^ في وقت لاحق من العام 1994 اتصل أحد عملاء السي آي إيه بأحد التجار البحرينيين المقيمين في الولايات المتحدة، وطلب منه أمراً، فما هو؟ اتصل به في ساعة متأخرة من الليل وطلب منه الاتصال بعائلته في المنامة فوراً ليطلب منهم مغادرة البحرين على وجه السرعة لأن البلاد ستكون أمام أزمة أمنية وسياسية كبيرة. التاجر البحريني استغرب من اتصاله وسأله عن السبب الذي يدفعه لمثل هذا الطلب الغريب في ذلك الوقت. عميل السي آي إيه أكد له أن هناك معلومات استخباراتية بأن البحرين ستشهد سلسلة من الأحداث التي لم يسبق لها أن شهدتها وستؤدي إلى اضطرابات سياسية وأمنية واسعة، وعليه فإن الأوضاع لن تكون آمنة لأسرة التاجر نفسه. حادثة أخرى صادفت أحد الأكاديميين البحرينيين الذين لديهم اتصالات قوية مع السفارة الأمريكية في المنامة مرّت عليه في صيف 2010 عندما أخبره أحد المسؤولين الأمريكان بأن الأوضاع لن تكون مستقرة في البحرين بحلول نهاية العام نفسه. الأكاديمي استفسر من المسؤول الأمريكي عن طبيعة الأحداث التي يتوقعها، فلم يعطه الكثير من التفاصيل ولكنه كشف بأن الأحداث لن تقتصر على المنامة فحسب، وإنما هناك عدة عواصم عربية ستشهد أحداثاً مماثلة وغير مستقرة. يحدثني الأكاديمي بأن المسؤول الأمريكي لم يكشف له بأن هناك ثورات شعبية متوقعة في منطقة الشرق الأوسط، ولكنه أخبره بأن هناك أزمة كبيرة محتملة خلال الفترة المقبلة. بماذا نخرج من هذين الموقفين؟ طبعاً نفهم جيداً درجة معرفة الإدارة الأمريكية ومؤسساتها بالأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والخليج والبحرين تحديداً. ولكننا نخرج بقناعة أن هناك بالفعل رؤية أمريكية لمستقبل المنطقة، وهي حقيقة لا تنفي وجود تورط أمريكي بدأت تظهر طبيعته من خلال العديد من المراسلات بين سفارات واشنطن في الشرق الأوسط ووزارة الخارجية. وما يعزز هذا الرأي أن التاجر البحريني ونظيره الأكاديمي علما بالأحداث التي ستشهدها المنامة قبل شهور من وقوعها. أيضاً معلومات استخباراتية من هذا النوع لا يفترض أن تخرج من مسؤولين أمريكيين لأشخاص عاديين إلا إذا كان المسؤولون حريصين على سلامة أصدقائهم أو يسعون إلى إرسال رسائل غير مباشرة للحكومة البحرينية أو لبعض النخب المحلية بشأن أوضاع معينة يفترض أن تكون في صالح واشنطن نفسها. الحاجة تدفعنا لمزيد من البحث والتقصي لكشف ما وراء التورط الاستخباراتي الأمريكي في أحداث البحرين، وهذا ما سأحاول تقديمه أكثر.