أصدرت جمعية الحقوقيين البحرينية وجمعية البحرين لمراقبة حقوق الانسان وجمعية كرامة لحقوق الانسان وجمعية مبادئ لحقوق الانسان وجمعية معا لحقوق الانسان اليوم الثلاثاء 22 نوفمبر 2016 بيانا جماعيا متضمنا مجموعة من الملاحظات الحقوقية والقانونية على تقرير منظمة العفو الدولية الأخير الصادر يوم الأحد الموافق 21 نوفمبر 2016 تحت عنوان (تجميل شكلي أم تغيير جذري ؟ ... تقييم أداء هيئات الرقابة على حقوق الانسان في البحرين).

وأشارت المنظمات الحقوقية المحلية إلى أن الملاحظات على نوعين.. اولا : ملاحظات تفصيلية وهي ملاحظات على مضمون التقرير ، ثانيا : ملاحظات عامة : وهي نتائج عامة توصلت لها المنظمات من فحوى التقرير.

اولا: الملاحظات التفصيلية..

1- يظهر التقرير في غالبية صفحاته ومنها تحديدا الصفحات من 1 - 20 وكأن هنالك حالة من تفشي انتهاك حقوق الانسان عن طريق المساس بالحق في عدم التعذيب ، في حين ترى المنظمات الحقوقية البحرينية بأن مملكة البحرين قامت بجهود كبيرة في مجال كفالة حق الأفراد مواطنين وأجانب في عدم التعذيب ، كونه حقا مطلقا لا يجوز المساس به بتاتا في شتى الظروف سواء في الأوقات العادية او في الظروف الطارئة وفق ما نص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والأساسية وما ورد تفصيلا في اتفاقية الامم المتحدة لمناهضة التعذيب ، كما وترى بأن جهود الأمانة العامة التظلمات ووحدة التحقيق الخاصة ومن خلال متابعة المنظمات لأعمالها جهود متطورة وقائمة على أسس علمية وفق ما قررت المعايير الدولية كإتفافية مناهضة التعذيب و بروتوكولات اسطنبول ، كما ومن خلال الزيارات الميدانية ترى المنظمات الحقوقية أن التعذيب ليس بظاهرة عمل يمارسها رجال الأمن وإن وجدت حالات فردية فلا يمكن تعميمها على سلوك جهات إنفاذ القانون كوزارة الداخلية ، كما أن المنظمات لاحظت تحسن حالة السجون وأماكن الاحتجاز سواء من الناحية الطبية أو التهيئة العامة ، إضافة إلى أن الجهات العدلية تسعى دائما لتنمية ثقافة حقوق الانسان من خلال التعاون مع جهات متخصصة ومنظمات المجتمع المدني في مجال تعزيز ثقافة حقوق الانسان حيث وعلى سبيل المثال تقوم بعض المنظمات مصدرة هذا البيان بتدريب وتأهيل شرطة المجتمع في مجال حقوق الانسان عبر محاضرات اسبوعية.

