وقع تقرير تحليل السوق الذي أصدرته مؤخراً شركة الماسة كابيتال ليمتد استمرار النمو القوي لقطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي مدفوعاً بمزيج من العوامل الديموغرافية والاقتصادية في المنطقة، وبالنظر إلى زيادة الطلب على الخدمات الطبية المتخصصة والمتعلقة بالشيخوخة المنتشرة نسبياً بين أوساط السكان وانتشار الأمراض المتعلقة بنمط الحياة العصري، تطور قطاع الرعاية الصحية بشدة ليتحول إلى نظام قوي ومتماسك. يتزايد تركيز الحكومات حول جودة الخدمات المقدمة من خلال إدخال العديد من التغييرات التنظيمية لتحسين جودة وكفاءة الخدمات الصحية.وقال التقرير أنه وعلى الرغم من تزايد النفقات الحكومية الخليجية في مجال الرعاية الصحية، شهد السوق مشاركة متزايدة لشركات القطاع الخاص في قطاع الرعاية الصحية. فمع وجود برامج التأمين الصحي الإلزامي، هناك حاجة متزايدة للاعتماد على القطاع الخاص في قطاع الرعاية الصحية من أجل أن تتوسع وتزيد قدرتها الاستيعابية لتواكب الزيادة في نمو السوق. ومن المقرر إقامة عدد من مرافق الرعاية الصحية في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما سيجعل من قطاع الرعاية الصحية مجالاً حيوياً وجاذباً للعديد من المستثمرين ليصبح أحد الركائز الأساسية في استراتيجية الاستثمار الشاملة لديهم.على الرغم من تباطؤ الاقتصاد بشكل عام، لم يشهد الإنفاق على قطاع الرعاية الصحية أي علامات على التراجع، حيث أصبح واحداً من القطاعات الرئيسية التي تضعها الحكومات ضمن رؤيتها على المدى الطويل. من ناحية أخرى، لا يزال يشهد القطاع نمواً كبيراً مدعوماً بالتنوع الديموغرافي للسكان بجانب توافر بيئة تنظيمية مواتية وأكثر مرونة. وعلاوة على ذلك، فإن شركات الرعاية الصحية في المنطقة تركز على نمو الإيرادات من خلال التوسع والتركيز على الكفاءة التشغيلية. ونظراً لحالة عدم الاستقرار وتباطؤ النشاط الاقتصادي، فإن قطاعات البنية التحتية اللينة الرائدة، بخاصة تلك التي تعد جزءاً من التوجه الحكومي، لا تزال جذابة للغاية بين أوساط المستثمرين. يفضل مديرو المحافظ الاستثمارية المشاركة في قطاع الرعاية الصحية من أجل موازنة محافظهم الاستثمارية، فيما يبتعدون عن القطاعات الدورية التي ظلت تحت ضغط منذ عام 2014. بالنظر إلى أنشطة الاكتتاب أو العرض العام الأول لهذا القطاع، أشار التقرير إلى أن الاكتتاب العام لعدة مرافق صحية خلال السنوات الأخيرة حقق نجاحاً كبيراً، وهو النجاح الذي من المتوقع أن يستمر خلال السنوات المقبلة. وبغض النظر عن القوائم الإقليمية لشركات الرعاية الصحية، كان هناك اكتتاب عام لشركتين داخل دول مجلس التعاون الخليجي (إن إم سي للرعاية الصحية ومستشفيات النور في الإمارات العربية المتحدة)، وذلك في بورصة لندن، حيث تحولت إلى شركتين ناجحتين جداً. هناك عدداً من الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي التي تخطط لإدراج قوائم أسهمها في الخارج من أجل الاستفادة من قواعد وقوانين أسهل لتملك تلك الأسهم، فضلاً عن تطبيق نظم خاصة في الأسواق الرأسمالية تضمن التنافسية العادلة. شهد نشاط الاندماج والاستحواذ في قطاع الرعاية الصحية في المنطقة نمواً مستمراً خلال الخمس سنوات الماضية بصفقات ضخمة تقدر قيمتها بأكثر من 3.032 مليون دولار خلال الفترة ما بين 2006 و2016. تم الإعلان عن مجموع 62 صفقة خلال الفترة ما بين 2006 و2016. بلغت قيمة صفقات الاندماج والاستحواذ ذروتها عام 2011 مع أكثر من 1113 مليون