أكد نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي د. الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة على أن أمن المنطقة العربية مرتبط ارتباطا وثيقا بمكافحة ظاهرة التطرف والغلو والإرهاب، باعتبارها الأسباب الرئيسة التي تقود إلى الحروب، مشدداً على أن حقن دماء العرب والمسلمين يكمن في محاربة ظاهرة التطرف التي تعتبر وقود الدمار في الوطن العربي.
جاء ذلك خلال مداخلته الافتتاحية في جلسات ندوة تحالف عاصفة الفكر في نسختها الثالثة بعنوان "نحو استراتيجية أمنية متعددة الأقطاب" الاثنين الماضي والتي أقامها المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية في العاصمة المغربية، الرباط، بمشاركة عدد من مراكز الدراسات والبحوث العلمية وقادة الرأي والمختصين من مختلف الدول العربية، منوها إلى وجوب "تعلم الدروس من سوريا والعراق ولبنان واليمن، ومن الخسائر التي حلت بمئات الآلاف من الأرواح العربية والتدمير والخراب، وكل ذلك هي نتائج المذهبية و التطرف التي هي عناوين للدمار و التخلف."
وأضاف د. خالد بن خليفة بأن الإرث التاريخي وما خلفه من ثغرات ونزاعات وشوائب قد تم استغلالها في تأجيج الطائفية والمذهبية التي أنتجت تنظيم "داعش" و"ميلشيات الحشد الشعبي" وغيرها من التنظيمات غير الشرعية، مشيرا إلى دور إيران في استغلال هذه الثغرات والنزاعات بهدف هدم مفهوم الدولة الوطنية والانتماء للوطن والأرض، وذلك عبر الاتجاه نحو بث قيم التعصب للمذهب أو الطائفة بمفهومه المتطرف.
من جانبها استعرضت النائب الثاني لرئيس مجلس الشورى جميلة علي سلمان، خلال مشاركتها في الجلسة الثانية من الندوة، مجموعة من العناصر لفهم السياسات العامة الاحتوائية التي قامت البحرين بصياغتها لمواجهة ظاهرة التطرّف والإرهاب محليا ودوليا، منوهةً إلى تاريخ العلاقات البحرينية الإيرانية المتأزمة، ودور إيران في تغذية الأهداف التوسعية والتي تستخدم التطرف الفكري مدخلا لتحقيق مآربها.
وتطرقت جميلة سلمان إلى أهم السياسات التي اتخذتها البحرين للتصدي لهذه المحاولات وأسباب فشل المؤامرة الإيرانية على البحرين، والتي تجلت في متانة النسيج الاجتماعي والالتفاف الشعبي حول القيادة للحفاظ على الوطن، بالإضافة جهود ترسيخ المواطنة ومكافحة التشدد ورفع مستويات الوعي السياسي والفكري للمجتمع، على اعتبارها سياسات احتوائية ووقائية لمواجهة التطرف والإرهاب، مشيدةً بدعم الأشقاء العرب بالأخص المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية والمملكة المغربية لنبذ محاولات الإخلال بالأمن والاستقرار في البحرين.
وقد تضمنت الندوة أربع جلسات متتالية، وجاءت الجلسة الأولى تحت عنوان "حكامة المنظومة الأمنية للدول العربية: أية فعالية للتصدي للتهديدات الداخلية والخارجية"، حيث ترأسها سعيد موفتي، وشارك فيها كل من ضياء رشوان وسعود السرحان ونورالدين الكلاوي، وتناولت الجلسة الثانية "الأبعاد الاقتصادية والثقافية والدينية للسياسات العمومية في مجال مكافحة التطرف والعنف" وترأسها عبدالحميد الأنصاري، وشارك فيها كل من جميلة سلمان ومحمد أبو حمور، في حين أن الجلسة الثالثة بعنوان "التعاون الأمني والعسكري الإقليمي العربي: الواقع والآفاق" برئاسة أحمد الجار الله، وشارك فيها كل من محمد العرابي وحسين المجالي، وناقشت الجلسة الرابعة موضوع "نحو استراتيجية أمنية متكاملة كأساس للحفاظ على الوحدة الوطنية للدول العربية" وترأسها محمد الحمادي، وشارك فيها كل من رياض ياسين وخالد الزروالي.
وفي ختام جلسات الندوة، أصدر المشاركون بيانا ختاميا أكدوا فيه على ضرورة تبني مقاربة جديدة للتصدي للتهديدات الأمنية، ترتكز على تقوية الجبهة الداخلية وتعزيز التعاون الإقليمي على أساس مبدأ المصير المشترك، والحفاظ على الثوابت وأسس الوحدة الترابية لكل بلد عربي، وذلك في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة التي تعيشها المنطقة العربية وتزايد تهديدات التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
كما وافق المشاركون على مقترح مركز عيسى الثقافي بإنشاء أمانة عامة للتحالف مقرها مملكة البحرين، لتنظيم عمل المراكز الأعضاء والتنسيق لعقد ندواتها دوريا والارتقاء بمستويات مخرجاتها، حيث تم انتخاب د. جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية رئيسا للتحالف، وفواز سليمان، مستشار العلاقات الخارجية بمركز عيسى الثقافي أمينا عاما، وبالإضافة إلى تشكيل مجلس أمناء يتكون من: د. الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي )البحرين(، محمد توفيق ملين مدير عام المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية )المغرب (، د. محمد أبو حمور أمين عام منتدى الفكر العربي )الأردن)، ضياء رشوان مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية )مصر)، د. رياض ياسين سفير اليمن لدى فرنسا وزير خارجية سابق )اليمن(، د. عايد المناع كاتب وإعلامي )الكويت(، د. عبدالحق العزوزي أستاذ جامعات في العلاقات الدولية )المغرب).
وقد أوصى المشاركون بأهمية بلورة خطاب ديني مضاد لمواجهة الخطاب الأيديولوجي الذي تتبناه التنظيمات المتطرفة، يرتكز على إشعاع ثقافة الأمل في المستقبل والتسامح والتعايش السلمي وفقا للتعاليم الإسلامية السمحة والقيم الإنسانية الكونية، والسعي نحو تحصين المجتمع من كل ما يمكن أن يمس ثوابت الانفتاح والتسامح، والاستثمار الأمثل في المدرسة العربية كفضاء لتكوين الشباب والأجيال، وذلك عبر إرساء قواعد إعلام بناء متزن يساند السياسات العمومية في مجال محاربة الإرهاب.
كما دعوا إلى ضمان الترابط الفعال بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية وتكثيف الجهود وتبادل التجارب الناجحة بين الدول العربية والإسلامية، عبر خلق آليات تساهم في الرفع من التنسيق وتنظيم العمل العربي المشترك، مع التأكيد على ضرورة إزالة الفجوة بين المؤسسات الأمنية ومراكز البحث في الدول العربية.