حذيفة إبراهيم
أكد الأخصائي في قسم البرامج التربوية - التربية الخاصة، والكاتب عباس ناصر، أن التعليم السائد في العالم العربي لايزال سائداً باستخدام الطرق التقليدية، مشيراً إلى أنه ليس من الترف الحديث عن التعليم باستخدام «الآيباد».
وأضاف في حوار مع «الوطن» أنه آن الأوان للانتقال للمرحلة المقبلة عن طريق تطبيق التعليم التكنولوجي، مشدداً على ضرورة إشراك الطالب في العملية التعليمية وصولاً إلى اختيار المنهج والتخصصات التي بحاجة لها.
وقال إن الشباب يجب أن يأخذوا فرصتهم في البحرين، مشيراً إلى أنه ألف كتابين الأول «حمد إشراقة البحرين»، والآخر أصبح مرجعاً لمن يريد التزود حول التعليم بالعالم العربي، دون وجود أي دعم، ومقبل على كتابين آخرين أحدهما قيد الطباعة.
وأكد ناصر أنه من الأهمية بمكان مواجهة مشاكل الأمن في استخدام التقنية، إضافة إلى تثقيف الطلبة ومستخدمي كل تلك التقنيات لتجنب أي مشاكل، مؤيداً فكرة استخدام التقنيات والطرق القديمة جنباً إلى جنب في العملية التعليمية.
وفيما يلي نص الحوار:
- من أين جاءت فكرة تأليف كتاب يختص بتقنية المعلومات في قطاع التعليم؟
أولاً فإن الكتاب باللغة الإنجليزية، وهو يتحدث عن تطبيقات نظم المعلومات في القطاع التربوي العربي. والكتاب لم يكن لوحدي بل يشترك به عدة مؤلفين وصدر من مؤسسة IGI Global في الولايات المتحدة الأمريكية، كما يباع في أكبر المكتبات ويستخدم كمرجع لأي باحث يود الاطلاع على وضع التعليم الإلكتروني في العالم العربي كاملاً. ويعتبر من أندر الكتاب التي تحدثت عن هذا المجال في العالم، إذ الموجود يعد على الأصابع.
أما بالنسبة للفرصة، بدأت أثناء دراستي للماجستير في جامعة أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة، حيث رشحني د.فايز الأحمد لأكون ضمن مجموعة عملت على تأليف الكتاب بعد أن كلفته دار النشر العالمية تلك باختيار المؤلفين.
وخلال سنتي الأخيرة في الماجستير نشرت رسالة في إحدى الدوريات، ووجد فايز أن لدي الرغبة في نشر الأبحاث والمشاركة في مجال التأليف، لذا رشحني لتلك المهمة، والتي اطلعت على سيرتي الذاتية وما نشرته خلال حياتي.
وبعد أن تم تثبيت الأسماء، شرعت في تأليف فصلين، وهم يتحدثون عن الأمن في استخدام التكنولوجيا في التعليم، إضافة إلى الثقافة.
فتلك الفترة كانت جيدة من حياتي، وعلى الرغم من أنني اضطررت لأخذ إجازة للدراسة على حسابي الخاص، إلا أنني ألفت الكتاب، وحصلت على امتياز مع مرتبة الشرف بالماجستير.
هذه ليست تجربتي الأولى في التأليف، إذ كان قبل دراستي للماجستير، لدي كتاب بعنوان «حمد إشراقة البحرين» وكانت فكرته عبارة عن كتاب يعرض رسوم الأطفال والرسائل التي يعبرون فيها عن حبهم للبلد ولجلالة الملك حمد بخطوطهم، ومن ثم نشرت في كتاب.
وجاءت رسوماتهم الإبداعية ورسائلهم التلقائية البسيطة فيض من الحب والولاء، وأعطى وزير التربية والتعليم اهتماما بالغاً بالكتاب وأمر بطباعته ونشره في مكتبات مدارس المملكة، حيث كان دعمه بمثابة المحفز الكبير لإنجاز هذا العمل الوطني الرائع.
-عن ماذا تحدث الكتاب الذي ساهمت في تأليفه؟
في الفصول التي ألفتها لم أتحدث عن دولة بعينها في الكتاب، وإنما وضع التعليم في العالم العربي كاملاً، إلا أنه يمكننا القول بأن التعليم لايزال سائداً باستخدام الطرق التقليدية في العالم العربي. فالكتاب تحدث عن المواضيع التي طرأت في مجال التعليم مثل الانفجار المعرفي الذي حدث خلال الأعوام الماضية.
