^  لا الدولة تعرف ماذا تريد ولا نحن نعرف إلى أين نسير، إنه عام من التخبطات والمراوحة، أحياناً أقصى اليمين وأحياناً أقصى اليسار، في أحيان قليلة يستفيق القانون، وأحيان أكثر يكون نائماً مستلقياً على الأرض. إن كان هناك عام من التخبطات، فإن قبله كانت هناك أعوام من السياسات الخاطئة أوصلتنا إلى طريق الاستقواء بالشارع واحتلال الميادين، والإضراب والإرهاب، أرى أن السياسات كانت بعيدة عن الواقع، وبعيدة عن لغة الأرقام والإحصاء، وبعيدة عن قراءة المشهد بشكل يتنبأ بالمستقبل، وبالتالي كان هناك طرف يخطط بشكل استراتيجي وبينما الدولة تبدو كأنها تسير من غير تخطيط ولا رؤية ولا أهداف. لا نريد أن نعزف على الجروح، غير أننا نريد أن يكون صوت الجرس مدوياً في رأس مسؤولين كثر، فقد كانت بوابة التعليم إحدى أهم بوابات الاستيلاء على الدولة، وقد نبهت إلى تلك الدائرة التي طوقت رقبة الدولة (الاستيلاء على التعليم، الاستيلاء على البعثات الاستيلاء على الجامعات، الاستيلاء على الوظائف، الاستيلاء على النقابات ومن ثم الاتحادات العمالية) هذه الدائرة لا تراها الدولة، لكن الناس والبسطاء يعرفونها. خراب التعليم والصحة كان في عهد الوزير الذي أصبح منظراً الآن فقد كان صامتاً إبان أمن الدولة لأنه يتمتع بالمنصب، والآن في ظل المشروع الإصلاحي يصبح منظراً معارضاً لم نسمع منه حديثاً إلاّ بعد أن خرج من المناصب، عندها أصبح منظراً ومعارضاً، مفارقات غريبة لمن يريد أن يركب الموجة أو هي تركبه. منذ ذلك العهد كان السوس ينخر التعليم، وكانت البعثات طائفية تدعمها مسؤولة معروفة، حتى أصبح الواقع اليوم الاستيلاء على المهن الكبيرة الطب والهندسة والمحاماة، كان ذلك تحت عين ومسمع الدولة. التعليم هو بوابة اختطاف البحرين، لكن حتى مع بعض الاستفاقات، إلا أنه لايزال الوضع مزرياً، فقد تحولت وزارة التربية إلى وزارة للتوظيف، ووزارة يبث فيها البعض سمومه الطائفية، اختطف التعليم من الحراس إلى أعلى مناصب المدرسة ومناصب الوزارة. حتى حين تم الانتباه إلى طائفية البعثات (بعد خراب مالطة) ولأن التعليم مختطف، تم التزوير من الداخل للاستيلاء على البعثات، فإذا كان لديك مسؤولون خائفون ولا يملكون المسؤولية الوطنية ولا يعلمون على أقل تقدير بالقانون، فلا غرابة من خراب التعليم والبعثات. الإملاءات التي تضعها الوفاق للحوار ما هي إلا خطوات كبيرة متقدمة للمحاولة الانقلابية القادمة، كل الأرضية مهيأة، التعليم الوظائف، النقابات، اتحاد العمال، المدرسون المدرسات، الجامعات، كل شيء جاهز، بقي الاستيلاء على أجهزة الأمن حتى يحدث الانقلاب من الداخل هذه المرة. من لا يرى المشهد، فإننا نشفق عليه، على عينيه غشاوة، وقد يستفيق بعد فوات الأوان. من المؤسف أن تكون الوفاق هي التي تلعب لعبة سمجة لا وطنية، فقد رفضت الحوار والمبادرات إبان الدوار، واليوم ترهب في الشارع من أجل أن تجبر الدولة على الجلوس معها. لا نعتب على الوفاق، نعرفها تماماً، لكن نعتب على من ترك مصيره في يد الوفاق، تجلسه على طاولة الحوار متى هي تريد وبإملاءاتها. ترفض الحوار متى تريد، وتبحث عنه بشروطها متى تريد، فأين الدولة، وأين القوى الكبيرة، هل مصيرنا تتحكم فيه جمعية تلعب بالإرهاب، وتجبرنا على الجلوس في حوار؟ لم تفعل الوفاق ذلك إلا بعد أن كانت الأرضية مهيأة، وكان التعليم هو البوابة، ومع عميق الأسف مازال التعليم العلمي والمهني هو البوابة لهم، فعن أي دروس نتحدث.. إنها التخبطات التي لا تنتهي..!