إن ما تشهده أيامنا من تسارع واختلاف عما كانت عليه من قبل لهو شيء مخيف خاصة عندما نشعر أننا أصبحنا فعلياً وعملياً في سباق مع الزمن وما يحتويه من مغريات باتت أمراً لا مفر منه و شراً علينا مواجهته شئنا أم أبينا. ومن خلال عملي مع طلاب المرحلة الثانوية والتي بلا شك من أهم مراحل الشباب قبل أن يضع قدمه الصحيحة على أولى درجات الحياة فقد رأيت نماذج أبهرتني -سواء من ناحية الأدب أو من ناحية العلم والأخلاق- ونماذج أخرى صعقتني وجعلتني أؤمن بأن الأخلاق انقرضت، لكن بطريقة أو بأخرى يعرف المربي كيف يتعامل مع هذين النموذجين ويحاول جاهداً استخراج أفضل ما فيهما من خير وصلاح. أحياناً تواجهنا كمربين وأولياء أمور مشاكل يسهل حلها وأخرى لشدة وقعها علينا تجعلنا مشلولي القدرة أمامها ومن هذه المشاكل (المخدرات) وما أدراك ما المخدرات!! إنها بلاء جيلنا فترى الطالب يبدأ إدمانه من تنشق روائح غريبة ومنفرة ويزين له أصدقاء السوء حقارة ما يفعل ويجرونه إلى المهالك وسوء السبيل، وترى الجميع بعد سقوط هذا المدمن وقد تخلوا عنه وهجروه ولسان حالهم يقول يستحق ما حصل له فبسبب فجوره وعدم تقواه تجرع أسوأ مصير، لكن أحياناً نرى نماذج لشباب مدمنين لم يكن ذووهم ممن يهملونهم مادياً بل أحياناً يكون الإهمال المعنوي أشد وقعاً على الشاب من المادي! لقد سمعت قصة شاب أدمن على المخدرات لسبب سخيف -أو قد نعتبره نحن الآباء كذلك- وهو أن والديه أهملاه عاطفياً بعد أن رزقا بأخ له!! فقال «كنت أحاول أن ألفت انتباههما إلي بتفوقي ونجاحي لكن اعتقدت أن ذلك لم يجدِ فقررت أن أسلك هذا الطريق لأني وجدت فيه من يهتم بأمري ويساندني! ثم لم ألبث مدة إلا وقد أصبحت مدمناً غبياً لا فائدة ترجى مني ولا أمل». والآن ولله الحمد عاد هذا الشاب إلى رشده وبفضل دعاء وصبر والديه وهاهو الآن يساعد الشباب الضال إلى طريق السعادة بالبعد عن المخدرات والسعي للنجاح. أعزائي المربين وأخاطب هنا الوالدين مهما كان تعبكما من العمل والواجبات احرصا كل الحرص على الجلوس والإنصات لأولادكما والتفاعل التام مع آرائهم وإرشادهم ومهما كانت الفروقات الفردية بينهم فاحذروا ثم احذروا التفرقة ومحاباة أخ على الآخر بل اغرسوا المحبة في قلوبهم لبعضهم وأعاننا الله وإياكم فإنها أمانة وهي والله شديدة.