أكد رئيس مجلس الشورى علي بن صالح الصالح "أن رؤية صاحب الجلالة ملك البلاد المفدى كانت وما تزال هي المنهج الذي تسير عليه السلطة التشريعية"، مبينا بأن "العملية الديمقراطية في مملكة البحرين قد حققت نقلات نوعية كبيرة خلال السنوات الماضية".
وأشار الصالح في لقاء خاص لوكالة أنباء البحرين (بنــا) إلى "أن السلطة التشريعية قد تطرقت إلى الكثير من الملفات خلال دور الإنعقاد الحالي"، لافتا إلى أن "التحديات الأكبر ستبقى تلك الملفات المتصلة بالأوضاع الاقتصادية ، والعمل على تطوير التشريعات بما يتماشى مع تلك الأوضاع وتحقيق الطموح المرجو منها لاسيما وأن الأوضاع الاقتصادية لاتزال تعصف بجميع دول العالم وهي ليست مقتصرة على البحرين ودول الخليج العربي".
وفيما يلي نص اللقاء:
- كيف تقيمون ما حققه مجلس الشورى خلال دور الانعقاد الذي قارب على الانتهاء خلال هذا الشهر، خاصة في ظل التحديات التي تمر بها المملكة؟.
أعتقد أن السلطة التشريعية بشكل عام قد ناقشت عدداً من المواضيع ذات الأهمية في الدور الحالي، خاصة التي تناولت التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الطارئة الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، وفي نظري أن مجلس الشورى قد تعامل مع هذه المواضيع بكل مهنية قدر الإمكان من خلال المناقشات التي جرت في اللجان الدائمة أو الجلسة العامة تحقيقا للمصلحة العامة للوطن، مع الأخذ بعين الاعتبار مراعاة ظروف المواطنين ومستواهم المعيشي، وقد سعينا قدر الإمكان للوصول من خلال هذه المناقشات لما هو أفضل للجميع.
- ما هي أبرز الملفات التي واجهت المجلس في دور الانعقاد الأخير، وكيف ترون قدرة المجلس على التعاطي معها في الدور القادم؟.
الظروف الاقتصادية التي تمر بها المنطقة والعالم ما تزال مستمرة في ظل المتغيرات التي تشهدها الساحة الإقليمية والعلاقة بين الدول الكبرى المصدرة للنفط مقارنة باحتياجات السوق، ونحن كمملكة مصدرة للنفط وتعتمد بشكل كبير على هذا المورد في تأمين الميزانية العامة للدولة، نواجه تحدياً كبيراً في هذا المجال، لذا فإن أبرز الملفات التي ستواجه المجلس في الفترة الراهنة سترتبط بشكل مباشر بهذا الملف، الذي يتصل بكافة الملفات الأخرى، فدون توافر الاعتمادات اللازمة سنجد صعوبة في تأمين كافة الخدمات أو القيام بمشاريع جديدة، وهذا ما يحرص مجلس الشورى على عدم حدوثه ويعمل بكل تفاني مع مجلس النواب والحكومة الموقرة لتوفير الخيارات التي تجنب المملكة والمواطنين أي تداعيات مرتبطة بهذا الوضع.
- إلى ما تتطلعون خلال دور الانعقاد القادم للمجلس، وكيف يسهم ذلك في تطوير مسيرته التشريعية بما فيه خير ومصلحة الوطن؟.
نحن نتطلع دائماً لما يرتقي بالمنظومة التشريعية في المملكة وبالقوانين والأنظمة المعمول بها بما يسهل آليات العمل ويضمن تقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين، فضلاً عن توفير البيئة النموذجية للاستمثار والتي تعتمد بشكل أساسي على الأمن والاستقرار وعلى الكفاءات والأيدي العاملة من المواطنين، وبذلك فنحن أمام مهمة وطنية كبرى تتمثل بالعمل مع مجلس النواب والحكومة على تحقيق هذه الرؤية.
