^ بخلاف كثيرين؛ أعتقد أن زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية المحتلة دليل على الضعف الإيراني، والتصريحات الإيرانية المتشنجة لعدد من المسؤولين الحاليين والسابقين أمارة على هذا الضعف، ودليل على شعور الإيرانيين بمزيد من العزلة الإقليمية والعالمية، وتآكل الشعور بالقوة والتميز أمام الإخفاق في عدد من الملفات. إذ ليس من الضروري لأصحاب المواقف السياسية القوية أن يخرجوا عن التقاليد والأعراف الدبلوماسية، ويهجروا لغة المنطق والحكمة، وليس من الذكاء أن تفتح أي دولة على نفسها جبهات جديدة، في حين أن عدداً من الجبهات تصل إلى حد الاشتعال. فإيران أخفقت في التعامل مع الملف السوري في أن تصل به إلى النتيجة التي أرادت، ولم تستطع صفقات الأسلحة التي تصل إلى سوريا عبر العراق، ولا المساعدات الاقتصادية، ولا تطوع الوكلاء الإيرانيين في تثبيت أركان النظام السوري رغم حمامات الدم التي تسيل هناك، بل إن الملف السوري قام بإحراج إيران بشكل مباشر حيث كشف زيف ادعائها أنها حامية ثورات (الصحوات الإسلامية)، كما إن إيران أخفقت في التعامل مع قضية ما يعرف بالربيع العربي، حيث شهد التقارب المصري الإيراني فتوراً إن لم يكن جموداً بعد كشف النخبة المصرية المخططات الإيرانية لإحياء مشروعها التوسعي في المنطقة العربية، وبعد الكشف عن محاولة إيران استغلال الثورات العربية لتحقيق مآربها الخاصة. كما إن إيران في ما يتعلق بملف المواجهة مع الغرب قد خسرت عدة نقاط بعد تطبيق القوى الغربية لعدد من العقوبات الاقتصادية التي خنقت الاقتصاد الإيراني، وأدت إلى تراجع العملة الإيرانية بشكل كبير، ومعروف أن الاقتصاد هو المحرك الرئيس للسياسات في الوقت الراهن، إذ لا قيمة لتحقيق الإنجازات النووية أو حتى الوصول للفضاء، وحالة المواطنين في الأرض تدعو للرثاء. وخسرت إيران دبلوماسياً مع دول الخليج العربي بشكل خاص والدول العربية بشكل عام حين تحدت إرادتهم في ما يتعلق بالقرارات الأممية تجاه نظام الأسد في سوريا، كما إن محاولات التدخل في شؤون البحرين ألقت بظلالها في هذا السياق، ناهيك عن تدهور علاقاتها الاستراتيجية مع الجارة المهمة تركيا. ولم يعد أمام إيران من أوراق سوى أن تقوم بالممارسات الاستفزازية التي تهرب بها إلى الداخل، وتغطي على حالة الاختناق السياسي التي يمر بها النظام في طهران، دون أن تكون هناك بادرة أمل في الأفق مع الاستمرار في التلويح بتوجيه ضربات استباقية للمنشآت الحيوية الإيرانية. كانت زيارة نجاد لـ«أبو موسى” تنفيساً عن حالة الحصار السياسي الذي يطوق إيران عالمياً وإقليمياً، وبدلاً من كسب ودّ جيرانها العرب تعمل على إذكاء القطيعة، وتخريب شعرة معاوية التي يتعامل بها العرب مع الجار ذي الأطماع التي ليس لها حدود. وإذا ما حكمنا على الأحداث بالنتائج فإن نتيجة زيارة نجاد لجزء من الأرض العربية الإماراتية التي احتلتها قبل عقود قد أعاد للأذهان قضية احتلال الجزر الثلاث، وليتنا نستغل الحدث دبلوماسياً، فتقوم المجموعة العربية في المحافل الدولية والإقليمية بتوجيه حملة دبلوماسية على إيران دفاعاً عن الحق العربي، وكشفاً للزيف والادعاءات الإيرانية بحقها في ما تحتله من أراضٍ عربية.