهد، وتقدم نتائج مضمونة. كما إنها سابقاً كانت تحتاج إلى أجهزة معقدة، ولكن مع التقنيات الحديثة أصبحت أسهل وأسرع.
- من هم المرضى الذين لا يمكنهم استخدام تلك التقنية؟
بشكل عام فإن المرضى المصابون بأنيميا فقر الدم لا يمكنهم استخدامها بسبب قلة الصفائح الدموية لديهم. كما لا ينصح باستخدامه من المرضى الذين يعانون من اضطرابات النزيف، والذين يتناولون الأدوية المضادة للتخثر، مثل الكومدين، الوورفرين، والهيبارين. ولا يمكن للمرضى الذين يعانون من التهابات نشطة كالتهابات الكبد الفايروسي المزمن أن يعالجوا بتلك التقنية.
-كيف يمكن استخدامها في العيادات الصغيرة، وما هي التطورات التي طرأت عليها؟
في الوقت الحالي، وافقت إدارة الدواء والغذاء الأمريكية FDA على أن يتم سحب عينة 55 سي سي، من يد المريض ووضعها في جهاز الطرد المركزي والذي يدعى «centrifuge» ويدور بسرعات عالية تتراوح بين 1800-2700 دورة بالدقيقة حسب نوعية الجهاز المستخدم، ويقوم بفصل الصفائح الدموية الفقيرة بالبلازما عن الصفائح الدموية الغنية بها، وكريات الدم الحمراء.
ويتم استخدام تلك البلازما في مختلف العمليات الجراحية الخاصة بالفم، لتبدأ هي عملها الذي شرحناه في السابق، وهذه التقنية تستخدم أيضاً في مجالات أخرى، فجهاز الطرد المركزي «centrifuge» صغير ويمكن اقتناؤه من العيادات كافة، وسعره لا يتجاوز 1500 دينار.
- بالعودة إلى الأكاديمية، حدثنا أكثر عن انضمامك لها؟
اعتبر أنا أول بحريني خليجي متحدثاً في تلك الأكاديمية، كما إنني أصغر عضواً معتمداً كمحاضر دولي بها، في مجال عوامل النمو والخلايا الجذعية، وتم اختياري لتقديم المحاضرة الافتتاحية الأولى في المؤتمر، وحضرها عدد كبير جداً من أكبر أطباء الفم والأسنان في الدول الأوروبية.
المحاضرة التي قدمتها، تحدثت عن الصفائح الدموية الغنية بالبلازما، واستخداماتها في طب وجراحة الفم والأسنان، من التئام الجروح، وصولاً إلى إعادة تكوين العظام.
بعد ذلك حصلت على جائزة «ووغرو» ونشرت الصحف الأوروبية من ضمنها البولندية واليونانية، المؤتمر باعتباره المؤتمر الأول في ذلك المجال في العالم.
فوصولي لتلك المرتبة يعني أن البحوث والعلم الحديث الذي يتم تطبيقه والبحث عنه من قبل محاضرين خلييجيين وبحرينيين، معتمد في تلك الأكاديمية، وهي ذات قيمة عالية، يمكن من خلالها الوصول إلى تطوير طب وجراحة الفم والأسنان في الخليج العربي والعالم.
وهذا المؤتمر كما وصفه رئيس الأكاديمية، هو ملتقى علمي متخصص بتطوير طرق مواجهة التحديات وإيجاد طرق جديدة للتعامل مع المرضى، حيث يقدم هذا المؤتمر محاضرات رئيسة، ومحاضرات ذات جودة عالية، فضلاً عن الابتكار في علاجات الأسنان وهي تقرب الجميع وتعطيهم المعلومات والاطلاع للوصول إلى ذلك الابتكار.
كما أنها تربط استخدام علم الأحياء الجزيئية، مع العلاج اليومي لطب الأسنان.، خصوصاً علاج اللثة، وجذور الأسنان، والجراحة العامة للفم وزراعة الأسنان، وتعلم طرق إعادة بناء الأسنان، من خلال تطويرها والاستفادة من عوامل النمو. وبعد انتهائي من المحاضرة وتكريمي، بدت علامات استفهام من قبل الأطباء حول صغر سني حيث للتو أنهيت عامي الثلاثين، مقابل ما تم تقديمه من محاضرة علمية رصينة ومعتمدة دولياً، وأصبحت أصغر عضواً عالمياً في هذه الأكاديمية، وأشادوا جميعهم بهذه المحاضرة التي قدمتها.
أما الأكاديمية العالمية للعوامل النمو والخلايا الجذعية في طب الأسنان، فهي تسعى لتوقع وتحقيق مستقبل علاجات الأسنان، إضافة لربط علم الأحياء الجزيئي وعلوم الحياة الأخرى، في مجال طب الأسنان، وهي تقدم برامج تعليمية عالية الجودة لأطباء الأسنان، والاستفادة من التكنولوجيا الأكثر تقدماً في بيئة التجارب السريرية. كما تبحث في تطوير التقنيات المعقدة، وتبسيطها في استخدامات الطب خصوصاً طب الأسنان.
كما إن مؤتمرات الأكاديمية تتم تغطيتها من قبل مجلة توث نيوز الأوربية، وغيرها من المجلات العلمية المتخصصة في مجال طب الأسنان.
-بعد انضمامك لتلك الأكاديمية، ما الذي تسعى له في المجالات المختلفة من بينها مجال طب الأسنان؟
أسعى لاستقطاب تلك الأكاديمية لتتخذ من البحرين مقراً لأحد مؤتمراتها، كون البحرين إحدى الدول الرائدة في مجالات الطب بشكل عام. كما أطمح لتطبيق ما تعلمته في الدول الأوربية، وجلب تلك التقنية هنا، ما يعزز أسم المملكة في مختلف دول العالم.
كما أعمل على دراساتي العليا والتي تربط هذا العلم بجراحات الفم والأسنان. وأنا حاصل على شهادتي البكالوريوس الأولى من الجامعة المسنتصرية بطب وجراحة الفم والأسنان في بغداد.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}