2- تناول التقرير في الصفحة (6) إلى أن حكومة البحرين تنتهك الحق في التجمع السلمي عن طريق منع المظاهرات والتجمعات في العاصمة المنامة ، وهو ما تراه المنظمات الحقوقية واجبا على الدولة لكونه حقا للمواطنين والمقيمين حيث أن تعطيل العاصمة سيترتب عليه خسائر إقتصادية وتعطيل للمصالح ، ولذلك فإن هذا المنع لا يتعارض مع الحق في التجمع السلمي لكونه حقا نسبيا يجوز للدولة أن تضع عليه قيود وضوابط وفقا للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ومن اهم الضوابط حماية حقوق وحريات الآخرين وان يكون تنظيم هذا الحق بما يكفل النظام العام في الدولة بأركانه الثالث وهي الأمن العام والصحة العامة والسكينة العامة ، وبالتالي فتنظيم الحق في التجمع السلمي مطلب للجمعيات وإستحقاق للدولة ، وهنا وجب الإنتباه إلى أن تنظيم الحقوق والحريات هو من إختصاص السنة التشريعية وهو ما حصل فعلا ، وبالتالي فهذه إرادة ممثلي الشعب سواء بالموافقة والمباركة والترحيب أم بإصدار تشريع كما حصل في ما يتعلق بمنع التجمعات والاعتصامات في العاصمة ، وأخيرا تلاحظ المنظمات الحقوقية أن هناك سوء فهم من قبل منظمة العفو الدولية للحق في التجمع السلمي فهو حق يستهدف أساسا النقاش والحوار وما تراه المنظمة ان إستخدام هذا الحق في السابق كان مقدمة للخروج في مظاهرات غير سليمة تمس الممتلكات العامة والخاصة ، وبالتالي فهنالك سوء في استخدام هذا الحق ، كما ان النقاش والحوار السلمي كتطبيق أصيل للحق في التجمع السلمي يمكن أن يكون في أي مكان غير العاصمة ويحقق آثاره فيما بين المجتمعين وفيما بينهم وبين الجهات الرسمية .

3- يشير التقرير في الصفحة 20 منه بأن هنالك استخداما للقوة المفرطة من قبل الجهات الأمنية وهو ما لم تستوضح عنه الأمانة العامة للتظلمات ، ومن جانبنا نرى بأن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان تجيز استخدام القوة المسلحة في حالات الضرورة ومن بينها حالة رد الشغب المفرط ، وهو الذي يتهدد الأمن والإستقرار ، وبالتالي فإن المنظمات لا تبرر المساس بأرواح الناس وإنما تود التوضيح بأن الموازنة بين الأمن من جانب وحقوق الانسان من جانب آخر هو أمر دقيق يتطلب عدم التعميم ، ففي حالات الشغب المفرط وجب مواجهته حماية للأموال والأنفس وحقوق وحريات الآخرين ، وهذا هو المسلك المتبع في دول الاتحاد الأوروبي .

4- يلمح التقرير في الصفحات من 22 - 25 إلى عدم توفير ضمانات للمحتجزين من قبيل الرعاية الصحية و التعذيب والمعاملة القاسية وغيرها ، وهو ما يعد من قبيل الطرح المبني على إفادات شخصية لا دليل ملموس عليها ، فهي نوع من الوصف فقط لا يمكن الاستناد عليه ، في حين أن الحالة الموضوعية للسجون البحرينية تبرز تطورا ملحوظا في الجوانب الإنسانية سواء من حيث التهيئة العامة للسجون أو التعامل إلتزاما بتوفير الحق في الحرية والأمان الشخصي الوارد في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، وبما يتماشى مع الضمانات الدنيا لمعاملة المحتجزين .

5- أشار التقرير في الصفحة 28 إلى عدم إستقلالية الأمانة العامة للتظلمات لكونها جزء من وزارة الداخلية وبالتالي فهي تابعة ماليا وإداريا ، وهنا ترى المنظمات الحقوقية أن مناط الاستقلالية هو الممارسة وليس النصوص القانونية ، فوفقا لمتابعة المنظمات ترى بأن الأمانة العامة تُمارس إختصاصاتها بإستقلالية تامة عن وزير الداخلية وهو ما دفع منظمة العفو الدولية لتشير في الصفحة 23 بأن الأمانة العامة للتظلمات أوفت عموما بما عليها من ولاية ، كما أشار ذات التقرير في الصفحة 25 إلى أن الأمين العام يتمتع بصلاحيات واسعة ، وهو ما يدلل بأن الممارسة العملية هي الفيصل في الاستقلالية ، اما بخصوص إستقلالية وحدة التحقيق الخاصة فيكفي الإشارة إلى أنها جزء من النيابة العامة وبالتالي هي جزء من سلطتنا القضائية النزيهة وهو ما يجعلنا كمنظمات حقوقية وطنية نكتفي بذلك ونؤكد رفضنا القاطع لأي تشكيك في القضاء البحريني .

