كتب - عبدالرحمن محمد أمين:

يعتبر المرحوم خليفة بن إبراهيم بن سلمان بن مطر، أحد أشهر تجار اللؤلؤ في منطقة الخليج العربي، حيث قضى أكثر من 14 عاماً في صنع عقد من 79 لؤلؤة طبيعية. كما جمع أندر أنواع اللؤلؤ “المشير” ويعتبر الأغلى والأفخم في العالم. كما تم تعيينه في لجنة فحص اللؤلؤ للتدقيق في جودته ومصادره. عرف بن مطر بحبه لأغاني أم كلثوم وقد دفعه ذلك لإعطاء منظم حفلها عقد لؤلؤ مقابل تذكرة لحضور حفلها في القاهرة. في السطور التالية نتعرف على تاريخ هذا العلم البحريني...

مواليد المحرق 1921

إبراهيم بن مطر من مواليد مدينة المحرق العام 1921. توفي 14 فبراير 1997. تعلم حفظ القرآن كبقية أقرانه في تلك الفترة على يد المطوع “ إبراهيم بو نجيم “، ثم درس القراءة والحساب والخط العربي في مدرسة “ دار العلم “ لمدة خمس سنوات، التحق بعدها بمدرسة الهداية الخليفية حيث برع في النحو والإنشاء والمحفوظات. ولكونه صاحب صوت جهوري وأداء متميز؛ شارك في المسرحيات المدرسية ومنها مسرحية “ داحس و الغبراء “ واستمر بمدرسة الهداية لمدة ست سنوات. ولأنه كان من عائلة ميسورة الحال، التحق بجامعة “ ملبه “ بمدينة دلهي عاصمة الهند وهي جامعة إسلامية لدراسة اللغة الإنجليزية والجبر والحساب، وكان مدير المدرسة آنذاك “ ذاكر حسين “ الذي انتخب بعدها رئيساً لجمهورية الهند.

عقد لؤلؤ ثمنه 14 عاماً

استمر ابراهيم بن مطر في دراسته، حتى عاد للبحرين 1938، وبعد عودته للبحرين لفترة قصيرة، عاد ثانية إلى بومبي بالهند أيضا لدراسة فن الطباعة والاختزال العام 1939. وبعد انتهاء فترة حياته الدراسية التحق موظفا في مستشفى النعيم التابع لإدارة الصحة وقتها العام 1939لكنه لم يستمر في عمله سوى بضعة أشهر، حيث أخذه الحنين لمهنة آبائه و أجداده من عائلة “مطر” ليتفرغ لتجارة اللؤلؤ والبحر. وكان مولعا بهواية الصيد. وقد اشتهرت تجارته باللؤلؤ في كل دول الخليج العربي، كما ساهم في نشاطات مختلفة بنادي المحرق والرياض ونادي “ النهضة “ البحرين حالياً، كما تم تعيينه في لجنة فحص اللؤلؤ التي كان مهمتها التدقيق والتأكد من جودة و مصادر اللؤلؤ المستورد للبحرين قبل عرضه في الأسواق، و من شدة ولعه و عشقه للؤلؤ فمن النادر أن يمر عليه يوم لا يشاهد فيه اللؤلؤ، و اشتهر عنه أنه كان يقتني أجمل وأفخر عقود اللؤلؤ. ويذكر عنه أنه عمل عقد لؤلؤ مكون من 79 لؤلؤة طبيعية حيث استغرق عمله به 14 سنة متوالية وهو يجمع أندر أنواع اللؤلؤ المسمى “المشير” ، و ربما يكون من أغلى وأفخم عقود اللؤلؤ الموجودة في العالم.

