قال وزير الخارجية سمو الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة إن الأزمة السورية بفصولها وتطوراتها أكبر مأساة بشرية يشهدها عالمنا المعاصر منذ عقود طويلة، في بلد كان منذ سنوات قلائل يحتضن الآلاف من اللاجئين، ليصبح أهله اليوم غير قادرين على العيش في بيوتهم وأراضيهم بأمن وسلام.

وأضاف وزير الخارجية في كلمة البحرين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الاثنين، إن رفاه وسعادة واستقرار المواطن هو العماد الأساسي للتنمية في كل المجالات، وان مساعي مملكة البحرين لتحقيق الأهداف التنموية العالمية والتي تسير جنبا إلى جنب مع رؤيتها الاقتصادية الوطنية وبرنامج عمل الحكومة ووثيقة العمل القطري بين مملكة البحرين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وجاء في نص كلمة وزير الخارجية أمام الأمم المتحدة:

معالي السيد بيتر تومسون ، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ،،،
يسعدني في البداية أن أتقدم إليكم، وإلى بلدكم الصديق فيجي، بخالص التهنئة لانتخابكم رئيسا للدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، متمنيا لكم دوام التوفيق والسداد في القيام بما أوكل إليكم من مهام نبيلة، معربًا عن شكري لسلفكم سعادة السيد MOGENS LYKKETOFT، على ما قدمه من عطاء وما بذله من جهد بارز في إدارة أعمال الدورة السبعين بمهنية وكفاءة.

ونقدر لمعالي السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، الجهود الملموسة التي بذلها طوال ولايتين من العمل الدؤوب، من أجل تحقيق أهداف المنظمة الدولية في إرساء أسس الأمن والسلام في العالم ، منوهًا بما ورد في كلمته خلال افتتاح المناقشة العامة للجمعية العامة وخاصة ما جاء بخصوص اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، مشاطرًا معاليه الأمل في أن يتم دخول الاتفاق حيز النفاذ بنهاية هذا العام، مؤيدًا دعوته لإنشاء فريق رفيع المستوى لإيجاد حلول عملية لتحسين آليات اتخاذ القرار في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى العمل على استمرار ما تحقق من تقدم كبير في مختلف المجالات وبالأخص في مجالي التعليم والصحة خلال الأعوام العشرة الماضية، منتهزا هذه الفرصة للإعراب عن الشكر والتقدير لمعالي الأمين العام على كل ما قام به خلال قيادته لأعمال المنظمة، متمنياً له النجاح والتوفيق في كل ما سيقوم به من مهام مقبلة في خدمة بلاده والعالم.



السيد الرئيس ،،،



إن انعقاد هذه الدورة تحت عنوان "أهداف التنمية المستدامة: تحرك عالمي لتحويل مسار عالمنا"، يعبر عن العزم الجماعي والرغبة الصادقة نحو تنفيذ اهداف التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدتها قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في العام المنصرم، والتي توليها بلادي بقيادة سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ، ملك مملكة البحرين حفظه الله ، كل الاهتمام والرعاية وكان لها سبق البدء في تحقيقها ولم تتوان في واجبها لبلوغ أهدافها التي شهدت بها ووثقتها التقارير الأممية، وستواصل التزامها بذلك وفق الخطط والبرامج الوطنية الطموحة، إيمانًا منها بأن تنفيذ تلك الأهداف والتفاعل معها يضمن مستقبلاً زاهرًا لأبنائها.



ومنذ بضعة أيام فقط، شهد مقر الأمم المتحدة جانبًا مهمًا من جوانب التفاعل بين مملكة البحرين والأمم المتحدة، وهو ذلك الاحتفال الكبير الذي نظمته البحرين في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر الجاري بالتزامن مع انعقاد أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحت عنوان "جائزة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة للتنمية المستدامة"، حيث تم منح الجائزة إلى البروفيسورة "Anna Tibaijuka"، المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، والتي نالتها عن جدارة واستحقاق، وهو ما يؤكد أن المملكة تنظر إلى التنمية المستدامة على أنها قيمة لا تعمل فقط على إنجازها وإنما تبذل جهدًا واضحًا في نشرها ودعم جميع الجهود الساعية إلى تحقيقها في مختلف أنحاء العالم.