كما تطرقت في أحد الفصول إلى موضوع «الحماية» ونظام التعليم التكنولوجي، حيث هناك العديد من المتعلمين الذين لا يعون كيفية استخدام التقنية بالطرق الصحيحة، بل ويساء استخدامها بطريقة أو أخرى، كما تحدثت عن كيفية زراعة الحماية لاستخدام التطبيقات الحديثة لتكون بشكل صحيح كمصدر من مصادر المعرفة.
نحن في العالم العربي نتميز بثقافة تعليمية وتربوية هامة، إلا أنها تستدعي منا كقائمين على التعليم أن نتقل للمرحلة المقبلة عن طريق تطبيق التعليم التكنولوجي في عدة جوانب.
الآن الكثير من الدول تتحدث عن مداخل التعليم الصحيحة، وكيف أن يتم استخدام الأجهزة اللوحية بدلاً من حمل الطالب حقيبة مدرسية ثقيلة.
فنحن في البحرين لايزال نظامنا التعليمي متقدماً مقارنة بالمنطقة التي حولنا، ولدينا خريجين من أعظم الجامعات، كما أن مشروع جلالة الملك لمدارس الموجود حالياً نقل التعليم نقلة نوعية.
التطور التكنولوجي ارتبط في كيفية استخدام التقنيات كأداة ووسيلة في عملية التعليم، لذا دأبت المؤسسات التربوية في التركيز على التكنولوجيا كوسيلة توجد بيئة وعملية تعليمية أكثر فاعلية وتأثير، كونها تبرز المتلقي وتجعله محور العملية التعليمية.
الكتاب تحدث أيضاً عن كيفية إشراك الطالب وجعله محور العملية التعليمية داخل الفصل من خلال الاستيعاب والاهتمام بثقافة التعلم وثقافة من يوصل المعلومة بموضوع تقنية المعلومات والتطبيقات.
-كيف تقيم تجربة البحرين في التعليم؟
تحدثت عن تجربة البحرين في إحدى ورش العمل بجامعة أبوظبي أثناء الدراسة، وصادفت أننا في البحرين كنا نحتفل بمرور 100 عام على التجربة البحرينية في مجال التعليم، فعندما استعرضت التجربة الوطنية، شعرت بالفخر حول ما أنجزناه في مجال التعليم، فنحن لسنا سباقين على مستوى الخليج فقط وإنما العالم أجمع. كما إن الكفاءات البحرينية متواجدة في كل مكان.
وإن شئنا أن نتحدث عن التطور في التربية الخاصة فنحن أيضاً من الأوائل الذين عملوا في ذلك المجال، وهو ما تثبته المحافل الدولية و»اليونيسكو»، إلا أنه عند الحديث عن أي أمر يتعلق بالتطوير، لا نقصد الإساءة أو الانتقاص، وإنما نطلب التجديد ومواكبة العالم الحديث.
أثناء بحثي، شدتني كثيراً تجربتي السويد وسنغافورة، وهي من التجارب التي تعتبر محط أنظار العالم أجمع، فعندما نرى نظام التعليم في سنغافورة، فتلك الدولة تسعى لأن يكون الطالب شريكاً في كل شيء من بينها عملية اختيار المناهج.
والحق يقال، فإن هناك جهداً كبيراً يبذل، وأنا أراه شخصياً في قسم البرامج التربوية - التربية الخاصة، فإن هناك اهتماماً ومتابعة هامة، ونسعى لأن يتم لتطوير نظام التعليم في العالم العربي كونه ممل.
وهناك مبادرات وإدارات متشعبة ومتابعة حثيثة لكل المبادرات، ونسعى لأن يكون الطالب مندمجاً أكثر في مجال التعليم.
- إذاً لماذا لا نرى الأجهزة اللوحية في البحرين بدلاً من الحقيبة؟
الطالب في البحرين يحمل بالفعل حقيبة ثقيلة كما أن البيئة التعليمية مملة إلى حد ما، ولكن فعلياً يجب أن نشرك الطالب أكثر في العملية التعليمية، من خلال تجارب الدول الأخرى.
الوزارة تطمح لثورة في نظام التعليم، وربما توجد بعض المعوقات يسأل عنها أصحاب القرار، ولكن بشكل عام لا توجد معوقات في البحرين للتحول للنظام الإلكتروني.
أما الكلفة فهي كبيرة بكل تأكيد، ولكن الاستفادة ستكون كبيرة أيضاً، كما أن التحول للنظام الإلكتروني ليس «برستيج اجتماعي» بقدر ما هو حاجة وواقع، وفي العالم الآن، إما أن تكون مواكباً للدول أو متخلفاً عنها.
