^ أوقفني أحد الأخوة الأعزاء المأخوذين بالسياسة والموتورين بناصية غرائزها مستغرباً من كتاباتي، وذلك بعد أن فغر فاهه من الدهشة مخاطباً إياي: ما تحس إنك تكرر نفسك في مقالاتك؟، سألته كما سأل سعد الفرج أخاه (حسينوه) في درب الزلق: هل كيف؟، فرد قائلاً: إن كل كتاباتك هي في إطار حملة واحدة فقط، وهي أنها تتحدث كلِّها عن مواضيع الطائفية واللحمة الوطنية وعن شعار (إخوان سنة وشيعة هذا الوطن ما نبيعه)، وعن دور العقلاء.. فقاطعته قائلاً: اسمع يا عزيزي، حين تكون أنت ومن معك، من عقلاء هذا الوطن، وحين يعود العقل لموضعه الطبيعي من أحداث البحرين، ويعود كل رشيد للعمل وفق النظام الاجتماعي البحريني الراقي، وحين يترك كل متخلّف أو متعصب كل حفلات الزار التي يقيمونها بين الفينة والفينة في البحرين، فإني أعطيك عهداً ألا أكتب في هذا الشأن.. قسماً بالله لن أكتب، ولن أضيع من وقتك ولن أضيع من عمري، على أمر متحقق في الأصل. قلت له؛ ما دامت حفلات الزار من مجانين الوطن قائمة في كل غرفة من غرف المعتوهين والدجالين والنصابين، فإنني لا يمكن إلا أن أكتب في هذه الأجواء، حتى يعود هؤلاء إلى رشدهم أو يقضي الله أمراً كان مكتوباً. تعلمنا في اليوم الأول من عالم الصحافة، وفي أقسام التحقيقات الصحافية تحديداً، أنه حين تستمر المشكلة (أية مشكلة كانت) من دون حل، يكون من الواجب على الصحافي أن يستمر في الكتابة عن تلك المشكلة حتى تُحل، وقبل أن تُحل، فإن التوقف عن الكتابة فيها يعتبر أمراً غير مقبول في عالم الصحافة. ما دامت المشكلة السياسية قائمة في البحرين، وما دامت هناك جهات نفعية لا هَمَّ لها سوى إثارة الأزمات الطائفية والمذهبية، وما دام هناك من المجانين من يطبل لهذا الفريق، ومن المعتوهين من يصفق للفريق الآخر (خصوصاً على الصعيدين المجتمعي والديني)، فإننا لن نسكت حتى يسكتون، لأننا وبصراحة وعلى (البلاطة) نقولها، لقد سئمنا العيش في جلباب مجانين الوطن. هل العيب في كتاباتي التي تدعو للوحدة والمحبة والأخوة والألفة وكل معاني الخير، حتى يكون مسار قلمي معيباً لا يُحتمل؟ أم العيب في أقوام سفهاء لا يدركون حجم ما يقومون به من مقامرات خطيرة في حق التاريخ والذاكرة الجمعية لهذا الوطن؟ هل العيب في العقل أم العيب في مخرجات الجنون؟ هل كتاباتي المتواضعة التي أريد من خلالها احتضان أبناء وطني هي (الغلط)؟ أم أن كل (الغلط) في صمت المجتمع إزاء كل محاولات الفتنة وإشعال حريقها في المنازل والمحال التجارية وفي الأعمال والمؤسسات وبين أفراد المجتمع؟. أعزائي المجانين، سنظل نكتب في لم الشمل حتى آخر قطرة من مداد أقلامنا، ولن نستحي من ذلك. صحيح ربما أكرر نفسي، لكن لن أسمح لنفسي بأن أُنعش جنوني، وإذا كان لابد لي من الجنون، فليعلم الجميع، بأن البحرين جنوني.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}