كما أن ما حققته المرأة البحرينية من إنجازات عالمية وأبرزها : انتخاب مملكة البحرين في لجنة وضع المرأة، وحصولها على عضوية المجلس التنفيذي التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وحصولها على المركز الأول دوليًا كأسرع معدل نمو لمشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي وفقًا للتقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية لهذا العام، لهي دلائل واضحة على التعاون الوثيق بين مملكة البحرين والأمم المتحدة، فضلاً عما تعكسه من اهتمام وحرص كبيرين من بلادي ممثلة بالمجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، حفظها الله، لتعزيز النهوض بالمرأة البحرينية داخليا وخارجيا، وتفعيل مشاركتها في كافة القطاعات الحكومية والمجتمعية بوصفها مكونًا رئيسيًا كان وسيظل مساهمًا ومؤثرًا في عملية تنمية المجتمع وتقدمه.



السيد الرئيس ،،،

أقتبس :"إن التنمية التي لا يكون المواطن هدفها لا فائدة منها ولا نريدها". (انتهى الاقتباس )

تلك العبارة التي قالها سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى في تدشين رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030، والتي تجسد بكل وضوح أن رفاه وسعادة واستقرار المواطن هو العماد الأساسي للتنمية في كل المجالات، وان مساعي مملكة البحرين لتحقيق الأهداف التنموية العالمية والتي تسير جنبا إلى جنب مع رؤيتها الاقتصادية الوطنية وبرنامج عمل الحكومة ووثيقة العمل القطري بين مملكة البحرين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، متواصلة ليظل جميع المواطنين رجالاً ونساءً متمتعين بحقوقهم كافة ووفق الأطر الدستورية، واننا مستمرون في نهجنا بمسيرة التقدم والرخاء والتطور دون توقف، رغم كل التحديات السياسية والاقتصادية وكل المحاولات التي تهدف إلى إبعادنا عن هذا المسار الوطني الراسخ.



السيد الرئيس،،،



إن التنمية وأمن واستقرار المواطن والمجتمع ، ركيزتان متلازمتان في مسار واحد ولا يمكن تحقيق إحداهما من دون الأخرى ، ولا يمكن بلوغهما إلا من خلال دولة آمنة ومستقرة، تنتهج الحكم الرشيد، وتمتلك مؤسسات قوية وفاعلة، فهذه هي المعادلة الصحيحة الواجب ضمانها والحفاظ عليها في جميع دول العالم بصفة عامة وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، بالنظر إلى حجم التحديات التي تواجهها وتمثل تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الدوليين.



لذا، فإن حماية ركائز الدولة الوطنية في بلداننا ومنع انهيارها في بلدان أخرى يشكلان الأساس لاستدامة الأمن والتنمية والرخاء، وجدير بأن يكون هدفا رئيسيا لكل القوى والتجمعات الفاعلة في المجتمع الدولي بعيدا عن أية معايير مزدوجة أو مقاصد مختلفة، ونحن قادرون بتوحدنا إقليميا ودوليا، أن نتخلص من كل التحديات وخاصة في مجال مواجهة الإرهاب، الذي يجب أن نلتزم سويا، بكل قوة وعزيمة، ودون أي تردد، في القضاء على جميع مسبباته وتجفيف منابع دعمه وتمويله، وحماية مجتمعاتنا من خطاب الكراهية والتطرف بكل حزم وجدية .



ونؤكد أن محاربة الإرهاب لن تتحقق مطلقًا عبر سن قوانين وتشريعات تخالف ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، كالخطوة التي أقدم عليها الكونجرس الأمريكي عندما أصدر تشريعاً باسم (قانون العدالة ضد رعاة الارهاب)، والذي يخل بأسس العلاقات الدولية القائمة على مبادئ المساواة في السيادة وحصانة الدول، ويعد سابقة خطيرة في العلاقات بين الأمم ، ويمثل تهديدًا لاستقرار النظام الدولي، ويؤثر سلباً على الجهود الدولية لمحاربة الارهاب.



السيد الرئيس ،،،



من المسائل الخطيرة التي ولدتها تلك الحالة التي تعيشها بعض دول منطقتنا وأثرت سلبًا على جهود التنمية فيها، هي قضية النازحين واللاجئين، التي إذا ما تُرِكت من دون حلول فإنها ستؤدي للمزيد من عدم الاستقرار ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم اجمع.



