أكد ناشطون في مؤسسات مجتمع مدني أهمية الإسراع في إنشاء محاكم أسرة في البحرين وتخصيص تلك المحاكم بمبنى مستقل، وذلك بما يحفظ خصوصية الأسرة ويحقق استقرارها واستقرار المجتمع.
واشاروا إلى أن طبيعة المجتمع البحريني تفرض الشروع بإنشاء هذا النوع من المحاكم، خاصة وأن العلاقات الأسرية لا تقتصر فيه على الزوجين فقط، بل تمتد لتربط عائلات كبيرة ببعضها، مؤكدين بأن إنشاء محاكم أسرة يحقق ما ذهب إليه الدستور في مادته الخامسة لناحية حفظ مكانة الأسرة البحرينية، واشادوا بالجهود التي يبذلها المعنيين بهذا الأمر وعلى رأسهم المجلس الأعلى للمرأة ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف ومختلف العاملين على تحقيق استقرار وأمن المجتمع البحريني.
عين الصواب
وأكدت رئيسة الاتحاد النسائي البحريني فاطمة أبو أدريس دعم الاتحاد المطلق للجهود التي يبذلها المجلس الأعلى للمرأة في سبيل سرعة إنشاء محاكم أسرة في مملكة البحرين ضمن مبنى مستقل، وقالت "نحن كقطاع أهلي في الاتحاد النسائي البحريني والجمعيات النسائية المنضوية تحت مظلتنا نؤيد ونبارك دعوة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة لإنشاء محاكم أسرة مستقلة، وندعم هذا المقترح بقوة لما له من أهمية في تعزيز استقرار الأسرة البحرينية والمجتمع ككل".
واضافت أبوادريس "نحن نؤكد أن إنشاء محاكم مستقلة للأسرة في البحرين هو عين الصواب، لأن الأسرة تتميز بكثير من الخصوصيات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، خاصة وأن العلاقات الأسرية في البحرين لا تربط الزوجين فقط، وإنما تمتد غالبا لعلاقات عائلية متداخلة تربط عددا كبيرا من الأشخاص والعائلات ببعضهم البعض داخل المجتمع البحريني، لذلك يكتسب قرار تشكيل محاكم أسرة مستقلة أهمية خاصة في مجتمعنا".
وتابعت "نتيجة لصغر المجتمع نرى أن غالب الناس هنا يعرفون بعضهم البعض، لذلك يجب إقامة محاكم الأسرة في مبنى مستقل يضمن أكبر قدر ممكن من الخصوصية والسرية للزوجين المتخاصمين، وكذلك يوفر جوا من الطمأنينة خاصة للزوجة التي ربما تضطر للحديث عن أمور حساسة في العلاقة الزوجية، وكذلك للأطفال الذين لا يجب الزج بهم في أتون ردهات المحاكم الجنائية وغيرها".
وأعربت رئيسة الاتحاد النسائي البحريني عن مباركة الاتحاد لجميع توصيات المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية الذي أقامه المجلس الأعلى للمرأة مطلع نوفمبر الجاري، وفي مقدمتها إنشاء محاكم مستقلة للأسرة، وقالت إن تنفيذ تلك التوصيات يعزز من مكتسبات المرأة البحرينية على جميع الأصعدة.
ضرورة مجتمعية وقضائية
بدورها أشادت رئيسة جمعية المحامين البحرينية المحامية هدى راشد المهزع بالتوصيات التي صدرت عن المؤتمر الوطني الثالث للمرأة البحرينية، والمنعقد تحت رعاية كريمة من قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، وأكدت أن تنفيذ تلك التوصيات سيمثل نقلة نوعية في تعزيز حقوق المرأة والحفاظ على خصوصية الأسرة البحرينية وتذليل العقبات أمامها.
وشددت على أهمية التوصية الخاصة بإنشاء مبنى مستقل لمحاكم الأسرة وأخذها بعين الاعتبار نظراً لطبيعة وخصوصية وسرية القضايا الأسرية، كون الأمر الواقع والذي يلامسه السادة المحامون أثناء التعامل مع القضايا الشرعية في مبنى وزارة العدل، لا يمنح تلك الخصوصية للمرأة أو الأسرة بشكل يتوافق مع أهمية احترام خصوصية العائلة البحرينية.