6- أشار التقرير في الصفحة 39 إلى أن الأمانة العامة للتظلمات لم تقم بإبلاغ المشتكين بسير التحقيقات وهو ما يخل بمبدأ الشفافية ، وهنا تود المنظمات الحقوقية أن تبين أن قانون حرية الحصول على المعلومات (FOIA ) الامريكي وهو قانون متطور يضع ضوابط واستثناءات على الحق في الحصول على المعلومة وبما لا يخل بالشفافية كالحفاظ على التحقيقات و الإجراءات القضائية حتى البت فيها وبالتالي فالأصل فيما يتعلق بالتحقيقات السرية والاستثناء الإفشاء .

7- أشار التقرير في الصفحة 53 إلى أن وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة أحالت 150 قضية للمحاكم من أصل 200 قضية تتعلق بمزاعم التعذيب ، وهنا ترى المنظمات الحقوقية أن لفظ ( مزاعم ) كما ورد في تقرير منظمة العفو الدولية يعني أنها إدعاءات ليست مثبتة وبالتالي فسلطة الإحالة ليست تلقائية بمعنى انه ليس من اللازم ان كل المزاعم تحال للمحاكم وإلا تم إثقال القضاء بدعاوى ومزاعم وإدعاءات كيدية أو غير محقة ، وبالتالي فوحدة التحقيق الخاصة تحيل ما ترى فيه دليلا عن كون مزاعم التعذيب مثبتة لديها ، وإن إحالة 150 قضية من أصل 200 قضية يعتبر رقما معقولا ، وإن كانت العبرة ليست بالكم بل بالكيف وبثبوت التعذيب ، وهنا تود المنظمات الحقوقية التأكيد على أن متابعاتها في النيابة العامة تبرز أن السلوك السائد هو أنه أثناء التحقيق مع أي شخص إن إدعى تعذيبه يطلب منه عضو النيابة العامة إبراز اثر التعذيب في ذات جلسة التحقيق وإن وجد الآثار أثبت ذلك في ملحوظة في محضر التحقيق ثم يحيل من إدعى التعذيب للطب الشرعي المختص التابع للنيابة العامة .

ثانيا: الملاحظات العامة..

1- ان المنظمات الحقوقية الوطنية تؤكد على أن البحث عن الحقائق دائما أولى من الحديث المرسل ولذلك فإنها تبسط لمنظمة العفو الدولية حقائق لا تقبل التشكيك ولا الجدال وهي أن مملكة البحرين هي أول دولة في المنطقة تشكل لجنة لتقصي الحقائق بإرادة ملكية خالصة ، برئاسة البروفيسور محمود شريف بسيوني فَقِيه القانون الدولي العام ، وقد منحت هذه اللجنة كامل الصلاحيات لتتمكن من إستقصاء حقيقة ما حصل في الأحداث المؤسفة عام 2011 بكل مصداقية وشفافية ودون تدخل في عملها من أية جهة رسمية ، وهو ما يعكس حرص ملك البلاد على تعزيز وحماية وصون حقوق الانسان ، وإستظهار الحقيقة دائما ، كما ويجب أن لا يكون خافيا أنه في مايو 2016 قد أعلن السيد بسيوني عن إنجاز مملكة البحرين وتنفيذها للتوصيات التي صدرت عن اللجنة ، كما وتضمن تصريح السيد بسيوني إشادة بمنح الاتحاد الأوروبي للأمانة العامة للتظلمات جائزة ( شايو ) وأشاد بمنح رئيس وحدة التحقيق الخاصة جائزة المدعي العام لسنة 2015 من قبل الجمعية الدولية للمدعين العامين ( IAP)، وهما الجهتان اللتان أفردت لهما منظمة العفو الدولية تقريرا كاملا غير منصف ، ولذلك ترى المنظمات الحقوقية الوطنية أنه كان من الأولى أن تقوم منظمة العفو الدولية بالإشادة والتحفيز الإيجابي ودفع عجلة التطور في المجال الحقوقي في مملكة البحرين .