أما فيما يتعلق بدور الانعقاد القادم، فأعتقد أن أهم ما ينتظره المجلس هو مشروع الميزانية العامة للدولة للعامين 2017 – 2018 م وقد بينت سابقاً أهمية هذه الميزانية وإعدادها بشكل مرن تستطيع معه المملكة السير قدماً في مسار التنمية الشاملة وفق رؤية البحرين 2030 والتي تمثل الغاية التي بتحققها ستنتقل المملكة إلى مرحلة جديدة.
- ما هو تقييمكم لتطور التجربة البرلمانية عموماً، والشورية بشكل خاص في ظل المشروع الإصلاحي للعاهل المفدى؟.
رؤية العاهل المفدى حفظه الله ورعاه كانت وما تزال هي المنهج الذي تسير عليه السلطة التشريعية، وقد بين جلالته حفظه الله ملامح المشروع الإصلاحي وأهمية دور مجلسي الشورى والنواب للمساهمة في تحقيقها، والعملية الديمقراطية قد حققت نقلات نوعية كبيرة خلال السنوات الماضية، وإن كانت هناك بعض العقبات التي لا تخلو منها أي تجربة، إلا أن المملكة تمكنت من تجاوزها، والعمل التشريعي يحقق من دور انعقاد لآخر نقلات نوعية في الأداء.
أما عن دور مجلس الشورى فأعتقد أن الكوادر والكفاءات التي يتضمنها والتي خدم معظمها الوطن في مواقع مهمة، ساهمت في تعزيز أداء المجلس وتطويره، فضلاً عن ما توفره هذه الكفاءات من آراء انعكست على مستوى التشريعات والقوانين التي أقرها المجلس في دوري الانعقاد الأول والثاني، ونحن لا نقول بأننا تمكنا من الوصول للمستوى النهائي من التميز، إلا أننا نسعى دائماً للوصول لأعلى معدلات الأداء الإيجابي.
- هناك توقعات متزايدة لعموم المواطنين من مجلس الشورى، خاصة إزاء الملفات المعيشية والحياتية، هل لكم من كلمة في هذا الشأن؟.
نعم، وفي هذا المجال يجب أن تكون الصورة واضحة للجميع، وهي أننا في مجلس الشورى مع مصلحة الوطن والمواطن أولاً وأخيراً، ونحن نطمح دائماً للارتقاء بالمستوى المعيشي والذي سيشملنا أيضاً كمواطنين إذا ما ارتقى وتطور، ولكن ينبغي الإشارة إلى حقيقة الظروف الاقتصادية التي تمر بها اقتصادات الدول المصدرة للنفط والتي تأتي المملكة كإحداها، وبالتالي فإن الوضع الذي يعرفه الجميع يفرض علينا اتخاذ قرارات تراعي التعامل معه بحذر وبروية، خاصة وأن أي زيادة أو خدمة أو مشروع يتطلب اعتمادات مالية، وبالتالي فنحن أمام تحدي كبير حالياً للمحافظة على المستوى الذي وصلت إليه الخدمات والدعم الذي تقدمه الدولة، فما بالك بتقديم المزيد من المزايا وغيرها، والتي نحرص على توفيرها وتطويرها، ولكن وفق الإمكانيات المتاحة وبحكمة في التعامل.
- سن التشريعات وإقرار القوانين والرقابة من مسؤوليات المجلس الجسيمة، كيف ترون نجاح المجلس في هذا الشأن؟.
وفقا للتعديلات الدستورية الأخيرة، فإن مهمة مجلس الشورى تنحصر في التشريع، وقد أسهم المجلس بالتعاون والتوافق مع مجلس النواب في تعديل وتحديث العديد من التشريعات والقوانين خلال دور الانعقاد العادي الثاني من الفصل التشريعي الرابع، حيث بذل أصحاب السعادة الأعضاء جهد مشهود في تحقيق الكثير من الإنجازات خلال هذا الدور، والتي أسفرت عن تمرير مجموعة من التشريعات بعض منها كان باقتراح من أعضاء المجلس.
- ما هي الخطط الموضوعية لتطوير التعاون مع مجلس النواب، سيما مع ما أُثير من قضايا وطرح ملفات خلال الفترة الماضية؟.
