بقلم - عماد عبدالعزيز: الإنسان مسؤول، والحياة مسؤولية، وسر المسؤولية هو الإرادة، ذلك لأنَّ الإرادة هي القوّة التي تصنع الموقف، لذا كانت الحياة صراع إرادات، وتنازعاً بين الدوافع الغريزية والاستجابات البشرية المتعددة. إنَّ الحياة صراع، صراع ضد الطبيعة وتحدّياتها، وصراع ضد الإرادات والأفكار المعارضة. والمتأمّل في تاريخ البشرية ومسيرتها يجدها ساحة حرب وصراع، وما فترات الوئام والسلام إلاّ فرص للاستعداد والتهيؤ للحرب والصراع، والموقف المطلوب من الإنسان المسلم صنعه، هو الموقف الثابت الذي يتحدّى تحدّيات الطبيعة، ويقهر المحن والإرادات المعارضة لإرادة الحق، فبالإرادة القوية انتصر الإنسان على تحديات الطبيعة، وواجه الزلازل والجفاف والبراكين والفيضانات وسيطر على قوى الطبيعة، وبالإرادة القوية انتصر الإنسان المستهدف على الغزاة والمحتلين وموجات الهمجية المتوحشة، وبالإرادة القوية انتصر الإنسان على المحن والابتلاءات التي يبتلى بها في نفسه وأهله وماله ومتعلّقات حياته الأخرى، وبالإرادة القوية انتصر الإنسان على ضعفه وهزيمته السياسية والعسكرية ومشاكله الاقتصادية، ليس مهزوم من خسر معركة سياسية أو عسكرية، ولكن المهزوم من تنهار إرادته أمام المواقف والمحن والتحدّيات التي يواجهها، ويعيش الهزيمة في نفسه، فتشل إرادته وقواه المعنوية والمادية، فلا يقوى على توظيفها لصالحه، أو لصالح أمته والجماعة التي يواجهها ويتحمّل مسؤولية قيادتها. وتتفاقم المشكلة عندما تعم الهزيمة مساحات واسعة من المجتمع، وعندما تصاب القيادات ومراكز التوجيه بالهزيمة النفسية، وعندما تبدأ الهزيمة النفسية تأثيرها، ويستشعر الخطر على كيان الأمة والجماعة، تبدأ مرحلة جديدة من مهام العمل الإعلامي الذي يتحمّل مسؤولية إعداد الأمة وتحصينها ضد هذه الحالات المرضية، وهي مرحلة الموقف من هذه الحالة الخطرة، وكم أكَّد القرآن الكريم على تحصين المجتمع الإسلامي وحمايته من الإشاعات المضادّة، وحالات الإحباط والهزيمة النفسية، بل كرَّس جزءاً كبيراً من توجيهه الإعلامي والتربوي للانتصار على الهزيمة النفسية، وشحذ الهمم، وتقوية العزائم، وإعادة المعنويات المفقودة، كما حصل في معركة أُحد، وفي مواقف عديدة من حالات المواجهة مع الحرب النفسية، والدعاية المضادّة التي شنّها المنافقون واليهود والمشركون وغيرهم على الدعوة الإسلامية، وحركة انتشارها العسكرية والسياسية والفكرية.