^  الأحواز أرض عربية وجزء لا يتجزأ من الأمة العربية، احتلته الدولة الإيرانية في العشرين من أبريل عام 1925م بتآزر وتعاون مع الدولة البريطانية، وغيرت اسمه إلى «خوزستان». جغرافياً تقع في الجنوب الشرقي من العراق والجنوب الغربي من إيران، محاذية للخليج العربي. وهي الأرض التي تفصل الأراضي الإيرانية عن منطقة الخليج العربي أرضاً ومياهاً. وتاريخياً أرض الأحواز حيث تختلف حضارتها وثقافتها وعادات شعبها العربي وتقاليده عن تقاليد وعادات الإيرانيين. ويتمتع هذا الإقليم بثروة نفطية تبلغ نسبتها 70% من النفط الإيراني المُصدر. وكان آخر أميراً لها هو الشيخ خزعل الكعبي الذي تم أسره في 25 أبريل 1925م. ومنذُ الاحتلال الإيراني لإقليم الأحواز العربي اتبعت ضده سياسات تمييزية حاقدة ضد شعبه، سياسياً وثقافياً وعسكرياً وأمنياً، ومنها منع الشعب الأحوازي من التحدث والتعلم باللغة العربية، وضع العراقيل لمنعهم من الانتساب إلى الجامعات الإيرانية، منع تسمية مواليدهم بالأسماء العربية، تغيير تسمية مناطق الأحواز وتفريس مسمياتها وتوطين العائلات الإيرانية في مختلف مناطقه منذ عام 1928م من أجل تغيير طابع الإقليم التاريخي والسكاني، إلى جانب التمييز في فرص العمل والرتب الوظيفية والرواتب مقارنة بالإيرانيين. هذه الأرض العربية التي تناساها العرب ولم تعد تذكر في إعلامهم وفي مناهجهم التعليمية ولا حتى في قممهم السنوية، وأصبحت وشعبها نسياً منسياً. تاريخياً ؛ يذكر الباحثون الغربيون كثيراً من حقائق الأحواز، منهم الرحالة البرتغالي (بيدرو تاسكيرا) الذي زارها في عام (1604م)، وذكر (أن جميع المنطقة الواقعة إلى شرق شط العرب كانت تؤلف إمارة عربية يحكمها مبارك بن عبدالمطلب الذي كان مستقلاً عن الفرس والأتراك وكانت عاصمتها مدينة الحويزة). وقد زار الرحالة الإيطالي (بترو ديلا فالي) حوض نهر كارون إلى مصبه في شط العرب وذكر ( أن الشيخ منصور بن مطلب أحد أمراء المشعشعين العربية كان يقاوم بقوة محاولة الشاه عباس الأول التدخل في شؤون إمارته الداخلية، وكان على اتصال دائم مع حكام إمارات الخليج العربي والعراق). كما إن الرحالة (نيبور) الذي زار المنطقة سنة (1772م) فقد أكد قائلاً (إن العرب هم الذين يمتلكون جميع السواحل البحرية للقسم الشرقي من الخليج العربي، وأن الفرس لم يتمكنوا قط من أن يكونوا أسياد ساحل البحر، وقد تحملوا صابرين على مضض أن يبقى هذا الساحل مُلكاً للعرب). وكان ما تملكه الأحواز من موقع جغرافي يطلُ على الخليج العربي ومرتبط بأرضها وثروته النفطية الضخمة من أسباب احتلاله، وأن خضوع هذا الإقليم للسيطرة الفارسية لفترات تاريخية متفرقة لا يمكن اعتباره دليلاً على تبعيته لإيران. والدليل الأكبر على عروبتها هو تسمية إيران لها بـ «عربستان» أي الأرض العربية التي يسكنها العرب وتبلغ نسبتهم (95% من السكان). لذا فإن الأحواز عربية الأصل قديماً وحاضراً، وإدعاءات إيران بعائديتها لها لا تستند إلى منطق التاريخ والجغرافيا ولا لأي واقع آخر. فالأحواز والأراضي العربية المجاورة لها تمثل اتحاداً جغرافياً مشتركاً بين سكان ضفتي شط العرب. فأين الحق الإيراني فيها؟ سياسياً؛ هناك اختلاف بين نظام الحُكم في الدولة الإيرانية والأحواز، فإيران سابقاً تحكم بواسطة إمبراطور أو شاه، وكان الحُكم في الأحواز قبلياً ويرأسه شيخ القبيلة، وهو حُكم عربي في طبيعته ومنهجه، وأن إيران لم تمارس السيادة على الأحواز حتى احتلالها عام 1925م وتحويلها إلى ولاية عاشرة لإيران. اقتصادياً؛ من المعالم الطبيعية الواضحة في المشرق العربي نلاحظ أن أراضي الأحواز سهلية وافرة الخصوبة غنية المياه، وهذا ما جعل منها وحدة اقتصادية زراعية ونباتية وحيوانية، وهذه المعالم ليست متواجدة في الهضبات الإيرانية الجبلية. إلى جانب غابات النخيل الممتدة على ضفتي شط العرب وهي امتداد طبيعي لنخيل العراق، والانتقال بين سهول الأحواز وسهل العراق ميسوراً جداً يجري عن طريق شط العرب وهور الحويزة بواسطة القوارب، إضافة إلى المسالك البرية العديدة المفتوحة بينهما. وهذا الأمر أدى إلى وجود التبادل التجاري بينهما وخاصة مع البصرة التي تتم فيها عملية التصدير. كما إن الأحواز ساهمت مساهمة فعالة في تنمية المهارة في الملاحة العربية والغوص واستخراج اللؤلؤ واتساع الميادين التجارية بين الساحل الشرقي لشبه جزيرة