كتبت - رنوة العمصي: قال مدير تحرير جريدة الحياة محمد فرحات إن مصطلحي المثقف والمركز مصطلحان إشكاليان في عصرنا الذي نحيا، بحيث لا يمكننا على وجه الدقة تحديد من هو المثقف، كما إنه لم يعد ثمة مركز عربي واضح، ولم تعد الهوامش واضحة. واعتبر خلال محاضرته “المثقف العربي بين المركز والأطراف والهامش” مؤخراً في مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث؛ الأقطار التي شكلت مراكز للعالم العربي في البداية، هي الأقطار التي استجابت لمتطلبات الحداثة قبل غيرها، والتي انفتحت على الفكر الأوروبي، بعكس الأقطار العربية التي تمسكت بالامتداد العثماني للدولة العثمانية التي عانت قبل انهيارها لمائة عام من التدهور، معتبراً أن بداية هذه المرحلة، مرحلة ظهور المراكز العربية هي ما سميت بعصر النهضة. وأكد فرحات أن بزوغ التيار القومي العربي، أضعف فكرة المراكز، مقابل فكرة الأقطار العربية التي تشكل أجزاء من الوطن العربي الجامع، حيث لم يعد هناك مركز وأطراف في العالم العربي، وإنما وطن كبير ليس فيه قطر على الهامش، حيث تجاوز الأمر إلى أن صار القوميون في العالم العربي يعرفون عن سوريا والعراق مثلاً أكثر من أوطانهم الأصلية لكون هذه البلدان كانت آنذاك تضج بالفكر القومي العربي، الأمر الذي خلخل فكرة المركز والهامش، إلى الفكرة التي شكلت في ذاتها المركز. واستعرض الكاتب فكرة المركز والأطراف والهوامش بداخل الوطن الواحد، ضارباً الأمثلة بالمدينة كمركز، والقرية أو الأرياف كأطراف، مقارناً بين أدب وفنون المدينة، ونظيرتها في الأرياف، وبين نتاج المثقف العربي سواء ابن المدينة أو ابن الريف، خصوصاً بعد عمليات التحرر التي قادت إلى انتشار التعليم بين الطبقات الوسطى والفقيرة، ما قاد إلى ظهور أدب وفن مغاير لفن المدينة. ورأى أن الأمر اختلف اليوم وأن الصورة في هذه المرحلة تبدو معقدة جداً مع نمو الاتصال، ومع انفتاح العالم الافتراضي والتواصل، ومع تزايد النزوح من الريف إلى المدينة، الأمر الذي قاد إلى تمدين الريف، وترييف المدينة، ما جعل حدود المركز والأطراف غير واضحة، سواء على الصعيد القطري أو العربي أو العالمي، مستعيناً بمقولة “إن مصر تكتب، لبنان تطبع، والعراق يقرأ”، حيث لم تعد هذه المقولة صحيحة مع وفرة الكتابة في الخليج العربي مؤخراً، ومع إحصائات تؤكد أن نسبة القراء في الخليج العربي هي الأعلى في العالم العربي.