^   انتهى سباق الفورمولا 1، وكانت رسالته واضحة تماماً للعالم الخارجي أن البحرين بخير، وأن كثيراً مما تم الترويج له في الخارج لتشويه صورتها لا يعبر إلا عن مجموعات ولاؤها للخارج سعت طوال سنين لتغيير النظام والانقلاب على الحكم. من حضر السباق وعايش أجواءه، وأتعب نفسه قليلاً بالسؤال عن حقيقة ما جرى في البحرين سياسياً، لابد وأنه بات عارفاً الآن بأن في البحرين مكونات أخرى هي «أغلبية» هذا الشعب وهي لا تتحدث بنفس لغة من يصرخون في القنوات الخارجية، هذه الأغلبية هي من رفضت أن تكون «عميلة» في حراكها و»خائنة» لوطنيتها، وبالتالي البحرين لم تذهب إلى أي مكان. محاولة إلغاء السباق مجدداً أو إشاعة أجواء الإرهاب والتخريب فيه، «كرت» آخر من «الكروت» التي حاولوا اللعب فيها وفشلوا، بعد محاولات سبقتها لعرقلة إقامة حوار وطني جديد بالتشكيك إعلامياً بمدى جدية الدولة فيه، رغم أن العقلاء من المتابعين للحدث البحريني أدركوا بأن أكبر رافض للحوار هم الانقلابيون أنفسهم، لأنهم يريدونه حواراً لهم فقط، يريدون «مفاوضات» مع الدولة «بشرط» تنازل الأولى لهم في كل شيء يطلبونه دون أن يتنازلوا هم عن أي شيء في المقابل. كان مخططهم الاستفراد بعشرات الصحافيين والمراسلين الذين سيتوافدون لتغطية الفورمولا 1، وحينها كنت أتساءل عن المشاهد التي سيعرضونها عليهم بالأخص ما يحصل يومياً باعتبار أنهم يدعون بوجود «مجازر يومية» وأن «الشهداء» يسقطون يومياً، وأن «الغازات السامة» أكثر من الهواء النقي في البحرين. ماذا كانوا سيعرضون على هؤلاء الصحافيين والإعلاميين؟! هل سيجعلونهم يشاهدون كيف تبدأ شرارة المواجهات اليومية؟! هل سيجعلونهم يرون كيف أن شباباً ملثمين هم من يبدأون بحرق الممتلكات العامة والحاويات في مناطقهم، وكيف أنهم يهاجمون رجال الشرطة في الشوارع بزجاجات المولوتوف بنية القتل؟! أم هل سيأخذونهم للمنامة وبقية المناطق التي لا تشهد تحشيداً طائفياً ولا تحريضاً مستمراً ضد الدولة ليروا كيف أن الناس تعيش بسلام وتمارس حياتها الطبيعية؟! هل ستعرضون على الإعلاميين فيديو صراخ عيسى قاسم وهو يأمركم بـ«سحق الشرطة» وتقولون للإعلام الغربي بأن هذا مرجعكم الديني يأمركم بسحق الشرطة وأنكم ستنفذون ذلك لأنه في إطار «الجهاد المقدس» ضد النظام ومن معه؟! هل هذه لغة مناسبة لإعلام غربي يعرف تماماً ما تعنيه الديمقراطية بخصوص احترام آراء كافة مكونات المجتمع، ويعرف تماماً كيف يكتشف لغة الإرهاب؟! نجاح استضافة الفورمولا 1 لا يعني القول لهؤلاء الإرهابيين بأن «حاولوا مرة أخرى» باعتبار أن محاولتكم هذه المرة كانت فاشلة بامتياز، ليس رد الفعل الطبيعي الآن بعد مضي السباق على خير أن تكتفي الدولة بالتصريحات الإيجابية وبيان أن مجموعات كبيرة من المجتمع الدولي قد «فهم» حقيقة المؤامرة التي شهدتها البحرين، أبداً لا يكفي ذلك، الدولة عليها الآن أن تمارس حقها في تطبيق القانون وإصدار الأحكام بشأن من ارتكب الجرائم والجنايات، وبشأن من خطط للانقلاب على النظام ومن استهدف أمن وسلامة المكونات الأخرى في المجتمع. نقول ذلك لأن الدولة عليها التأهب الآن لمزيد من الفوضى في الشوارع وفي بعض المناطق التي باتت مواقع لعمليات الإرهابيين، إذ نجاح الفورمولا 1، وسيل الإشادات الدولية بشأن البحرين، والتصريحات الإيجابية بشأن الأجواء الآمنة وممارسة الناس لحياتهم الطبيعية والحركة المستمرة في المجمعات والأسواق، كلها أمور ستجعل «ثائرة» من يقودون الإرهاب «تثور»؛ فلا كذب الادعاء بوجود «مجازر يومية» و»حمامات دم في الشوارع» ولا «غازات سامة من كوكب آخر» ولا «مسرحية» تجويع أحد المحرضين لنفسه لأكثر من 70 يوماً (بانتظار موسوعة جينيس أن تستوعب الرقم فقط)، كلها أمور لم تساعد في تشويه صورة البحرين أكثر، ولم تجعل إعلام وسائقي وزوار الفورمولا 1 يتحدثون إلا عن أجواء البحرين الآمنة وفعالياتها الجميلة وأخلاق أهلها وحسن ضيافتهم.