وتمثل الأزمة السورية بفصولها وتطوراتها أكبر مأساة بشرية يشهدها عالمنا المعاصر منذ عقود طويلة، في بلد كان منذ سنوات قلائل يحتضن الآلاف من اللاجئين، ليصبح أهله اليوم غير قادرين على العيش في بيوتهم وأراضيهم بأمن وسلام، حيث يعيش الآن أكثر من نصف الشعب السوري الشقيق ما بين لاجئ ونازح، وتتفاقم الأوضاع المُتردية هناك يومًا بعد يوم، والتي استغلتها التنظيمات الإرهابية كي ترسخ وجودها، وتهدد الأمن في المنطقة بأسرها، لذا، فإن معالجتها تمثل ضرورة قصوى وواجبًا إنسانيًا وأخلاقيًا ، وينبغي أن يتضامن المجتمع الدولي لمواجهة هذه الأزمة من مختلف جوانبها، مثمنين الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية ودولة الكويت والمملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية اللبنانية والجمهورية التركية للتخفيف من هذه المعضلة الإنسانية وندعو المجتمع الدولي لزيادة مساهمته في هذه الجهود التي تبذلها دولنا، منوهين بجهود الأمم المتحدة في هذا المجال والتي توجت مؤخرًا بانعقاد (الاجتماع العام الرفيع المستوى المعني بحركات النزوح الكبرى للاجئين والمهاجرين) وصدر عنه إعلان نيويورك من اجل اللاجئين والمهاجرين والذي بلا شك سيكون له انعكاس ايجابي للمساهمة في تخفيف ابعاد هذه المعضلة من خلال الالتزام بالمتابعة والتنفيذ للبنود الواردة فيه.



السيد الرئيس ،،،



إن مملكة البحرين تقف وكما هي دائمًا، مع تطلعات الشعب السوري في بناء دولته المدنية بنسيجها الوطني الغني بإرثه الانساني والثقافي والحضاري ومكوناته المختلفة ووفقًا لإرادته الحرة وبما يعيد إلى سوريا روح المحبة والتسامح، ومن هذا المنطلق، تأتي دعوتنا لجميع الدول المؤثرة في الأزمة السورية ، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي، لتوحيد الجهود والعمل معا من أجل الوصول للحل السياسي للأزمة وفقا لما جاء في بيان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254، وضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2165 بشأن إيصال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى عموم سوريا بشكل فوري وبدون عراقيل، لإنقاذ هذا البلد العزيز وشعبه من محنته التي لا مصلحة لأحد منا في استمرارها، وللحيلولة دون انهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة، بما يحفظ لسوريا سيادتها ووحدة شعبها وأراضيها، والقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية التي باتت منتشرة في أرجائها، وإبعاد التدخلات الإقليمية التي تحدث إما بصورة مباشرة أو بالوكالة وتعرقل جهود تسوية الأزمة.



وفي السياق ذاته، فإننا نشجع على اتخاذ خطوات في جمهورية العراق باتجاه معالجة كافة المشكلات التي تعترض اعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وتحقيق إرادة الشعب العراقي الشقيق، من خلال مشاركة الأطراف السياسية كافة، دون أي ضغوطات خارجية، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة مواصلة جهود استعادة سيطرة الدولة على كامل ترابها الوطني من التنظيمات الإرهابية، والتصدي لما ترتكبه الميلشيات المتطرفة من أفعال إجرامية وغير إنسانية تطال أبناء العراق وجواره، تحت غطاء محاربة الإرهاب.