العرب. وهذه المظاهر الاقتصادية تختلف كثيراً مع الأساليب الاقتصادية الإيرانية. ويذكر (السير برسي سايكس أحد المهتمين بدراسة تاريخ فارس) أن (ليس هناك شيء يوضح تأثير العوامل الطبيعية على ميول الناس وسلوكهم أحسن من النفور والكره اللذين يظهرهما الفرس دائماً للبحر الذي تفصلهم عنه حواجز جبلية شاهقة، فاستخدموا العرب بحارة لأسطولهم وأسندوا لهم قيادته «برغم معرفتهم بعدم شعور العرب لهم بالولاء والإخلاص»). كما أن ضفتي الخليج العربي الغربية والشرقية مثقلتان بالنفط، وهذا من أسباب احتلالها. حضارياً؛ لمعرفة هوية أي شعب من الشعوب يُنظر إلى لغته وعاداته وتقاليده وفنه وعلمه وآدابه وزيه ومأكله، فالشعب الأحوازي يتكلم اللغة العربية ويرتبط مع الشعب العربي بروابط مشتركة كالمصير والتاريخ والتراث والدين. في حين يتحدث الإيرانيون باللغة الفارسية (من اللغات الآرية). أما ادعاء إيران أن شعب الأحوازي يتكلم باللغة الفارسية فذلك بسبب ظروف الاحتلال الإيراني للأحواز، فالشعب العربي في تونس والجزائر والمغرب ما زالوا يتكلمون اللغة الفرنسية حتى بعد انتهاء الاحتلال بسنوات كثيرة جداً. فهل تعود عائدية هذه الأقطار إلى فرنسا أيضاً؟ كما إن الشعب الأحوازي يرجع أصله إلى الشعب العربي نسباً وأصلاً وهوية، بينما يرتد أصل الإيرانيين إلى الأقوام (الهندية الأوروبية وإلى الجنس الآري)، هاجروا من وراء جبال الأورال واستوطنوا إقليم فارس. فأين الحق الإيراني في الأحواز؟ قانونياً؛ إن احتلال إيران للأحواز وخضوعها للضم لم تكن له اعتبارات قانونية، فهي أرض عربية وكانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، ولم يتم البت في المعاهدة التي بموجبها تنازلت الدولة العلية عن هذه الأرض لإيران، بل استمر النزاع بينهما طويلاً وتم إجهاض المحادثات بينهما باحتلالها عسكرياً من قبل إيران. ومبدأ الاحتلال لا يقره أي دين سماوي ولا قانون دولي، كما إن الدولة العثمانية ليس لها الحق في تقرير مصير أي شعب، ولا يحق لها أن تهب الأقاليم إلى دول أخرى؛ ولم تأخذ رأي الأحوازيين في ذلك؛ فأين الحق الإيراني في الأحواز؟ قومياً؛ خضعت غالبية الأقطار العربية إلى الاحتلال الأجنبي، ومنها إقليم الأحواز، أما سبب هذا الاحتلال فمرجعه إلى الكره الإيراني الشديد للعرب وميلهم للعداء مع كل القوميات غير الفارسية، فكثيراً ما اتهمت العرب (بالبداوة والانحطاط، وطعنت في أنسابهم وشككت بها، وراحت تتهم الأمة العربية في ذاتها، وهاجمت الأخلاق والسجايا والقيم العربية وهاجمت الثقافة واللغة العربية وقللت من شأنها). في ذات الوقت مضت تمجد في ثقافتها والعمل على إحياء تراثها الفكري، داعية إلى التضافر لضرب العرب وأن يعودوا لرعي الإبل في الصحراء. كما لا ننسى أن العرب أدخلوا الإيرانيين إلى الإسلام بالقوة بعد هزيمتهم في معركة القادسية الأولى، ونيلهم الهزيمة الثانية في القادسية الثانية. ستبقى الأحواز المُحتلة ساحة للصراع السياسي والثقافي والاجتماعي بين العروبة والأعجمية، وهذا الاحتلال يمثل تحدياً للسيادة والكرامة والهوية العربية. إلا ومع مرور (87) عاماً من الاحتلال لم يفقد الشعب الأحوازي نقاءه وقوميته وسجاياه العربية. ومنذُ وقت الاحتلال إلى يومنا هذا مازال أبناء الشعب العربي الأحوازي يناضل من أجل استرداد أرضه، وفي كل عام وبهذه المناسبة تنطلق على أراضيه انتفاضة مستمرة، وهي مشتعلة منذ يوم 14 أبريل 2012م ليومنا هذا، ولكن.. أين الإعلام العربي عن هذه الانتفاضة العربية؟ أين هي الفضائيات العربية من سياسية ودينية من هذه الانتفاضة؟ وقد رفعت لافتات كتب عليها.. (أين الإعلام العربي مِمَّا يحصل في الأحواز؟). ألا يُمثل ذلك موقفاً متخاذلاً من الأشقاء العرب تجاه الأرض العربية الأحوازية وشعبها العربي؟ أليس الصمت العربي والغربي والدولي من جرائم النظام الإيراني في الأحواز جريمة في حق هذه الأرض وشعبها؟ هذا الشعب الفقير الذي يعيش على أغنى أرض نفطية يناضل من أجل حقه التاريخي والوطني والقومي في الحياة على أرضه والعيش بكرامة، وهذه التطلعات لا تتنافى مع تعاليم الأديان السماوية والحقوق الإنسانية، هذا الشعب الذي كان سيداً أصبح مُستعبداً لغيره بقوة السلاح ويعيش تحت ظلال الظلم والطغيان والإرهاب الإيراني المُمنهج. وما يطلبه هذا الشعب هو وقفة قومية صادقة من أشقائه العرب وهو أضعف الإيمان.