مهند أبو زيتون
يحلم قاسم سليماني بإشعال البحرين، إيران من ورائه تحلم، لذلك كانت اللغة المستخدمة في التعليق على «إسقاط» عيسى قاسم عنيفة، داست في طريقها كل محاولات أتباع الرجل للتبرؤ من التبعية المطلقة لإيران. بدت طهران تدافع لغوياً عن رجلها بشراسة. سليماني تحدث عن نار ستحرق المنطقة، «انتفاضة مسلحة»، «مقاومة عنيفة»، حزب الله هدد، والحائري توعد، الجوقة انطلقت بتناغم غذته تعبيرات لطالما حفلت بها اللغة الخشبية للحرس الثوري، فبدا وكأن الكليشيهات يعاد إنتاجها مرة تلو المرة، في إعدام النمر، وأمام عاصفة الحزم، حتى أن التهديد فقد كثيراً من قيمته.
السؤال الآن: لماذا تثبت إيران التهمة على حلفائها في منطقتنا بهذا الوضوح؟ لا مداراة ولا مواربة.
ربما لأن إيران المأزومة في العراق وسوريا واليمن تغيرت لعبتها في المنطقة منذ اندلاع الفوضى العربية المدعومة أمريكياً، ومنذ تورطها المكلف في سوريا. إنها تقدم نفسها حامياً علنياً لتيار ولاية الفقيه في مواجهة مجتمعاتهم، وتفاوض على ذلك. فإعدام النمر بدا وكأنه إعدام لأحد رعاياها، و«إسقاط» قاسم إسقاط لوكيلها. فتخلت في سبيل ترسيخ الصورة عن كل قناع وألغت كل هامش للمناورة كان أنصار هذا التيار يحتمون بظله، حتى أن أحدهم لم يستطع أمس أن يوجه دعوة ولو إعلامياً لسليماني بالكف عن التدخل في البحرين حين أحرجه الطرف الآخر بهذا الطلب.
وإذا كانت إسرائيل تعتبر كل يهود العالم خزاناً ديموغرافياً لدولتها المزعومة، فإن إيران تعتبر المؤمنين بولاية الفقيه من الشيعة العرب وقوداً افتراضياً لحلمها بهيمنة إقليمية تجعلها القوة رقم واحد في منطقتنا، الأمر الذي يستدعي مواجهتها بقوة من المجتمعات العربية وقبل كل ذلك من الشيعة العرب أنفسهم.
ستظل إيران تحلم بحرق البحرين، لأن في ذلك ما يعيد بعض التوازن إلى معركتها الإقليمية الأكبر، غير أن الحكمة تقول: من يتكل على الأحلام ينام طول الحياة.