^   نفهم جيداً الدوافع من عودة الضغوطات الإعلامية والرسمية الخارجية مجدداً على المنامة، ولكن الجديد فيها هذه المرة التوقيت، والمصدر أيضاً. فالبحرين منذ بداية الأزمة في فبراير 2011 اعتادت كثيراً على ضغوطات الحكومة الأمريكية تحديداً، وكذلك ضغوطات مؤسسات المجتمع المدني الأمريكية أكثر من غيرها التي حاولت أيضاً توليد ضغط سياسي واقتصادي وأمني هائل على حكومة المنامة آنذاك. لنتحدث أولاً عن التوقيت، فهو عامل مهم في تحديد مسارات الضغط وما بعد هذه المسارات خلال الفترة المقبلة. التوقيت يتزامن مع حدثين مهمين، وقضية أخرى مهمة أيضاً. بالنسبة للحدثين فهما استضافة المنامة لسباق الفورمولا واحد بعد مرور عامين على إقامته للمرة الأخيرة، والسباق هنا لا يعني عودة الأمن والاستقرار للدولة، بقدر ما يعكس ويمكن أن يمثل من دعم رفع للسمعة الدولية للدولة التي تستضيف مثل هذه السباقات. ويبدو أن هناك أطرافاً محلية وإقليمية ودولية لا ترى جدوى في عودة السمعة الممتازة التي كانت تتمتع بها البحرين قبل الأزمة، ولها مصالح وراء ذلك تسعى إلى تحقيقها. الحدث الآخر، هو تحركات الدبلوماسية البحرينية نحو القارة الآسيوية، وتحديداً نحو الشرق الأقصى حيث اليابان وتايلند وهونغ كونغ لأنها أعطت رسالة لبعض الحلفاء التقليدون في الغرب والقارة الأوروبية على وجه الخصوص بأن هناك بدائل يمكن اللجوء عنها ليس من قبل المنامة فحسب، وإنما من مختلف بلدان مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يعني أن ناقوس الخطر قد دق لدى بعض القوى الكبرى في العالم. القضية المهمة التي أتحدث عنها هنا، ولها صلة وثيقة بالموضوع هي قضية الإفراج عن أحد الإرهابيين الذين تورطوا في الأحداث ويحمل جنسية مزدوجة بين البحرينية والدنماركية، في ظل وجود محاولات من كوبنهاغن للإفراج عنه، ونقله إلى أراضيها، وهو ما حظي بموقف بحريني حازم يبدو أنه شكّل عنصر مفاجأة لدى الدنمارك وبلدان الاتحاد الأوروبي التي يبدو أنها لم تتوقع هذا الموقف المتشدد من حكومة البحرين تماماً، الأمر الذي يتطلب إعادة الضغوط مجدداً على المنامة. لنتعرف على هذه الضغوط التي تبدأ بتصريحات الخارجية الفرنسية التي دعت السلطات البحرينية إلى حظر الاستخدام المفرط للقوة، وخصوصاً استخدام الغاز المسيّل للدموع ضد المتظاهرين المدنيين. بعد ذلك تظهر منظمة العفو الدولية وترى أن الإصلاحات السياسية في المنامة (غير مناسبة والعنف مستمر). ولا تختلف عنها مجموعة الأزمات الدولية التي نشرت بياناً وصفت فيه سباق الفورمولا واحد بأنها (قنبلة موقوتة) لتأجيج العنف ف المملكة. الجديد في هذه الضغوط تصريحات وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون التي دعت فيها البحرين إلى إنقاذ حياة الخواجة لأن حالته الصحية أصبحت الآن ملحة للغاية. لا نتوقع مزيداً من الدعم الإقليمي والدولي والمرونة في التعامل مع البحرين إذا اتجهت الحكومة إلى مواقف أكثر تشدداً إزاء التحديات التي تواجهها محلياً وخارجياً. ومثل هذه الحقيقة يجب أن تفهم ليكون هناك بالفعل دعم شعبي وأهلي لمثل هذه المواقف إذا اقتنع الجميع بجدوى هذا الأسلوب.