دولار، تلتها صفقات بقيمة 930 مليون دولار عام 2015. أما من حيث التداول، سجل عام 2015 أكبر عدد من صفقات الاندماج والاستحواذ (14 صفقة)، بما فيها بعض الصفقات الضخمة مثل عمليات الاستحواذ التي تمت من قبل مستشفى النور والمركز الطبي الجديد "أن إم سي" وأمانات القابضة. تستحوذ الإمارات العربية المتحدة على 45.2% من إجمال الصفقات بعدد 28 صفقة تمت بين عامي 2006 و2016. تلتها المملكة العربية السعودية بـ 18 صفقة (29%)، ثم الكويت بـ 13 صفقة (21%)، وأخيراً سلطنة عمان بـ 3 صفقات فقط (4.8%).بالانتقال إلى قطاع الملكية الخاصة، تم إجراء ما لا يقل عن 57 صفقة بقيمة 697.2 مليون دولار خلال الفترة ما بين 2006-2016. وعلاوة على ذلك، زاد عدد الصفقات في قطاع الرعاية الصحية بشكل مطرد منذ عام 2009 مع حدوث بعض التباطؤ بحلول عام 2015 بسبب تراجع أسعار النفط وعدم الاستقرار الاقتصادي، مما تسبب في تراجع الثقة للعديد من المستثمرين. إذا أمعنا النظر إلى نشاط قطاع الملكية الخاصة خلال العشر سنوات الماضية، سوف نكتشف أن الصفقات تركزت بشكل كبير في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت. فمن حيث القيمة، سجلت الإمارات أعلى مساهمة في تلك الصفقات بقيمة 481 مليون دولار نتيجة لإجراء 37 صفقة خلال الفترة ما بين 2006-2016. شهدت المملكة العربية السعودية والكويت 9 و10 صفقات على التوالي خلال العقد الماضي.كانت صفقات خروج قطاع الملكية الخاصة في المنطقة قليلة للغاية، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى صغر عمر قطاع الملكية الخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، كما أن معظم التمويلات والاستثمارات لا تزال في أولى مراحلها. سجل قطاع الرعاية الصحية بدول مجلس التعاون الخليجي 6 صفقات خروج فقط خلال الفترة ما بين 2006-2016 تركزت في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.شهدت خدمات الرعاية الصحية المتخصصة أيضاً ازدهاراً كبيراً، حيث ركز عدد كبير من مزودي خدمات الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي على العيادات والمختبرات ومراكز الإسعاف، نظراً لحاجة تلك الخدمات إلى رؤوس أموال أقل وتحقيقها لعائدات سريعة. منذ أن أصبحت الرعاية الصحية أكثر تكلفة حتى بالنسبة لقطاعات المجتمع المهمشة مع تقلص شبكة الرعاية الاجتماعية للمغتربين، أصبحت هناك فرصاً مواتية لإنشاء عيادات ومؤسسات صحية منخفضة التكلفة من أجل استفادة الفئات المحرومة.تطرق تقرير الماسة كابيتال أيضاً إلى تحليل الارتفاع في خدمات الرعاية الصحية المنزلية، وأشار إلى النقص في أعداد الأطباء والممرضين المهرة في المنطقة، من منطلق أن توفر تلك الخدمة من شأنها أن يوفر المزيد من الرعاية الصحية وتخفيف العبء على المستشفيات. شهدت دول مجلس التعاون الخليجي ظهور مقدمي خدمات الرعاية الصحية المنزلية خلال الخمس سنوات الماضية مثل خدمة منزل هوم " Manzil Home" في أبوظبي، ومركز الرعاية المنزلية " Home Care Centre" في قطر. يشهد هذا القطاع أيضاً نشاط الاندماج والاستحواذ، حيث يسعى رواد ومزودي خدمات الرعاية الصحية إلى تطوير شبكة متكاملة من المرافق التي تقدم مختلف أنواع خدمات الرعاية الصحية. مع تزايد معدلات الشيخوخة في دول مجلس التعاون الخليجي، تزايدت بشكل كبير أعداد الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية المنزلية، لذلك لا زال هناك فرصة واعدة في سوق الرعاية الصحية المنزلية التي لم يتم استغلالها حتى الآن. وعلاوة