حسن الستري
أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن إيران كانت ومازالت تحتل المركز الأول في تهديد أمن دول مجلس التعاون وزعزعة استقرارها، سواء بنفوذها النووي أو بتدخلاتها في الشؤون الداخلية لبعض دول المجلس، أو بدعم وتمويل جماعات سياسية وإرهابية في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرها من الدول.
وبين، في رده على سؤال النائب أحمد قراطة عن التهديدات التي تواجه دول مجلس التعاون، أن دول المجلس تواجه خلال هذه المرحلة تهديدات كثيرة متداخلة وشائكة، فالأحداث التي طرأت في السنوات الخمس الأخيرة على مستوى المنطقة زادت من تعقيد المشهد السياسي والأمني في هذه الدول لما أفرزته الثورات والحروب في الدول العربية من ظواهر خطيرة مثل الإرهاب والتطرف والطائفية، والتي أثرت بدورها على أمن واستقرار دول المنطقة كما أثرت على المجتمعات الخليجية، ناهيك عن التهديد الأمني المباشر القادم من الحدود اليمنية في الجنوب والعراقية في الشمال.
وذكر أن الإرهاب وتأسيس جماعات إرهابية مثل داعش وتنظيم القاعدة والتي تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في الدول العربية والخليجية وشمل إرهابها دولاً في أوروبا والعالم يمثل تهديداً للمنطقة.
ولفت إلى أن دول المجلس تواجه تهديداً إقليمياً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحت شعار تصدير الثورة، وهو مبدأ أساسي في الدستور الإيراني حسب المادة «154»، بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس، بالتصريحات والخطابات المعادية على جميع المستويات، وقيام الحرس الثوري الإيراني بتدريب المجاميع الإرهابية وتهريب المتفجرات إليها، ودعمها بالمال والسلاح، كما يقوم حزب الله، ذراع إيران في المنطقة العربية، بدعم المجاميع الإرهابية بالتدريب وتهريب الأسلحة والدعم اللوجستي والسياسي لها.
وقال «لقد كان حجم التنسيق ضد التدخلات الإيرانية في دول المجلس شديداً، إذ أصدرت البيانات التي تدين هذا التدخل الإيراني، واعتبرت حزب الله حزباً إرهابياً ودعت المجتمع الدولي لإدانة هذا التدخل، وقطعت البحرين والسعودية علاقاتهما الدبلوماسية مع إيران، وخفضت بعض الدول الخليجية «الإمارات، قطر» من مستوى التمثيل الدبلوماسي في طهران».
وتابع «قامت دول المجلس بحملة دبلوماسية على المستوى العربي والإسلامي والدولي، وتم إدراج بند دائم بمجلس القمة العربية ومجلس جامعة الدول العربية تحت مسمى «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية»، واتخذت العديد من القرارات بهذا الشأن، كان آخرها القرار الصادر عن القمة العربية في نواكشوط، كما تم إدانة التدخلات الإيرانية في منظمة التعاون الإسلامي وكان القرار الأخير الذي صدر في مؤتمر وزراء خارجية المنظمة في إسطنبول في 15 أبريل 2016».
وبين أن المملكة ودول مجلس التعاون أرسلت مذكرة تفصيلية للأمين العام للأمم المتحدة ولرئيس الجمعية العامة تدين وتفضح التدخلات الإيرانية وحزب الله في دول المجلس واستغلالها للشعائر الدينية وزرعها للفتنة الطائفية في المنطقة.
وأكد أن البحرين تتطلع لأن تخطو وتلتزم إيران ببناء الثقة بين الجانبين الخليجي والإيراني في سبيل عودة العلاقات الطبيعية على أساس احترام سيادة واستقلال الدول وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، وعدم التهديد بالقوة أو استخدامها، مع ضرورة اتخاذ موقف خليجي مشترك تجاه إيران، وإذا لم تبدِ إيران حسن النية وواصلت بتدخلاتها السافرة في الشأن المحلي للمملكة ودول مجلس التعاون الشقيقة، فإن البحرين تأمل في تطبيق الآلية المقترحة من المجلس لمواجهة التدخلات الإيرانية بالتعاون مع الدول الصديقة والمجتمع الدولي لزيادة عزلة إيران إقليمياً ودولياً.