وقالت: "إن تواجد المحاكم الشرعية جنبا إلى جنب مع المحاكم الأخرى، يتسبب في الكثير من الحرج للمدعين وأسرهم، فحين تتواجد أسرة بأطفالها للادعاء بشأن الحضانة أو النفقة أو الطلاق في ذات المكان مع متهمين في قضايا أخرى فإن ذلك من شأنه التأثير سلبياً على المدعين وأبنائهم".
وأكدت المهزع على أهمية أن يضم المبنى المستقل لمحاكم الأسرة مكاتب "التوفيق الأسري وإدارة الدعوى وتنفيذ الأحكام الخاص بالمحاكم الشرعية وصندوق النفقة" وهو ما يساهم في توفير سرعة الإنجاز والكفاءة في تحقيق العدالة إلى جانب الخصوصية للأسرة .
وفي ذات السياق لفتت رئيسة جمعية المحامين إلى أهمية ما أعلنه معالي وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف مؤخراً حول عزم الوزارة تدشين مكاتب للتوفيق الأسري بالمحافظات، مضيفة أن مكتب التوفيق الأسري يمثل أحد أجزاء عملية التقاضي في المحاكم الشرعية، ومن الضروري العمل على توسعة صلاحياته ليتمكن من الإسهام في إعداد الدعوى وتوفير كامل البيانات والمستندات قبل مرحلة التقاضي، ولتتوفر لدى القاضي الشرعي وكذلك وكلاء المدعين كافة المستندات التي تتيح سرعة البت في الدعوى.
وأضافت أن مكتب التوفيق الأسري بصورته الحالية يحتاج لمزيد من الباحثين القانونيين ممن لديهم التدريب الكافي للتعامل مع الأسرة بما يمنحها الأريحية أثناء تواجدها في المكتب وبالتزامن مع تدريب الباحثين لإكسابهم الخبرات الخاصة في مجال الدعاوى الشرعية .
خطوة طال انتظارها
من جانبها أكدت عضو مجلس إدارة الجمعية البحرينية لتنمية الطفولة فوزية زينل أن تشكيل محاكم الأسرة في البحرين يمثل خطوة هامة وكانت منتظرة، وتمثل تتويجا لجميع الجهود التي بذلت على صعيد توفير الظروف التي تساهم في استقرار الأسرة مثل إقامة مكتب التوفيق الأسري وإصدار قانون حماية المرأة من العنف خاصة وأن تجربة محاكم الأسرة لاقت نجاحا كبيرا في الكثير من الدول العربية الشقيقة، وأسهمت في الحفاظ على كيان الأسرة واستقرار المجتمع، وكرست العديد من الممارسات التي يكمن الأخذ بها والاستفادة منها خلال التعاطي مع القضايا المعروضة أمام تلك المحاكم، خاصة الجانب المتعلق بإعادة الوئام والإصلاح بين الأزواج حفاظاً على الترابط الأسري والاجتماعي.
وأكدت أهمية وجود خبراء نفسيين واجتماعيين في كوادر محاكم الأسرة، من الذين يمتلكون خبرة واسعة في التدخل لحل المشاكل التي لا تحتاج إلا لمساع حميدة بين الطرفين ودون الحاجة لإنهاء الحياة الزوجية، وقالت إن "من شأن هذه المحاكم التعامل بفعالية مع حالات اضطراب العلاقة بين الزوجين وما قد يرافقها من سلوكيات شاذة وتعاسة زوجية مما يهدد استقرار الجو الأسري والصحة النفسية لكل أفراد الأسرة".
وأضافت زينل "ينظر البعض إلى النزاع الأسري على أنها مجرد خلاف بين رجل وامرأة تربطهم علاقة زواج وإنها لا تخص إلا أطرافها، ولكن الحقيقة أن النزاعات الأسرية هي أكثر من ذلك بكثير فالأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، ومؤسسة الأسرة كنظام قانوني واجتماعي يقوم في أساسه على رجل وامرأة تربطهم علاقة زواج هي الأساس الأول لاستقرار أي مجتمع، وبالتالي فأي دمار يلحق بمؤسسة الأسرة هو في حقيقته دمار للمجتمع، وبالمقابل كلما زاد تماسك الأسرة كلما زادت درجة ترابط المجتمع وتماسكه".
