^ من يتابع الخطاب السياسي عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتحديداً تويتر سيتعرف بعد عدة أيام قليلة من المتابعة على مناطق جديدة وشوارع جديدة وساحات جديدة ودوارات مرورية جديدة، وسيصل إلى قناعة بأنه أمام خيارين؛ الأول: أن يكون هو نفسه مقيماً في بلد آخر غير البحرين، أو أنه بحاجة للتعرف على ظاهرة تغيير الأسماء في الدولة كخيار ثان. فكرة تغيير الأسماء تقوم بناء على نظرية المجتمع الموازي، وهي النظرية المتعلقة بضرورة خلق وتكوين وتأسيس مجتمع موازٍ للمجتمع الرسمي المعروفة حدوده وأنظمته وقوانين وسياساته وكذلك مؤسساته، وفي نهاية هذه الجهود تتحول الدولة إلى حالة من الاغتراب السياسي فتكون غريبة في المجتمع الذي تحتضنه. بالتطبيق على الوضع في البحرين، فإن هناك جهوداً منظمة ومقصودة وممنهجة منذ عقود طويلة لإنشاء المجتمع الموازي، حتى صارت مظاهر هذا المجتمع أهم بكثير من مظاهر المجتمع الرسمي (الحقيقي)، فعلى سبيل المثال، كانت الأسر المحتاجة في حاجة مستمرة للمعونات الاجتماعية التي تقدمها وزارة التنمية الاجتماعية سابقاً رغم محدودية هذه المساعدات، ولكن الأمر اختلف كلياً عندما صارت هناك العشرات من الصناديق الخيرية التي تقوم بدور مماثل، وبشكل احترافي أكبر بكثير مما تقدمه الحكومة من خلال وزاراتها مثلاً. كذلك الحال بالنسبة للبعثات الدراسية، والشؤون الدينية وغيرها. اليوم هناك المئات من المؤسسات التي تقوم بأدوار المجتمع الموازي داخل الدولة البحرينية، وأعتقد أن المرحلة المقبلة صارت أكثر خطورة لأنها تقوم على تغيير قناعات الأفراد نهائياً وتشكيل ذاكرة موازية، بمعنى إذا كانت الدولة مثلاً من خلال مجالسها البلدية الخمس تقوم بتحديد مسميات للشوارع والميادين المختلفة ضمن المناطق الجغرافية الداخلة ضمن اختصاصاتها، فإن الوضع اليوم لا معنى له مادامت هناك قوى سياسية معروفة أو غير معروفة تقوم بتحديد المسميات الجديدة وإطلاقها على مختلف المناطق والشوارع والميادين، بل ويصل دورها لمرحلة تسويق هذه المسميات في شكل من أشكال تكوين الذاكرة الموازية للذاكرة الحقيقية التاريخية. من أمثلة ذلك اسم دوار مجلس التعاون السابق الذي عرف بدوار اللؤلؤة سابقاً، الذاكرة البحرينية حالياً صارت منقسمة تجاه تسميته، فسُنة البحرين يطلقون عليه تقاطع الفاروق، وهي التسمية الرسمية الجديدة التي أطلقتها الدولة على هذه المنطقة، وترمز إلى العملية الأمنية التي تمت لإنهاء حالة احتلال هذه المنطقة الحيوية من العاصمة في مارس 2011. بالمقابل نجد شيعة البحرين لديهم تسمية جديدة مختلفة لهذه المنطقة فمعظم التسميات تتجه إلى (ميدان الشهداء) نسبة للأشخاص الذين لقوا حتفهم خلال الأحداث في هذه المنطقة. نخشى أيضاً أن نصل لمرحلة يتم فيها تغيير لقب المواطن البحريني أو حتى تغيير اسم البحرين خلال الفترة المقبلة ضمن عملية تشكيل الذاكرة الموازية التي تقودها قوى سياسية ـ إعلامية معروفة منذ فترة ليست بالقليلة.