وبين أن هذه الآلية تشمل فيما تشمله عدة مسارات للتعامل مع هذه التدخلات، منها المسار الوطني داخل دول مجلس التعاون، المسار الخليجي في إطار مجلس التعاون، المسار السياسي والدبلوماسي، المسار الاقتصادي والتجاري، والمسار الثقافي والإعلامي، مؤكداً أنه تم عقد عدد من الاجتماعات لدراسة آلية التعامل مع التدخلات الإيرانية في دول المجلس والدول العربية، وتم الاتفاق على آليات معينة ليكون التحرك جماعياً ضد هذه التدخلات، مشيراً إلى أن الأمر معروض على الاجتماعات الوزارية العربية والخليجية.
وأوضح أن دول المجلس عملت على وضع رؤية أمنية سياسية مشتركة يمكن من خلالها التعاون والتفاعل مع الدول والمنظمات الدولية كثقل سياسي وأمني موحد في المنطقة، إضافة لإنشاء لجنة من دول المجلس، تعنى بمكافحة الإرهاب والتطرف، ويكون مقرها الأمانة العامة، ليتسنى للدول الأعضاء التنسيق فيما بينها وتبادل المعلومات العامة والحساسة المتعلقة بالإرهاب في سبيل التصدي لهذه الظاهرة ومواجهتها سياسياً وعسكرياً.
ولفت في رده إلى أن قادة دول مجلس التعاون أقروا في اجتماعهم التشاوري عقد اجتماع مشترك بين الجهات المعنية، لتكثيف وتسريع وتيرة التعاون وخطوات الترابط الأمني والعسكري بين دول المجلس بما يشكل سداً منيعاً أمام التحديات الخارجية، وتم التأكيد على المواقف الثابتة لدول المجلس بنبذ الإرهاب والتطرف، بكافة أشكاله وصوره، ومهما كانت دوافعه ومبرراته، وأياً كان مصدره وتجفيف مصادر تمويله.
وشدد الوزير على أن دول المجلس تدعم الخطوات التي قامت بها السعودية بإنشاء تحالف عسكري لمحاربة الإرهاب، معتبرة ذلك داعماً للجهود الدولية لمحاربة الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، ومساهمة مملكة البحرين بكل قوة وبالتعاون مع التحالف الدولي من أجل القضاء على تنظيم داعش الإرهابي في كل من سوريا والعراق، كما تعمل دول المجلس على تجفيف منابع التمويل المالي للإرهاب، حيث كان مؤتمر المنامة الذي عقد في مملكة البحرين في نوفمبر 2014 ركيزة هامة للقضاء على نقل الأموال للجماعات الإرهابية وبالتالي القضاء عليها.
وبين أن مستوى التعاون الحالي يرتقي نحو التكامل في إطار مجلس التعاون الخليجي في عدة مجالات أسهمت في تطور العمل الخليجي في تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة لدى دول المجلس في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية، لدفع العمل على تنفيذ السوق الخليجية المشتركة، والاتحاد الجمركي، والعملة الخليجية المشتركة، ومشروع السكة الحديدية الخليجية، وفي الشؤون التعلمية والثقافية والاجتماعية والصحية والإعلامية والسياحية، والتشريعية، والإدارية، ودفع عجلة التقدم العلم والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية، وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص.
ونوه إلى أن هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية المشكلة حديثاً بقرار من المجلس الأعلى تتابع تنفيذ القرارات وتطبيق السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي الخليجي، وتذليل العقوبات التي تحول دون تنفيذ القرارات الاقتصادية والتنموية التكاملية.
وأوضح أن دول مجلس التعاون والولايات المتحدة أحرزت تقدماً ملموساً فيما يخص متابعة تنفيذ مخرجات كامب ديفيد التي عقدت بتاريخ 15 مايو 2015 في واشنطن، وذلك من خلال عقد اجتماعات تنسيقية وتعاون عدد من مجموعات العمل في مجال مكافحة الإرهاب والتدخلات الخارجية والتعاون العسكري الخليجي الأمريكي.
وأشار إلى أن التنسيق والاتصالات مستمرة بين مجلس التعاون والجانب الأمريكي والأوروبي في مختلف المجالات، فهناك اجتماعات وزارية مشتركة، وكذلك اجتماعات دورية على مستوى كبار المسؤولين والمتخصصين لتعزيز التعاون والتنسيق في شتى المجالات، وتوحيد وجهات النظر تجاه القضايا الإقليمية والدولية التي تهم كافة الأطراف.