على تطور الرعاية التأهيلية والرعاية الحادة طويلة الأجل (LTPAC)، من المرجح أن تشهد نمواً كبيراً نظراً لارتفاع معدل انتشار الأمراض المزمنة إلى جانب الزيادة المتوقعة في أعداد السكان المسنين. تلعب الرعاية التأهيلية والرعاية الحادة طويلة الأجل (LTPAC) دوراً محورياً في تطور خدمات الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، كما تشجع مزودي خدمات الرعاية الصحية على تقديم الرعاية الشاملة من أجل الحصول على نتائج أفضل للمرضى. يولي صناع القرار في مجلس التعاون الخليجي اهتماماً بالغاً لبناء نظام تأمين صحي خاص يتميز بالاستدامة والتطور المستمر بهدف تقليل العبء على نظام التأمين الصحي العام المكلف للغاية. تقوم الحكومات الآن بتنفيذ عدد من الإصلاحات والتغييرات لجذب القطاع الخاص لتقديم الرعاية الصحية من أجل إدارة الطلب المتزايد على الخدمة وتوفيرها بشكل أفضل كفاءة من نظيرتها الحكومية. تسعى الحكومات الإقليمية بشكل كبير إلى جعل التأمين الصحي إلزامياً من أجل خفض التكاليف وتحسين معايير الرعاية الصحية، وهو ما يبدو حالياً في مختلف مراحل التنفيذ في عدد من دول مجلس التعاون الخليجي. من المتوقع أن يتم تنفيذ تلك المنظومة بشكل كامل في دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2020، وهو ما سوف يكون محركاً مهماً للاستثمار والتوسع في الخدمات الصحية المقدمة من القطاع الخاص، فضلاً عن نجاح تلك العملية في تقليص النفقات إلى حد كبير. بدأت دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً في بذل الجهود الرامية إلى جذب شركات القطاع الخاص وتحاول إنشاء نظام رقابي فعال من شأنه أن يسمح بدخول استثمارات القطاع الخاص في مجال الرعاية الصحية وتمكنه من إنتاج وتوزيع الأدوية والمستلزمات الطبية، وهو ما سيؤدي بدوره إلى خلق مناخ إيجابي لجذب مزودي خدمات الرعاية الصحية والمستثمرين. تقوم الحكومات أيضاً بتوفير دعم البنية التحتية والحوافز المالية لجذب كبار مزودي خدمات الرعاية الصحية، وخير مثال على ذلك ما توفره مدينة دبي الطبية من دعم على كافة المستويات. ونتيجة لذلك، فقد شهدت الشراكات بين القطاعين العام والخاص ازدهاراً كبيراً في المنطقة، ومن المرجح أن تزداد في النمو خلال الفترة المقبلة. وعادة ما يتم تنفيذ مثل هذه الشراكات بهدف مساعدة حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على ملء الفراغ في ما يتعلق برأس المال والبنية التحتية والقوى العاملة وجودة الخدمات.برز قطاع الرعاية الصحية باعتباره واحداً من أبرز القطاعات الحيوية التي تدعم وتعزز التنويع الاقتصادي في المنطقة. بلغ حجم الإنفاق في مجال الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي 64 مليار دولار أمريكي عام 2014، في ما كان 16.9 مليار دولار عام 2004، مسجلاً بذلك معدل نمو مركب سنوي بلغ 14.3%. في حين تضاعف نصيب الفرد من الإنفاق الصحي بمعدل 2.5x ووصل إلى 1234 دولار على مدار العقد الماضي. حقق الإنفاق في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة من 2004-2014 نمواً أعلى من المعدل العالمي البالغ 6.2% ، وكذلك أعلى من معدل منطقة الشرق الأوسط البالغ 13.2%. ونتيجة لذلك، سوف يؤدي نمو التدابير الوقائية على حساب الإجراءات العلاجية إلى دعم إمكانات تصنيع الأدوية وزيادة الطلب على المتخصصين في مجال الرعاية الصحية، فضلاً عن النمو المستمر في البنية التحتية، وهو ما سوف ينعكس على النمو القوي في قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي. بالإضافة إلى ذلك، كان أحد المحركات الرئيسية في قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي هو زيادة نصيب الفرد من الدخل خلال السنوات القليلة الماضية. فبوجود السكان الأثرياء إلى جانب مجتمعات المغتربين، تطلب الأمر ضرورة توفير خدمات صحية ذات جودة عالية، وهو ما سوف يستمر في دفع سوق الرعاية الصحية إلى الأمام في المستقبل القريب.