وأكدت أهمية تلك المحاكم في حل وتسوية النزاعات الأسرية وإعادة الاستقرار الأسري من خلال تقديم رؤية واضحة لأنماط النزاعات الأسرية، والمعوقات التي تقف في طريق المحكمة في حلها، وضمان اتساق القوانين وعدم تعارضها.
ونوهت إلى أن أبرز ما يميز انشاء محاكم خاصة للأسرة هو توفير عنصري الخصوصية والسرية في الفصل في القضايا الأسرية الأمر الذي يزيل الحرج عن الكثير من السيدات اللائي يواجهن قضايا من هذا النوع، فضلا عن أن ذلك من شانه أن يسهم في تسريع نظر القضايا الأسرية، مشيدة بالجهود التي تقوم بها صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة من أجل تحسين أوضاع المرأة البحرينية على كافة المستويات.
مطلب دستوري
من جانبه أوضح المستشار القانوني الدكتور أحمد عبدالله فرحان أن الحفاظ على كيان الأسرة البحرينية مطلب دستوري حيث بينت المادة (5) من الدستور تفصيلا مكانة الأسرة البحرينية باعتبارها أساس المجتمع قوامها الدين والاخلاق وحب الوطن، وأن القانون هو المختص بالحفاظ على كيانها الشرعي، وتقوية أواصرها وقيمها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة. وبالتالي في مطلب تخصيص مبان مستقلة للحفاظ على خصوصية المتقاضين يصب في ذات المطلب الدستوري.
وقال الدكتور فرحان "استمرارا لبذل الجهد لمساندة المرأة البحرينية وتذليل الصعاب التي قد تواجه حياتها الخاصة والعامة، طرح المجلس الأعلى للمرأة موضوع ضرورة تخصيص مبنى مستقل لمحاكم الاسرة وهي المحاكم الشرعية التي تختص بالقضايا الشرعية للأسرة البحرينية من زواج وطلاق ونفقة وغيرها"، واضاف "نظرا لخصوصية هذا النوع من القضايا وما يسبقها من اجراءات تبدأ من مكتب التوفيق الاسري الذي من خلاله يتم التوفيق على حلول قد تنجح في ارضاء طرفي العلاقة الزوجية.
وأعرب د. فرحان عن اعتقاده أن طرح المجلس الاعلى للمرأة وتبنيه لهذا الموضوع الهام يصب في ذات الهدف الخاص بحماية الاسرة البحرينية من خلال اعادة تقييم واصلاح شامل لوضع المحاكم الشرعية في مملكة البحرين، ويشمل ذلك بدءا من مكاتب التوفيق الاسري التي يجب ان تتوافر فيها معايير دولية معتمدة تقوم على سهولة الدخول والخروج ومساحات وغرف مصممة لسرية المعلومات والبيانات واللقاءات التي تعقد بين الطرفين المتخاصمين في فترة حرجة جدا وهي فترة ما قبل الطلاق، إضافة الى السعي حول تقييم القائمين على مكاتب التوفيق الاسري من أنهم على أعلى درجة من الخبرة والتدريب في مجال التوفيق والوساطة، وتأتي المرحلة التالية بتخصيص أماكن تشتمل على مرافق ادارية تتبع المحاكم الشرعية تختلف عن النموذج التقليدي لانعقاد المحاكم العادية، تمكن القاضي الشرعي من القيام بواجباته خلال فترة المحاكم على أكمل وجه.
واختتم تصريحه بالقول "اعتقد بأن تعاون الحكومة الرشيدة لهذا المطلب الرائد من خلال الجهد الذي يقوم به معالي وزير العدل والشئون الاسلامية الشيخ خالد بن علي ال خليفة بالتأكيد على ان الوزارة ستتخذ كافة الخطوات الضرورية لتوفير مبان خاصة بالمحاكم الشرعية تحقيقا للتوجهات العليا لدعم الاسرة البحرينية سيؤدي بكل تأكيد الى سرعة تنفيذ هذا المطلب ليبرز الوجه الحضاري للمجتمع البحريني وللقضاء البحريني".