2- ترى المنظمات الحقوقية الوطنية أن تقرير منظمة العفو الدولية تضمن الكثير من العبارات المرسلة كما هو الحال في البند (5-5) وغيره من البنود الوصفية غير المثبتة بأدلة وبراهين .

3- تضمن التقرير عددا من الآراء السياسية فمثلا أبرز التقرير في الصفحة 78 بأن الإتحاد الأوروبي منح جائزة شارليوت المخصصة لنشر وتشجيع حقوق الانسان في دول مجلس التعاون لأمانة التظلمات ، ثم ذكر التقرير أن الأمانة العامة للتظلمات تحاول أن تبرهن للمجتمع الدولي فاعليتها وإلتزامها بناء على هذه الجائزة ، وهو ما تراه المنظمات الحقوقية الوطنية رأيا سياسيا غير موضوعي لكون هذه الجائزة تبرز حقيقة نجاح المشروع الاصلاحي لجلالة الملك في الشق الحقوقي منه وهو على ما يبدو لا يعجب منظمة العفو الدولية .

4- ان الجمعيات الحقوقية الوطنية تستغرب من تعمد منظمة العفو الدولية الإعتماد على آراء أحادية من مجموعات متطرفة في تقاريرها ، تلكم الآراء التي باتت تستخدم منظمة مهمة كمنظمة العفو الدولية في دعم حراكها ( السياسي ) المتطرف ، وتدلل المنظمات الحقوقية على ذلك حيث رفضت في البداية منظمة العفو اثناء الأحداث المؤسفة عام 2011 من لقائها في حيث تم الإلتقاء بالمنظمات المتطرفة سياسيا ، ثم عندما تم الإلتقاء ببعض المنظمات المصدرة لهذا البيان عادت المنظمة لتلتقي بالمنظمات المتطرفة سياسيا لتستوثق منها ، ولم يتضمن تقرير منظمة العفو الدولية أيا من ملاحظات المنظمات مصدرة هذا البيان وهو ما يبرز حالة من عدم المهنية وعدم الشفافية لدى منظمة العفو الدولية .

5- ترفض الجمعيات الحقوقية الوطنية الصيغة التي تصدر بها تقارير منظمة العفو الدولية والتي تضمنها عادة توصيات لعدد من الدول الأجنبية بالضغط على مملكة البحرين لتعزيز حقوق الانسان وهو ما نراه مساسا صريحا وتسيسا علنيا لأوضاع حقوق الانسان في دول العالم ، وهو ما يمس السيادة الوطنية التي لا نقبل المساس بها بتاتا ، كما ويشكل خروجا على مبدأ تساوي الدول في السيادة وهو ما مبدأ له ترجمة واضحة أمام ناظر منظمة العفو الدولية بأن لكل دولة عضو في الأمم المتحدة صوت واحد في الجمعية العامة للأمم المتحدة مهما كانت قوتها الإقتصادية أو العسكرية أو تعداد سكانها ، وندعو منظمة العفو الدولية لإحترام هذه السيادة .

وأكد البيان ان المنظمات الحقوقية الوطنية لا تقر بالتعذيب كسبيل لإستمداد الإعترافات ، ولا تقبل بأن يعامل أي إنسان معاملة مهينة أو قاسية أو حاطة بالكرامة ، كما وتشيد بتناول تقرير منظمة العفو الدولية في بعض الجوانب الإيجابية في عمل الأمانة العامة للتظلمات و وحدة التحقيق الخاصة وهو ما تتمنى المنظمات مصدرة البيان أن ينعكس بشكل أكبر في التقارير القادمة للمنظمة الدولية.