السيد الرئيس ،،،،



إن من حقنا ، ومن أكبر تطلعاتنا، أن يأتي اليوم الذي نرى فيه الدولة الفلسطينية المستقلة، وهي تعيش بسلام وأمن إلى جانب دولة إسرائيل، ولا يخالجني شك في أن شعوب المنطقة، العرب منهم والإسرائيليين، ينشدون هذا اليوم ويرغبون في السلام العادل والشامل ، ولكن هذا الامل يظل مرهونا بأن يكون هناك إدراك حقيقي بأنه لن يستتب لإسرائيل أمن ولن يتحقق لمجتمعها استقرار ما لم ينعم الشعب الفلسطيني بالشيء ذاته، وهذا يتطلب أن تكون إسرائيل جادة في تحقيق سلام يأمن فيه الفلسطينيون والإسرائيليون معا على أنفسهم ومستقبلهم ومستقبل أولادهم، من خلال التوقف عن الانتهاكات المتكررة لحرمة المسجد الأقصى وما تولده من إثارة لمشاعر المسلمين في العالم اجمع، وإزالة المستوطنات غير الشرعية من الاراضي الفلسطينية المحتلة ، والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني الشقيق في قيام دولته المستقلة على ترابه الوطني ضمن حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يتوافق مع كافة القوانين والمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وأن تتفاعل بإيجابية وانفتاح مع مبادرة السلام العربية، التي لا تزال قائمة ومطروحة، وما زلنا متمسكين بها ، ولن نتراجع عنها، كونها الحل الحقيقي والصحيح ، لإرساء أسس السلام في المنطقة، وتعزيز التعاون بين دولها وشعوبها.



اما فيما تشهده الجمهورية اليمنية، فإن التزام مملكة البحرين بالمشاركة في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن سيستمر دون أي تراجع، فلم تدخر البحرين لا مالا ولا دما في سبيل ذلك الهدف النبيل، وستظل سائرة في هذا الطريق، ولن تحيد عنه أبدًا مهما بلغت التضحيات إلى أن تتمكن الحكومة الشرعية بقيادة فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، من إحكام سيطرتها على كافة الأراضي اليمنية، مؤكدين على الدور الانساني الذي تضطلع به قوات التحالف وحرصها على عدم استهداف المدنيين، ونطالب القوى الانقلابية ومن يدعمها بأن تكف فورًا عن الخطوات السلبية والمعرقلة لتحقيق الاستقرار والتي تجسد طموحها في السيطرة على مؤسسات الدولة . ونؤكد هنا بأننا لسنا ضد أي طرف يمني، وسنقف مع اليمن وشعبه الشقيق بمكوناته كافة في وجه كل من يريد الإضرار به أو السيطرة عليه من الخارج، حتى يتم التوصل إلى حل سلمي، وفق اتفاق سياسي ينهي معاناة الشعب اليمني ويحفظ له امنه واستقراره ووحدته، وفق المرجعيات المتفق عليها والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الامن رقم 2216 (2015)، مشيدين بجهود السيد/ اسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبعوث الأمين العام إلى اليمن وبما قامت به دولة الكويت من جهود مشكورة في سبيل الخروج من هذه الأزمة.



وفيما يتعلق بدولة ليبيا، فإن هذا البلد العربي الشقيق بحاجة ماسة إلى تكاتف كافة الأطراف به وتوحيد جميع الجهود فيه لتجاوز هذه المرحلة الصعبة، والتغلب على كافة التحديات التي تواجهه لتحقيق تطلعات وطموحات شعبه في العيش بأمان والتمتع بالاستقرار في ظل دولة موحدة ومؤسسات قوية وحديثة. وإذ نرحب بتشكيل حكومة الوفاق الوطني، فإننا نؤكد على ضرورة توفير الدعم اللازم لهذه الحكومة ومنحها الثقة من قبل مجلس النواب الليبي، لتتمكن من قيادة البلاد والنهوض بمهامها ومسؤولياتها وتخليص ليبيا من التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها .



وفيما يخص مسألة الصحراء المغربية ، فإن مملكة البحرين تؤكد على ضرورة إيجاد حل سياسي على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما يكفل وحدة التراب المغربي ويخدم الأمن والاستقرار في المنطقة، مرحبين بقرار المملكة المغربية الشقيقة بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي وممارسة دورها الحيوي على الساحة الإفريقية.



