^ عمل وزراء خارجية التعاون يجب أن ينتقل بالعمل الخليجي إلى مرحلة أكثر وضوحاً ونضجاً واستجابة لتحديات الخطر الإيراني. هذا الخطر الذي برزت آخر تجلياته الاستفزازية في زيارة نجاد للجزر الإماراتية المحتلة. إيران سيطرت على العراق أمام أعيننا. وثبتت بقوة التفجيرات والاغتيالات والمليشيات القاتلة حكومة طائفية عميلة لها. وسلبيتنا السياسية والإعلامية حرم العراقيين حتى من حق المقاومة الذي تجيزه الشرائع والقوانين ضد الاحتلال الأجنبي. ووقفنا ننتظر عدالة المحتل الأمريكي الذي أوهمنا بخطر العراق ليشترك هو بدعم خطر إيران الأفتك منه والأكثر إجراماً. إيران اليوم وباستخدام ورقة النظام الآيل للسقوط في دمشق تحاول أن تبسط سيطرتها على سوريا. والدعم الإيراني ما عاد أمراً سرياً أو مشكوكاً فيه. فالحرب مكشوفة بدعم بشار بالسلاح والرجال والمال وبالنفط المسروق من العراق. وإيران موجودة منذ الثمانينات في لبنان عبر وسيطها حزب الله. وحققت اختراقاً في اليمن بإنشاء جيب للحوثيين. ومحاولة الانقلاب الطائفي في البحرين مدعومة من إيران إعلامياً ولوجستياً. والقلاقل في الكويت تقف وراءها شبكة استخبارات إيرانية متغلغلة في مفاصل الدولة. تحريك الأقلية الشيعية في شرق السعودية يتم بالريموت كنترول من طهران. وكل هذا ومازلنا في الخليج نتعامل مع إيران كجار مسالم يمكن أن يكون طيباً. بعد نجاح ثورات الربيع العربي وفي غفلة منا وسرعة حركة، استطاعت إيران أن تبني لها شبكة من المستعمرات الطائفية في دول الشمال الأفريقي. وهو فضاء سني خالٍ من انتشار التشيع الصفوي. في الجزائر هناك منطقة وهران التي بدأ فيها التشيع منذ سنوات. وفي تونس وقعت مدينة قابس في يد التشيع. والجهود الآن تسعى للانتشار في مدينة سوسة. وفي موريتانيا معقل التعليم الشرعي لأهل السنة منذ ألف عام، تقوم إيران بفتح الحوزات. في حين قامت المغرب وليبيا بمحاصرة حركة التشيع بطرد المندوبين الإيرانيين. أما في مصر فمرحلة عدم الاستقرار السياسي جعلت المال الإيراني يجتاح كبريات المطابع بشرائها لطباعة الكتب لنشر المذهب. هل بعد هذا يمكن أن نثق بإيران؟ إسقاط النظام الطائفي في سوريا يجب أن يكون أولوية خليجية في لحظتنا الراهنة. وذلك حتى لا تضيع سوريا كما ضاع العراق. وحركة اجتماعاتنا الخليجية البطيئة يجب أن تتغير بما يتلاءم مع شدة الخطر المحدق بدول الخليج. واستراتيجية دول مجلس التعاون يجب أن تكون أكثر صلابة وحيوية وإقداماً واتحاداً. ما عاد الوقت في صالحنا. ذلك لأن عملية اتخاذ القرار في الخليج مقيد بالبروتوكولات الجامدة بعمل اللجان ولجان اللجان. في حين تقرر إيران وأجهزتها الخارجية المختلفة وتنفذ في الحال. وفي يد سفرائها ميزانيات مفتوحة تحت التصرف حتى دون الرجوع للمركز في طهران. سياسة خارجية خليجية موحدة ودفاع مشترك هو ما يمكن أن تقوم به دول الخليج بعد سقوط الأقنعة. وإلا فإن نجاد سيأتي مرة أخرى ليخرج لسانه علينا. ليس من الجزر الإماراتية المحتلة، بل ربما من مكان آخر.