مجلس الشورى ملتزم بمبدأ التعاون بين السلطات الثلاث والتعاون مع مجلس النواب بصفته الغرفة الثانية ضمن المجلس الوطني، وفي نظري فإن المجلسين حافظا على العلاقة بينهما وبإيجابية، فعلى الرغم من بعض المواضيع التي طرحت في بعض الأحيان، إلا أنها لم تمس مستوى التعاون والتواصل القائم بين المجلسين وعلى مستوى الرئاسة أيضاً.
أما فيما يتعلق بالبرامج والخطط الموضوعية لتطوير التعاون فيمكنني القول أن هناك العديد من البرامج التي تقوم بها الأمانتين العامتين للمجلسين بشكل مشترك لتقديم أفضل الخدمات المساندة للدور التشريعي المنوط بأصحاب السعادة أعضاء مجلسي الشورى والنواب، كما لدينا العديد من التوجهات المشتركة في التعاطي مع الملفات التي تناقشها السلطة التشريعية على المستوى الإقليمي والدولي في المؤتمرات والاجتمات التي تشارك فيها السلطة التشريعية في الخارج، وبالمحصلة أستطيع القول أننا نحرز مزيداً من التقدم يوماً بعد يوم في مجال التعاون المشترك لأننا نستهدف ذات الغاية ألا وهي خدمة الوطن والمواطنين وتحقيق تطلعات العاهل المفدى حفظه الله ورعاه في بناء دولة المؤسسات والقانون.
- النهوض بدور المجلس من ركائز رؤيتكم لتطوير الأمانة العامة له ودعم أعضائه بالمعلومات والاستشارات الضرورية، كيف يكون ذلك؟.
ينبغي الإشارة في بادئ ذي بدء للاستراتيجية التي تم اعتمادها للأمانة العامة والتي شملت تطوير مختلف الإدارات والأقسام وتبنت رؤية للفصل التشريعي الحالي تتضمن الارتقاء بالخدمات التي تقدمها الأمانة العامة لأصحاب السعادة الأعضاء، والتي أخذت بعين الأعتبار توفير الكفاءات والخبرات الضرورية والعمل على الارتقاء بمستوى منتسبي الأمانة العامة وزيادة قدراتهم وتعزيز إمكاناتهم من خلال عملية التدريب وتشجيع الحصول على أعلى الدرجات العلمية، بالإضافة إلى إنشاء مركز المعلومات لمواكبة حركة التطوير المنشودة، وتعزيز دور قسم البحوث لتقديم أفضل الدراسات التشريعية في مختلف المجالات، وهذا من وجهة نظرنا من أبرز الإنجازات التي نعمل في مجلس الشورى على إنجازها في المرحلة الراهنة.
- التواصل مع قوى المجتمع ومؤسساته الوطنية والأهلية من الأمور التي تحرصون عليها ، كيف تقيمون نجاح المجلس في ذلك؟.
نحن نحتفظ بعلاقة مميزة مع كافة مؤسسات المجتمع المدني ونؤكد على أهمية التعاون والاستمرار في التواصل لمناقشة كافة القضايا التي تخص الوطن والمواطنين وتحقق المصلحة الوطنية التي ينشدها الجميع، وفي اعتقادي أن هذه الجهات بإمكانها المساهمة في نقل نبض الشارع البحريني بمختلف قطاعاته من فنانين وأصحاب أعمال و عمال و غيرهم، لذا فمن المهم لنا كسلطة تشريعية التعرف على آراء هذه الجهات والاطلاع عن كثب عن رأي المختصين من المنخرطين في مجال العمل المهني والنقابي المتعلق بهذه القطاعات للتعامل مع كل الملفات التي تخصهم أو المشاريع و المراسيم بقوانين المحالة للمجلس وتتعلق بهم.
يبقى أننا نؤكد أن ما حققناه هو خطوات أولى للبدء ببناء بحرين المستقبل وفق رؤية العاهل المفدى حفظه الله ورعاه وشعب مملكة البحرين الكريم، ونسأل الله العلي القدير أن يوفقنا بأن تكون هذه الخطوات لصالح الوطن وبما يرضي الله.