السيد الرئيس ،،،



فيما يتعلق بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإننا في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، وفي جميع الدول العربية لم ندخر جهدا، مع هذا البلد الجار، لبناء أفضل العلاقات القائمة على مبدأ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وفق الأعراف والمبادئ الدولية، فلم نتردد لحظة في مد الجسور وتطوير العلاقات معها ، إلا أن كل مساعينا وجهودنا ورغبتنا الصادقة لم تلق التجاوب الجدي من قبل إيران، فإما أن تصل جهودنا إلى طريق مسدود أو تنتهي باختلاق إيران لمشاكل وأزمات جديدة تعيدنا إلى المربع الأول، فلا زلنا نسمع من إيران الخطاب الطائفي غير المسؤول والإساءة والإضرار بالعلاقات الثنائية والجماعية معها، والتي تمثلت مؤخرا بإلقاء المسؤولين الإيرانيين التهم الباطلة جزافا ضد المملكة العربية السعودية الشقيقة والتي يشهد لها العالم بأسره بأنها تبذل جهدًا جبارًا وتقوم بدور عظيم وجليل في استضافة ورعاية ووفادة العدد الهائل من ضيوف الرحمن، الحجاج والمعتمرين والزوار ، وتكفل لهم كل سبل الأمن والرعاية ، وهو ما لا يمكن لأحد إنكاره أو الإساءة إلى القائمين عليه، كما أننا مازلنا نواجه محاولات إيران للعبث بأمننا واستقرارنا وسلمنا الأهلي من خلال دعم الجماعات والمليشيات التابعة لها مثل حزب الله الإرهابي وأمثاله من توابع الحرس الثوري الإيراني، وتواصل إيران أيضا احتلالها للجزر الثلاث التابعة للإمارات العربية المتحدة الشقيقة في الخليج العربي وترفض المساعي السلمية لحل هذه القضية. فالصورة واضحة أمامكم ، ولن تتغير إلا عندما تغير إيران سياستها الخارجية بشكل شامل ، وتتخلى عن سياساتها العدوانية ، وتنفتح بإيجابية على دولنا، بما يمهد الطريق لدخول المنطقة لمرحلة جديدة من الاستقرار والتنمية .



السيد الرئيس ،،،



تؤكد مملكة البحرين على ضرورة تضافر الجهود لتحقيق هدف إخلاء منطقة الشرق الأوسط بما فيها الخليج العربي من أسلحة الدمار الشامل ومن بينها السلاح النووي، مع التشديد على حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، فالطاقة النووية ما وجدت الا لخدمة البشر وتحسين حياتهم والارتقاء بأوضاعهم في كافة مناحي الحياة، لا للإضرار بهم أو استخدامها كسلاح فتاك لمحو المدن وقتل الملايين من الأبرياء.



السيد الرئيس ،،،



إن أمامنا فرصة وإمكانية للتصدي والتغلب على التحديات التي تواجهنا وإبقاء أوطاننا وشعوبنا قوية ومتماسكة، فنحن أبناء منطقة لها من الإسهامات الإنسانية ما لها وحققت من الإنجازات الحضارية ما حققت، وأسهمت بفعالية في كل ما نراه ونعيشه الآن من تقدم حضاري وإنساني في كافة العلوم والميادين، وما تحقق لها ذلك إلا عندما كان يعيش في ظلها الجميع بكل أمن وأمان بعيدًا عن خطوط الأعراق والمذاهب والأديان، وهو ما يجب أن نتمسك به ـ ونحن نستشرف مسارات المستقبل التي نبتغيها لدولنا وأجيالنا القادمة ـ لمواصلة هذا العطاء الحضاري الإنساني الكبير الذي نفتخر به. واستذكر هنا ما قاله سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ، ملك مملكة البحرين حفظه الله ، واقتبس :"إن مملكة البحرين وشعبها يجسدون مبادئ الصداقة والتسامح والاحترام المتبادل والانفتاح على العالم، وكلنا فخر بتنوعنا وتعددنا، وإيماننا الراسخ بأن لكل فرد الحق في التمتع بحياة آمنة وكريمة" . (انتهى الاقتباس)



إن هذه الكلمات التي تتجسد في مملكة البحرين ومواطنيها، تعكس أيضًا ـ وبكل تأكيد ـ روح المنطقة وما تتطلع إليه شعوبها، وأختم بالقول إن مملكة البحرين ستظل بقيادتها وشعبها الواعي الذي يحتضن محبة وسلام العالم والشعوب قاطبة وفية لهذه القيم الإنسانية السامية والمبادئ التي تفخر بها منذ القدم، متمسكة بها، مستضيئة بنبراسها أمام المخاطر التي تستهدف أمنها ومنجزاتها من أجل مجتمع آمن ومستقر ينعم فيه الجميع بالأمن والرخاء والازدهار.



وشكرا السيد الرئيس