يحتفل أطفال البحرين غدا الأحد باحتفالية "الحية بية" وهي من أهم التقاليد والاحتفالات الشعبية الموروثة في مملكة البحرين، تزامنا مع قدوم عيد الأضحى المبارك، حيث يقضي الأطفال مع أهاليهم يوما اجتماعيا ممتعا على ساحل البحر وهم يرددون أنشودة "الحية البية" المشهورة "حية بية.. راحت حية ويات حية.. على درب لحنينية.. عشيناكي وغديناكي وقطيناكي.. مع السلامة يا حيتينا... مع السلامة يا حيتينا.. أمنتج الله وبري ذمتنا".
و"الحية بية" عبارة عن حصيرة صغيرة الحجم، مصنوعة من سعف النخيل، ويتم زرعها بالحبوب مثل القمح والشعير، يعلقونها الاطفال في منازلهم حتى تكبر وترتفع حتى يلقونها في البحر يوم وقفة عرفات، أي التاسع من شهر ذي الحجة، ويدعون الله أن يجعل عيدهم سرورا ويعيد حجاجهم من بيت الله الحرام سالمين ومحملين بالهدايا لهم.
وتحظي هذه الاحتفالية باهتمام كبير كونها إحدى فعاليات الاحتفال بعيد الأضحى المبارك حيث يعبّر الصغار والكبار عن فرحتهم بهذا التراث السنوي وحلول عيد الأضحى المبارك. وفق تقاليد فلكلورية متوارثة رسخها الآباء والأجداد على مر السنين، جيلا بعد جيل.
ويكون موقع الاحتفال بمناسبة "الحية بية" على أحد السواحل الجميلة التي تشتهر بها مملكة البحرين وتشارك في الاحتفالات الفرق الشعبية التي تضفي مزيدا من الفرح والترفيه في قلوب الأطفال وأهاليهم.
ويقال إن كلمة "الحية بية" مشتقة من اللفظة العامية الدارجة "الحجي بيجي"، وتعني أن الحاج سوف يعود بعد انتهاء موسم الحج.
وتتزين المحلات الخاصة ببيع الزرع وكذلك محلات الخضراوات في مختلف أنحاء البحرين بعرض "الحية بية" بمبلغ رمزي بسيط، بينما كان البحرينيون في السابق يزرعونها في بيوتهم في وعاء بلاستيكي او حصيرة بلاستيكية بدءا من اول ايام ذي الحجة، استعدادا لرميها في البحر في أيام العيد السعيد.
وفي مملكة البحرين، التي تتسم بتراثها العامر والمتأصل منذ قديم التاريخ، كان الإباء في السابق يصطحبون أطفالهم وأطفال الجيران، ويذهبون معهم للسواحل، للاحتفال برمي "الحية بية" معا، ولكن في السنين الأخيرة، بدأت بعض الجمعيات الأهلية تنظم العديد من المهرجانات والاحتفالات الشعبية لإحياء هذه المناسبة للاطفال في جو من المرح والألفة، في صورة تعكس أجمل صور الوحدة الوطنية وتلاحم وترابط النسيج الاجتماعي في المملكة.
أما الفتيات في مناسبة العيد، فإنهن يتجملن بـ "الحناء" ويستقبلن أيام العيد بها، فيزين الكفوف والإقدام، في تقليد شعبي متوارث يعود لمئات السنين، حيث كانت هذه الخدمة تقدم عادة في بيوتات الحي، وكانت "الحناية" أحد الشخصيات الاجتماعية المهمة والفاعلة، حيث كانت تحظى بثقة الأهالي وتنتقل في الحي الواحد أو الإحياء والفرجان المجاورة من بيت إلى آخر، لتحنية الفتيات اللواتي يتباهين صباح العيد بالنقشات الجميلة التي رسمتها "الحناية.
وفى الآونة الحالية تقوم الصالونات النسائية ايضا بتقديم خدمة الحناء للفتيات والنساء وبنقوش مختلفة، يغلب علي أكثرها طابع الحداثة والمزج بين المحلية الخالصة والعالمية الحديثة، فيما لازالت الجدات والأمهات "العود" لا يبدلن النقوش القديمة والأصيلة بأي نقشات حديثة، بل لازلن يضعن الحنة كطقس ثابت لم يتغير يعبق برحيق الماضي الجميل، ويؤكدن دوما إن الأصالة والتراث هي هوية راسخة يفخر بها البحرينيين على مر العصور، وأن العادات والتقاليد الموروثة في البحرين ودول الخليج العربي أصيلة وعريقة مرتبطة بتراث أجدانا، الممتد على مر السنين.