أصدر مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان المُشكل من المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان التقرير السنوي لعام 2011م، وقد انتقد المرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وتدهور حرية التعبير في البحرين واستمرار الدولة في التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان بجانب العقبات التي تحول دون حرية تكوين الجمعيات في البحرين. أشار هذا التقرير إلى الوجه الأول لحقوق الإنسان وتكتم عن الكثير من الممارسات التي يُمارسها المحتجون في مدن وقرى وشوارع البحرين، وأغفل عن قصد كل محاولات التأجيج الديني والدور الإقليمي والدولي في هذا التأجيج. كمواطن بحريني أشعر أن هناك تعاطياً من طرف واحد لهذا التقرير وأقصد به الإنسان، وليس هناك أي شيء يتعلق بالوطن ولا عن حقوقه. ونظر هذا التقرير إلى الذين استباحوا الوطن بنظرة رحمة وشفقة بعيداً عن النظر إلى حالة الوطن المُمزق وشعبه المُشتت. فمع بداية الاحتجاجات كانت المطالبات السياسية سلمية حتى تم رفع مطلب “إسقاط النظام السياسي” وهو يعني إسقاط الدولة وتأسيس دولة أخرى على غرار دولة إقليمية أخرى؛ والمؤسف في هذا الأمر أن القوى الوطنية والقومية التي تختلف مبادئها ونظامها مع القوى الطائفية قد التقت في هذا الأمر معاً، ورفعت أيديها معاً لتحقيق هذا المطلب الإقليمي. هذا التقرير لم يكتب شيئاً عن الوضع المأساوي للقطاع الصحي والتعليمي في البحرين مع بداية الاحتجاجات، بل أكد أن موظفي هذين القطاعين والقطاعات الأخرى قد تم الاعتداء على حقوقهم السياسية والمهنية واستباحت إنسانيتهم. ولم يَذكر التقرير شيئاً عن الحرائق التي تنتشر في البحرين -إلى الآن-ـ في الكثير من مُدنها وقراها تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الشعب، ولم تذكر المتسبب في اشتعالها ومَن الذي يتأذى منها، ولا عن العثرات التي يتم رميها في الطريق أمام الناس بحجة الدفاع عن قضايا الناس. ماذا عن المدارس؟ أليس التعليم حقاً إنسانياً مكفولاً لجميع الناس؟ فهل هناك نقص في حقوق التعليم في البحرين؟ سؤال لم يتم طرحه في هذا التقرير وهو ما علاقة التعليم بمطالب المحتجين؟ لماذا تم استخدام التعليم كأداة من أدوات الاحتجاج؟ لماذا أصدرت جمعية المعلمين فرماناتها إلى المعلمين بمنع الذهاب إلى المدارس والتوقيع حضوراً في موقع الاحتجاجات؟ لماذا تم منع طلاب المدارس من الذهاب إلى المدارس وإرسالهم إلى مواقع الاضطرابات والقلاقل؟ كما إن التقرير قد أغفل عن الاعتداء على المدارس وإشعال الحرائق أمامها وفي بعض جوانبها؟ كما إنه لم يشر إلى مشاركة الوفود الأجنبية من منظمات حقوقية المفروض لها أن تكون منظمات حيادية في مواقفها لا متآزرة مع أحد ضد أحد، وأن يكون دورها متوافقاً مع أهدافها لا أن يكون مخالفاً لمبادئها. لقد تأسست الجمعيات السياسية والمنظمات المهنية والحقوقية بموافقة قانونية من الجهات المعنية في البحرين، ووفقاً للقوانين المعمول بها، والتي ارتضى بها مؤسسوها، وهي من ثمرات ميثاق العمل الوطني والمشروع الإصلاحي، إلا أن تلك الجمعيات والمنظمات قد أخذت من الميثاق والمشروع بما يتفق مع أجندتها وهواها السياسي. وبعضها قد تم استخدامها في أوجه مخالفة لأنظمتها ومبادئها. إن إصدارات هذه المنظمات الحقوقية ذات المبادئ الإنسانية والسياسية من تقارير وآراء وبحوث يتوافق فقط مع هواها، لا نقول إن هذه التقارير تحتوي على الأكاذيب والأقاويل لكنها تفتقد إلى التوازن، فالوزن يحتاج دائماً وأبداً إلى كفتين لا إلى كفة واحدة، وهذا هو حال هذه المراصد الحقوقية التي تستخدم في وزنها فقط كفة واحدة لا كفتين. فهي دائماً تطلب من الدول السماح لمواطنيها العمل وفقاً لما يُريدون تحت مُسمى “الديمقراطية” و«حقوق الإنسان” حتى لو تعارض ذلك مع قانون الدولة، أي أن من حق هذا المواطن أن يخترق القانون.. ولكن ليس من حق القانون أن يُحاسبه، فخرق القانون لدى هذه المراصد أحد مبادئ حقوق الإنسان وتدخل القانون يُعتبر اختراقاً لمبادئ حقوق الإنسان، فحقوق الإنسان مهما كانت تتقدم على القانون. لنسأل هذه المراصد.. كيف تتقدم الدولة وتنهض بغياب القوانين من سياسية واقتصادية واجتماعية. لا ندعي أننا دولة متكاملة في كل شيء ولا ندعي بأننا وصلنا إلى تحقيق الرقي الديمقراطي والسياسي، بل أن لدينا ميثاقاً لاقى قبولاً شعبياً كبيراً، ومشروعاً اتفق عليه الجميع، ودستوراً يُحقق لنا أكثر ما نريد. نعم.. أثناء الممارسة تحدث أخطاء وهذه الأخطاء لا تصحح بأخطاء مثلها، فالحضور السياسي والحوار هي أفضل الآليات التي تعمل على تصحيح كل ممارسة خاطئة.. وهذه أيضاً تم استغفالها في هذا التقرير. إن حقوق الإنسان هي حزمة متكاملة من المبادئ والواجبات والحقوق ولا تتجزأ، ولا تستفرد، ولا يتم استخدامها آلية ضد الآخر، بل يتم استخدامها لتحقيق التوازن الحقوقي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي في المجتمع، بحيث ينال المواطن حقوقه من الوطن ويؤدي المواطن واجبه إلى الوطن، فالمعادلة الوطنية المعمول بها في جميع الأوطان هي الواجبات مقابل الحقوق، لا تلك من غير هذه، فميثاق العمل والمشروع الإصلاحي والدستور قد أقروا كثيراً من هذه الحقوق والواجبات الوطنية، ومِن يقرأهم جيداً يجد أن مِن بين سطورهم تجسدت مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما صدر عن هيئة الأمم المتحدة من عهود وإعلانات ومواثيق حقوقية وسياسية واجتماعية وثقافية. فحق المواطن وحق الوطن وحدة واحدة لا تتجزأ.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90