شرنقة وضع نفسه فيها الممثل أحمد حلمي الذي يتربع على عرش الإيرادات في السنوات الأخيرة تتمثل في اعتماده في معظم أفلامه على سيناريوهات مأخوذة من أفلام أجنبية.
حلمي سلك طريقاً بعيداً عن الأفلام الشعبية والهابطة واعتمد بشكل على أفكار خارج الصندوق تلفت الانتباه، ويبدو أنه لم يكن أمامه سبيل لهذه الأفكار سوى الأفلام الأجنبية فحقق بذلك نجاحاً وظل قابعاً في هذا التوجه لقرابة 10 سنوات، هكذا حلل نقاد علاقة أحمد حلمي بالأفلام المقتبسة.
واكتسح حلمي سباق عيد الأضحى بآخر أفلامه "لفّ ودوران" الذي تشاركه دنيا سمير غانم البطولة فيه، وظل محافظاً على تحقيقه إيرادات كبيرة بشكل شبه يومي، حيث اقترب إجمالي إيراداته بعد مرور 5 أيام من 17 مليون جنيه، إضافة إلى تحقيقه عدة أرقام قياسية كأعلى إيراد يومي، بعدما حقق فيلمه إيرادات وصلت إلى 4 ملايين 669 ألف جنيه، الأربعاء 21 سبتمبر/أيلول 2016.
الفيلم لم يبتعد كثيراً عن خط كثير من أفلام الممثل الأميركي الكوميدي "آدم سالندر" خاصة أفلام "Just Go with It" و" 50 First Dates" و" Blended "
قائمة طويلة
حلمي كان له باع في الأفلام المأخوذة بشكل شبه كامل من أفلام أجنبية بدأها بفيلم "كده رضا" في 2007 حين جسّد فيها دور 3 توائم يخدعون الناس ويقنعونهم بأنهم شخص واحد، وقد سجّلهم أبوهم بشهادة ميلاد واحدة، ويستغلون ذلك في عمليات النصب، وحقق نجاحاً كبيراً إلا أنه مأخوذ من رائعة نيكولاس كيدج فيلم Matchstick Men إنتاج عام 2003.
نجاح هذه التجربة شجع حلمي على تكرار الأمر نفسه باقتباس الفيلم الأميركي " Beautiful Mind" المنتج 2001 بطولة راسل كرو وجينيفر كونيلي والمصنف من أفضل الأفلام في العالم ليقدم فيلم "آسف على الإزعاج" عام 2008، حيث قدم دور مهندس شاب يعمل على مشروع للطيران في صالح البلاد، كان يظن أنه مكروه ووحيد وأن أباه مازال حياً، ولكن في النهاية يتضح أنه كان مخطئاً ومريضاً بانفصام الشخصية.
حلمي لم يقف هذه العادة ليعرض فيلم "1000 مبروك" في عام 2009 مجسداً شخصية شاب عاش يوماً تحدث فيه أحداث غريبة تتكرر ويموت يومياً ليكتشف أنه كابوس، لكنه يقع بالفعل ويموت آخره وهو نسخة من الفيلم الأميركي Groundhog day الذي تم إنتاجه عام 1993، وقدم دور البطولة أندري مادكدويل وبيل ميري وإخراج هارولد راميس.
قطع أحمد هذه العادة مؤقتاً حين قدم فيلم "عسل أسود" عام 2010 الذي لم يقتبس من أصل أجنبي، لكنه لم يستطع أن يبعد طويلاً ليعود للدائرة نفسها بتقديم فيلم "إكس لارج" المقتبس من فيلم كوري اسمه "بووند بيوتي" من إنتاج 2006.
فصل أيضًا بين اقتباس فيلم "إكس لارج" وآخر فيلم "بلبل حيران" 2012 ليعود في 2013 على أجنحة الفيلم الأجنبي Just Like Heaven بطولة ريس ويزرسبون، ومارك روفالو، إنتاج عام 2006 ويقدم فيلم "على جثتي" بالفكرة نفسها، إذ أدى دور مهندس ديكور يشك في كل شيء ويدخل في غيبوبة وتظل روحه معلقة ليحاول التحقق من كل ما يدور حوله ويكتشف أنه كان مخطئاً في الكثير من الأمور.
في السنة التالية 2014، واصل حلمي طريقه التقليدي بتقديم "صنع في مصر" الذي جسد فيه حلمي شخصية شاب يمتلك محل لعب أطفال يضيق ذرعاً من كثرة ثرثرة دمية "باندا" لديه في المحل ما يدفعه لوقف شريحة الكلام للدمية، وأثناء ذلك ينقطع التيار الكهربائي ويتحول هو شخصيًا إلى باندا، وهو مقتبس من الفيلم الأميركي Ted بطولة الممثل مارك والبيرج، الذي عرض في عام 2012.
لون مختلف وإيرادات أكبر
علا الشافعي، الناقدة الفنية، فسّرت سر ارتباط أحمد حلمي بالأفلام المقتبسة من الخارج بأنها تمنحه خطاً مختلفاً عن الموجود، فهو يختلف عن مدرسة أحمد مكي التي تعتمد على السخرية من الواقع وليس بإمكانيات محمد هنيدي وليس هو محمد سعد الذي حصر نفسه في تقديم "كاراكترات" معينة".
وإن كان ليس حلمي فقط في نظر الشافعي من يقتبس، إلا أنها ترى في حديثها لـ"هافينغتون بوست عربي" أنه يؤمن بأنها تعطيه طعماً مختلفاً مكّنه من تحقيق أعلى الإيرادات.
المشكلة كما بلورتها الناقدة الفنية تكمن في فقر الخيال الذي وصل لاقتباس أفيشات (شعارات) الأفلام من الخارج، وهو ما فتح الباب على مصرعيه أمام الاقتباسات من أفلام أجنبية.
وأرجعت تفشي هذه الظاهرة أيضًا لقيود الرقابة الكثيرة التي فرضت حواجز أمام الخيال هي الأخرى.
ينأى بنفسه عن خط السبكي
سمير الجمل، الناقد الفني، رأى أن أحمد حلمي أراد أن ينأى بنفسه عن طريق الاقتباسات من أفلام أجنبية عن الخط المحلي الشائع التي ينبع أغلبها من مصانع عائلة السبكي التي تعتمد على تقديم "راقصة واثنين حشاشين وأناس يضربون بعضهم"، وهو أبعد ما يكون عن توجه حلمي.
الاقتباس موجود من بدايات السينما المصرية كما يضيف الجمل لـ"هافينتغون بوست عربي" والعبرة في شكل المنتج الفني في النهاية، فهناك من يقتبس باحترافية مثل وحيد حامد الذي جذبه بعض الشخصيات في أفلام أجنبية فصنع لها أفلاماً منفردة وهناك من يقتبس بسذاجة، حسب تعبيره.
ولفت إلى أن حلمي أراد أن يقدم أفلاماً تحقق إيرادات مرتفعة بطرح محتوى محترم يجذب الأسرة بأكملها بعيداً عن أفلام "الهلس" (الهراء)، كما أنه حاول وضع الأفكار المقتبسة إطار مصري فنجح في ذلك، وأصبح مقنعاً للجمهور، وأصبح حلمي حالة في السينما المصرية.
ورأى الجمل أن أفلام حلمي المقتبسة أفضل كثيراً من معظم الأفلام المصرية التي تقدم حالياً والتي تقتبس من بعضها البعض، فبعد أن كانت الموضة تنكر الممثلين الرجال في شخصيات نسائية، أصبحت الموضة تقديم البطل في دور الرجل القوي الذي يضرب كل الناس.