ومن أجل المضي قدماً في تحقيق نمو كبير في تنفيذ مشروعات خدمات الرعاية الصحية، تستثمر الحكومات في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي بكثافة في البنية التحتية للرعاية الصحية باستخدام الفوائض الهائلة من عائدات النفط الخاصة بها. تضم منطقة الخليج حالياً نحو 153 مشروعاً في مختلف مراحل التنفيذ (الجارية والمتأخرة والتي لا زالت على قوائم الانتظار) تبلغ قيمتها أكثرمن 42.92 مليار دولار على أن تكتمل بحلول عام 2021، منها 65 مشروعاً تبلغ كلفة كل واحد منها 100 مليون دولار، ويجرى 87 منهم في المملكة العربية السعودية وحدها. تستحوذ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على نحو 71% من إجمالي تلك المشروعات، حيث تبلغ حصتيهما من تلك النسبة 47% و24% على التوالي. يتمثل أكبر مشروع من حيث القيمة بدول مجلس التعاون الخليجي في مدينة الملك عبد الله الطبية في مكة المكرمة والتي تنفذها وزارة الصحة السعودية. يتضمن المشروع تنفيذ 1500 سريراً بجانب مسجد ضخم. ومع ذلك فلا يزال جانباً كبيراً من المشروع معلقاً في الوقت الحالي، حيث كان من المفترض الانتهاء منه بحلول نوفمبر عام 2015. ثاني أكبر مشروع هو مدينة الشيخ خليفة الطبية ومقرها في أبوظبي بالإمارات العربية المتحدة، ويشمل المشروع بناء 3 مستشفيات تضم 838 سريراً، ومن المتوقع الانتهاء منه خلال الربع الثاني من عام 2016. ويتم تنفيذ هذا المشروع من قبل شركة محاصة بين كل من أبوظبي للخدمات العامة "مساندة" وشركة أبوظبي للخدمات الصحية "صحة".أشار تقرير الماسة كابيتال أيضاً إلى السياحة العلاجية كمؤشر نمو رئيسي لقطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتبوأ مكانة متقدمة كونها الوجهة الأكثر تفضيلاً لتقديم خدمات الرعاية الصحية المتخصصة. كشفت دراسة الماسة أن قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي حقق نمواً كبيراً في إطار حرص الحكومات على ملء الفراغ وتقديم خدمات صحية ذات جودة عالية وتحسين نوعية وكفاءة البنية التحتية الصحية. أدى ارتفاع النمو السكاني وتزايد القدرات الشرائية مع تغيرات التركيبة السكانية والعادات الغذائية ونمط الحياة إلى ارتفاع معدلات انتشار الأمراض المزمنة بين سكان المنطقة. وهو ما يمثل ضغوطاً هائلة على نظم الرعاية الصحية الحالية، وبالتالي إجبار الحكومات على جعل قطاع الرعاية الصحية يستحوذ على نصيب اكبر من ميزانياتها. تضخ حكومات دول مجلس التعاون الخليجي أموالاً واستثمارات ضخمة وتشجع مشاركة القطاع الخاص في بناء المستشفيات والعيادات ورفع مستوى البنية التحتية القائمة لتواكب وتضاهي الخدمات الصحية المقدمة في البلدان المتقدمة.تستثمر معظم البلدان أيضاً بكثافة في التكنولوجيا المتعلقة بالرعاية الصحية مثل تحويل سجلات المرضى إلى النظام الرقمي وتطوير السجلات الصحية الإلكترونية وتنظيم الزيارات الإلكترونية. يساهم تنفيذ التأمين الصحي الإلزامي إلى تسارع نمو قطاع الرعاية الصحية في جميع البلدان.
970x90
{{ article.article_title }}
970x90