ابن وحيد هو إبراهيم

كان المرحوم خليفة الخامس بين أخوانه؛ عبدالعزيز ومحمد ويوسف وحسين وخليفة. ومن الإناث شيخة ولطيفة و حصة “، وجميعهم من امرأتين. ولديه ولد واحد يدعى إبراهيم، و3 بنات و لا يزال إبراهيم كما هو حال والده يعمل في تجارة اللؤلؤ بعد تركه العمل الوظيفي الحكومي، وتم زواجه في أربعينيات القرن الماضي من لطيفة بنت محمد أحمد هجرس، وقد بذل كثيراً من الجهد في تربية أولاده حيث حصلوا جميعهم على الشهادات الجامعية. وكان جد زوجته من أمها “محمد بن خليفة بن جمعان “ بنى مسجد جمعان في وسط المنامة، أما والد زوجته المرحوم محمد أحمد بن هجرس فأنشأ مسجداً في مدينة بومبي الهندية، ولا يزال هذا المسجد قائماً إلى اليوم. ويعتبر المرحوم خليفة بن مطر من الجيل الرابع في عائلة بن مطر و والدته هي المرحومة موزة بنت الشيخ عيسى بو راشد، عالم المحرق الديني الجليل. و يذكر ابنه إبراهيم أن جده المرحوم إبراهيم بن سلمان بن مطر طلب من أحد أبناء عائلة “الغرير” تعليم أبيه “خليفة “ الطواشة، وبدأ والده تجارة اللؤلؤ العام 1937م وكانت لديه سفينة لدخول الغوص في نهاية الخمسينيات وكان نوخذة تلك السفينة “حسن بن حبل” و قد وصلت تلك السفينة إلى سيلان لاستخراج اللؤلؤ، وكان النظام المتبع في سيلان في تلك الفترة أن يكون نصف محصول اللؤلؤ لحكومة سيلان والنصف الآخر لمالك السفينة، و كانت تربطه علاقات حميمة مع كافة الجنسيات الموجودة في البحرين، و لأنه كان ذا صوت جميل اختير لقراءة آيات من القرآن الكريم في حفل افتتاح “ مطبعة البحرين “التي أسسها أديب البحرين المرحوم عبدالله الزايد و كان موقع المطبعة مقابل مجمع يتيم الحالي بالمنامة.

الشغف بغناء أم كلثوم

عرف المرحوم خليفة بن مطر بحبه الشديد للاستماع إلى أغاني كوكب الشرق أم كلثوم، وكان يحرص على حضور حفلاتها الغنائية حيث حضر لها 3 حفلات. وفي إحدى المرات عندما كان متواجداً في القاهرة سمع عن قيام حفلة لأم كلثوم فلم يتمكن من شراء تذكرة الدخول، فما كان منه إلا أن طلب صاحب الصالة وأخبره أنه من محبي أم كلثوم و قد حضر من البحرين خصيصاً لحضور تلك الحفلة، إلا أن مالك الصالة اعتذر له لنفاذ التذاكر، وهنا قال له إنني تاجر لؤلؤ وأهداه عقداً من اللؤلؤ، وفي الحال أعطاه صاحب الصالة تذكرة في ناحية من الأماكن الممتازة مخصصة لكبار الشخصيات, حيث عرف عنه أنه كان لا يخرج من بيته في أي وقت إلا و في جيبه مجموعة من حبات اللؤلؤ، وكان كذلك لا يمشي إلا والبشت على يديه إن لم يكن لابسه.

الولد سر أبيه

يذكر ابنه إبراهيم أنه ما يزال يواصل عمل والده والعائلة، و أنه يحضر له يومياً تقريباً من يريد بيع اللؤلؤ. حيث كان سعر اللؤلؤ و لا يزال غالي الثمن، ولم ينخفض سعره إلا خلال ثلاثينات القرن الماضي عندما ساد الكساد العالم كله خلال ظهور اللؤلؤ الصناعي الياباني. وكانت تجارة اللؤلؤ هي المصدر القومي للبلاد وكانت عمل أهل البحرين الوحيد قبل ظهور النفط، إلا أن اللؤلؤ لا يزال تجارة رائجة وهناك كثيرون يعملون على استخراجه بمعدات حديثة.