تتزاحم الذكريات الماضية ونحن اليوم نعيش العيد الثامن عشر للوحدة اليمنية المباركة. بلى....ليس فينا يمني واحد يكره الوحدة، حتى الذين لم يعيشوا حكايات زمن التشطير يشعرون بقيمة الوحدة، لأنها صارت منجزاً وطنياً مقدساً، يهم الجميع، ويفتخر به الجميع، وبخاصة حينما يكون اليمني خارج الوطن... حينما يجد الآخرين يتحدثون عن اليمن واليمنيين بنوع من الدهشة..كيف حقق الشعب اليمني وحدته في زمن الانكسارات العربية؟!! هنا يتمنى كل يمني في هذا الموقف أن يكون متخصصاً في التاريخ والاجتماع وعلم النفس مرة واحدة، ليشرح للآخر لماذا اتحد اليمنيون في وقت تفرق فيه الآخرون؟ أما في الداخل؛ فالمواطن اليمني يعد الوحدة اليمنية من المسلمات..ولم يعد يدور في خلده ولو للحظة واحدة أن اليمن كان يمني، وأن الشعب اليمني كان شعبين وأن الأسرة اليمنية كانت مشتتة بين نظامين؛ الأب شمالي والأم جنوبية أو العكس، والأبناء لا من هنا ولا من هناك..عقولهم في الشمال وقلوبهم في الجنوب... طبعاً لن يشعر بهذه الكلمات إلا من كانوا يعيشون في مناطق الحدود بين الشمال والجنوب، الذين عاشوا رعب التشطير، وفقدوا أعزاء على قلوبهم إما بالألغام الأرضية أو برصاص القناصة لمجرد أنهم حاولوا أن يلتقوا بقريب لهم في واد أو على جبل على خلسة من النظام المسيطر على أحد الشطرين.... كان حال اليمنيين الساكنين في مناطق الحدود بين الشطرين اليمنيين كحال أهل الجولان اليوم مع أهلهم في سوريا، ربما كلنا شاهد المآسي التي تقع في أهل الجولان وما يتاخمها من قرى بسبب الفصل بين العائلات نتيجة الاحتلال الإسرائيلي. هكذا كان وضع اليمنيين في زمن التشطير.
د. سعاد سالم السبع