كتب - علي الشرقاوي: الترجمة تعني أن نتعرف على شعراء العالم والروائيين والفلاسفة والنقاد وعلماء الإنثروبولوجيا، وعلى كتابات علماء النفس وغيرهم، عبر الوسيط الإنساني الرائع الذي يربط بين الشعوب. لم يكن لنا أن نتعرف على تجارب شعراء من العالم مثل بودلير ورامبو وفيكتور هيجو واراغون وشيلي وييتس وت. أس. أليوت وتيد هيوز لولا الترجمة، وما كان لنا أن نتعرف على الشعراء؛ بوشكين وماياكوفسكي بالإضافة إلى الإسباني لوركا ، لو لم تكن لهم ترجمات إلى اللغة العربية. لكن الذي انتظرناه طويلاً، كما يقول شاعرنا الجميل على عبدالله خليفة؛ هو ترجمة الشعر العربي والخليجي والبحريني إلى اللغات الحية في العالم. لذلك سعدنا قبل عدة أسابيع بصدور أنطولوجيا الشعر الحديث لشعراء الخليج العربي تحت عنوان “حصاد الموج” باللغة الإنجليزية. الذي قامت بنشره جامعة فرجينيا في قطر. والتي تضم قصائد مترجمة باللغة الإنجليزية وبعضها مكتوب في الأصل باللغة الانجليزية لشعراء من الخليج. ومن البحرينيين التي حوت بعض النصوص من تجاربهم هذه الأنطولوجيا: قاسم حداد، فوزية السندي، علي الشرقاوي، عبدالحميد القائد، علي عبدالله خليفة، كريم رضي، أحمد العجمي، حمده خميس، علي الجلاوي، لآلئ كاشف الغطاء التي تكتب الشعر باللغة الإنجليزية. الأنطولوجيا تمتد على مساحة 366 صفحة وهي من تحرير د. باتي بين ود. جيف لودج وسامية تواتي من جامعة فرجينيا في قطر. وساهم فيها الشاعر عبدالحميد القائد بترجماته لنصوص شعراء بحرينيين. بحث صعب عن شعراء الخليج جاء في مقدمة الكتاب: تتمتع منطقة الخليج بعدد وافر من الشعراء الموهوبين، وأنه في بدايات عملنا في تجميع المختارات الشعرية، شكّلت كتب مثل “شعر النساء العربيات” بقلم ناتالي هاندل، “الشعر العربي المعاصر” بقلم سلمى الخضرا الجيوسي، و«شرخ في الجدار” بقلم مارغريت أوبانك وصمويل شيمون، مصادر مهمة للتعرف على أولئك الشعراء. لقد توقعنا أن يمثل هذا المشروع تحدياً كبيراً لنا، لكن الحصول على البيانات المساعدة في الوصول إلى أولئك الشعراء، الذين كنا نأمل في إدراج أسمائهم في المختارات، شكّل تحدياً غير متوقع. ولو كنا نبحث عن شعراء أمريكيين لكانت العملية سهلة مثل البحث في الفيس بوك أو موقع لإحدى الجامعات. فقد تبين أن البحث عن شعراء الخليج أكثر صعوبة من كل ذلك. إن في الشرق الأوسط درجة من الخصوصية أكثر مما في الولايات المتحدة الأمريكية وأن عدداً قليلاً من الشعراء المدرجة أسمائهم في المختارات يعتبرون شعراء محترفون. فالعديد منهم يعمل في صحف يومية أو مجلات، علاوة على محطات التلفزة أو في مناصب حكومية. ويملك آخرون مشاريع تجارية خاصة أو يعملون في المجالات القانونية أو العلمية. ونحن ممتنون لهم جميعاً، سواء كانوا شعراء، مترجمون، أو أصدقاء ساعدونا في الوصول إلى الشعراء. ومع هذا فإن هناك عدداً من الشعراء كنا نأمل أن نضمهم في هذه المجموعة لكننا لم نتمكن من الوصول إليهم. وأضافت: سبق وأن أشرنا إلى إننا لا نريد فقط تجميع وإعادة عرض العدد القليل نسبيا من الأشعار التي تم ترجمتها و باتت متوفرة للجمهور الغربي. فقد كان هدفنا إفساح المجال لأكبر عدد ممكن من الشعراء و القصائد الشعرية من منطقة الخليج. وكنا نرغب في أن تضم المختارات أعمالا مترجمة خصيصا لهذا الكتاب. لذا عملنا مع فريق قدير من المترجمين و من ثم فإننا فخورون بأن أكثر من 70% من هذه المختارات مؤلفة من أشعار تنشر مطبوعة باللغة الانجليزية للمرة الأولى. إن اللغة العربية ثرية أدبياً و موسيقية الطابع، ومن هذا فإنه من الصعب ترجمة كامل معانيها إلى الانجليزية ،لكننا نعتقد بأن مترجمينا بذلوا جهوداً مضنية في إظهار المعاني الدقيقة لما أراده الشعراء. وقد حاولنا إضفاء لمسات خفيفة كمحررين للحصول على مزيد من الوضوح. فإن الترجمة والتحرير من الأعمال الموجعة والشاقة. إنها تتطلب توازناً دقيقاً، و جهداً دؤوباً لتجسير الفجوة بين الشعر والقارئ. وأشارت مقدمة الكتاب إلى أن العمل في كتاب ( حصاد المد) (Gathering the Tide ) استمر لأكثر من ثلاث سنوات وهو نتاج عمل ما يصل إلى 100 من الشعراء، المترجمين، المحررين، وغيرهم. وتابعت : نأمل أن يتيح الكتاب للقراء فهم وتقدير الاختلافات بين الناس الذين ينتمون إلى مناطق مختلفة ثقافات متنوعة، رغم أنهم يحملون إحساساً وتقديراً أكبر لكافة الصفات التي توحدنا. إن الشعراء الذين يجمعهم الكتاب يحملون نفس الآمال والمخاوف مثلنا تماما. انهم يحتفلون بالحياة ويقنعون في حالة الخسارة. وهم يفعلون كل هذا في منطقة تتمتع بتاريخ طويل واستثنائي وبحاضر مثير وسريع التطور. دور كليات اللغــات في جامعات البحرين إذا كانت جامعة فرجينا في قطر قامت بمثل هذا العمل الرائع، فنحن أيضاً نمتلك الإمكانات الهائلة التي من الممكن أن نحقق عبرها الكثير، فقط لو انتقلنا من الكلام إلى الفعل، ومن التنظير إلى التطبيق. فلتكن هناك هيئة مختصة بمشروع ترجمة الشعر، المسرح، الرواية، التراث الشعبي إلى اللغة الأخرى، من أجل إتاحة مزيد من التواصل بيننا وبين اللغات الأخرى، التي تحتاج للتعرف على أفكارنا وهمومنا وأحلامنا، عبر الأدب والفكر والفن والثقافة.