^ نحتاج الآن لمعرفة مدى تورط بعض الجهات الأجنبية والأمريكية أكثر في الوقائع التي تشهدها المنامة منذ أكثر من عام لسبب بسيط وهو أن هناك الكثير من المعلومات التي تشير إلى وجود جماعات أجنبية لا تقوم بالتدريب في الخارج فحسب على حروب اللاعنف والعصيان المدني وما يرتبط بها من أنشطة سياسية يمكن أن تساهم في إضعاف وإسقاط الدولة وإحداث التغيير السياسي فيها، بل تعمل على الإشراف الميداني لبعض العمليات التي تدخل ضمن نطاق التعريف الوطني والدولي للإرهاب. بداية لابد من تحديد الدافع من وراء مثل هذا الطرح ومدى مصداقيته، وأعتقد أن الدافع هو وجود العديد من الارتباطات والمؤشرات على مثل هذه التدخلات سواءً منذ سنوات طويلة، أو حتى في الأحداث التي شهدتها البلاد خلال فبراير ومارس الماضيين. وهي مؤشرات وارتباطات انكشفت سريعاً ومازالت تتكشف أكثر فأكثر بشكل مقصود وحتى غير مقصود. في السابق كان الحديث عن تورطات مشبوهة بين تيار ولاية الفقيه في البحرين ونظيره في كل من طهران وبغداد وبيروت. وهذه التورطات انكشفت كثيراً اليوم بعد أن بانت في الخلايا التي تورطت في الأحداث سواءً تلك التي قادت الأحداث وتمت معاقبة المشاركين فيها من خلال القضاء البحريني، أو تلك الخلية التي اكتشفتها الشقيقة قطر قبل فترة وغيرها الكثير. ولكن الحديث يجب أن يكون أكثر شمولية لأن التورط أكبر من ذلك في ظل سياق إقليمي بيّن تنوع مثل هذه التورطات في التدريب والتمويل وحتى المشاركة المباشرة من قبل جهات استخباراتية عديدة لها مصالح من وراء التغيير السياسي في المنطقة. لنستعرض جانباً تاريخياً من هذه المسألة، فالسياق يبدأ تحديداً منذ ما قبل استقلال البحرين عندما كانت هناك تنظيمات سياسية سرية بحرينية وخليجية تنشط آنذاك، وقامت بأعمال سياسية وإرهابية باسم المطالبة بالاستقلال أو تحت شعار الإصلاح السياسي وتأسيس الدولة الحديثة الديمقراطية في ظل صراع المعسكرين الكبيرين الرأسمالي والاشتراكي. حصلت الدولة على استقلالها في أغسطس من العام 1971 وواجهت ظروفاً سياسية وأمنية صعبة سيطرت عليها خلال سبعينات القرن العشرين، ولكنها تغيّرت في مطلع الثمانينات عندما حدثت المحاولة الانقلابية الأولى بارتباط ودعم خارجي من قبل أحد فصائل التيار السياسي الإسلامي الشيعي. وبعدها في نهاية العام 1994 اندلعت أحداث مشابهة لتلك التي نشهدها اليوم من قبل أيضاً تيار ولاية الفقيه وإن كانت أقل تنظيماً من الآن. مع بداية المشروع الإصلاحي توقفت فوراً مثل هذه الأنشطة لمدة لم تتجاوز السنتين فقط، ولكنها سرعان ماعادت عندما أدرك تيار ولاية الفقيه أن مثل هذه الإصلاحات لم تتناسب مع الفرص التي كان يتطلع لها في الحصول على نفوذ هائل داخل النظام السياسي البحريني فعاد مرة أخرى لأنشطة حرب اللاعنف، واستطاع سريعاً إقامة شبكة علاقات واسعة إقليمية ودولية لدعم أية محاولات مقبلة للتغيير السياسي وهي التي نشاهد نتائجها اليوم. هذه المقدمة في تاريخ حروب اللاعنف في البحرين نخرج منها بقناعة أن ما يحدث في المنامة من أحداث ووقائع نحو التغيير السياسي لا يمكن أن تحدث بشكل ذاتي وإمكانيات محدودة من جمعية سياسية تضم آلافاً من المواطنين، بل لابد أن تقف وراءها أنشطة وجهود استخباراتية رسمية وغير رسمية أجنبية.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}