توجه القيادة ليكون الوصول للتميز في كل القطاعات، والتعليم أساسها، قوي ويجب مواكبته، كما إن جامعة البحرين تعتبر من ضمن دعائم التعليم في البحرين، فهي تسعى لإخراج المتعلم لسوق العمل، وتعتبر حلقة الوسط في النظام التعليمي كاملاً، وعند لقائي برئيس الجامعة الدكتور رياض حمزة، تحدث عن مواكبة مستمرة للأبحاث في الجامعة.
وفي حال الانتقال للتعليم الإلكتروني، يجب التركيز على أمرين ذكرتهما في كتابي وهما «مشاكل الأمن»، و»تقبل الثقافات» للنظام الإلكتروني.
يمكننا القول إن مواكبة هذا النوع من التطور يجب أن يصاحبه تنشئة وتربية مجتمعية من البيت والمدرسة، فجميع مؤسسات المجتمع مسؤولة عن تنشئة الأطفال، وهذا دور الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني أيضاً.
يجب علينا أيضاً ألا نأتي بما هو متطور ونطبقه بمدارسنا من أجل التطور فقط، كما يجب ألا نهمل الجوانب الأخرى المتوازية معه.
وتلك الجوانب المتعلقة بالأمن أو الثقافة لا تقتصر على الوزارة فقط، وإنما الأهل والجمعيات وغيرها، وهي حلقة متكاملة. وأنا أرى أنه لو قامت جميع الجهات بدورها في الحفاظ على الأمن، فإن استخدام التقنية سيكون أكثر سلاسة وأماناً. فالأسرة تعتبر اللبنة الأساسية في المجتمع للحفاظ على أمن أطفالها.
ويجب أن نعلم في المقابل أن مواكبة التقنية لم يصبح خياراً وإنما فرض، كوننا اخترنا أن نكون ضمن الدول المتطورة.
وفيما يتعلق بالانتقال للتقنية في التعليم، فإن الحل الفجائي لن يكون مجدياً، فالكتاب الورقي له سحره ولا يمكن الاستغناء عنه، ولكن يجب أن يتم إعطاء حصص معينة كافية حول التقنيات الموجودة وكيفية استخدامها.
استخدام تلك التقنية يجب أن يكون ليس فقط للتعلم، وإنما كيف يتعامل مع هذه التكنولوجيا ليحصل على المعلومة ويكون محصناً بعيداً عن الإرهابيين أو المحتوى غير الآمن وغيرها من المخاطر.
يجب أن نرى أنه ليس من الترف أن نتحدث عن «الآيباد» والآن أصبح تواجد هذه التطبيقات من أساسيات قيام المؤسسة التعليمية. صحيح أن وزارة التربية والتعليم تعطي حصصاً إلكترونية، ولكن هناك فجوة كبيرة لا تغطيها تلك الحصص، فلا بد من تكثيف الدروس الإلكترونية من قبل المختصين والذين لهم مسمى «أخصائي تكنولوجيا التعلم» فمسؤوليته أن يعد البرامج التدريبية والدروس الإلكترونية.
- تحدثت عن إشراك الطالب في العملية التعليمية واختيار المناهج، كيف يتم ذلك؟
نعم، في بعض الدول يجلس المختصون مع الطالب لسؤاله حول ما يريد أن يدرسه وأن يحتوي منهجه القادم عليه، وتسمى بحصص العصف الذهني. فإذاً أصبح الطالب شريكاً في وضع المنهج في بعض الدول، وليس فقط المختصين بالمناهج.
ولدينا في العالم العربي حالياً تجربة، حيث بدأت لجنة الشباب في الإمارات العربية المتحدة من خلال المجالس الاستشارية باختيار ما يريدونه سواء من تخصصات جديدة أو مناهج أو غيرها من الأمور التي تهم الطالب.
هذا الأمر يضيف الحيوية والديناميكية للطالب، ويؤهله للخروج من النمطية في التخصصات، ويتم طرح تخصصات غير موجودة.
فالجامعات الوطنية والخاصة في البحرين تنقصها الكثير من التخصصات، وما هو موجود فيها رتيب، في حين أن المؤسسة التعليمية المتميزة هي التي تقدر على الابتكار وأن تطرح برامج متخصصة فريدة ومتميزة.
نحن نمتلك الإمكانية والقدرات وروح الحماس عند الطلبة، وهذه يجب أن تكون المدخل لتطوير عملية التعليم، حيث تغير الآن الدول تباعاً النظام التعليمي التقليدي الذي أصبح مملاً، وبدأت عملية تقليص الساعات كونها تسبب إرهاب للطالب وعائلته.
وأصبح عندما يذهب الطالب للمؤسسات التعليمية في العديد من الدول، لا يذهب للتلقي، وإنما هو شريك في تلك العملية بصورة أكبر. الدول ألغت أيضاً النمط التقليدي لتوصيل المعلومة، كونه آتى ثماره لفترة معينة، ولن يجدي نفعاً الآن، وأصبح التعليم حالياً مفتوحاً أكثر، ومصادر المعرفة متاحة ومجانية للجميع.
-لماذا لا يعطى الشباب فرصة إذاً لاختيار مناهجهم في البحرين؟
لا يوجد ما يمنع أن يكون الشباب حاضنين لتلك التجارب من خلال الطاقات التي يمتلكونها. ويجب دعم الشباب كما دعت القيادة ولقاءات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى والتي تؤكد على أن يكون الشاب البحريني وقود لعملية التنمية في البلد.
أسرد تجربتي التي من خلالها أود تسليط الضوء على الكتاب البحرينيين الذين يحتاجون للدعم، وهم قادرون بلا شك على تحليل الوضع، فيجب الاهتمام بالطاقات الشبابية.
نحن في البحرين بحاجة لحاضنات لطاقات الشباب. أشيد ببرنامج سمو ولي العهد لإعداد القادة، فهو برنامج متميز، ويجب أن تتبنى كل الجهات والوزارات نفس تلك المبادرات.
نحن بحاجة إلى عملية كشف وبحث عن الطاقات الشبابية التي تمتلك الإمكانيات، كما أنني أسعى شخصياً ليكون لدي مهام أكبر مما أنا فيه لما أراه من قدرة لدي، ولكن هل يجب أن ننتظر لتصبح أعمارنا في الخمسين كي أستطيع أن أعطي ما لدي.
-ما هي مشاريعك الجديدة والمستقبلية؟
أعمل الآن، على الجزء الثاني من كتاب «حمد إشراقة البحرين»، والذي أرى أنه بحد ذاته لا يساعد للوصول إلى الهدف المرجو منه والمتعلق بتعزيز المواطنة، ولكن الأنشطة التي يحتويها هي ما تعزز المواطنة.
كانت الفكرة أساساً من الكتاب أن يتم اختيار الطلاب من كل محافظات البحرين، وإعطاؤهم الفرصة ليرسموا بقدراتهم الابداعية وإن كانت متواضعة حب المملكة، ليعطي الطالب مساحات إبداعية، من خلالها يستطيع أن يعبر عما في داخله.
وأنا أطالب وزارة التربية أن تتبنى هذا الكتاب بصورة أكبر، كون الرؤية التي لدينا واضحة حول الكتاب وهو ضمن مشروع ضخم لتربية الناشئة والأجيال لحب الوطن، كما أن المشروع لو تم الاهتمام به لأصبح أفضل بكثير.
كما أحضر للكتاب الرابع باللغة الإنجليزية، وهو حالياً تحت النشر في المطبعة، وعنوانه «مجموعة أبحاث في الإدارة» وهي عبارة عن 13 ورقة بحث متخصصة في الإدارة ومنشورة في عدة دوريات.
-كلمة تود أن تختم بها اللقاء؟
أقول لكل شاب أن يخلق دافعه بنفسه، فأنا دافعي كان حبي للوطن والقيادة، ورغم كل الصعوبات التي وقفت أمامي. فنحن كمواطنين يجب أن نمثل بلادنا أفضل تمثيل سواء في المحافل المحلية أو العالمية، وهو تكليف ومسؤولية أمام الجميع.
الشاب البحريني يجب أن يظل أن يعمل وألا يصاب بالإحباط، ويجب أن نصل لنتيجة أن العمل متواصل مهما كانت العراقيل والصعوبات، إلا أننا قادرون على أن نكون متواجدين في المكان والساحة، ومواقع النجاح، والوصول إلى النجاح مرة واحدة صعب وغير ممكن، ولكن الآن الأمر الأساسي هو يجب أن تكون هناك حواضن للكفاءات، كون أن لدينا شباباً يمكن أن يبدعوا.
وأود أن أشيد بمركز ناصر للتأهيل المهني، فهو مركز لتوليد فرص المستقبل والطاقات إذ آمن المركز بأنه لا يوجد ما يمنع الجهات الرسمية من تبني تلك الكفاءات.
ويقوم المركز على صقل مهارات الطلاب في النواحي الفنية وهو أمر هام جداً كما يتم من خلاله الكشف عن قدراتهم غير الأكاديمية، فليس شرطاً أن يكون الشخص ناجح أكاديمياً أو في التحصيل الدراسي، وهما ليسا دليلين على النجاح أو الفشل.
كما إن المركز يؤهل الشخص بشكل متكامل لسوق العمل، من خلال استخدام التعليم الإلكتروني بفاعلية، وهو مجهز بأعلى المواصفات، ويعتبر مجمعاً علمياً يضم إمكانيات وأشخاصاً ذوي كفاءة.